logo

logo

logo

logo

logo

المساحلة

مساحله

Cabotage / Coastal navigation - Cabotage / Navigation côtière

المساحلة

 

الملاحة البحرية marine navigation، عامة هي علم وفن المناورة بالمراكب البحرية وتوجيهها وقيادتها من موقع إلى آخر بأمان، وهي تجمع بين العلم والفن، فلا تعتمد على العلم فقط، وإنما على خبرة الملاّح ومهارته أيضاً. والملاحة مشتقة من الملحة وهي لجَّة البحر، ومنها الملاّح أي النوتي أو البحّار. وكلمة ملاحة في اللغات الأوربية مشتقة من كلمتين لاتينيتين هما: Navis وتعني السفينة وAgire وتعني الاتجاه أو الحركة. أما المساحلة أو الملاحة الساحلية coastal navigation فهي فن قيادة المراكب البحرية بمحاذاة الساحل؛ أو قريباً منه؛ وفي المياه الإقليمية للدولة؛ وفي الممرات المائية بالاستعانة بالخبرة وبالمعالم الأرضية والتجهيزات التقنية وقواعد الإرشاد البحري.

هناك موضوعان يجب أن يعرفهما كل ملاّح هما: قواعد المسار، أي معرفة الطرق البحرية ومسالكها، والتقنيات المستخدمة في الملاحة والتي يمكن أن تتغير وفقاً لنوع المركب والمعدات المتاحة وخبرة الملاّح. هناك اختلاف بين قيادة المراكب الصغيرة وبين قيادة ناقلات النفط أو غيرها من المراكب الضخمة، مع إمكانية استخدام النوع نفسه من المعدات والتقنيات الملاحية.

لمحة تاريخية

كان الملاحون يعتمدون في تحديد طرقهم البحرية على المعالم الأرضية، كالصخور الضخمة والأشجار وتضاريس الساحل المشاهدة من قبلهم، وكانوا يستعينون ببعض المعالم الأخرى عند الابتعاد عن الساحل، وعدم إمكانية رؤية الأرض من بعيد لتحديد مواقعهم، فكانوا يقيسون عمق المياه ولونها، ويراقبون نوع الريح واتجاهها، وشكل الموج؛ وموقع الشمس في حركتها في السماء، كما كانوا يعتمدون على النجوم للتوجه ليلاً. ومع تقدم فن الملاحة طُوّرت أدوات مختلفة لتحديد موقع السفينة، فاستخدموا البوصلة لتحديد الاتجاه، وقاسوا ارتفاع الشمس أو النجوم بالاسطرلاب وآلة السدس لتثبيت مواقعهم، ورسموا الدِّيَر والمسارات على الخرائط الملاحية. وفي العصر الحديث جُهزت المراكب الحديثة بأنواع مختلفة من التقانات العالية الدقة لتحديد الموقع والاتجاه بالاستعانة بالسواتل وأنظمة ملاحة خاصة تتحسس التغيرات في اتجاه المركب وسرعته، وتضبط آلياً سير المركب.

الأدوات الأساسية في الملاحة البحرية الساحلية

يعتمد الملاحون على عدة أدوات أساسية لتحديد موقعهم في الماء، فيستعينون بالخرائط الملاحية ورسم مسار الرحلة بالاستعانة بخطوط الطول والعرض والمسافة المقطوعة والزمن، ويستخدمون البوصلة لتحديد الاتجاه.

تحمل الخرائط الملاحية عادة رموزاً تدل على العلامات الأرضية البارزة بحسب مقياس الخريطة، كذلك تقدم الخرائط الملاحية معلومات تفصيلية عن المسطحات المائية كالبحار الصغيرة والبحيرات، والموانيء والمياه الضحلة، وتضاريس الشاطئ والمواقع الظاهرة فوق الماء كالجزر، والصخور، والمناطق المأهولة وغيرها من المساعدات الملاحية كالمنارات والأجسام العائمة والعلاّمات الصنعية التي تساعد على تجنب المناطق الضحلة وغيرها، كما تدل على صفات قاع البحر وعمق الماء.

يعبّر الملاحون عن موقع المركب بالدرجات بالاستناد إلى خطي الطول والعرض، وقد تم التوافق دولياً على أن الدائرة الأساسية التي تمر من غرينتش هي خط الطول ( ْ)؛ وخط الاستواء هو خط العرض ( ْ)، ويقيس الملاحون المسافة بالأميال البحرية، وكل دقيقة تعادل ميلاً بحرياً (الميل يساوي 1852م).

