logo

logo

logo

logo

logo

المدلل (صبري-)

مدلل (صبري)

Al-Mudalal (Sabri-) - Al-Mudalal (Sabri-)

المدلل (صبري ـ)

(1918ـ 2006)

 

يعد المطرب صبري المدلل أحد وجوه الطرب المرموقين في سورية، ولد في حلب وسماه أبوه «محمد»، وعندما احترف الغناء اختار لنفسه اسم «صبري»، حباً بالملحن المصري أحمد صبري النجريدي، وبألحانه التي غنتها أم كلثوم، وهو يُذكِّر بالمطرب الشيخ عبد الرحيم المسلوب؛ لأن كليهما ظلا يغنيان ويطربان حتى بعد تجاوزهما الثمانين من عمريهما إلى أن اختارهما الموت.

في السادسة من عمره ألحقه أبوه بشيخ كتاب الحي الذي علّمه القرآن الكريم، ثم صار يرافق أباه إلى حلقات الأذكار في الزوايا الصوفية التي تعلّم فيها الإنشاد الديني، وفي الثانية عشرة من عمره تتلمذ على يد عمر البطش الذي لقنه أوزان الموشحات وضروبها، وظل ملازماً للشيخ البطش من دون أن يقطع صلته بالزوايا الصوفية وحلقات أذكارها التي حفظ فيها عدداً كبيراً من التوشيحات والقدود والابتهالات الدينية.

عمل صبري المدلل مؤذناً في عدد من الجوامع، وظل يعمل مؤذناً إلى أن توفاه الله. وفي أثناء عمله لتردده على أهل الطرب في مرابعهم، تعرَّف المطرب الكبير أحمد الفقش، فأخذ عنه فن غناء الموال وأسلوب أداء قصة المولد النبوي الشريف والمدائح النبوية عند أصحاب الطريقة الشاذلية، ثم اتصل بالمطرب أسعد سالم فتعلّم منه فن غناء القصيدة بنوعيه الارتجالي والملحن. وإضافة إلى هذا فإن محفوظاته الغنائية لأعمال محمد عثمان وعبدو الحامولي وداوود حسني والنجريدي وزكريا أحمد، أسهمت إلى حد بعيد في بلورة شخصيته الفنية مطرباً. وقد ساعدت شهرته منشداً دينياً في دعم انطلاقته مطرباً عندما غنى من إذاعة حلب عام 1949 بعض ألحان صديقه الملحن بكري الكردي، ولاسيما أغنيتـه الشهيرة «إبعت لي جواب» التي أعاد إليها الحياة من جديد صباح فخري بأسلوبه المتميز.

لم تستطع إذاعة حلب إغراء صبري المدلل بالعمل الموسيقي فيها على الرغم من نجاحه، وانصرف منذ عام 1950 إلى تكوين فرقة للإنشاد الديني على غرار فرقة مسلم البيطار وفرقة توفيق المنجد في دمشق، واستطاع تكوين فرقة من كبار المنشدين في حلب، دأب من خلالها على تقديم الحفلات الخاصة بالمناسبات الدينية والأعياد، ولاسيما في عيد المولد النبوي الشريف والنصف من شعبان، وفي إحياء ليلة الإسراء والمعراج وليالي رمضان، وقد استقطبت حفلات هذه الفرقة التي كانت تُقام في الجوامع والزوايا الصوفية جمهوراً كبيراً، مما دفعه إلى ضم عناصر من العازفين المتمكنين إليها، في محاولة منه للانتقال من الغناء الديني إلى الغناء الدنيوي الذي كان يحن إليه ويمارسه في مجالسه الخاصة. وعلى الرغم من محاولته الناجحة هذه، إلا أنه ظل يقدم مع فرقته الإنشاد الديني والغناء الدنيوي.

استطاع صبري المدلل بفرقته الجديدة، إحياء التراث الموسيقي الحلبي خاصة والعربي عامة، فزهت الموشحات والقدود والأدوار والقصائد بفضل صوته، وارتفع بفن الطقطوقة إلى مشارف عالية، عندما غنى لصبري النجريدي «الورد والفل والياسمين» ولزكريا أحمد «ياحلاوة الدنيا» محققاً فيهما تطريباً رفيع المستوى تفوق فيه على صاحبتي الأغنيتين أم كلثوم وفتحية أحمد. ويرجع سبب تفوقه هذا إضافة إلى التقانات الحديثة التي لم يعرفها عقد عشرينيات القرن العشرين وثلاثينياته، إلى كونه في موقف المعارض لمن أدّاهما قبله، فخبر أين تكمن مواطن الضعف في الأداء فحلّق فيهما.

