الجغرافية الحيوية
جغرافيه حيويه
Biogeography - Biogéographie
الجغرافية الحيوية
الجغرافية الحيوية
الجغرافية الحيوية biogeography، علم يهتم بدراسة أنماط وأشكال الحياة المختلفة على سطح الكرة الأرضية وتوزيعها وتأقلمها، ومن خلال هذا العلم يحاول علماء البيئة والجغرافية اكتشاف العوامل البيئية التي تحدد التوزع الجغرافي للكائنات الحية النباتية والحيوانية وخصائص هذه الكائنات، بالتعاون مع الفروع العلمية الأخرى مثل علوم الجيولوجية والهيدرولوجية والمناخ والتربة وغيرها. ويتناول بالدراسة والتحليل الأحياء النباتية والحيوانية في بيئاتها الطبيعية. والجغرافية الحيوية أحد فروع علم الجغرافية[ر]، وتُعد فرعاً علمياً مميزاً لأن الجغرافية الحيوية تمثل الجانب الحي في الطبيعة.
تهتم الجغرافية الحيوية بدراسة أسباب وجود أنواع حية معينة في بيئة ما واختفائها من بيئات أخرى، ودراسة تأثير العوامل البيئية في هذه الكائنات الحية على المدى القريب أو البعيد، ويرى بعض العلماء أن الجغرافية الحيوية لا تهتم بدراسة النباتات والحيوانات والكائنات الحية الدقيقة فحسب، وإنما تهتم أيضاً بدراسة الإنسان ككائن حي يؤثر ويتأثر بغيره من الكائنات الحية. وإن كان علماء الجغرافية الحيوية يركزون سابقاً على دراسة أنواع النباتات والحيوانات، وتوزع هذه الأنواع وانتشارها، فإنهم حالياً يتبنون في دراساتهم منهج النظم البيئيةecosystems، ويستخدم هذا المنهج بقصد دراسة النظام البيئي لكائن حي واحد أو لمجموعة من الكائنات الحية التي تشكل مجتمعاً معيناً، وتختلف العلاقات التي تربط بين عناصر هذا المجتمع وبينها وبين الوسط المحيط بها. وهذا النوع من الدراسات الجغرافية يهدف إلى تقديم معرفة جيدة بالموارد الطبيعية الحيوية، وكيفية استغلالها استغلالاً عقلانياً، فيسهم في حمايتها والمحافظة عليها، وتحقيق التوازن البيئي عامةً.
تهتمُّ الجغرافية الحيوية بدراسة الغلاف الحيوي biosphere، وهو الغلاف الذي يتركز فيه وجود مختلف الكائنات الحية التي يقدر عددها بنحو مئة مليون نوع، ويعد الإنسان أهم هذه الأنواع وأرقاها. والغلاف الحيوي يشمل كل مكان فيه شكل من أشكال الحياة مهما كانت بسيطة أو دقيقة، وهو يتداخل مع الأغلفة الجغرافية الأخرى، الغلاف الصخري lithosphere والغلاف المائي hydrosphere والغلاف الجوي atmosphere، ويشمل أجزاء واسعة من الغلاف الجوي، تصل إلى ارتفاع 20ـ25كم، وأجزاء عميقة من القشرة الأرضية تبلغ 2ـ3كم تحت سطح اليابسة، كما تشمل كامل الغلاف المائي، ولكن الحياة العضوية تتركز بشكل رئيسي في الغلاف الصخري والغلاف المائي والغلاف الجوي، وتقسم إلى الكائنات الحية البرية والمائية والهوائية.
والجغرافية الحيوية تدرس سائر مظاهر الحياة الموجودة في هذه الأغلفة، أي الحيوانات والنباتات والكائنات الحية الدقيقة والفطريات الموجودة في المجال الحيوي الأرضي أو المجال الحيوي الجوي أو المجال الحيوي المائي. ويتفرع عن الجغرافية الحيوية مجموعة من الاختصاصات، كالجغرافية الحيوية الإقليمية التي تهتم بدراسة التقسيم الإقليمي الحيوي للمجتمعات النباتية flora والمجتمعات الحيوانية fauna، حيث يتم وضع مخطط جغرافي حيوي متكامل لتوزع وانتشار هذه الكائنات الحية في النطاقات الجغرافية المختلفة، ودراسة هذه الأنواع في حدود كل نطاق. أما الجغرافية الحيوية الإيكولوجية فتهتم بدراسة الكتلة الحيوية والمواد الحية ودورها في الحياة العامة في مختلف المناطق الجغرافية، وتهدف إلى حماية الأنواع النباتية والحيوانية والاستغلال العقلاني والرشيد لها، والكفاح ضد الأمراض والأوبئة ومصادر نقلها وانتقالها.
أما الجغرافية الحيوية التاريخية فتدرس تأثير الأحوال البيئية الطبيعية في ظهور وانتشار وتطور الأنواع الحية في مختلف مناطق الكرة الأرضية عبر العصور السابقة.
