قيصر الجميّل فنان تشكيلي لبناني من مواليد عين التفاحة شمال المتن بلبنان. درس الفن على يد الفنان خليل صليبي، ثم سافر عام 1927 إلى باريس لمتابعة دراسة الفن، فأمضى فيها ثلاث سنوات ليعود بعدها إلى لبنان.

"/>
جميل (قيصر)
El-Joumayl (Qaisar-) - El-Jmaïel (Qaïssar-)

الجميّل )قيصر ـ(

الجميّل (قيصر ـ)

(1889ـ1958)

 

قيصر الجميّل فنان تشكيلي لبناني من مواليد عين التفاحة شمال المتن بلبنان. درس الفن على يد الفنان خليل صليبي، ثم سافر عام 1927 إلى باريس لمتابعة دراسة الفن، فأمضى فيها ثلاث سنوات ليعود بعدها إلى لبنان.

ينتمي الفنان الجميّل إلى جيل الرواد في الحركة الفنية التشكيلية اللبنانية المستوحاة من البيئة، وذات المستوى الفني الجيد القائم على الأسس والقواعد الأكاديمية الصحيحة، كما شهدت هذه الحقبة حركة نشطة في سفر الهواة من طلبة الفن وراغبيه إلى أوربة بغية التعمق في دراسة الفن التشكيلي وفق الأصول الأكاديمية الغربية.

كان الفنان قيصر الجميّل يحب العيش في الجبال، ويفضل الريف على المدينة، ويلم إلماماً واسعاً بكيمياء الألوان وتراكيبها وخصائص وسائل الرسم والتصوير.

تأرجحت لوحاته بأسلوبها وصيغتها الفنية بين الاتباعية والانطباعية، ولعب الفنان دوراً بارزاً في عملية تأهيل جيل جديد من الفنانين الشباب في لبنان، وذلك منذ اتجاهه للفنون الجميلة.

وفي العاصمة الفرنسية درس الرسم الأكاديمي بمعهد جوليان لكنه استعجل عودته إلى لبنان قبل أن ينهي دراسته. وبوصفه تلميذاً للفنان خليل صليبي فقد كان هاجسه اللون والضوء والتدرجات الرمادية، كما كان متأثراً، إلى حد بعيد، بالانطباعية الباريسية التي كانت ترى أن الضوء هو العنصر الرئيس في التصوير، وأن عناصر الطبيعة تغتني تعبيراتها وتتأكد قيمها الفنية من خلال الألوان التي تنعكس مباشرة عليها، وهذا يفسر الفائدة التي تحققها انعكاسات تقاطعات الضوء فوق التدرجات اللونية المختلفة، محققة قوس قزح مسربل بالسراب. كل هذه الخصائص والأسس الفنية التي تميزت بها المدرسة الانطباعية الباريسية وتأثر بها الفنان الجميّل منحته رؤية مستقبلية انعكست فيما بعد على العناصر الواقعية التي عالجها في لوحاته، من خلال رؤية شخصية جديدة، تمرست بالواقع والرسم المباشر عن الطبيعة، مما جعله يمتلك خبرات لونية متميزة، أخذها عن الطبيعة ومنها، انعكست في معالجاته للمناظر الطبيعية الريفية التي تألقت لديه، بألوان غنية ومعبرة، استقاها من الواقع، ووظفها لموضوعات الواقع.

والملاحظ أن الفنان الجميّل غالباً ما كان يهمل الرسم لصالح اللون، ويتجاوز كل مايمكن أن يعيق عملية الانعكاسات المتقاطعة للضوء في الألوان وكل ما لا ينسجم مع توجهه الانطباعي. وقد برزت هذه الناحية في لوحاته التي عالج فيها الطبيعة الريفية حيث بدت الألوان لديه أكثر دفئاً وفرحاً وآنية، كما حملت روحه الشاعرية وحساسيته العالية، تجاه هذا الموضوع الذي لم يتناوله كموضوع تقليدي من موضوعات التصوير، وإنما كان يحمله رؤيته الخاصة، وفلسفته في الحياة، وألوانه السعيدة الراقصة المترعة بالحيوية.

كان الفنان قيصر الجميّل يستخدم المنظر الطبيعي الريفي ليعبر من خلاله عن رؤيته الشاعرية، فهو شاعر يترك لمشاعره العنان لتتدفق في لوحاته سواء تلك التي رسمها للريف أو للنساء اللبنانيات بكل ما يحملن من معالم الحسن والجمال والوجوه الفتية، والملاحظة البارزة في نتاجه الفني عموماً بروز لمسة حسية في ألوانه المتفجرة فرحاً وأناقة، ولاسيما في رسومه العارية، إذ تفوّق في هذا الجانب على أستاذه خليل صليبي، وحاول إدخال الفرح والبهجة إليها، على الرغم من صعوبة تصيد هذه الحالة الشعورية الغناء وتضمينها المفردات التشكيلية.

ومن أبرز أعماله لوحة «معركة عنجر» التي أثبت فيها مهارته الكبيرة وخبرته الواسعة في التأليف والتوثيق وعمق الرؤية، وهذه الخصائص مجتمعة قدمته واحداً من كبار الرسامين المعلمين، إذ أولى التشريح، وخفايا الجسد وحركاته، وشكل العضلات وتعبيراتها في أثناء الحركة، وثنيات الثياب، جل اهتمامه، مما أبرزها قيمة تشكيلية وتعبيرية، كما قدم عبر لوحته هذه مسارات جديدة للباحثين الموثقين للثياب وطرزها في عصر الأمير فخر الدين، وكذلك للأسلحة المستعملة آنذاك، كما درس بعناية استراتيجية معركة عنجر المنتصرة، والألوان المتوافقة مع جوها، مما أكسب اللوحة حياة وحركة، فهو لم يرسم ويوثق لمعركة فقط، بل سجل الحياة في القرى الجبلية، مما جعل لوحاته وثيقة شاملة للحياة السائدة في هذه القرى الجبلية.

محمود شاهين

 

 

 


- التصنيف : العمارة و الفنون التشكيلية والزخرفية - النوع : أعلام ومشاهير - المجلد : المجلد السابع، طبعة 2003، دمشق - رقم الصفحة ضمن المجلد : 702 مشاركة :

متنوع

بحث ضمن الموسوعة