الجزيئات (والجزيئات الكبيرة)
جزييات (وجزييات كبيره)
Molecules (Macromolecules) - Molécules (Macromolécules)
الجزيئات )والجزيئات الكبيرة(
الجزيئات (والجزيئات الكبيرة)
الجزيئة molecule هي تجمع عدد من الذرات يسلك سلوكاً مميزاً لها قد لا تتمتع به الذرات المكونة لها منفردة.
وتحمل الجزيئات الخواص الرئيسة للمواد المركبة بصورة مشابهة لما تحمله الذرات لمواد بسيطة مكونة من عنصركيمياوي وحيد. يبلغ عدد الذرات فيما يقصد بالجزيئة عادة عشرة و مادون ذلك، إلا أن هذا العدد يمكن أن يصل إلى عشرات أو مئات أو آلاف الذرات، فيقال عن الجزيئة حينئذ جزيئة كبيرة macromolecule. تتكون جزيئة الماء مثلاً من ثلاث ذرات H2O أما جزيئة الهموغليبين فتتكون من عشرات الآلاف، وهي من الجزيئات الكبيرة التي تصادف في البروتينات والمركبات العضوية.
قد تترتب الذرات على شكل سلسلة مكونة ما يسمى أحادي الحد monomer، ثم ترتبط هذه السلاسل فيما بينها عرضيا بشكل متصالب لتكون بوليمر في عملية التبلمر[ر].
بدأ التنبيه إلى ضرورة التمييز بين الذرات والجزيئات المتعددة الذرات عند دراسة خواص الغازات منذ عام 1811 على يد آفوكادرو[ر]، وتأكدت صلاحيته عندما استطاع س. كانيزارو Cannizzaro عام 1858 حل تناقضات النتائج التجريبية المتراكمة حتى ذلك الوقت وتبين له إضافة إلى ذلك، ضرورة النظر في البنية الثلاثية الأبعاد للجزيئات.
تشكل الجزيئات
أمكن تفسير تكون الجزيئات بدءاً من ذراتها والكثير من خواصها اعتماداً على ميكانيك الكم[ر] الذي يحدد التوابع الموجية لذرات العناصر المختلفة وخاصة تناظراتها وطبقاتها الإلكترونية الخارجية، إذ تميل الذرات لإكمال الطبقة الإلكترونية الخارجية حتى تشبع وفق قوانين محددة في ميكانيك الكم. أما إذا كانت مشبعة أصلاً، كما هي الحال في الغازات الخاملة مثل الهليوم، فإن تشكل الجزيئات منها بعيد الاحتمال في درجات الحرارة العادية ولا تتشكل الجزيئات إلا في درجات حرارة منخفضة تحت الصفر المئوي بكثير. يعزى ذلك إلى أن الطاقة المكتسبة من الإرتباط التي تسمى طاقة التشكل، أقل بكثير من الطاقة الحرارية الوسطية للذرات في الدرجة العادية من الحرارة.
وإذا كانت الطبقة الخارجية لذرة ما تحتوي إلكتروناً واحداً، كما في المعادن القلوية مثل الصوديوم، تميل هذه الذرة إلى التخلي عن هذا الإلكترون لتصبح طبقتها مشبعة؛ بالمقابل يمكن أن تكتمل طبقة ذرة عنصر آخر، كما في الهالوجينات مثل الكلور، بهذا الإلكترون فتتكون جزيئة هي كلور الصوديوم (ملح الطعام) في مثالنا، عند اقتراب الذرتين ويكون انتقال الإلكترون شبه كامل من الذرة الأولى إلى الثانية وتظهر الرابطة بينهما وكأنها رابطة كهربائية بين أيون موجب الشحنة وأيون سالب الشحنة (الذرة التي اكتسبت إلكتروناً). وتسمى الرابطة رابطة أيونية أو شاردية. قد لا يكون انتقال الإلكترونات كاملا في حالة جزيئات أخرى، بل يتم الإشباع بتشارك الإلكترونات فيما بينها فيقضي الإلكترون وقته بين الذرتين فتسمى الرابطة عندئذ تشاركية أو تساهمية. يظهر هذا الأمر واضحاً عندما تكون الجزيئة مكونة من ذرتين متماثلتين مثل جزيئة الهدروجين أو الأكسجين، ويظهر كلاهما بالشكل الجزيئي عند درجة الحرارة العادية مما يشير إلى أن الرابطة بين الذرتين قوية، أقوى من حالة الغازات الخاملة. أما إذا لم تكن ذرتا الجزيئة متماثلتين فتختلف المدد الزمنية التي يصرفها الإلكترون بين الذرتين وتظهر الجزيئة وكأنها ثنائي قطب[ر] كهربائي كما في ذرة أول أكسيد الكربون CO. وتصبح المسألة أكثر تعقيداً عندما تتكون الجزيئة من ثلاث ذرات أو أكثر سواء من حيث الحسابات أو من حيث الإمكانات المختلفة لمواقع الذرات وترابطاتها وتآثراتها فيما بينها. فلا بد أن تتأثر الذرات بجاراتها ويصبح لابد من إلى النظر في الإمكانات الثلاثية الأبعاد لتوضحها.
