البحرين(تاريخ-)
بحرين(تاريخ)
Bahrain - Bahreïn
البحرين
البحرين
تاريخ البحرين
يطلق اسم البحرين في التاريخ العربي الإسلامي على الساحل الشرقي لشبه الجزيرة العربية من البصرة شمالاً إلى سواحل عُمان جنوباً. وفي مطلع العصر الحديث اقتصرت التسمية على الجزر الواقعة بين شبه جزيرة قطر ومنطقة الإحساء. وتشير البحوث الأثرية إلى أن المنطقة كانت مسكونة قديماً إذ وجد في أكبر الجزر عدد كبير من القبور الحجرية وعظام بشرية وحيوانية وبعض الآثار، وربما تكون فينيقية لأن هيرودوت يقول إن الفينيقيين أتوا من هذه المنطقة، وبعضهم يرى أن جزيرة البحرين الحالية هي دِلمون القديمة. وتتحدث الروايات العربية عن بعض العرب البائدة.
في بداية العهد الإسلامي كانت منطقة البحرين تحت حكم الفرس، وعليها من قبلهم المنذر بن ساوي حينما أرسل النبي محمدe العلاء بن الحضرمي سنة (6هـ) فأسلم السكان ماعدا قليلاً من الفرس واليهود فُرضت عليهم الجزية. وفي عهد الخلافة الأموية كان للخوارج حصن في البحرين. وفي عهد الخلافة العباسية لم تروِ المصادر الكثير عن المنطقة سوى أن مثير فتنة الزنج قد نزل البحرين، وأن حملة ضد الإباضية في عمان وجهت سنة 281هـ/894-895م. ووجد القرامطة في البحرين أشياعاً مخلصين، وبعد أن هاجموا مكة المكرمة سنة 317هـ/930م حملوا الحجر الأسود إلى الإحساء ولم يسترجع إلا بعد عشرين سنة، وانتُصر عليهم سنة 450هـ/1057ـ1058م، وكان للعيونية من عبد القيس يد في ذلك يشد أزرهم سلاجقة العراق، واتخذ العيونية القطيف مركزاً لهم، ثم صارت البحرين تابعة لبني قيصر على الساحل الشرقي. وفي سنة 633هـ/1235م، احتل البحرين أتابك فارس السلغوري، ثم استقلت تحت حكم بني عصفور من عامر ربيعة، وأعاد الطيبية جزيرة قيس إلى البحرين، وسيطرت هرمز الجديدة عام 730هـ/1330م على جزيرة قيس والبحرين.
وفي منتصف القرن التاسع الهجري/ الخامس عشر الميلادي، ظهرت أسرة حاكمة جديدة هي «آل جبر» وعلى رأسها أجود بن زامل وصار للمذهب المالكي الغلبة على التشيع.
بعد اكتشاف رأس الرجاء الصالح والدوران حول جنوب إفريقية، احتل البرتغاليون جزيرة هرمز في مدخل الخليج العربي عام 912هـ/1506م، وتحالفوا مع حاكمها لاحتلال جزيرة البحرين عام 920هـ/1514م، وحكموا البحرين حكماً مضطرباً نحو 80 عاماً بالاعتماد على حكام محليين، ولكن السلاطين العثمانيين الذين ضموا شبه الجزيرة العربية، وطهروا البحر الأحمر من البرتغاليين، قرروا تطهير الخليج العربي أيضاً، فبعد أن حرروا العراق من الاحتلال الفارسي قاموا بحملات بحرية عدة منذ سنة 940هـ/1529م حتى 996هـ/1587م، وتعاون معهم عرب الخليج وعُمان وحُرِّر القطيف وجزر البحرين.
وكانت الأطماع الفارسية في البحرين مستمرة حتى استولوا عليها سنة 1011هـ/1602م في عهد الشاه عباس الأول من ملك هرمز المتعاون مع البرتغاليين. واحتل إمام مسقط البحرين عام 1130هـ/1717م، ولكن عاد الفرس لاحتلالها في عهد نادر شاه سنة 1150هـ/1737م.
