آخر الأخبار
هنغاريا (المسرح في-)
هنغاريا (مسرح في)
Hungary - Hongrie
هنغاريا (المسرح في ـ)
عرف الشعب الهنغاري المسرح منذ أواخر القرون الوسطى عن طريق اللغة اللاتينية لغة المراسم الكنسية، ومنها المسرحيات الدينية التي كانت تقام بمناسبة عيدي الميلاد والفصح؛ إما داخل الكنيسة وإما أمامها في ساحة المدينة الرئيسية. بيد أن معرفة اللغة اللاتينية كانت محصورة بقلة من رجال الدين والعلماء وبعض المتعلمين. أما أول نص مسرحي عرفته اللغة الهنغارية فقد كان ترجمة من اللاتينية للشاعرة والكاتبة الألمانية روزڤيتا فون غندرسهايم[ر] بعنوان «ثلاث عذراوات مسيحيات» Three Christian Virgins (نحو 1520). وفي النصف الثاني من القرن السادس عشر ظهرت بوادر الكتابة المسرحية الهنغارية الأصيلة مع نص لكاتب مجهول الاسم بعنوان «ملهاة حول خيانة مِنيهارت بَلاسي» Comedy on the Treachery of Menyhárt Balassiت(1569)؛ وهي هجائية لافتة من أهم منجزات حركة الإصلاح الديني اللوثري[ر] Reformation. وفي السياق نفسه تعدّ «مأساة في المجر» Tragedy in Magyarت(1558) للكاتب بيتر بورنِميسا Péter Bornemiszaتعبيراً عن روح الحركة الإنسانية[ر] Humanism. لما كان الإبداع الهنغاري منصبّاً في جنس الشعر مهملاً النثر والمسرح؛ فقد كان لابد من الانتظار نحو قرن من الزمن حتى عصر التنوير[ر] Enlightenment وظهور الأديب غيورغي بِسِّنياي György Bessenyei الذي التفت أيضاً إلى المسرح، وأنجز «مأساة أغيش» The Tragedy of Agisت(1772) التي عبّر فيها عن أفكاره الليبرالية وطموحاته القومية التحررية. وفي إطار الحركة الإبداعية[ر] (الرومنسية) Romanticismكان لمسرحيات كارولي كيشفالودي Károly Kisfaludy دور ريادي إلى جانب مآسي معاصره يوجِف كاتونا József Katona؛ ولاسيما في مسرحية «بانْك بان» Bánk bánت(1820) التي كتبها بأسلوب نثري لافت بجرأته، علماً أن أحداث مسرحيته تجري في القرن الثالث عشر رابطاً بمهارة وذكاء بين الصراع القومي والصراع الفردي بحيث صار بطله الفلاح تيبورتْس Tiborc رمزاً للمضطهَدين حتى اليوم. وهناك من الأدباء الذين لمعت أسماؤهم مسرحياً أيضاً في تلك المرحلة ميهايلي ڤوروزمارتي[ر] ومور يوكاي Mór Jokai اللذان تخطى تأثير أعمالهما حدود اللغة الهنغارية.
مسرحية "مأساة إنسان" لإمره مداتش |
مشهد من "بانك بان" تأليف يوجف كاتونا |
وفي عام 1837 أُنشئت في العاصمة بودابست مؤسسة المسرح القومي National Theatre بهدف إنتاج أعمال مسرحية ذات قيمة فكرية وفنية تسهم في نشر الأفكار القومية الهنغارية في وجه الهيمنة النمساوية، ولكن باستثناء قلة من الأعمال كان المستوى متواضعاً لم يحقق الطموحات المأمولة؛ ولاسيما على صعيد فن العرض المسرحي. وقد احتلت فيه ملاهي (كوميديات) إدِه سيغليغتي Ede Szigligeti مكانة ترفيهية بارزة بموضوعات ريفية تجعل حياة الفلاح مثالية، إلى جانب مسرحيات إمرِه مَداتش[ر] ذات الطابع الفلسفي الإنساني؛ ولاسيما في رائعته «مأساة الإنسان» The Tragedy of Manت(1861) التي لم تعرض قبل عام 1883 لصعوبتها على صعيد التنفيذ العملي على الخشبة؛ لكنها صارت عملاً مفضلاً وشعبياً منذئذٍ في مواسم معظم المسارح الهنغارية.
