logo

logo

logo

logo

logo

المذنب

مذنب

Comet - Comète

المذنب

 

المذنب comet هو جرم سماوي صغير، نسبياً، في المجموعة الشمسية، يدور حول الشمس.

في العصور القديمة وقبل انتشار الحضارة وانتشار الأضواء الساطعة في الشوارع والتلوث الحضري كان باستطاعة الجميع مشاهدة المذنبات بالعين المجردة. وكان ظهورها المفاجئ في السماء وشرودها وحركتها المخالفة لحركة النجوم، قد دفع الناس إلى الاعتقاد أنها نذير شؤم تبشر بطوفان أو مجاعة أو انتشار وباء أو طاعون أو موت ملك .

وقد جاءت التسمية اللاتينية من التسمية اليونانية القديمة kome التي تعني «شعر الرأس» ومنها اشتق أرسطو[ر] Aristotle كلمة kometes التي أطلقها على المذنبات، والتي تعني «نجوم ذات شعر» stars with hairs، ومنها جاءت التسمية اللاتينية cometes. وسماها الفلكيون العرب «المذنبات» للذيل الذي تجره خلفها.

ويتألف المذنب من:

الشكل (1) المذنب وحركته حول الشمس

(1) النواة nucleus: كتلة صلبة نسبياً من الجليد والغازات والغبار وبعض الأجسام الصلبة تجمدت في جو من البرودة الشديدة في الفضاء الواقع بين الكواكب السيارة، فتحولت إلى كتلة غير منتظمة يصل قطرها إلى 10 كيلومترات تقريباً. وقد وصفت نواة المذنب أنها  «جبل جليدي» ضخم أو «كرة ثلجية قذرة» تحتوي على معظم كتلة المذنب. وإن أفضل المعلومات عن النواة جاءت من دراسات للمذنب هالي Halley التي أنجزتها مركبة الفضاء غيوتو Giotto التي أطلقتها جمعية الفضاء الأوربية جزءاً من دراسات دولية للمذنب هالي، والتي اقتربت إلى مسافة 600 كيلومتر من نواة هالي وبثت صوراً لها إلى الأرض, ومن دراسة تلك الصور, تمكن الفلكيون من قياس قطر المذنب، ومن ثم حساب كثافته عن طريق تقديرات كتلة نواته. وقد وُجِد أن كثافته تبلغ نحو 2.0 غرام/سم3، وهذه القيمة تعني أن المواد المتجمدة في النواة «زغبية» القوام مثل الثلج، وليست قاسية أو متراصة كالجليد. وعلى الرغم من البنية الثلجية للمذنب فإن نواته عاتمة للغاية. ويظن الفلكيون أن اللون العاتم ناشئ من الغبار والمواد الغنية بالفحم التي تغطي سطح النواة, على غرار الحال في الأحجار النيزكية الكربونية. ومن المظاهر الأخرى للنواة شكلها غير المنتظم واندفاعات الغاز المنطلقة من السطح المتجمد للنواة. وتتشكل تلك الاندفاعات نتيجة تسخين أشعة الشمس الجليد في النواة ما يؤدي إلى تبخرها. وربما كان هذا الشكل غير المنتظم ناتج من الذوبان غير المتوازن للنواة في أثناء مرورها قريباً من الشمس في مدارات لها سابقة.

الشكل (2) المذنب

الشكل (3)

(2) الذؤابة coma: سحابة كثيفة من الغاز مؤلفة من بخار الماء وثنائي أكسيد الكربون CO2 وغازات طبيعية أخرى انطلقت من النواة. يبلغ قطرها نحو 100 ألف كيلومتر أو أكثر، أي نحو عشرة أضعاف قطر الكرة الأرضية. وعلى الرغم من الحجم الهائل لذؤابة المذنب وذيله؛ فإن الكتلة التي يحتويها هذان الجزءان من المذنب صغيرة نسبياً، كما أن الغاز والغبار هما من الرقة والتخلخل بحيث إن السنتمتر المكعب الواحد من الغبار لا يحتوي على أكثر من بضعة آلاف من الذرات والجزيئات، وهذا يعد فراغاً مطلقاً بالمعايير الأرضية. إن هذا الغبار المخلخل نتج من تسخين الشمس قلب المذنب (أي نواته) حتى درجة الغليان.

الشكل (4) ذؤابة المذنب

الشكل (5) مسار المذنب

(3) سحابة هدروجين hydrogen cloud هائلة، يبلغ قطرها ملايين الكيلومترات, ولكنها متناثرة وغير كثيفة.

(4) ذيل غباري dust tail قد يتجاوز طوله 10 ملايين كيلومتر مؤلف من ذرات من الغبار.

(5) ذيل أيوني ion tail يتجاوز طوله مئات الملايين من الكيلومترات مؤلف من البلازما موشحة بالأشعة وتموجات سببها التفاعل مع الرياح الشمسية solar winds.

