يوسيفوس (فلافيوس-)
يوسيفوس (فلافيوس)
Josephus (Flavius-) - Josephus (Flavius-)
يوسيفوس (فلاڤيوس ـ)
يوسيفوس (فلاڤيوس ـ)
(37 ـ 100م)
فلاڤيوس يوسيفوس Flavius Josephos أعظم مؤرخ يهودي في العصور القديمة. عاش في القرن الأول الميلادي وشهد أحداث الحرب اليهودية وأرخ لها، ولايزال يعد أهم مصدر للتاريخ اليهودي في العصور الكلاسيكية الهلنستية والرومانية.
![]() |
ولد يوسف بن ماتياس Matthias سنة 37ـ 38م في أورشليم ومات على الأرجح في روما بعد عام 100م، كان ينتمي إلى أسرة كهنوتية رفيعة، ونشأ في الوسط اليهودي في فلسطين، فكانت لغته الأم الآرامية (كما يشير إلى ذلك في مقدمة كتابه عن الحرب اليهودية)، وهي اللغة الشعبية السائدة آنذاك في بلاد الشام، وقد ترك سيرة ذاتية يتحدث فيها عن نفسه، ويدافع عن مواقفه في الحرب اليهودية وعن صداقته وميله إلى الرومان.
كان بحكم منبته ميالاً إلى طائفة الصدوقيين القريبة من الطبقة العليا المتهلينة، ولكنه انضم في التاسعة عشرة من عمره ـ كما يقول ـ إلى طائفة الفريسيين الأتقياء الأكثر تشدداً في تفسير التوراة.
أوفد سنة 64م إلى روما من أجل السعي إلى إطلاق سراح بعض الأسرى من اليهود، وحظي بمقابلة الامبراطورة پوپايا Poppaea زوجة نيرون التي يقال: إنها كانت متعاطفة مع اليهود، وهناك تعرف قوة الرومان وشدة بأسهم.
عندما اندلعت ثورة اليهود عام 66م في أواخر حكم الامبراطور نيرون تولى قيادة إحدى الوحدات العسكرية في منطقة الجليل، وكان من المعتدلين بين الثائرين الذين يرون أنه لا يمكن التغلب على الجيوش الرومانية في ميادين القتال، لذلك اهتم بتحصين المدن في الجليل غير أنه لم يصمد أمام زحف قوات فلافيوس فسباسيانوس[ر] Fl.Vespasianus التي حاصرته في مدينة يوتاپاتا Jotapata المنيعة واقتحمتها بعد 47 يوماً. فر يوسف إلى أحد الكهوف، ورفض فكرة الانتحار الجماعي، وفضّل الاستسلام (صيف 67م)، لذلك اتهم بالخيانة والعمالة للرومان، وهكذا وقع في الأسر، لكنه عومل برفق لأنه تنبأ للقائد فسباسيانوس بعرش الامبراطورية الرومانية. وعندما تحققت نبوءته سُرِّح، وبقي برفقة القائد تيتوس[ر] Titus الذي تولى قيادة الحرب محل أبيه، وشهد معه سقوط أورشليم في أيدي الرومان عام 70م.
ثم ذهب بعد ذلك إلى روما، وأنعم عليه بالمواطنة الرومانية، وصار يدعى فلافيوس باسم ولي نعمته، ومنح راتباً سنوياً مكنه من التفرغ للبحث والتأليف. تزوج يوسيفوس أربع مرات، وكان له خمسة أولاد، ولكن ابن خلدون يذكر عنه رواية مغايرة تقول: إنه افتقد أهله وولده بعد احتلال أورشليم وتدميرها، ولكنه لم يقف لهم على خبر، وأراده تيتوس على السكنى عنده بروما، فتضرع إليه في البقاء بأرض القدس، فأجابه إلى ذلك.
كان يوسيفوس مؤرخاً غزير الإنتاج، وقد وصلت مؤلفاته ـ وكلها باللغة الإغريقية ـ كاملة وفي عدد كبير من المخطوطات والترجمات والمختصرات، وهي:
«تاريخ الحرب اليهودية»Bellum Iudaicum: أول مؤلفاته وهو في سبعة كتب، ألفه أصلاً باللغة الآرامية، ثم ترجمه إلى اللغة الإغريقية، ونشره في الأعوام 75ـ79م. كان الاصل الآرامي ـ وهو مفقود ـ موجهاً إلى شعوب الشرق لخدمة الدعاية الرومانية. يبدأ بمقدمة عن الأحداث منذ عام 175ق.م وصولاً إلى اندلاع الحرب التي يسرد وقائعها من البداية حتى النهاية. يعزو يوسيفوس إلى المتعصبين اليهود Zelots السبب في نشوب الحرب، ويبرئ الشعب اليهودي وطبقته العليا من وزرها، كما يمجد الامبراطور فسباسيانوس وابنه تيتوس. وهولا يذكر شيئاً عن مصادره، ويبدو أنه استخدم مذكراته الشخصية وروايات يهودية ورومانية إضافة إلى تاريخ نيقولاوس الدمشقي[ر].