حكم آل خليفة في البحرين والصراع مع القوى المجاورة
آل خليفة من الغنوي وهم عرب هاجروا من نجد إلى الكويت ثم الزبارة في قطر سنة 1179هـ/1765م تحت قيادة شيخهم محمد بن خليفة. وفي سنة 1197هـ/1783م، قام ابنه أحمد بمساعدة الجلاهمة وقبائل قطر والإحساء بطرد نصر آل مذكور التابع لفارس، فبدأ بذلك حكم آل خليفة. وفي هذه الفترة غزا السعوديون قطر عام 1208هـ/1793م فلجأ آل خليفة إلى البحرين، ثم خضعت البحرين لحكم مسقط الإباضي عام 1215هـ/1800م، إلا أن آل سعود أعلنوا ضم البحرين، ولكنهم انشغلوا بالتصدي لحملة والي مصر محمد علي باشا الذي حاول تثبيت السلطة العثمانية في الخليج وشبه الجزيرة العربية.
![]() |
وأثناء الخلافات الأسرية استنجد الشيخ محمد بن خليفة (1258-1284هـ/1842-1867م) بالسعوديين سنة 1258هـ/1842م فلم ينجدوه بل سيطروا على البحرين ثانية سنة 1282هـ/1865م ولكن حكمهم لم يستمر بسبب التدخل البريطاني الذي فرض الشيخ عيسى بن علي شيخاً على البحرين سنة 1286هـ/1870م، فطلب حماية بريطانية التي عزلته سنة 1342هـ/1923م فخلفه الشيخ محمد حتى توفي عام 1361هـ/1942م، وزادت بريطانية سلطتها وخاصة أن البحرين صارت منطقة نفطية منذ عام 1351هـ/1932م، واستلم الشيخ سلمان بن حمد بن عيسى الذي ظلت علاقته جيدة ببريطانية حتى وفاته عام 1381هـ/1960م، ثم استلم المشيخة عيسى بن سلمان حتى توفي عام 1420هـ/1999م فخلفه ابنه حمد الأمير الحالي لدولة البحرين.
الاحتلال البريطاني للبحرين
نافست بريطانية البرتغاليين ثم الهولنديين والفرنسيين في الخليج حتى رجحت كفتها. وبدأ تدخل بريطانية في البحرين عام 1229هـ/1814م، ثم بدأت تقع تحت النفوذ البريطاني منذ سنة 1235هـ/1820م عندما وقّع آل خليفة أول سلسلة المعاهدات مع بريطانية وهي الخاصة بمنع القرصنة والرق. وصارت البحرين محمية بريطانية منذ عام 1278هـ/1861م على إثر وفاة الشيخ سليمان بن عبد الله وحدوث خلافات أسرية. وصار المقيم البريطاني الذي تعينه حكومة الهند هو الحاكم الفعلي لهذه الجزر. وقد وقعت بريطانية مع الشيخ عيسى عام 1297هـ/1880م اتفاقية الحماية والارتباط ببريطانية، وكانت المعاهدة الثانية عام 1310هـ 13/3/1892م، والثالثة عام 13هـ/ (11/11/1892م) القاضية بمنع دخول السلاح أو مروره. وفي عام 1318هـ/1900م أنشأت بريطانية وكالة سياسية لها في البحرين.
ولما كانت السلطنة العثمانية تعتبر أن هذه الجزر جزء من الإحساء الذي ثبتت فيه حكمها، وفي قطر منذ عام 1288هـ/1871م بعد حملة مدحت باشا والي بغداد، كان العثمانيون يطالبون بالسيادة عليها، واستمروا على موقفهم حتى تنازلوا بموجب معاهدة لندن (29/7/1913م) عن حقوق سيادتهم على البحرين شريطة إعطائها الاستقلال التام مقابل اعتراف الحكومة البريطانية أنه ليس في نيتها قط إلحاق البحرين بممتلكاتها، ولكن مع قيام الحرب العالمية الأولى عام 1332هـ/1914م وهزيمة الدولة العثمانية، خضعت البحرين خضوعاً تاماً للحماية البريطانية، ومنذ عام 1354هـ/1935م حتى 1378هـ/1958م صارت البحرين القاعدة الرئيسية للبحرية البريطانية في الخليج، وانتقل مقر المقيمية البريطانية في الخليج من بوشهر في إيران إليها سنة 1365هـ/1946م.
