logo

logo

logo

logo

logo

ملتون (جون-)

ملتون (جون)

Milton (John-) - Milton (John-)

ملتون (جون ـ)

(1608 ـ 1674)

 

هناك في الشعر الإنكليزي ذروتان؛ شكسبير[ر] وملتون، هذا عدا كتابتهما في غير الشعر أيضاً. فلو أمكن ـ جدلاًـ عدّ شكسبير في أكبر الشعراء الرومنسيين، وهو قد سبقهم بكثير؛ لأمكن أيضاً وضع ملتون في عداد أكبر الشعراء الكلاسيكيين، وهو قد لحقهم بكثير. ولد جون ملتون John Milton في لندن لعائلة مثقفة ميسورة الحال، وكان والده كاتباً ومؤلفاً موسيقياً، فعاش الشاب في بحبوحة وفي محيط أمَّن له سبل العلم والدراسة. فقد درس في جامعة كمبردج، وحصل على الماجستير عام 1632، وكان مخططاً له دخول سلك الكهنوت، إلا أنه وهب نفسه للكتابة والقراءة الواسعة، مما أجهد بصره الضعيف في الأساس، فأصيب عام 1653 بالعمى الكلي. تزوج ماري باول Mary Powell التي تركته بعد أسابيع قليلة لتعود بعد عامين. أنجبت له صبياً توفي صغيراً وثلاث بنات كنَّ عوناً لأبيهن عند فقدانه بصره لاحقاً.

    كان ملتون من أنصار الجمهورية في الحرب الأهلية التي قامت عام 1642 بين الملكيين والجمهوريين، فانشغل بالكتابة التحريضية ضد الملكية والبابوية. وشغل منصباً في «مجلس الدولة» Council of State ، الذي شكله كرومويل[ر] Cromwell، يمكن أن يقارن بمنصب وزير خارجية وثقافة وإعلام معاً، كما كان المستشار والمحرض السياسي الأول، فلم يكن غريباً أن يُزج في السجن مع عودة الملكية Restoration عام 1660، وحصل لاحقاً على عفو بوساطة زملائه، ومنهم مارڤل[ر]، فترك العمل السياسي ليتفرغ كلياً للكتابة في عالمه المظلم، ولم يغادر منزله حتى وفاته.

بدأ ملتون كتابة الشعر في أثناء دراسته في الجامعة، وكانت قصيدة «أود في صباح ولادة المسيح» Ode On the Morning of Christ’s Nativity (1629) أولى قصائده التي تجلت فيها الصبغة الملتونية التي تتميز بالعلم الغزير والأسماء والإشارات المتعددة واللغة المنمقة. ثم كتب قصائد «المرِح» L’Allegro و«المتأمِّل» Il Penseroso  (1631-1632) تغنى فيها بالوحدة والهدوء في أحضان الطبيعة فعبَّرت عن نفسية الشاعر المكتفي بذاته. أما «كومَس» Comus (1637)، فهي مسرحية  أقنعة masque ومن نوع المسرحية الأخلاقية، وتتحدث عن شخصية كومس الخيالية الذي يخطف سيدة عفيفة ويحاول إغواءها، إلا أن الخير ينتصر في النهاية، وهذا تعبير عن أخلاقيات الشاعر ورؤيته لذاته. كتب ملتون أيضاً «ليسيداس» Lycidas (1637)، وهي إحدى أبلغ المراثي في اللغة الإنكليزية، إلا أنها تبحث أيضاً في وضع البلاد وفساد الكنيسة والسلطة البابوية، وينتقل فيها الشاعر إلى مرحلة النشاط والتحريض السياسي.

كتب ملتون في هذه المرحلة المتوسطة من حياته الأدبية ما بين التأسيس والنضج منشورات وكراسات pamphlets ناقش فيها كل ما يخص المجتمع؛ فبحث في الحقوق المدنية والدينية والسياسية وفي التعليم. وكان قد نشر كتيباً حول الطلاق، وعندما حاول البرلمان منعه من التداول كتب «آريوباجيتيكا» Areopagitica (1649)، نسبة إلى تلال آريس Ares في أثينا  حيث كان المجلس الأثيني الأعلى يعقد اجتماعاته، وهي دفاع جريء عن حرية الكلمة والتعبير.

وفي عهد جمهورية كرومويل ، ومع إعدام الملك تشارلز الأول، كتب ملتون «ولاية الملوك والقضاة» The Tenure of Kings and Magistrates (1649) حول مشروعية التخلص من الحاكم الطاغية، وكتب في العام ذاته «محطم الصور» Eikonoklastes دفاعاً عن ذلك. وفي محاولة أخيرة للحفاظ على مكاسب الجمهورية، أو «الكومنوِلث» Commonwealth، كتب عدداً من الكراسات دفاعاً عن إنكلترا وشعبها وجمهوريتها كما في «أفضل وأسهل وسيلة لإقامة كومنوِلث حر» The Ready and Easy Way to Establish a Free Commonwealth (1660)، إلا أن كل ذلك لم يغن شيئاً وعادت الملكية لتحكم إنكلترا من جديد.

