جمال الدين، أبو عمرو عثمان بن عمر بن أبي بكر بن يونس الدُّوْني نسبة إلى «دُوْنَة» من قرى نهاوند مسقطِ رأس أجداده، ولُقِّبَ بابن الحاجب لأن والده كان حاجباً للأمير عز الدين بن موسك الصلاحي، خالِ صلاح الدين الأيوبي.

"/>
حاجب
Ibn al-Hajeb - Ibn al-Hajeb

ابن الحاجب

ابن الحاجب

(570ـ646هـ/1174ـ1249م)

 

جمال الدين، أبو عمرو عثمان بن عمر بن أبي بكر بن يونس الدُّوْني نسبة إلى «دُوْنَة» من قرى نهاوند مسقطِ رأس أجداده، ولُقِّبَ بابن الحاجب لأن والده كان حاجباً للأمير عز الدين بن موسك الصلاحي، خالِ صلاح الدين الأيوبي. فقيهٌ مالكي، ومن أجلّ علماء النحو في عصره.

ولد ابن الحاجب في إِسْنا من صعيد مصر، ونشأ في القاهرة التي كانت قرارة العلم والعلماء في عصره، ويسّر له عمل أبيه تناول العلم منذ نعومة أظفاره، وفتح له أبواب القصر وصدور العلماء، وشفع ذلك كلّه ذكاؤه وحفظه وصحة ذهنه، فقد وُصف بأنه من أذكياء العالم. حفظ القرآن، وقرأ القراءات، وولي مشيخة المالكية في زمانه، وتحقّق في علم العربية، وعُرف به حتى غلب عليه، وخالف النحاة في مواضع، وأورد عليهم إشكالات تبعد الإجابة عنها، ودرس علم أصول الفقه. وقد أخذ عن طائفة من العلماء، منهم: الشاطبي القاسم بن فِيْرُّه (ت590هـ)، فقد سمع منه «التيسير في القراءات السبع» والشاطبية، وإسماعيل بن ياسين    (ت596هـ)، وهبة الله بن علي البوصيري (ت598هـ)، ومحمد بن يوسف الغزنوي (ت599هـ)، ومحمد بن أحمد الإرتاحي (ت601هـ)، وغياث بن فارس أبو الجود اللخمي (ت605هـ)، وعلي بن إسماعيل الأبياري (ت618هـ)، وغيرهم. ومما يُلاحظ أنه لم يأخذ عن رؤوس العربية في ذلك العصر كابن برّي  (ت581هـ) مثلاً، وهذا أمر عابه عليه ابن مالك؛ قال: «إنّه أخذ نحوَه من صاحب المفصّل، وصاحب المفصّل نحويّ صغير».

كان ابن الحاجب محسناً صالحاً تقيّاً ثقةً حجّة متواضعاً عفيفاً كثير الحياء منصفاً للعلم وأهله ناشراً له محتملاً للأذى صبوراً على البلوى، واشتُهر بأنه قرن العلم بالعمل، وكان مصدّقاً عند معاصريه، فقد جاء ابن خلكان مراراً لأداءِ شهادات، وعُرف بوفائه ووُدِّه لأصدقائه، إذ بلغ به حبُّه للشيخ عز الدين بن عبد السلام (ت660هـ) أنه دخل معه السجن حين أنكر على صاحب دمشق الصالح بن أبي الجيش (ت648هـ) سوء سيرته، ثم أمرهما الصالح أن يخرجا من دمشق.

تطوّف ابنُ الحاجب في البلاد، فزار بيت المقدس وغزّة، واستوطن دمشق مراراً كان آخرها 617هـ، وأقام في جامعها مدرِّساً للفقه المالكي، ثم آب إلى القاهرة، وجلس بالمدرسة الفاضلية موضعِ الشّاطبي، وانتفع بعلمه طائفة، منهم: الحافظ المنذري (ت656هـ)، والحافظ منصور بن سليم الإسكندراني (ت673هـ)، وناصر الدين ابن المنير (ت683هـ)، وشقيقُه زين الدين بن المنير، والشهاب القرافي (ت684هـ)، والنصيبي (ت695هـ)، والرضي القسنطيني (ت695هـ)، وابن ِقلي (ت699هـ)، وغيرهم. وقد ذُكر في بعض المراجع المُحدثة أن ابن مالك من تلاميذ ابن الحاجب، وهو قول غير صحيح. ثم انتقل إلى الإسكندرية ليقيم فيها، فلم تطل مدّته، إذ وافاه الأجل.