استقلال البحرين وادعاءات إيران والخلاف مع قطر
بدأ الشعور الوطني في النمو بعد فتح المدارس الحديثة منذ عام 1345هـ/1926م، وظهرت معالم التذمر من السيطرة الأجنبية البريطانية وخاصة عبر الصحافة والنوادي الأدبية وغيرهما. وظهرت الحركة الوطنية منذ عام 1374هـ/1954م، وكان للأحداث التي جرت في البلاد العربية بعد الحرب العالمية الثانية، وخاصة تأسيس الجامعة العربية، أثر في تنشيط هذه الحركة مما أدى إلى قبول البريطانيين بمبدأ نقل السلطات إلى الأهالي تدريجياً.
وكان ازدياد النفوذ البريطاني في البحرين موضع اعتراضات متكررة من الفرس مدة أكثر من قرن حتى إنهم اعترضوا على ذكر البحرين في معاهدة جدة (1927) بين بريطانية وابن سعود، واحتجت إيران إلى عصبة الأمم فردت بريطانية معارضة الادعاء الإيراني، ثم برزت الادعاءات الإيرانية عام 1951، وجوبهت إيران بضغوط دولية ومحلية فقبلت مبدأ حق تقرير المصير عام 1389هـ/1963م، وتبين لمندوب الأمم المتحدة مطلب الاستقلال التام، فوقعت بريطانية مع شيخ البحرين وثيقة الاستقلال في عام 1391هـ (14/8/1971م) وانتهى بذلك عهد الحماية وتحول إلى معاهدة صداقة، وخاصة أن بريطانية قررت سحب قواتها عام 1968 من الخليج، وأُجِّرَت الولايات المتحدة الأمريكية جزءاً من قاعدة الجفير.
وصدر دستور البحرين في 12 ذو القعدة 1393هـ/6/12/1973م، وانضمت إلى الأمم المتحدة وجامعة الدول العربية ومنظمة المؤتمر الإسلامي وغيرها ثم إلى مجلس التعاون الخليجي عام 1981، وبُني جسر يصل البحرين بالسعودية.
وبعد انتهاء الحرب العراقية الإيرانية عام 1988 قامت خطوات لتحسين العلاقات مع إيران، وخلال حرب الخليج عام 1991 استخدمت قوات الحلفاء مناطق البحرين لتحرير الكويت من الاجتياح العراقي، وتوترت العلاقات بين البحرين وقطر بسبب الخلاف على جزر حوار ومكامن الغاز، وتقدمت قطر بشكوى إلى محكمة العدل الدولية في لاهاي عام 1992 لحل النزاع، فصدر الحكم في عام 1421هـ (16/3/2001م) بإعطاء جزيرة حوار إلى البحرين وتقاسم بقية الجزر الصغيرة والملاحة وغيرها.
وفي ربيع 1996 حدثت اضطرابات سياسية، وقام شيخ البحرين الجديد حمد بن عيسى بإطلاق سراح السجناء السياسيين عام 1421هـ/2000م، وعمل على إقامة نظام جديد بمشاركة شعبية، وجرى استفتاء صوَّت فيه السكان إلى جانب تحويل إمارة البحرين إلى مملكة دستورية عام 2001.
عبد الرحمن البيطار
- التصنيف : التاريخ و الجغرافية و الآثار - النوع : سياحة - المجلد : المجلد الرابع، طبعة 2001، دمشق - رقم الصفحة ضمن المجلد : 732 مشاركة :