اعتكف ملتون في منزله بعد الإفراج عنه من السجن وكتب أكبر مؤلفاته وأفضلها، مستلهماً فيها كلها الكتاب المقدّس، وأولها ملحمته «الفردوس الضائع» أو «الفردوس المفقود» Paradise Lost (1667) في اثني عشر كتاباً عن قصة الخليقة ومعصية الشيطان للخالق، والصراع الأزلي بين قوى الخير ممثلة بالسيد المسيح وقوى الشر، وعلى رأسها الشيطان وزبانيته، وهزيمتها، وعن أول معصية في تاريخ البشرية، وهي معصية آدم وحواء للأمر الإلهي وعقابهما وطردهما من الفردوس ليبدأا حياة جديدة على الأرض. أما «العودة إلى الفردوس» أو «الفردوس المستعاد» Paradise Regained (1671) في أربعة كتب فتعالج الطريقة المثالية لكسب الفردوس وهي الثبات على الإيمان ومقارعة إغراءات الشيطان، وصراع السيد المسيح مع هذا الشيطان وانتصاره عليه. ومع نص «الفردوس المستعاد» نشر ملتون نص قصيدته الدرامية «شمشون الجبار» Samson Agonistes؛ قصَّ فيها حكاية ثأر شمشون من أعدائه الذين سجنوه وأهانوه. ثم كتب «تاريخ بريطانيا» History of Britain (1670)، وظهرت «قصائد» Poems في طبعة ثانية عام 1673، وله مؤلفات أخرى كثيرة تصعب الإحاطة بها جميعاً.

تناول النقد ملتون كثيراً وتباينت آراء الشعراء والنقاد في مؤلفاته، من بليك[ر] وشِلي[ر] إلى برجس[ر] وإليوت[ر]؛ فبعضهم يرى أن ملتون كان البطل الفعلي في مؤلفاته كلها، فهو كومس وشمشون الأعمى، وهو بطل «الفردوس الضائع» الذي يرى بعضهم أنه الشيطان، وهو بطل كل النثر الذي كتبه دفاعاً عن الجمهورية باسم البيوريتانية أو التطهرية[ر] التي لم يكن في الواقع يكن لها كثيراً من الاحترام بل كانت سبيلاً للوصول إلى المدينة العلمانية الفاضلة التي لم يكن محيطه قد جهز لها بعد.

كتب ملتون باللغات الإنكليزية واليونانية واللاتينية والإيطالية، وحتى عند كتابته بالإنكليزية فقد كان أسلوبه لاتينياً مغايراً لذاك المتبع في الأنغلوسكسونية، حافلاً بالجمل الطويلة والإشارات المتكررة إلى الميثولوجيا اليونانية والرومانية وإلى الكتاب المقدس مما يضعه في مصاف الأدباء الكلاسيكيين الكبار.

 

 

طارق علوش

 

مراجع للاستزادة:

- C.A. PATRIDES & RAYMOND B. WADDINGTON (eds.), The Age of Milton: Backgrounds to Seventeenth-Century Literature (1980).

- J. MARTIN EVANS, Paradise Lost and the Genesis Tradition (1968).

- JOHN T. SHAWCROSS (ed.), Milton: The Critical Heritage (1970).

- JOSEPH A. WITTREICH (ed.), The Romantics on Milton (1970).

- NORTHROP FRYE, The Return of Eden (1956, reissued 1975).


التصنيف : الآداب الجرمانية
النوع : أعلام ومشاهير
المجلد: المجلد التاسع عشر
رقم الصفحة ضمن المجلد : 425
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 1126
الكل : 40954729
اليوم : 45112

كاناليتو (أنطونيو كانال المعروف ب-)

كاناليتو (أنطونيو كانال المعروف بـ -) (1697-1768)   أنطونيو كانال جوفاني المعروف بكاناليتو Antonio Canal Giovanni dit Canaletto رسام ومصور إيطالي ولد في البندقية ومات فيها، أمضى جزءاً من حياته في إنكلترا، وتعرّف هناك مجموعة من الفنانين الإنكليز. إليه ينتسب الرسام برناردو بلّوتوBellotto  مابين(1721-1780)، وهو المصوّر الذي عمل رساماً للمناظر الطبيعية في بلاط ملك بولونيا ستانيسلاس أوغست Stanislas Auguste منذ عام 1767.
المزيد »