تيودوسيوس اسم حمله اثنان من أشهر الأباطرة الرومان البيزنطيين في القرنين الرابع والخامس للميلاد. عُرِف تيودوسيوس الأول (379-395م)Theodosius I بلقب «الكبير»، وهو ابن أحد نبلاء إقليم كاوكا Cauca في شمالي إسبانية، كان قائداً في جيش الامبراطور فالنتنيان الأول (364-375م)Valentinian.

"/>
تيودوسيوس اول وثاني
Theodosius I & II - Théodose I & II

تيودوسيوس الأول والثاني

تيودوسيوس الأول والثاني

 

تيودوسيوس اسم حمله اثنان من أشهر الأباطرة الرومان البيزنطيين في القرنين الرابع والخامس للميلاد. عُرِف تيودوسيوس الأول (379-395م)Theodosius I بلقب «الكبير»، وهو ابن أحد نبلاء إقليم كاوكا Cauca في شمالي إسبانية، كان قائداً في جيش الامبراطور فالنتنيان الأول (364-375م)Valentinian.

ولد تيودوسيوس الأول سنة 346م، انخرط في شبابه في الجيش وتقلب في المناصب العسكرية، حتى وصل إلى رتبة أوغسطس (حاكم) المناطق الشرقية من الامبراطورية الرومانية في عهد الامبراطور غراتيان Gratian سنة 379م. قاد بين عامي 378-380م حملات ناجحة على قبائل القوط الغربيين (الفيزقوط Visigoths) في شمال شرقي أوربة، وخاصة في مقاطعات داكية (رومانية الحديثة) ومقدونية، إلا أنه لم يتمكن من دحرهم تماماً، مما اضطره إلى مصالحتهم بموجب معاهدة وقعها سنة 382م، منحهم بموجبها أراضيَ للإقامة في مقاطعة تراقية Thrace، كما اضطر إلى توقيع معاهدة مع الفرس الساسانيين سنة 386م لاقتسام النفوذ في مملكة أرمينية المجاورة.

مكنت هاتان المعاهدتان تيودوسيوس الأول من التفرغ لتوحيد حكم قسمي الامبراطورية الرومانية الشرقي والغربي، ولكنه بعد أن حقق ذلك كرر خطأ أسلافه بتقسيم الامبراطورية بين ابنيه، فعين الكبير أركاديوس (395-408م)Arcadius حاكماً على المشرق، والصغير هونوريوس (395-423م)Honorius  حاكماً على الغرب.

وكانت الامبراطورية على الرغم من تلك الوحدة تعاني تمزقاً في الفكر الديني المسيحي الذي شهد انقساماً بين رجال الدين حول طبيعة السيد المسيح الإلهية والبشرية، ورغبة في تحقيق الوحدة الدينية في امبراطوريته، أيّد تيودوسيوس قرارات مجمع نيقية الذي كان يدعم المذهب الأرثوذكسي، ودعا إلى عقد مجمع ديني في القسطنطينية سنة 381م، حدد فيه معالم الهرطقة الدينية وأعاد الاعتبار للثالوث الديني (الأب والابن والروح القدس)، ووسع صلاحيات رجال الدين وضيق على مناهضي المذهب الأرثوذكسي، وأيضاً على الوثنيين وعباداتهم داخل الامبراطورية تمهيداً لتحريم علنية العبادة الوثنية، ثم إلغائها فيما بعد، كما تم في عهده منع إقامة الألعاب الأولمبية.

أما تيودوسيوس الثاني (401-450م)Theodosius II ، الذي حكم الامبراطورية البيزنطية من 408-450م، فكان ابناً للامبراطور أركاديوس وحفيداً لتيودوسيوس الأول. تذكر المصادر أنه كان ضعيف الشخصية، وقع في مستهل حياته تحت تأثير رئيس حرسه أنثيميوس (408-414م)Anthemius، ثم تحت تأثير أخته الكبرى بولكيريا Pulekeria عندما كان يافعاً. وبعد بلوغه وزواجه، وقع تحت تأثير زوجه يودوكيا Eudocia، وكانت مثقفة ثقافة عالية، كونها إحدى بنات أحد أشهر أساتذة البلاغة في أثينة، ويعزى إليها سنة 425م إعادة تنظيم وتوزيع كراسي الدراسات في جامعة القسطنطينة التي كان قد أسسها قسطنطين الكبير.

وفي عهده الطويل، أتم القانونيون والفقهاء تدوين المجموعة القانونية التي عُرفت باسمه Codex Theodosianus سنة 438م، وتعد واحدة من أبرز أحداث التدوين في تاريخ التشريع، إذ إنها ضمت جميع التشريعات الرومانية منذ قسطنطين الكبير حتى تيودوسيوس الثاني، وفي عهده أيضاً عقد رجال الدين سنة 449م مجمعاً في إفسوس Ephesus لوضع حد للخلافات الدينية المذهبية دون تحقيق نتائج تذكر.

وفي سياسته الخارجية أدى تدخل بلاط القسطنطينية في مملكة أرمينية المجاورة ودعمها الديانة المسيحية ضد الزرادشتية المدعومة من قبل البلاط الساساني إلى نشوب حرب بين الدولتين، كانت في معظمها لصالح بيزنطة، ولكنها انتهت بمعاهدة سنة 422م لمدة قرن من الزمن، ودامت فعلاً لمدة عشرين سنة فقط. وفي عهده أيضاً اضطرت القسطنطينية إلى إرسال حملة بحرية فاشلة ضد قبائل الفاندال سنة 441م، وإلى عقد معاهدة صلح مهينة مع زعماء الهون أتيلا Attila وروا Rua اللذين، بعد معاهدتهما مع القسطنطينية، زحفا باتجاه الغرب ووضعا حداً لنفوذ رومة عاصمة الامبراطورية الرومانية الغربية، في الوقت الذي كان فيه بلاط القسطنطينية يعاني ضعفاً شديداً أدى إلى سيطرة خريسافيوس Chrysaphius على مقاليد السلطة، لكن وفاة تيودوسيوس دون وريث سمحت لزوجه الامبراطورة يودوكيا بالزواج من القائد البارز ماركيان Marcian وتكليفه بشؤون العرش سنة 450م، في محاولة لإعادة الأمور إلى نصابها.

ومن مآثر تيودوسيوس إقامة جامعة في القسطنطينية وإنشاء سور لحمايتها.

مفيد العابد

 

الموضوعات ذات الصلة:

 

بيزنطة.

 

مراجع للاستزادة:

 

ـ نبيه عاقل، دراسات في تاريخ الامبراطورية البيزنطية (جامعة دمشق، دمشق 1978).

- A.H.M.Jones, The Later Roman Empire (Oxford 1962).


- التصنيف : التاريخ و الجغرافية و الآثار - النوع : أعلام ومشاهير - المجلد : المجلد السابع، طبعة 2003، دمشق - رقم الصفحة ضمن المجلد : 274 مشاركة :

متنوع

بحث ضمن الموسوعة