الشكل (6) سحابة أورت

لا يمكن رؤية المذنب إلا عندما يقترب من الشمس.

معظم المذنبات لها مسارات شاذة يسير عليها المذنب بعيداً متجاوزاً مسار بلوتو (تاسع الكواكب «سابقاً» وأبعد كواكب المنظومة الشمسية عن الشمس، والذي فقد اسم «كوكب» بقرار من المؤتمر العالمي لعلماء الفلك الذي عقد في مدينة براغ في آب/أغسطس عام 2006) بحيث يختفي بعدها وقد يعود إلى الظهور ولكن بعد آلاف السنين. أما باقي المذنبات ذات الدور القصير أو المتوسط، (مثل المذنب هالي الذي دوره 75 سنة تقريباً) فيبقى جزء كبير من مساراتها ضمن مسار بلوتو.

بنية المذنبات

يسمح الغاز المنطلق من المذنب بمعرفة بنيته، فأطياف الغاز في ذؤابة المذنب وذيله تدل على أن المذنبات غنية بالماء وثنائي أكسيد الكربون CO2 وأكسيد الكربون CO إضافة إلى كميات صغيرة من غازات أخرى تكثـفت  في السديم الشمسي البدائي. تتفكك المياه المتبخرة بفعل الإشعاعات الشمسية فوق البنفسجية فتولد غازي الأكسجين  والهدروجين. وتحيط بمعظم المذنبات سحابة كبيرة من الهدروجين المتولد بتلك الطريقة.

إذا مرّ المذنب بالشمس مرات متكررة فإن الغاز المنطلق منه يؤدي إلى تآكله، وقد يفقد كثيراً من جليده وغازاته، ولا يتبقى منه إلا الجزء الصخري الصغير، فيتحول هذا المذنب إلى كويكب[ر: الكويكبات] asteroid (ربما كانت نصف الكويكبات القريبة من الأرض هي مذنبات ميّتة) يصطدم بأحد كواكب المنظومة الشمسية أو يدور حولها أو ينضم إلى حزام الكويكبات الذي يلتف حول كوكب المشتري[ر]. كذلك فإن بعض المذنبات تسقط في الشمس فعلاً. وبما أن مذنبات جديدة تظهر كل بضع سنوات، فلابد من أن يكون هناك مصدر لتعويض المذنبات التي ابتلعتها الشمس أو تحولت إلى كويكبات.

منشأ المذنبات

يعتقد علماء الفلك أن معظم المذنبات تأتي من منطقة من المنظومة الشمسية تدعى «سحابة أورت» cloud Oort (سميت كذلك نسبة إلى العالم الفلكي الهولندي Jan Hendrik Oort الذي قال بوجودها) ويعتقد أنها تحتوي على أكثر من تريليون (التريليون = 10 12)  من نوى المذنبات والتي تقع بعيداً عن نطاق مدار بلوتو.

الشكل (7) تشكل الذنب بفرعيه لدى اقتراب المذنب من الشمس

الشكل (8) مذنب هالي

وتتألف سحابة أورت من قسمين رئيسيين: الجزء الداخلي، وهو قرص منبسط تقريباً يدعى حزام (نطاق) كويبر Kuiper belt. وسحابة كروية خارجية تحيط بالمنظومة الشمسية إحاطة كاملة. يبدأ الجزء الداخلي حول مدار نبتون ثم يمتد مسافة تقع بين 40 ألف و100 ألف وحدة فلكية عن الشمس، (الوحدة الفلكية هي متوسط بعد الأرض عن الشمس وتساوي تقريباً 150 مليون كيلومتر، ويرمز لها AU)، ثم يتسع تدريجياً ليصبح على هيئة غلاف، في حين يمتد الجزء الخارجي إلى مدى قد يبلغ 150 ألف وحدة فلكية عن الشمس. تتحرك نواة كل مذنب على مدارها في سحابة أورت. ويعتقد علماء الفلك أن مرور نجم عابر خارج أطراف المنظومة الشمسية قد يؤثر في مدارات بعض هذه النوى، وكذلك تفعل قوى المد والجزر التي تمارسها مجرة درب التبانة[ر: المجرة] على سحابة أورت. إذ إن الآثار الثقالية تشوش مدارات نوى المذنبات في سحابة أورت, مغيرة بذلك طريقها بحيث يصبح المسار قطعاً ناقصاً ممتداً يجعلها تمر قريباً من الشمس (حيث تصبح الشمس في أحد محرقي القطع).