ترك ابن الحاجب ثلّة من المصنّفات، عدّتُها زهاء عشرين سِفراً، وما يزالُ قسمٌ منها مخطوطاً راقداً في المكتبات. منها: «منتهى الوصول والأمل في علمَيْ الأصول والجدل»، وهو مختصر في أصول الفقه، و«مختصر المنتهى»، وكان كتاب الناس شرقاً وغرباً، و«الجامع بين الأمهات في الفقه»، و«الأمالي النحوية»، وهي أمالٍ أملاها ابن الحاجب على تلاميذه في القاهرة ودمشق وغزّة وبيت المقدس، وعلّق فيها على بعض الآي، ومواضع من «المفصّل»، ومسائل خلافية، ومواضع من كافيته، وبعض الشعر، وأودع فيه بعض الأمالي المطلقة. وهو كتاب جمّ الفائدة وغاية في التحقيق. و«الإيضاح في شرح المفصّل» وهو الأثر النحوي والصرفي الذي يحتوي آراء ابن الحاجب النحوية، ونقولاً نفيسة، ومذاهب نحوية، ونقدات لمعظم مسائل المفصّل، وقد عكف العلماء عليه، فنقلوا منه، وعوّلوا عليه في فهمهم مسائل العربية، وناقشوا صاحبـه فـي آرائـه كابـن هشـام (ت762هـ)، والسيوطي (ت911هـ)، والبغدادي (ت1093هـ)، و«رسالة في العشر» وهي في استعمال كلمة عشر، و«المقصد الجليل في علم الخليل» وهي قصيدة في العروض، و«الكافية» وهي مقدمة وجيزة غلب عليها طابع الصياغة المنطقية، واقتصر فيها على أبواب النحو. ولم تحظَ مقدمة نحوية بمثل ما حظيت به الكافية من شروح باللغات العربية والفارسية والتركية ومن مختصرات. ومن هذه الشروح: شرح للمصنّف نفسه أسماه «الإملاء على الكافية»، وشرح لابن جماعة (ت733هـ)، وشرح للشريف الجرجاني (ت816هـ)، ومن أجلِّ هاتيك الشروح شرح الرضي الأستراباذي لها (ت686هـ)[ر]، ويعدّ هذا الشرح موسوعة نحوية حافلة، أثنى عليه العلماء، فذكر السيوطي أنه لم يُؤلّف في غالب كتب النحو مثله جمعاً وتحقيقاً. و«الشافية» وهي مقدمة وجيزة اقتصر فيها ابن الحاجب على مسائل في الصرف، وقد اعتنى العلماء بها كالكافية، وشُرحت غير ما شرح، أجلُّها شرح الرضي الأستراباذي. ومما تجدر الإشارة إليه أن ابن الحاجب هو أول من فَصَلَ النحو عن الصرف وألّف في كل منهما كتاباً مستقلاً. ومن كتبه التي لم تصل: «المسائل الدمشقية»، و«شرح مقدمة الزمخشري»، و«شرح كتاب سيبويه»، و«شرح الإيضاح» لأبي علي الفارسي، و«معجم الشيوخ».

محمد عبد الله قاسم

 

 مراجع للاستزادة:

 

ـ ابن خلكان، وفيات الأعيان، تحقيق إحسان عباس (دار صادر، بيروت 1977).

ـ ابن الجزري، غاية النهاية في طبقات القراء (دار الكتب العلمية، بيروت 1980).     

ـ إبراهيم محمد عبدالله، ابن الحاجبـ الإيضاح في شرح المفصل (دراسة وتحقيق)، رسالة دكتوراه (جامعة دمشق 1993م).


- التصنيف : التاريخ - النوع : أعلام ومشاهير - المجلد : المجلد السابع، طبعة 2003، دمشق - رقم الصفحة ضمن المجلد : 886 مشاركة :

متنوع

بحث ضمن الموسوعة