«تاريخ اليهود القديم» Archaeologia Iudaica أو «العاديات اليهودية»: كتبه ونشره بالإغريقية عام 93ـ94م، وفيه يستعرض التاريخ اليهودي، ويقدمه للإغريق والرومان في عشرين كتاباً، تعالج الكتب العشرة الأولى تاريخ اليهود منذ نشأة الخليقة حتى نهاية الحكم الفارسي بالاعتماد على العهد القديم وعلى المؤرخ البابلي بيروسوس[ر] Berossos والمؤرخ المصري مانيتون[ر] Manethon. أما الكتب 11ـ20 فتستعرض التاريخ اليهودي منذ الإسكندر الكبير (333 ق.م) حتى اندلاع الحرب اليهودية بالاعتماد على سفري المكّابيين وعلى المؤرخين بوليبيوس[ر] Polybios واسترابون[ر] Strabon ونيقولاوس الدمشقي، وهي تتميز بالاستفاضة والدقة والمصداقية منذ القرن الأول ق.م.
«ضد أبيون»Contra Apion: يتصدى فيه للآراء المعادية لليهود في الإسكندرية الممثلة في شخص أبيون، ويقدم عرضاً عن الثقافة والطقوس والقوانين اليهودية، كما يذكر جملة من الآراء والمقولات المعادية للسامية لبعض المؤرخين القدماء.
«حياة» Vita: صدرت بعد عام 100م، وتمثل مزيجاً من المذكرات السياسية والعسكرية ودفاعاً عن دوره في الحرب اليهودية، كما يتحدث فيها عن نشأته وشبابه وسنواته في روما.
اكتسب يوسيفوس أهمية كبيرة في الكتابات التاريخية المسيحية، وعدّه آباء الكنيسة أحد أعظم المؤرخين القدماء، وكان ذلك من أسباب انتشار مؤلفاته، ولكن الأبحاث التاريخية الحديثة أظهرت سلبياته، ومنها عدم استقلاليته وأخطاؤه مؤرخاً وقصور مؤلفاته في مستواها الأدبي.
ومع هذا فإنه يبقى المصدر الأول والأساسي لتاريخ اليهودية الهلنستية في القرنين الأول قبل الميلاد وبعده، وكذلك فيما يخصّ طوبوغرافية فلسطين، كما يجد المرء في كتبه معلومات قيمة عن العرب وأخباراً مفصلة عن الأنباط؛ ولاسيما وأنه كان معاصراً لهم، وإن كان اهتمامه ينصب على علاقتهم باليهود. وقد ذكره ابن خلدون في تاريخه باسم يوسف بن كريون، ويقول انه وقع بيده وهو بمصر تأليف فيه أخبار الدولتين (أي بني حشمناي وبني هيرودس) ما بين خراب بختنصر الأول وخراب طيطش الثاني، وقد لخصها واستعان بها في سرد أخبار التاريخ اليهودي.
صدرت مؤلفاته في عدة طبعات محققة (أشهرها طبعة B.Niese في ستة مجلدات 1888ـ1895)، وترجمت إلى معظم اللغات الأوربية كالألمانية والإنكليزية والفرنسية وكذلك إلى العبرية الحديثة. كما صدر كثير من الدراسات والأبحاث المتعلقة بشخصه ومؤلفاته.
محمد الزين
الموضوعات ذات الصلة: |
تيتوس ـ فلسطين ـ اليهود.
مراجع للاستزادة: |
ـ تاريخ ابن خلدون، الجزء الثاني (بيروت 1971).
- The Oxford Classical Dictionary, 2nd Edition ( Oxford 1970).
- H. St. JOHN THACKERAY, Josephus, The Man and the Historian (1929- 1967).
- R. J. H. SHUTT, Studies in Josephus (1961).
- التصنيف : التاريخ و الجغرافية و الآثار - النوع : أعلام ومشاهير - المجلد : المجلد الثاني والعشرون، طبعة 2008، دمشق - رقم الصفحة ضمن المجلد : 609 مشاركة :