ظلت هذه الفرقة تعمل بإشرافه وتوجيهيه زهاء عشر سنوات حتى صارت رمزاً من رموز حلب الموسيقية. شارك صبري المدلل الذي تجاوز الخامسة والسبعين من عمره في حفلات ومهرجانات عدة، منها مهرجان الموسيقى العربية الذي أقيم في باريس عام 1989، محققاً نجاحاً لم يتوقعه، دعي في إثره في العام نفسه إلى الغناء في مهرجان قرطاج في تونس الذي سيطر فيه على الجمهور التونسي بأسلوبه الخاص في الغناء؛ الذي يجمع فيه أنواع الغناء التراثي بربط بعضه ببعض بفواصل مقامية انتقالية بين لون غنائي وآخر بحيث يظل الطرب الأصيل هو القاسم المشترك فيما بينها. ثم دُعي ثانية إلى تونس عام 1996 للغناء بمناسبة شراء الحكومة التونسية قصر الزهراء من ورثة الباحث الموسيقي البارون رودولف ديرلانجيه R.D’Erlanger الذي كان يملكه في بلدة سيدي بو سعيد القريبة من العاصمة تونس، وذلك لاهتمام صاحب القصر الذي توفي عام 1938 بالموسيقى العربية التي أولاها جلَّ أبحاثه، ولأن الموسيقي الكبير علي الدرويش أقام وعمل في هذا القصر مع صاحبه في تحقيق التراث الموسيقي الأندلسي والآخر التونسي، وأيضاً لأن اهتمامات صبري المدلل بالتراث وأساليب أدائه لا يقدر عليها بعد صباح فخري سواه. وقد استطاع بفضل غنائه أن يعيد إلى القصر تلك الأجواء الموسيقية البهيجة التي كان يعيشها في حياة البارون «ديرلانجيه». كان صبري المدلل قد تجاوز الثمانين من عمره عندما تعاقد مع فرقة الكندي التي أسسها عازف القانون الفرنسي جوليان فانس على إقامة حفلات غنائية في مختلف أنحاء العالم، فغنى في مختلف العواصم الأوربية والبرازيل وأستراليا من دون أن يقف عامل السن عائقاً بينه وبين رغبته في تقديم ما اصطلح على تسميته بالسهرة الحلبية بجميع فنونها وإبداعاتها للتعريف بما تمتاز به حلب من غيرها من المدن بالتراث الموسيقي الذي تمتلكه وتفخر به.

غنى صبري المدلل الليالي والموال فأجاد، وغنى القصيدة المرتجلة فأبدع، وشدا بالموشحات فحلق، وتضرع بالابتهالات والتوشيحات والمدائح فتألق وَزَها، وهو على الرغم من تقدمه في السن وتراجع مساحات صوته التي كان يغشاها بعض التخرش، إلا أنه استطاع الاستفادة بما بقي لديه من مساحة صوتية فتحكم بها في مقدرة من دون أن يلجأ إلى استعارة صوتية. وقد أمضى سنواته الأخيرة في المواظبة على عمله مؤذناً في الجامع الأموي الكبير في حلب، إلى أن توفاه الله.

صميم الشريف

 

 الموضوعات ذات الصلة:

 

الأغنية ـ سورية.

 

 مراجع للاستزادة:

 

ـ محمد قدري دلال، صبري المدلل (وزارة الثقافة، دمشق 2006).


التصنيف : الموسيقى والسينما والمسرح
النوع : أعلام ومشاهير
المجلد: المجلد الثامن عشر
رقم الصفحة ضمن المجلد : 259
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 1097
الكل : 40544920
اليوم : 74735

أبيا (أدولف-)

آبيا (أدولف - ) (1862-1928)   مصور ومزخرف décorateur ومخرج مسرحي وباحث فني سويسري, ولد في جنيف وتوفي بالقرب من مدينة نيون Nyon. بدأت موهبة أدولف آبيا Adolphe Appia في الرسم والتصوير الزيتي حين كان يتابع دراسته في الموسيقى. وقد أثارت فيه الحفلات الموسيقية والتمثيلية التي كان يحضرها حبه للمسرح. وكانت أعمال فاغنر Wagner هي التي كوّنت ينابيع أفكاره الأولى. إِلا أن تصميمات المشاهد المسرحية لأوبرا «بارسيفال» Parsifal عام 1886, وأوبرا «تريستان وإِيزولد» Isolde und Tristan عام 1888,
المزيد »