يحيط الغموض بالتاريخ القديم للولايات المتحدة الأمريكية متماثلاً في ذلك مع تواريخ بقية أقطار القارة الأمريكية الشمالية والجنوبية باستثناء بعض المناطق.

"/>
ولايات متحده اميركيه (تاريخيا)
United States of America - Etats-Unis d'Amérique

التاريخ

التاريخ

 

يحيط الغموض بالتاريخ القديم للولايات المتحدة الأمريكية متماثلاً في ذلك مع تواريخ بقية أقطار القارة الأمريكية الشمالية والجنوبية باستثناء بعض المناطق. ومع ذلك وعلى اختلافهم على التفاصيل يتفق معظم المؤرخين الأمريكيين على إعادة تاريخ بلادهم الباكر إلى الحقبة الجليدية نحو 50000سنة قبل الميلاد، حينما نجح المستوطن الأمريكي الأول بعبور مضيق «برينغ» Bering من شمال شرقي قارة آسيا إلى شمال القارة الأمريكية، وتدفقت بعده مجموعات بشرية من شرقي آسيا وجنوب شرقها وأوقيانوسيا، أهمها مجموعات الإسكيمو في استعمار بعض مناطق القارة الأمريكية من أقاصي كندا إلى أقصى جنوب الأرجنتين، كما نجحت مجموعات أخرى في تأسيس ثلاث حضارات تعدّ من أرقى حضارات العالم القديم، وهي حضارة الأزتيك Aztec في المكسيك وحضارة الإنكا Incas في البيرو وبوليفيا وحضارة المايا Maya في شبه جزيرة يوكوتان، وكلها خارج نطاق الاهتمام في هذا الموضوع.

وتبدو في هذا المقام حقيقتان: أولاهما أن مناطق أمريكا الشمالية (الولايات المتحدة وكندا) لم تشهد ولادة حضارات مشابهة لحضارات الجنوب، وثانيهما أن هذه الحضارات ـ حتى المجتمعات الصغرى التي عاشت في شمالي أمريكا ـ لم تقم بأي محاولات جادة للتواصل مع حضارات القارات الأخرى، واستمرت عزلتها حتى أوائل القرن العاشر حين قام الفايكنغ [ر] Viking بأولى محاولات لاستكشاف القارة الأمريكية والمناطق المحيطة بها، وهو أمر أنجزه (إيريك الأحمر) نحو سنة 982م عندما وصل إلى سواحل غرين لاند (شمال شرقي القارة الأمريكية)، وأسس فيها أول مستعمرة هناك. وفي مستهل القرن الحادي عشر تمكن فايكنغ آخرون من الوصول إلى سواحل اللابرادور Labrador حيث عثر عدد من الآثاريين على آثارهم في نيو فاوندلاند.

على أن التاريخ الموثق للولايات المتحدة يبدأ مع بداية حركة الكشوف الجغرافية التي انطلقت منذ مطالع القرن الخامس عشر إثر الثورة الصناعية الأوربية عندما استعر التنافس بين الدول الأوربية الكبرى (بريطانيا وفرنسا وإسبانيا والبرتغال وهولندا) للعثور على طريق بحري بعيداً عن مناطق المسلمين، وكذلك لامتلاك مستعمرات توفر المواد الأولية للتصنيع والأسواق للمنتجات. وفي مئتي سنة تقريباً (1492ـ1682) تمكنت هذه الدول من السيطرة على عدد من مناطق إفريقيا وغربي آسيا إضافة إلى القارة الجديدة بعد اكتشاف كولومبوس وأمريكو فسبوتشي لها، وكان التنافس شديداً بين ثلاث دول هي بريطانيا وفرنسا وإسبانيا لامتلاك الأراضي في هذه القارة. وتفوقت إنكلترا في هذا المجال لقوة أساطيلها ووفرة المهاجرين الإنكليز.