ذيل المذنب      

تقول إحدى الفرضيات: «إن اقتراب النواة من داخل المنظومة الشمسية، يجعل طبقتها الخارجية المؤلفة من الجليد ومواد متجمدة أخرى، تحت تأثير الإشعاع الشمسي الذي يؤدي إلى انصهارها وتبخرها» ـ ولكن هذه الفرضية غير مثبتةـ. إن تيارات الغبار والغاز المحررة من النواة تشكل طبقة واسعة جداً ورقيقة من الغلاف الجوي حول النواة، وهي الذؤابة، التي تخضع لتأثير كل من: الرياح الشمسية solar winds وضغط الإشعاع الشمسي Sun’s radiation pressure مما يسبب نشوء ذيل هائل تندفع ذراته، نتيجة الضغط مبتعدة عن الشمس. يشكل كل من ذرات الغبار وذرات الغاز ذيلاً مستقلاً بذاته يأخذ اتجاهاً مميزاً. فالذيل الغباري يبقى قريباً من مسار المذنب ويأخذ شكلاً منحنياً curved tail. أما الذيل الأيوني المكون من الغازات المحررة، والذي قد يتجاوز طوله الوحدة الفلكية، فيتجه دوماً بعيداً عن الشمس (انظر الشكل 4)؛ وذلك لأن ذراته أكثر تأثراً بالحقول المغنطيسية التي تحملها الرياح الشمسية من ذرات الذيل الغباري. تضيء الشمس الغازات والغبار في كل من الذؤابة والذيل، وتعكس جزيئات الغبار ضوء الشمس، وتصدر الغازات الضوء من ذاتها بعملية تدعى التفلور fluorescence، مما يحدث توهجاً في ضوء المذنب. إضافة إلى أن طيف الغاز المتفلور ينبئ عن ماهية بنية المذنب.

مذنب هالي

أشهر المذنبات الدورية، فهو يعود إلى الظهور دورياً كل 75 عاماً، أي إن دوره 75 إلى 76 سنة، ورمزه الفلكي 1P/Halley. كان آخر ظهور له وسط المجموعة الشمسية في 9 شباط/فبراير 1986، وسيعود إلى الظهور ثانية في 28 تموز/يوليو 2061 ثم في 27 آذار/مارس 2134 وهكذا دواليك.

قام العالم الفلكي أدموند هالي Edmond Halley في عام 1705 بتطبيق طريقة إسحاق نيوتن[ر] Isaac Newton بحساب مسارات الأجرام السماوية والتي نشرها في كتابه «أسس الرياضيات» Principa Mathematica عام 1687، على  24 مذنباً ظهرت في السماء بين عامي 1337 و1698، فلاحظ أن ثلاثة من هذه المذنبات (مذنبات السنوات 1531 و1607 و1682) لها مسارات متشابهة تماماً، وتمكن من حساب الفروق البسيطة بينها، وعزاها إلى الاضطرابات التي تحدثها قوى الثقالة للكوكبين المشتري وزحل. وأكد أن المذنبات الثلاثة المذكورة ما هي إلا ظهور متكرر للمذنب نفسه. وتنبأ بظهوره ثانية مع نهاية عام 1758 وبداية 1759. وفعلاً شوهد في 25 كانون الأول/ديسمبر 1758، لكنه لم يمر في حضيضه الشمسي إلا في 13 آذار/مارس 1759 وذلك بعد وفاة هالي فسمي باسمه. وكان هذا المذنب أول مذنب يصنف بالدوري. ويذكر أن أول مرة مسجلة تاريخياً لظهوره كانت عام 240 قبل الميلاد، كما يُروى عن الفلكيين الصينيين. وتحدث عنه علماء الفلك اليابانيون والبابليون والمسلمون, وحددوا جداول تنبأت بمواعيد ظهوره.

أنور توفيق اللحام

 

 الموضوعات ذات الصلة:

 

الشمس ـ المنظومة الشمسية.

 

 مراجع للاستزادة:

 

ـ توماس ت. آرني، استكشافات ومقدمة في علم الفلك، ترجمة: أحمد الحصري وسعيد الأسعد (منشورات دار طلاس، دمشق 1998). 

- CARL SAGAN & ANN DRUYAN, Comet (Random House, New York 1985).


التصنيف : الرياضيات و الفلك
النوع : علوم
المجلد: المجلد الثامن عشر
رقم الصفحة ضمن المجلد : 288
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 1082
الكل : 40532113
اليوم : 61928

عبيد الشعر

عَبيد الشِّعر   مصطلح نقدي، كان الأصمعي أول من أطلق هذه التسمية على زهير بن أبي سلمى والحطيئة وأضرابهما، ونسبهما إلى التكلف وثقاف الشعر، إذ قال: «ومن الشعراء المتكلف والمطبوع، فالمتكلِّف هو الذي قوَّمَ شعره بالثقاف ونقَّحه بطول التفتيش، وأعاد فيه النظر بعد النظر كزهيرٍ والحطيئة» وكان الأصمعي يقول: «زهير والحطيئة وأشباههما من الشعراء عبيد الشعر؛ لأنهم نقَّحوه، ولم يذهبوا فيه مذاهب المطبوعين. وكان الحطيئة يقول: خير الشعر الحولي المنقَّح، وكان زهير يسمي كُبرَ قصائده الحوليات …».
المزيد »