مع بدايات القرن العشرين ظهر كاتبان متعددا المواهب أدبياً، أولهما فِرِنْتس مولنار الذي كتب إضافة إلى أعماله النثرية المهمة عدداً من الملاهي الاجتماعية الناقدة الجيدة الصنع well made comedies التي وصلت المسارح العربية بين ستينيات القرن العشرين وسبعينياته. وكان معاصره فِرنتس هِرْتْشِغ Ferenc Herczeg أحد أبرز القوميين المحافظين ذوي التأثير الكبير قبل نهاية الحرب العالمية الأولى، سواء في رواياته أم في مسرحياته المتعددة. وكان من نتائج الحرب أن تمزقت أوصال هنغاريا، وتوزع جزء كبير من سكانها بين رومانيا وتشيكوسلوڤاكيا ويوغُسلاڤيا، وكان الكاتب المسرحي أندراش شوتو Andras Sutö أبرز من عبَّر عن هذا الشتات في رومانيا.
وفي مرحلة ما بين الحربين العالميتين كان لأعمال كل من جيغموند موريتس Zsigmond Móricz ولاسلو نيمِت László Németh دور لافت في مسارح العاصمة بحثاً عن مستقبل خاص بين الأمم الأوربية. وكان من نتائج الحرب العالمية الثانية أن خضعت هنغاريا للنظام الشيوعي، وصارت جزءاً مما سمي بالمعسكر الاشتراكي؛ مما أدى إلى هجرة كثير من المفكرين والأدباء المسرحيين مثل يوليوس هاي Julius Hay الذي ترجمت مسرحيته الشهيرة «الحصان» The Horse إلى العربية، وعرضت في دمشق عام 2003. كما كان لأعمال مسرحيين مثل اشتڤان أوركيني István Örkény وپيتر ناداش P.Nádásوپيتر اشترهازي P.Esterházy دور مهم ولافت عالمياً، سواء على صعيد الإنجاز المسرحي أم في مواجهة السلطة الحزبية والمشاركة في انتفاضة 1956 ضد الهيمنة السوڤييتية.
على الرغم من العلاقات الوثيقة بين الثقافة القومية الهنغارية/ المجرية والثقافة الألمانية (في النمسا وألمانيا وسويسرا) وكون الألمانية اللغة الثانية في هنغاريا ووجود أقلية ألمانية واسعة التأثير فيها؛ لم يُبرز فن العرض المسرحي الهنغاري أسماء لامعة على صعيد الإخراج أو التمثيل المسرحي مقارنة بالمستويات الأوربية على كثرة الكتّاب المسرحيين. وفي مرحلة ما بعد الهيمنة السوڤييتية برز على سطح الحركة المسرحية عدد كبير من الفرق الصغيرة الجديدة ذات التوجهات المتباينة فنياً وفكرياً والتي مازالت في مرحلة التجريب بحثاً عن صوتها وصورتها الخاصة.
نبيل الحفار
- التصنيف : الموسيقى والسينما والمسرح - النوع : موسيقى وسينما ومسرح - المجلد : المجلد الواحد والعشرون، طبعة 2008، دمشق - رقم الصفحة ضمن المجلد : 682 مشاركة :
متنوع
البحوث الأكثر قراءة
هل تعلم؟
- - هل تعلم أن الأبلق نوع من الفنون الهندسية التي ارتبطت بالعمارة الإسلامية في بلاد الشام ومصر خاصة، حيث يحرص المعمار على بناء مداميكه وخاصة في الواجهات
- - هل تعلم أن الإبل تستطيع البقاء على قيد الحياة حتى لو فقدت 40% من ماء جسمها ويعود ذلك لقدرتها على تغيير درجة حرارة جسمها تبعاً لتغير درجة حرارة الجو،
- - هل تعلم أن أبقراط كتب في الطب أربعة مؤلفات هي: الحكم، الأدلة، تنظيم التغذية، ورسالته في جروح الرأس. ويعود له الفضل بأنه حرر الطب من الدين والفلسفة.