وتعدّ جيمس تاون التي تأسست عام 1607 نسبة إلى الملك أول مستعمرة إنكليزية جذبت المستعمرين الأوربيين، ومن هذه المستعمرة ومن مهاجرين جدد انطلقت على مدى مئتي سنة مجموعات نجحت في تأسيس 13 مستعمرة توحدت على اختلاف مؤسسيها تحت الانتماء الثقافي الإنكليزي وهي (مساتشوستس وكونيتيكت ورود آيلاند ونيوهامشاير ونيويورك ونيوجرسي وبنسلفانيا وديلاوير وفرجينيا وميريلاند وكارولاينا الشمالية والجنوبية وجورجيا). في حين تعدّ مدينة كيوبيك أول مركز تجاري واستعماري أنشأه الفرنسيون في شمالي القارة في الفترة ما بين 1540ـ 1608 تمهيداً لاستعمار عدد من الأراضي امتدت من كندا إلى خليج المكسيك. ولكنهم لم يتمكنوا لأسباب دينية واجتماعية وسياسية من إضافة أعداد من المهاجرين توازي المهاجرين إلى المستعمرات الإنكليزية. وفي الوقت نفسه نجح الهولنديون سنة 1624 في شراء جزيرة مانهاتن من السكان الأصليين لإقامة مركز لتجارة الفراء، لكنهم لم يهنئوا طويلاً بامتلاكها إذ قام الإنكليز بضمها إلى ممتلكاتهم سنة 1664. وهي القصة التي تكررت مع السويديين الذين أسسوا سنة 1638 أول مستعمراتهم على مصب نهر ديلاوير انتزعها الهولنديون منهم سنة 1665، ثم انتزعها الإنكليز من الهولنديين.

وكان من المتوقع أن تؤدي حمى التنافس الاستعماري إلى صدام بين أكبر قوتين في أمريكا، وهو الأمر الذي غذّاه أصلاً الصراع الفرنسي الإنكليزي في أوربا، وعلى أن الفرنسيين حاولوا تعويض نقصهم العددي بالتحالف مع الأمريكيين الهنود فإن ذلك لم يجدهم فتيلاً عندما بدأت سنة 1755 حرب السنوات السبع، وانتهت سنة 1763 بنصر صريح للإنكليز أجبر الفرنسيين في معاهدة باريس 1763 على النزول عن كل ممتلكاتهم في كندا وشرقي المسيسيبي لمصلحة الإنكليز، كما نزلوا عن ممتلكاتهم في لويزيانا لمصلحة إسبانيا مقابل نزول الأخيرة عن فلوريدا لمصلحة الإنكليز. ولم تكن إسبانيا التي استبقت بعض أراضي الولايات المتحدة في قبضتها لتسبب أيّ خطر على مصالح إنكلترا، ولاسيما بعد هزيمة الأسطول الإسباني الأرمادا[ر] Armada سنة 1855 وتحويل اهتمامات الإسبان الاستعمارية نحو أمريكا الجنوبية والمكسيك.

لم يستمر الوفاق طويلاً بين الإنكليز والمهاجرين إلى أمريكا، إذ ما إن حققت إنكلترا انتصارها على فرنسا نهاية حرب السنوات السبع؛ حتى فرضت عام 1766 مجموعة من الضرائب على رعاياها في أمريكا، وأشهرها ضريبة الطابع Stamp Act التي عارضها الأمريكيون تحت شعار «فرض الضرائب دون تمثيل برلماني يعد طغياناً». وعلى أن البرلمان الإنكليزي ألغى قانون الطابع، فإن الحكومة البريطانية أرسلت قواتها إلى بعض المدن الأمريكية بقصد توطيد الأمن، وقامت هذه القوات بقتل بعض المتمردين في حادثة اشتهرت باسم «مذبحة بوسطن» 5/3/1770، وعلى أنه لم يقتل في هذه المذبحة أكثر من ثلاثة أفراد إلا أن تلك الحادثة أدت إلى احتجاج آخر عرف باسم «حفل شاي بوسطن»، وتعقدت العلاقات مع إنكلترا إلى درجة أجبرت الأخيرة على سحب قوانينها ماعدا ضريبة الشاي، ولكنها أطلقت أيدي جنودها الذين اعتدوا على ممتلكات بعض الأمريكيين انتقاماً؛ مما أدى إلى تأييد دعوة بعض المتعصبين الأمريكيين في مؤتمري فيلادلفيا الأول والثاني إلى إعلان الدولة الأمريكية. وفي تموز/يوليو 1776 أعلن ممثلو المستعمرات وهي: نيويورك، نيوجرسي، فرجينيا، كارولاينا الشمالية والجنوبية، جورجيا، نيوهامشاير، مساتشوستس، مريلاند، ديلاوير، بنسلفانيا استقلال بلادهم عن بريطانيا، وتحولت من ثم هذه المستعمرات إلى ولايات؛ مما أدى إلى الحرب التي قادها من الجانب الأمريكي جورج واشنطن G.Washington وانتهت لمصلحة الأمريكيين إثر معركة يورك تاون في فرجينيا (1781)، وهم الذين وافقوا على الحضور إلى باريس، ووقعوا بنتيجة المفاوضات معاهدة باريس 1783 اعترفت بموجبها إنكلترا باستقلال المستعمرات الثائرة، وقام الأمريكيون إثرها بانتخاب أول حكومة «فدرالية» لبلادهم، ووافقوا باستثناء ولاية رود آيلاند في 25 أيار/مايو 1787 على الدستور الذي ارتكز على عدة مبادئ أساسية كفلت للمواطن حريات كثيرة لم تكن له في بلاده قبل مهاجرته، وفي أيلول/سبتمبر 1789 أقر مندوبو الولايات المستقلة مجتمعة الدستور الجديد بعد تعديله بما يتناسب مع مخاوف كل ولاية. وبدأ تاريخ الولايات المتحدة المستقلة تمهيداً للانتخابات التشريعية والرئاسية.