يقوم علم الجغرافية الحيوية بدراسة توزع الأنواع النباتية والحيوانية وخصائصها، وأسباب هذا التوزع، وميزات كل منطقة وصولاً إلى تصنيف الوحدات الحيوية الجغرافية البرية والمائية. ومع ذلك فإن تصنيف الممالك النباتية غير متفق عليه بشكل كامل حتى الآن، ويوجد أكثر من تصنيف بسبب اختلاف المعايير التي يتبناها العلماء في هذا المجال. ويؤثر في توزع الأنواع النباتية المختلفة بعض العوامل الجغرافية كالعوامل الجيولوجية والمناخية والمائية وغيرها. وفي أغلب الدراسات تقسم الكرة الأرضية إلى الممالك النباتية الآتية:
1- المملكة النباتية (الفلورية) الشمالية: وهي مملكة تمتد بين القطب الشمالي وحتى المنطقة شبه المدارية في الجنوب.
2- المملكة النباتية (الفلورية) المدارية: وتشمل المناطق المدارية والاستوائية في العالمين القديم والجديد.
3- المملكة النباتية الأسترالية: وتشمل قارة أسترالية وجزيرة تسمانية.
4- مملكة الكاب النباتية: وهي أصغر منطقة نباتية، وتمتاز بغنى نباتي كبير.
5- مملكة القطب الجنوبي النباتية: وتتميز بصغر مساحة اليابسة التي تحتلها، وبأنواعها القليلة، وتضم باتاغونية وجزر القطب الجنوبي.
تقسم الكرة الأرضية إلى عدد من الممالك الحيوانية، تتأثر بدرجة كبيرة بالعوامل النباتية والمناخية، وأهم هذه الممالك:
1- مملكة المنطقة القطبية الشمالية، وتشمل مناطق أمريكة الشمالية وأوربة وشمالي إفريقية ومعظم قارة آسيا.
2- المملكة الإثيوبية: وتشمل معظم قارة إفريقية وقسماً من الجزيرة العربية.
3- المملكة الشرقية: وتشمل المناطق الشرقية والجنوبية الشرقية من قارة آسيا.
4- المملكة الاستوائية الجديدة: وتضم مناطق أمريكة الوسطى (جنوبي أمريكة الشمالية) والجنوبية.
5- المملكة الأسترالية: وتشمل قارة أسترالية ونيوزيلندة وبعض الجزر المجاورة.
وهذه الممالك النباتية والحيوانية تقسم إلى مناطق أصغر وبدرجات مختلفة، تدرس دراسة مفصلة تبعاً للظروف الجغرافية والخصائص المناخية والحيوية المؤثرة في توزعها وانتشارها. وإذا كانت نشأة الغلاف الحيوي بدأت منذ نحو 3.5ـ 4.5مليار سنة، والتنوع الحيوي تزايد على مرِّ الزمان، فإن هذا الغلاف تعرض لعدد من الكوارث في الأحقاب الجيولوجية السابقة، أشهرها الكارثة التي حدثت في نهاية الكريتاسي، وأدت إلى انقراض الكائنات الحية المعروفة بالديناصورات. وعلى الرغم من أهمية الغلاف الحيوي (البيوسفير) في حفظ التوازن البيئي وفي حياة البشرية، فإن هذا الغلاف يتعرض لعمليات التخريب والتغيير، وتتعرض الكائنات الحية فيه للانقراض، والكثير من الموارد الطبيعية للاستنزاف والنضوب، ومعظم هذا التأثير يكون بسبب زيادة تأثير الإنسان في عناصر الغلاف الحيوي، وزيادة شدة التلوث وتنوع مصادره وأشكاله، كالتلوث الفيزيائي والكيمياوي والحيوي وغيره، وهذه التأثيرات التي يتعرض لها الغلاف الحيوي، والمتمثلة بانقراض الكثير من الأنواع الحية الحيوانية والنباتية، وتلوث التربة والماء والهواء، تضر بالغلاف الحيوي، وتعيد إلى الأذهان الكوارث التي تعرض لها عبر التاريخ، مما يعني أن الغلاف الحيوي مهدد بكارثة محتملة تشبه تلك الكوارث التي تعرض لها سابقاً، ومن ثمَّ فإنَّه يجب على المجتمع البشري حشد الإمكانات الحكومية والشعبية وتضافر جميع الجهود من أجل حماية الغلاف الحيوي من التلوث والتدهور، وهذا يعني إخضاع تطور الغلاف الحيوي لإدارة البيئة العقلانية، والتفكير العلمي السليم، وهذا يسمى انتقال الغلاف الحيوي إلى النوسفير noosphere.
محمد سليمان
الموضوعات ذات الصلة: |
التبيؤ (علم) ـ الجغرافية.
مراجع للاستزادة: |
ـ محمد سليمان، فياض سكيكر، ناظم عيسى، مقدمة في الثقافة البيئية (مطبعة الصفا، دمشق 1997).
-Joy Tivy, Biogeography, second edition (U.S.A 1982).
- التصنيف : التاريخ و الجغرافية و الآثار - المجلد : المجلد السابع، طبعة 2003، دمشق - رقم الصفحة ضمن المجلد : 626 مشاركة :