logo

logo

logo

logo

logo

نصيبين

نصيبين

Nusaybin - Nusaybin

نصيبين

 

مدينة سورية قديمة، تقع إلى الشمال من مدينة القامشلي، ولا يفصل بينهما سوى الخط الحديدي، وهي اليوم نقطة عبور بين الحدود السورية والتركية، يمر منها نهر جغجغ أحد روافد الخابور. وقد وصفها ياقوت الحموي في»معجم البلدان» بقوله: «هي مدينة عامرة من بلاد الجزيرة على جادة القوافل من الموصل إلى الشام، وفيها وفي قراها على ما يذكر أهلها أربعون ألف بستان»، وكان السريان المسيحيون يسمون المنطقة الممتدة بينها وبين نهر دجلة بيت عربايا.

أما نصيبين القديمة فهي تل خرب اليوم، لا يمكن التجول فيها أو متابعة أعمال الكشف والتنقيب لأنها على الحدود مباشرة، وتجاورها حقول ألغام، وهذا ما جعل البعثات الأثرية تعزف عن التنقيب فيها، فبقيت تخفي أسرارها وتاريخها حتى اليوم.

عرفت نصيبين في المصادر الآشورية باسم نصيبيني Nasipini، وقد ذكرها أدد نيراري Adad Nirari في حملته إلى بلاد هانيغلبات Hanigalbat، وأشار إلى أن المدينة كانت محصنة بسبعة أسوار، ومع هذا تمكن من دخولها وضمها إلى مملكته بعد تغلبه على حاكمها الآرامي. وخضعت المنطقة في القرون اللاحقة للسيادة الآشورية والبابلية ثم الفارسية. احتلتها جيوش الإسكندر المقدوني في أثناء اجتياحه المملكة الفارسية الأخمينية، ثم خضعت للسلوقيين، وفي بداية العصر المسيحي للفرثيين والرومان. وفي عام 195م دخلها الامبراطور الروماني سبتيميوس سفيروس [ر]وجعلها عاصمة ولاية ميزوبوتاميا Mesopotamia. كانت في القرنين الثالث والرابع مثار نزاع بين الرومان والساسانيين، وصارت بعد عام 363م مدينة حدودية بأيدي الساسانيين. استعادت نصيبين أهميتها في القرن الرابع الميلادي بسبب المبادلات التجارية التي كانت تتم بين بيزنطة والفرس طبقاً للمرسوم الذي حدد مدينة نصيبين نقطة لدفع الرسوم والحصول على تصاريح المرور بالأراضي الفارسية أو الأراضي البيزنطية، وفي اتفاقية عام 561م اتفق الطرفان الفارسي والبيزنطي على أن تكون نصيبين مدينة فارسية ومركزاً لتبادل البضائع التجارية؛ إذ احتكرت هي والرّها التجارة مع الفرس فكان سكانها يشترون من الفرس بضائعهم، ويبيعونها في جميع الولايات البيزنطية، ولم تكن نصيبين مدينة تجارية فحسب، بل كان فيها مدرسة شهيرة للسريان ذاع صيتها في الفلسفة وعلم الفلك وعلم اللاهوت، وشاع فيها المذهب النسطوري الذي اشتهر بفضل الأسقف برصوم المعروف بالفارسي الذي عُيِّن أسقفاً على بلاد ما بين النهرين، وكان ينشر المذهب النسطوري بين جنود الفرس، ويذكر مار ميخائيل الكبير في تاريخه الكبير أنه قتل بسيف الفرس العديد من الكهنة والرهبان والعلمانيين الذين لم يذعنوا له، بلغ عددهم نحو سبعة آلاف وثمانمئة.

كما اشتهر من أساقفتها (أساقفة نصيبين) الأسقف فيلكسينوس Philexinos الذي يقول عنه مار ميخائيل إنه أثار الشغب في الكنيسة السريانية وخلق الانشقاق في المدينة، وأدخل مع أتباعه إلى الكنيسة ما حرمه بطاركة سورية ومصر واساقفتهما فانقسمت كنيسة نصيبين إلى شطرين، قسم مع النساطرة، وقسم مع اليعاقبة، وممن اشتهر من أدباء السريان في نصيبين أفريم السرياني الذي يعدّ من أشهر من كتب النثر، وقرض الشعر في الأدب السرياني، والذي ولد في نصيبين عام 306م، وعاش أحداث الحرب بين الرومان والفرس التي انتهت بضم نصيبين إلى فارس.

فُتحت نصيبين عام 18هـ/693م على أيدي عياض بن غنم وحبيب بن مسلمة الفهري، وبعد وفاة عيّاض ولي أمرها سعيد بن عامر بن جزيم، وصارت إحدى مدن ديار ربيعة، وضرب فيها العديد من النقود خاصة في العصر الأموي، وكان شأنها شأن حرّان والرّها.

وظلت في العصر العباسي مزدهرة، تغنّى بها العديد من الشعراء مثل أبي نواس الحسن بن هانئ (760ـ813م) الذي قال فيها:

طابَتْ نصيبينُ لي يوماً وطبْتُ لها                ياليتَ حظَّي منَ الدُّنيا نصيبينُ

ويبدو أن المدينة ظلت مزدهرة حتى القرن الثالث عشر حين اكتسحها المغول، ودمروها، ومما يؤكد ازدهارها ما ذكره العديد من الرحالة والجغرافيين العرب مثل محمد بن حوقل (ت380هـ) في كتاب «المسالك والمالك»، والمقدسي (ت375هـ) في كتاب «أحسن التقاسيم في معرفة الأقاليم»، كما ذكرها ابن جبير وأبو الفداء وابن بطوطة واليعقوبي وغيرهم، وممن تعرض بالدراسة لها من المحدثين المرحوم عبد القادر عياش في كتابه «حضارة وادي الفرات» الصادر في دمشق عام 1989، أما المصدر السرياني الوحيد عن هذه المدينة فهو «التاريخ الكبير» لمار ميخائيل.

حميدو حمّادة

 مراجع للاستزادة:

 

ـ ياقوت الحموي، معجم البلدان، مادة نصيبين (دار صادر، بيروت 1986).

- L. DILLEMANN, Haute Mésopotamie Orientale et Pays adjacents (Paris 1962).


التصنيف : التاريخ و الجغرافية و الآثار
النوع : سياحة
المجلد: المجلد العشرون
رقم الصفحة ضمن المجلد : 704
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 1090
الكل : 40500959
اليوم : 30774

الحوالة في القانون

الحوالة في القانون   تنشأ الالتزامات وترتب آثارها الحقوقية على أطرافها، بحيث يكون كل منهم دائناًَ أو مديناً في وقت واحد، وقد يرغب أطراف العلاقة الحقوقية بنقل الحقوق والالتزامات إلى أشخاص آخرين ليسوا طرفاً في تلك العلاقة، والوسيلة القانونية هي الحوالة. فالحوالة la cession لغة تعني التغيير والنقل من مكان إلى آخر أو من موضع إلى موضع، وأحال الشيء على فلان يعني أنه أسلمه له، وتحول عنه أي زال إلى غيره.
المزيد »