وكانت الولايات المستقلة قد انتخبت في 30/4/1789 جورج واشنطن أول رئيس للولايات المتحدة الذي حاول في سنوات حكمه الثماني إحقاق توازن بين الرغبات المتعارضة لممثلي الولايات بين توطيد للسلطة المركزية وبين إعطاء الولايات حرية أكبر. وفي عهده أيدت الولايات المتحدة الثورة الفرنسية، ووقعت معاهدة مع إنكلترا لإخلاء بعض الحصون الشمالية من القوات الإنكليزية، ومعاهدة أخرى مع إسبانيا لضمان الملاحة في نهر المسيسيبي وحق تفريغ البضائع في مرفأ نيو أورليانز على خليج المكسيك، وفي 1797 انتخب جون أدامز J.Adams خلفاً لجورج واشنطن الذي لم يكن موفقاً في رئاسته، فانتخب سنة 1801 توماس جفرسون الذي نقل العاصمة إلى واشنطن، وحقق بعض الشعبية بإلغائه بعض القوانين السابقة لفترة حكمه، كما نجح في شراء ولاية لويزيانا من فرنسا في عهد نابليون، وفي 1805 جـدد الأمريكيون انتخاب جفرسون لولاية ثانيـة لم تكن موفقة كالأولى، وخـلفه جيمس ماديسون 1809، وفي عهده حصلت حـرب سنة 1812ـ 1814 مع إنكلترا دون أي نتائـج باستثناء ما يمكن ملاحظته من تقويـة الشعور القومي في أمريكا، وفي سنة 1817 خـلفه جـيمس مونـرو J.Monroeت(1817ـ1825) الذي وافق على ترسيم الحدود الشمالية مع كندا، وأعلن مبدأه الشهير «مبدأ مونرو» الذي يؤكد ضرورة إبعاد الولايات المتحدة عن التدخل في الشؤون الخارجية لدول العالم في مقابل استبعاد أيّ تدخل أوربي في القارة الأمريكية. وفي عهد الرئيس بولك J.N.Polk توسعت الولايات المتحدة غرباً وجنوباً إثر حربها مع المكسيك، وضمت ولايتي تكساس وأوريغون. وفي 6/11/1860 انتخب أبراهام لينكولن رئيساً، وكان من أبرز المعارضين لنظام الرق، وهو أمر أكسبه عداء معظم الولايات الجنوبية(كارولاينا الجنوبية، جورجيا، ألاباما، فلوريدا، المسيسيبي، لويزيانا، تكساس) التي كان اقتصادها يعتمد على الزراعة المرتكز أصلاً على عمل الرقيق، ولهذا التوجه للرئيس المنتخب أعلنت هذه الولايات انسحابها من الاتحاد، ورفض لينكولن هذا الانسحاب، وبدأت الحـرب الأهلية الأمريكية في 12/4/1861 إثر انضمام أركنساس وكارولاينا الشمالية وفرجينيا إلى الانفصاليين.