تُحدد إحداثيات موقع ما بقياس تقاطع خطوط الطول والعرض عند الموقع. وتعدّ البوصلة[ر] من أقدم الوسائل الملاحية، وما زالت تستخدم حتى هذا اليوم. وهي تشير دوماً إلى الشمال المغنطيسي، فتقدم للملاحين نقطة مرجعية ثابتة. ومع استخدام البوصلة والخريطة أو المخطط البياني يستطيع الملاح توجيه المركب من مكان إلى آخر حتى في حال انعدام الرؤية أو في أثناء الليل. وهناك فرق في الاتجاه بين الشمال الحقيقي والشمال المغنطيسي بسبب انزياح الحقل المغنطيسي للأرض مع الزمن. وتحمل معظم المخططات الملاحية علامات تشير إلى  اتجاه الشمال الحقيقي والشمال المغنطيسي وزاوية الانحراف بينهما. وتستخدم المراكب الكبيرة والتجارية البوصلة الجيروسكوبية gyrocompass، وهي غير معرضة للخطأ لأنها تشير إلى الشمال الحقيقي ولا تتأثر بالمغنطة.

إيجاد الموقع

يجب أن يعرف الملاح موقع مركبه في نقطة الانطلاق قبل توجهه إلى مكان آخر. ويتم تحديد الموقع بإحداثيات خطي العرض والطول. ويستخدم الملاحون تقنيات مختلفة لتحديد الموقع وتتبع المسار. وتعتمد المساحلة أساساً على العلامات الأرضية والمساعدات الملاحية الصنعية لتحديد الموقع بدقة عند السفر ضمن مجالات الرؤية. وفي غياب الرؤية البصرية، يستخدم الملاحون دلائل أخرى كعمق الماء والمحسِّات الصوتية التي تقيس الوقت الذي يحتاج إليه  الصوت للارتداد عن الصخور. كما أن هناك جداول سنوية تعطي الموقع الدقيق للأجسام الفلكية في كل وقت من اليوم، وجداول أخرى يحدد الملاح بمساعدتها موقع المركب. وهي متاحة اليوم في برامج الحاسوب، وتحدد موقع المركب عن طريق بيانات يدخلها الملاح، كاسم الجسم الفلكي، وزاوية ارتفاعه والوقت الذي أُخذ فيه القياس.

أنواع الملاحة البحرية

تصنّف الملاحة البحرية في نوعين أساسين: المساحلة أو الملاحة الساحلية، والملاحة في أعالي البحار، وتختلف المعدات والتجهيزات المستعملة في كل نوع منهما. ويعتمد كل منهما على معطيات أساسية أهمها:

أ- تقدير الموضع: ويشتمل على تقدير المسافة، والاتجاه، ومقدار الوقت الذي سيستغرقه المركب في رحلته. وهو تحديد الموقع المعروف مقدماً على طول مسار المركب إلى مسافة محسوبة. فعندما يعرف الملاح المسار الذي سيسلكه، وإحداثيات موقع الانطلاق والمسافة التي سيقطعها مركبه، يمكنه أن يحدد موقع المركب في كل لحظة. وتعتمد هذه المسافة على سرعة المركب في الماء والزمن الذي سيستغرقه المركب للوصول إلى المكان المقصود ابتداءً من لحظة مغادرة الموقع الأصلي.

ب - الإرشاد الملاحي piloting: وهو أسلوب في الملاحة يشمل تحديد موقع المركب مع مرور الوقت، استناداً إلى العلامات الصنعية المقامة على مسار المركب أو أجهزة الإرشاد البحري المعروفة للملاح. أو بكلمة أخرى هو تحديد خط الموقع line of position بالنسبة إلى نقاط جغرافية معلومة باستخدام الوسائط الإلكترونية أو البصرية. يمارس الإرشاد الملاحي بالقرب من اليابسة، ويتطلب يقظة وانتباهاً مستمرين من قبل الملاح وخاصة بالقرب من المناطق الخطرة.

الشكل (1-أ) مساعدات الملاحة

ج- الملاحة الساحلية coastal navigation: تستخدم هذه الطريقة لتحديد موقع المركب عندما يكون مساره محاذياً للساحل (ضمن الرؤية المباشرة لمعالم الأرض)، ولا يحتاج إلا إلى بوصلة compass بسيطة كالبوصلة المغنطيسية، أو بوصلة جيروسكوبية. ويعتمد تحديد الموقع على تعرف نقاط أو علامات ظاهرة على الشاطئ. إن معرفة الاتجاه والمسافة بين نقطتين وسرعة المركب يسمح للملاح بتخطيط الموقع على الخريطة برسم سلسلة من النقاط وتسجيل الزمن عند كل نقطة مع الاستعانة بعلاّمات أو نقاط بارزة على الأرض. تستخدم الأنوار الكاشفة في الليل والأجسام العائمة المُنارة لمعرفة موقع النقاط المعينة، ويعتمد الملاح على تقدير الموضع في الضباب أو في حالة انعدام الرؤية على الأرض لتحديد سرعة المركب واتجاهه، وقد يتعرض تقدير الموقع للخطأ بمرور الزمن (الشكل 1).