بنية الجزيئات
ليس للجزيئات الثنائية الذرة من وسطاء نحددها سوى البعد بين الذرتين و شدة الترابط بينهما. أما بالنسبة للجزيئات الثلاثية الذرة فإنه من الضروري تحديد الزوايا بين الخطوط الواصلة بينها، إضافة إلى أطوالها و قوة الروابط، ولابد من الكلام أيضاً عن ترتيب الذرات لإتمام الوصف. ففي جزيئة الماء مثلاً، المكونة من ذرتي هدروجين وذرة أكسجين تكون الزاوية مساوية 105 ْ والترتيب H-O-H، وليس O-H-H، أما في حالة ثنائي أكسيد الكربون فالترتيب O-C-O والزاوية قرابة 180 ْ. وتبدأ الصورة الثلاثية الأبعاد بالظهور عندما يزيد عدد الذرات على الثلاث، إذ ليس من الضروري عندئذ أن تبقى الذرات موزعة في مستو واحد أي مسطحة. فجزيئة الميتان CH4 مثلاً، يرتبط فيها أربع ذرات هدروجين بذرة كربون وفق أحرف رباعي وجوه تشغل ذرة الكربون مركزه وذرات الهدروجين رؤوسه. ويمكن أن تستبدل بذرة الهدروجين مجموعة CH3 وتستمر هذه العملية لنحصل على سلسلة تكوّن نوع مما يعرف بالفحوم الهدروجينية (الكربوهدروجينية) المختلفة باختلاف هندستها. فقد تتشكل فحوم هدروجينية حلقية مغلقة أو شبه مغلقة. وقد ساعدت مثل هذه الدراسات البنيوية في تصنيع كثير من المواد المشابهة للمواد الطبيعية، إضافة إلى اقتراح مواد جديدة ذات خواص مميزة. يطلق على جزيئاتها اسم البنية مثل المكعبية والنجمية والموشورية أو ذات الكرسي أو القاربية وغير ذلك (الشكل-1).
![]() الشكل (1) |
وكما حصل لدى دراسة بنية المواد العضوية التي أساسها الكربون والهدروجين، تبين أن السليكون والأكسجين هما أساس الفلزات الطبيعية حيث تقوم الرابطة والبنية بدور حاسم في تحديد خواصها. تمثل الوحدة O-Si الوحدة الرئيسة في هيكل البنية فإذا تكررت بضع وحدات فقط تشكلت صخور طرية كالصخور الحوارية، أما إذا تكونت سلاسل طويلة صارت البنية ليفية مثل الأسبيستوس أو قد تشكل بنية ثنائية البعد صفيحية مثل الميكا، بينما يمثل الكوارتز البنية الثلاثية الأبعاد المرتبطة بقوى متقاربة الشدة في الأبعاد الثلاثة.
التطبيقات
مكّن تحديد الجزيئات وبنيتها في المواد الطبيعية، من تقليدها والحصول صناعياً على مواد مشابهة، كما مكن تحديد الاختلاف بين مواد تقوم بوظائف متماثلة من اقتراح بنى مبتكرة ودراسة خصائصها، كأن ندخل ذرات معدنية بين حلقتين مسطحتين من فحوم هدروجينية حلقية مثل الفروسين d2Fe (C5H5)لنحصل على المركبات المعدنية العضوية organometallic compounds وهي جزيئات يمكن أن يكون ترابطها جيداً بالمعادن من جهة وكارهة للماء من الجهة الثانية فتستعمل في طلي أدوات الطبخ. كما أمكن إدخال عناصر جديدة بنسب ضئيلة مثل الحديد أو النحاس في جزيئات عضوية فاتضحت تأثيرات سريرية وسمية لها. ويمكن أيضاً تحريض حدوث ترابطات عرضية فتزداد القساوة أو المرونة كما في تصنيع البوليمرات المختلفة خلال عملية التبلمر[ر]. وما أمكن فعله في المواد العضوية جرب على الفلزات فقد أمكن تصنيع مواد خاصة أساسها السليكون أو مواد عضوية أضيف لها وحدة SiO مثل المواد السليكونية الهلامية التي تجمع بين الخواص العضوية والسيليكاتية. وقد أفادت هذه العمليات من دراسة الاهتزازات الممكنة للجزيئات في تراكيبها المختلفة فعينت تواترات هذه الاهتزازات وشداتها واستخلص منها قوة الروابط وإمكان فصلها ثم إعادة ربطها ضمن ظروف جديدة للحصول على بنية مبتكرة ذات مميزات جديدة.
ويعد تحديد بنية جزيء الدنا DNA بداية مرحلة جديدة في علوم الحياة.
فوزي عوض
الموضوعات ذات الصلة: |
البنية الكيمياوية ـ التبلمر ـ الذرة ـ الرابطة الكيمياوية ـ ميكانيك الكم.
مراجع للاستزادة: |
- T.B.Akrill,G.A.G.Bennet & C.J.Millar, Physics (Edward Arnold 1979).
- N.C.Hiyard & H.C.Biggin, Physics for Applied Biologists (Edward Arnold 1977).
- التصنيف : الكيمياء و الفيزياء - النوع : علوم - المجلد : المجلد السابع، طبعة 2003، دمشق - رقم الصفحة ضمن المجلد : 602 مشاركة :