انتهت الحرب في 9 نيسان/أبريل 1865 بانتصار القوات الشمالية واستسلام الجنرال (لي) قائد قوات الجنوب للجنرال غرانت. وكان لينكولن قد أصدر في الحرب وتحديداً في 22/9/1862 قانون تحرير العبيد، ووافق الكونغرس بعد انتهاء الحرب في 18/11/1865 على القانون، كما وافق على مجموعة قوانين ترسّخ الاقتصاد الحر والسوق المفتوح للاقتصاد الأمريكي. وبناء على هذه القوانين تقدمت الزراعة والصناعة، وشقت الطرق بأيدي شركات رأسمالية واحتكارات على معارضة العدد الأكبر من الطبقة العاملة الذين ساءهم تسلط أفراد قلائل على ثروات البلاد وما يستتبعه ذلك من ظلم اجتماعي.

ولضخامة الإنتاج الزراعي والصناعي بدأت الولايات المتحدة مع بداية القرن التاسع عشر في البحث عن أسواق جديدة، وتدخلت سنة 1895 في عهد الرئيس كليفلاند G.Clevelandت(1837ـ1908) لمصلحة فنزويلا في نزاعها ضد بريطانيا، وكادت الأمور تتطور إلى حرب لولا مؤتمر باريس سنة 1897. ووقفت حكومة الولايات المتحدة أيضاً سنة 1898ـ في عهد الرئيس وليام ماكنلي W.McKinley الذي انتهج سياسة الباب المفتوح ـ ضد إسبانيا لمساندة مستثمرين أمريكيين في صناعة التبغ والسكر في كوبا وبورتوريكو والفيليبين، وتمكنت القوات الأمريكية من تحقيق انتصارات دفعت إسبانيا إلى توقيع معاهدة في باريس أيضاً اعترفت بموجبها باستقلال كوبا وسيطرة الأمريكيين على جزيرة غوام Guam وبورتوريكو والفيليبين. ولم تكتف الولايات المتحدة بهذا بل تدخلت ـ خـدمة لمصالحها التجارية ـ لشق قناة بنما، وأوجدت دولة جديدة باسم بنما. كما أجبرت (نتيجة تهديد مباشر) حكومة اليابان ثم الصين على فتح أسواقهما أمام البضائع الأمريكية. على أنها لم تكن تعلن عن رغبتها في التدخل في الشؤون الأوربية فإنها شاركت في مؤتمر برلين 1875 لتوزيع مناطق النفوذ في إفريقيا بين الدول الأوربية. وعندما تُوفِّي الرئيس ماكنلي، وتسلّم السلطة نائبه ثيودور روزفلت 1901 بدأ الإنتاج الزراعي والصناعي يتعاظم على نحو مذهل مما دفع الولايات المتحدة إلى متابعة التدخل في مشكلات العالم، فتوسطت سنة 1905 في الحرب الروسية اليابانية وكذلك في النزاع بين فرنسا وألمانيا (1905ـ1906) حول تقاسم النفوذ في المغرب العربي. وقد مهدت كل هذه الأعمال لمشاركة الولايات المتحدة في الحروب العالمية القادمة.