د- الملاحة الإلكترونية electronic navigation: تعتمد هذه الملاحة على معدات ملاحية حديثة كالرادار radar، ومسبار الأعماق depth sounder، والنظام العالمي لتحديد الموقع (GPS) Global Positioning System. تقوم هذه المراكز بإرسال إشارات إلكترونية لقياس المدى والاتجاه إلى المركب استناداً إلى مجموعة من النقاط المعروفة. إن إيجاد الموقع باستخدام الرادار مشابه للملاحة الساحلية ليلاً وفي الضباب، ويُعدّ النظام العالمي لتحديد الموقع (GPS) الأكثر استعمالاً في الوقت الحاضر. يتم ربط حاسوب المركب بذلك النظام لتحديد موقع المركب على الخريطة الإلكترونية، ويستخدم هذا النظام 24 ساتلاً، منها 4 سواتل على الأقل قادرة على الظهور من أي نقطة على الأرض في أي وقت، وتحديد موقع المركب في حدود خطأ لا يتجاوز 100م.

الشكل (1-ب)

هـ - الملاحة الفلكية celestial navigation: تعتمد هذه الطريقة على معرفة مواقع الأجسام الفلكية لتحديد موقع ما في البحر، وتستخدم فيها وسائل معينة، كالجداول والمثلثات الكروية. ويعدّ نجم القطب النجم الأكثر استخداماً في الملاحة الفلكية في نصف الكرة الأرضية الشمالي. ولهذا النجم ثلاث مزايا: فهو من أكثر النجوم إشعاعا، وموقعه عند نهاية مجموعة الدب الأصغر، ويدل مباشرة على القطب الشمالي.

ولما كانت الأرض تدور حول محورها بين القطبين الشمالي والجنوبي، لذلك تظهر النجوم في الليل كأنها تتحرك ببطء في حركة دائرية، ويحتل نجم القطب مركز هذا الدوران. فإذا تعرّف الملاح نجم القطب يمكنه بسهولة معرفة اتجاه الشمال. ولأن هذا النجم بعيد عن الأرض، فالزاوية من الأفق إلى نجم القطب هي خط العرض نفسه، وتقاس بدقة باستخدام آلة قياس تدعى السدس sextant. ومع أن نجم القطب علامة مميزة في نصف الكرة الشمالي، فليس هناك نجم مشع يتوضع مباشرة فوق القطب الجنوبي يساعد الملاحين في نصف الكرة الجنوبي، وهم يعتمدون على الكوكبات أو النجوم المعروفة في نصف الكرة الجنوبي. وبعد أن يحدد الملاح خط العرض، عليه إيجاد خط الطول. وتعتمد معرفته على مراقبة زمن شروق  الشمس (أو النجوم الأخرى) وغيابها أو موقعها في قبة السماء.

مساعدات الملاحة

تشمل المساعدات الملاحية كلاً من الأجسام الطافية والثابتة. وتتنوع بين الفنار الطافي الصغير والمنارة العائمة التي ترسل إشارات مرئية أو إلكترونية، وتساعد الملاح على معرفة موقعه والمسار الآمن الذي يجب أن يسلكه. يبين الشكل (1) بعض المساعدات الملاحية، ومنها: المنارة[ر] وهي بناء مرتفع مجهز بأنوار دوارة يعين الملاحين على معرفة موقع الساحل والموانىء القريبة. ـ العوّامة buoy، وهي علامة طافية على سطح الماء مثبتة إلى القاع، وتحدد مسار القنوات الملاحية وقد تجهز أحياناً بإشارات إلكترونية مرئية أو مسموعة. أما الفنار day beacon فهو إنشاء ثابت يتميز بعلامة أو بمؤشر صناعي، أو بضوء أو بمحطة إرسال لاسلكية يُستعان به في مجال انعدام الرؤية.

المحددات ranges: زوج من التجهيزات المُنارة أو غير المُنارة يشير إلى الخط المنصف للقناة الملاحية.

نظام الملاحة الإلكتروني electronic navigation system: هو واحد أو أكثر من المرسلات اللاسلكية التي تصدر إشارات خاصة لتقديم المساعدة الملاحية في الضباب أو خارج الرؤية الأرضية.

غالب أحمد

 

 الموضوعات ذات الصلة:

 

الإرشاد البحري ـ السفن ـ الملاحة البحرية والنهرية ـ المنارة البحرية.

 

مراجع للاستزادة:

 

ـ صلاح صالح: الملاحة المتقدمة (الأكاديمية العربية للعلوم والتكنولوجيا والنقل البحري، 1998).


التصنيف : الصناعة
المجلد: المجلد الثامن عشر
رقم الصفحة ضمن المجلد : 489
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 1086
الكل : 40555621
اليوم : 85436

المساجد (عمارة-)

المساجد (عمارة ـ)   ليس من مصدر ديني يتحدث في عمارة المساجد وشروطها، بل إن مسجد الرسولr في المدينة وضع القواعد الأولى لهذه العمارة التي استمرت أساساً، تبعها كثير من التعديل والتطوير المعماري، مما يتناسب مع تطور العمارة الإسلامية وتطور عمارة المدن الإسلامية، ويلبي الحاجة المتزايدة لبيوت الله، كيما تستوعب المصلين في عصور التضخم الديموغرافي الذي وصل ذروته في العصر الحديث.
المزيد »