- - هل تعلم أن المرجان إفراز حيواني يتكون في البحر ويتركب من مادة كربونات الكلسيوم، وهو أحمر أو شديد الحمرة وهو أجود أنواعه، ويمتاز بكبر الحجم ويسمى الش
- هل تعلم أن الأبسيد كلمة فرنسية اللفظ تم اعتمادها مصطلحاً أثرياً يستخدم في العمارة عموماً وفي العمارة الدينية الخاصة بالكنائس خصوصاً، وفي الإنكليزية أب
- - هل تعلم أن أبجر Abgar اسم معروف جيداً يعود إلى عدد من الملوك الذين حكموا مدينة إديسا (الرها) من أبجر الأول وحتى التاسع، وهم ينتسبون إلى أسرة أوسروين
- - هل تعلم أن الأبجدية الكنعانية تتألف من /22/ علامة كتابية sign تكتب منفصلة غير متصلة، وتعتمد المبدأ الأكوروفوني، حيث تقتصر القيمة الصوتية للعلامة الك
- عدد الزوار حالياً 403
- الكل 102781837
- اليوم 48185
اخترنا لكم
عمود الشعر
عمود الشعر مصطلح علمي يتصل ببنية الشعر العربي الموزون المقفى، سبق إلى اكتشاف بعض عناصره عدد من العلماء العرب القدامى من دون التصريح باللفظ الجامع له (عمود الشعر) من أمثال الجاحظ وابن قتيبة وسواهما، حتى جاء القاضي علي بن عبد العزيز الجرجاني، والحسن بن بشر الآمدي، واكتملت المعرفة به على يد أبي علي بن أحمد بن محمد بن الحسن المرزوقي. ويطلق اليوم مصطلح الشعر العمودي للدلالة على الشعر العربي الموزون، بغض النظر عن الدلالة الحقيقية للمصطلح. ويرتبط مفهوم عمود الشعر بالأحوال الحضارية للعرب، ذلك أن هذا التركيب الإضافي (عمود الشعر) يحمل تشبيهاً ضمنياً يرى أن بيت الشعر يشبه بيتَ الشَّعَر أو خيمة البدوي، وموقع العمود في وسط البيت أو الخيمة يعد شيئاً أساسياً، فإن اهتز اضطرب البيت كله من جهة خزائنه الفنية لا من جهة وزنه العروضي، وإن أزيل هبط السقف على الأرض، وألغي معنى البيت وجوداً أو تكويناً، وإن تغيَّر موضعه زالت فكرة التوازن بين شطري البيت من جهة ثقل السقف على العمود الحامل، فثقلَ بعضُه وخفَّ بعضُه، فكأن العمود عاتق الميزان في توكيد نظرية الوسطية والاعتدال عند العرب.
الشعر (في الغرب)
الشعر الشعر Poésie, Poetry هو أحد أشكال فن القول، إلى جانب النثر والمسرح. ولا يمكن وضع تعريف جامع مانع له، لأنه يختلف باختلاف الحضارات واللغات والمراحل، بل وحتى بين شاعر وآخر أحياناً في المرحلة عينها، إلا أنه بصورة عامة تاريخياً قول منظوم بليغ يدل على معنى، ولعل تعريف كولردج S.T.Coleridge، الذي أخذه عن جوناثان سويفت J.Swift في سياق حديثه عن الأسلوب في الكتابة، هو الأبلغ حين قال «النثر هو الكلمات في أفضل ترتيب والشعر هو أفضل الكلمات في أفضل ترتيب».