وفي فترة ما قبل الحرب العالمية الأولى كان الأمريكيون قد تعودوا رؤية دول أوربية متطاحنة لاقتسام مناطق النفوذ في العالم، وكانوا يؤيدون ضمناً الدول التي كانت تصريحاتها أقل استفزازاً وأعمالها أقل عدوانية، ولهذا مالوا إلى إنكلترا وفرنسا وروسيا (دول الوفاق) على كل توسعاتها الاستعمارية في مقابل دول ألمانيا ومعها النمسا والمجر (دول الوسط) التي كانت تطالب بفرص عادلة في مجال الاستعمار والتجارة، وعلى هذا رفضت دول الوسط وساطة الولايات المتحدة لعقد معاهدة سلام، فأثبتت بذلك (مع شرعية مطالبها دولياً) روحاً عدوانية غير مقنعة عالمياً أدت إلى تسهيل مهمة الدعاية البريطانية والفرنسية التي كسبت تأييد الرأي العام الأمريكي. على أن موقف الولايات المتحدة الرسمي لم يكن يؤيد التدخل ـ وهو أمر عبّر عنه الرئيس الأمريكي وودرو ويلسون Woodrow-Wilson في أكثر من خطاب ومئات المقالات في الصحف الأمريكية ـ فإنه مع بداية سنة 1916 بدأ الرئيس والصحافة الأمريكية يعزفون على نغمة جديدة، هي حيادية الولايات المتحدة شريطة أن تصان كرامتها وشرفها. والواقع أن التأييد الشعبي لموقف بريطانيا من الحرب استتبعه فوائد وخسائر اقتصادية كان من الممكن أن تطول الاقتصاد الأمريكي ولاسيما اقتصاد الحرب الذي أشرف على الإفلاس. ولأسباب كثيرة تطورت التجارة في فترة الحرب مع بريطانيا، وتقلصت مع ألمانيا، على أن الحكومة نبّهت على مخاطر انحياز بعض المؤسسات الأمريكية إلى جانب بريطانيا فإنها لم تتخذ أي خطوات إيجابية في هذا الصدد؛ لأنها كانت ترى فيها امتصاص البطالة التي كانت قد انتشرت قبل الحرب، ولاسيما عندما بدأت الغواصات الألمانية تعتدي على السفن الأمريكية المتجهة إلى أوربا. ولم يسأل الرأي العام الأمريكي عن أسباب اعتداء الألمان، بل شعر الجميع بأن الألمان يعرضون الاقتصاد الأمريكي لخسائر مشهودة وبطالة قادمة. على أن الإنكليز كانوا أحياناً يصادرون بضائع أمريكية متجهة إلى دول المحور عن طريق طرف ثالث، فإن مقارنة الفوائد الاقتصادية كانت تتجه لمصلحة دول الحلفاء. ولقد أدت المصارف والمؤسسات دوراً كبيراً في دفع السياسة الأمريكية نحو قدرها.

وباختصار أدت العوامل النفسية والثقافية والأيديولوجية والدولية والعسكرية إضافة إلى المشكلات الدولية كالمشكلة المكسيكية والمشكلة اليابانية دوراً حاسماً في دفع الولايات المتحدة نحو إعلان الحرب ضد دول المحور في 6/4/1917 وإمداد دول الحلفاء بالقروض والمؤن والمساعدات العسكرية، وانتقل أكثر من 600000 جندي أمريكي إلى الجبهة الفرنسية، وشاركوا في الشهر العاشر (1917) في العمليات في منطقة اللورين ولاسيما في الدفاع عن باريس، وانتقلت إلى الهجوم على جبهة الموز Meuse في 11/1918، ووصلت إلى قلعة سيدان Sedan الشهيرة، وكان للتدخل الأمريكي بهذه الأعداد الكبيرة أكبر الأثر في إقناع القيادة الألمانية بإرسال مبعوثها عبر الحدود الفرنسية لطلب إنهاء الحرب التي وقّع معاهدتها المتحاربون في 11/11/1918 لإنهاء الحرب العالمية الأولى.

وفي مؤتمر الصلح في باريس (1/1919) اتفق المؤتمرون على عدة نقاط أبرزها تأسيس عصبة الأمم[ر] التي عارضها عدد كبير من منافسي الرئيس ويلسون في الولايات المتحدة الذين انتخبوا وارن هاردنغ Warren Hardingت(1865ـ1920) الجمهوري رئيساً للجمهورية، على أن الحكومات الأمريكية التي تلت الحرب شاركت في وضع أسس السلام العالمي فإنها انشغلت بعد ذلك بأزمتها الاقتصادية الكبرى التي بدأت سنة 1929، وعرفت بالكساد الكبير، وما إن أفاقت منها في عهد الرئيس فرانكلين روزفلت F.D.Roosevelt ت (1932ـ1948) بعد سلسلة من الإصلاحات أطلق عليها «الوعد الجديد» حتى بدأت الحرب العالمية الثانية 1939 التي دخلتها الولايات المتحدة لمصلحة الحلفاء 1941ـ1945 بعد اعتداء اليابان على الأسطول الأمريكي في ميناء بيرل هاربر Pearl Harbor، وأنهتها بإلقاء القنبلة الذرية على هيروشيما 6/8/1945 وناغازاكي 9/8/1945.

وفي سنة 1948 اعترفت الولايات المتحدة بدولة «إسرائيل» بعد ساعة واحدة من إعلان إنشائها مبتدئة سياسة دعم الصهاينة والانحياز المطلق للدولة العبرية الذي تعاظم في المراحل الأخيرة من القرن العشرين. وفي سنة 1950 استهلت الولايات المتحدة حربها ضد الشيوعية فيما سمي بالحرب الباردة[ر]، وبدأتها بالحرب في كوريا سنة 1950ـ1953. وفي سنة 1954 أعلنت الحكومة الأمريكية عدم دستورية التفرقة العنصرية ضد السود. وفي سنة 1955 بدأ مارتن لوثر كنغ حملته ضد التفرقة العنصرية. وفي سنة 1957 بدأ سباق الفضاء مع الاتحاد السوڤييتي، وفي سنة 1961 أرسلت الولايات المتحدة أول رجل إلى الفضاء، وفي سنة 1962 نشأت أزمة الصواريخ في كوبا، وتمكن الرئيس جون كنيدي من إجبار الاتحاد السوڤييتي على سحب صواريخه من كوبا، وفي سنة 1965 دخلت الجيوش الأمريكية علناً إلى ڤييتنام لنصرة الكوريين الجنوبيين ضد الكوريين الشماليين الذين كانت تدعمهم الصين والاتحاد السوڤييتي. وفي سنة 1969 نجحت الولايات المتحدة في إنزال أول رجل على القمر. وفي سنة 1970 وقّعت واشنطن في عهد الرئيس ريتشارد نيكسون مع موسكو معاهدة الحد من الأسلحة الاستراتيجية. وفي سنة 1973 انسحب الأمريكيون من ڤييتنام بموجب معاهدة باريس التي وقعتها إلى جانب الولايات المتحدة وڤييتنام كل من فرنسا وبريطانيا والصين والاتحاد السوڤييتي. وفي تموز/يوليو 1975 وقعت الولايات المتحدة وثيقة مؤتمر هلسنكي المتعلقة بالأمن الأوربي، ووافقت على مواصلة الحوار مع الاتحاد السوڤييتي بشأن الأسلحة الاستراتيجية. وفي سنة 1987 احتفل الأمريكيون بمرور قرنين على اعتماد الدستور الأمريكي، كما جرى توقيع اتفاقية تقليص الأسلحة الصاروخية مع الاتحاد السوڤييتي في عهد الرئيس رونالد ريغان R.Regan، وفي تشرين الثاني/نوفمبر 1988 أصبح جورج بوش George Bush الرئيس الحادي والأربعين للولايات المتحدة الذي استهل حكمه بإرسال قواته العسكرية في آب/أغسطس 1990 إلى منطقة الخليج العربي مستغلاً دخول القوات العراقية إلى الكويت، وعمد بالتعاون مع حلفائه الأوربيين إلى استصدار قرار من مجلس الأمن يدعو فيه العراق إلى سحب قواته من الكويت بحجة حماية الشرعية الدولية، وعلى الأثر قامت القوات الأمريكية بعملية عسكرية عرفت باسم (درع الصحراء) طالت البنية العسكرية العراقية، وفرض على العراق حصاراً اقتصادياً استمر حتى عهد الرئيس جورج بوش الابن، حيث قام هذا الأخير باستكمال خطة والده، وغزا العراق في ربيع 2003 بحجج وادعاءات أثبتت الأحداث والوقائع عدم صدقيتها. بل أكثر من ذلك ضربت قوات الاحتلال البنى التحتية للعراق، وأغرقته في فوضى قد تصل إلى حدّ تقسيم العراق إلى دويلات أو «كانتونات» أثنية أو طائفية مع تخريب اقتصاده ونهب ثرواته. ولن يكون المستفيد من كل هذا إلا الاحتكارات الأمريكية و«إسرائيل».

  مفيد العابد

 

 


- التصنيف : التاريخ و الجغرافية و الآثار - النوع : سياحة - المجلد : المجلد الثاني والعشرون، طبعة 2008، دمشق - رقم الصفحة ضمن المجلد : 328 مشاركة :

متنوع

بحث ضمن الموسوعة