logo

logo

logo

logo

logo

نبتون

نبتون

Neptune - Neptune

نبتون

 

نبتون Neptune هو أبعد كواكب المنظومة الشمسية [ر] عن الشمس، الشكل (1)، الرابع من حيث طول القطر، والثامن من حيث الترتيب في المنظومة الشمسية، والأخير في هذه المنظومة بعد أن فَقَدَ بلوتو Pluto عضويته في هذه المنظومة بموجب القرار الذي صدر في شهر آب أغسطس 2006 عن المؤتمر الدولي للفلكيين الذي انعقد في العاصمة التشيكية براغ، لمخالفته التعريف الذي اتفق عليه الفلكيون للكوكب. ونبتون هو أحد الكواكب الجوفيانية الغازية الأربعة [ر: المنظومة الشمسية]: المشتري[ر] وزحل [ر] وأورانوس [ر] ونبتون. وللكوكب أربع حلقات رئيسية، وثلاثة عشر قمراً معروفاً.

خواصه الفيزيائية

الشكل (1) الكوكب نبتون

يشبه نبتون الكوكبَ أورانوس من حيث حجمه إلى حد بعيد، ويرجّح أن تكون بنيته مشابهة لبنية أورانوس. يبلغ طول قطر دائرة الاستواء للكوكب 49528 كيلومتر، (يكافئ 3.883 قطر دائرة الاستواء للأرض)، وقطر الدائرة القطبية 48681 كيلومتر (يكافئ 3.829  قطر الدائرة القطبية للأرض). وتقدر مساحة سطحه بـ 7.619 × 10 9 كم2 (يكافئ 14.94 سطح الأرض)، وحجمه 6.254 × 10 13 كم3 ( يكافئ 57.74 حجم الأرض)، وكتلته  1.0243 × 10 26 كيلوغرام (تكافئ 17.147 كتلة الأرض؛ وتكافئ 1/18 كتلة المشتري). متوسط بعده عن الشمس هو 4498252900 كيلومتر (4.5 بليون كيلومتر تقريباً)؛ أي 30.06896348 وحدة فلكية (الوحدة الفلكية تساوي 149597870 كيلومتر؛ أي 150 مليون كيلومتر تقريباً، وهو متوسط بعد الأرض عن الشمس)، وأصغر بعد له عن الشمس هو 4459631496 كيلومتر (4.46 بليون كيلومتر تقريباً)، أي 29.81079527 وحدة فلكية.

بنية نبتون

الشكل (2) بنية الكوكب نبتون

يعتقد علماء الفلك أن نبتون له نواة مشابهة لنواة أورانوس، الشكل (2)، تتألف من صخور وفلزات منصهرة من مركّبات الحديد والسليسيوم silicon، وهي ليست أكبر حجماً من الأرض، (قطر الأرض 12756كيلومتر)، يحيط بها غلاف مائي ضخم يتألف من الماء والميتان والنشادر ammonia، تشوبه مواد صخرية، وليس له سطح صلب. ويُعتقد أن هذا المحيط حار جدًا (نحو 4700 ْس)، ويبقى هذا المحيط سائلاً لا يتبخر في هذه الدرجة العالية من الحرارة، وذلك بسبب الضغط الجوي للكوكب الذي يمتد ابتداء من سطحه حتى عمق يراوح بين 10% ـ20% من بعد مركزه عن السطح. يمتد هذا المحيط المائي الهائل إلى الأعلى ابتداء من سطح النواة الصخرية حتى يلاقي الغلاف الجوي الرقيق الغازي للكوكب. ويتألف هذا الغلاف من الهدروجين Hء80% والهليوم He ء ء18%ء  وقليل من غاز الميتان CH4 ء ء1.5% ء وقليل من غازي الديتريوم (الهدروجين الثقيل D) والإيتان H6C2. يتعرف العلماء على بنية الغلاف الجوي للكوكب من خلال طيفه. أما تركيب البنية الباطنية فيمكن استنتاجه من كتلته الحجمية الوسطية المنخفضة للكوكب والبالغة 1.638 غرام/سم3، والتي تدل على أن الكوكب لابد من أن يتكوَّن في أغلبه من ذرات خفيفة.

اكتشاف نبتون

تم اكتشاف نبتون وتحديد دوره ومساره نظرياً قبل أن يشاهد في السماء. فقد كان اهتزاز مسار الكوكب أورانوس دافعاً لدراسة سببه، وقادت النظريات الرياضية علماءَ الفلك إلى اكتشاف هذا الكوكب.

أجرى العالم الفلكي الفرنسي ألكسي بوفار Alexis Bouvard دراسة رياضية نظرية لحركة الكوكب أورانوس قادته إلى تحديد جداول فلكية لمسار هذا الكوكب نشرها عام 1821. لكن عمليات الرصد التالية لهذا الكوكب دلت على وجود فوارق جوهرية بين الدراسة النظرية ونتائج الرصد الفعلي لحركة الكوكب ومواقعه؛ مما دفع بوفار إلى اعتقاد أن ما يسبب هذا الاختلاف هو وجود كوكب آخر يؤثر بقوته الثقالية في حركة أورانوس.

بدأ الفلكي البريطاني الشاب جون كاوتش آدامز John Couch Adams عام 1843 يحسب رياضياً مسار هذا الكوكب الثامن الذي قد يكون المسبب لهذا الاضطراب في مسار أورانوس، وأنهى حساباته في عام 1945 وأرسل نتائجه إلى الفلكي البريطاني السير جورج إيري Sir George Airy الذي لم تقنعه هذه النتائج، فطلب من آدامز إرسال إيضاحات لحساباته، ووضع أمر البحث عن ذلك الكوكب غير المنظور في آخر أولوياته. وبدأ آدامز بكتابة الرد، لكنه لم يرسل جواباً قط.

وفي عام 1846 قام الفلكي الفرنسي أوربان لوفيرييه Urbain Jean Joseph Le Verrier بدراسة رياضية مستقلة لتحديد مسار الكوكب الثامن المقترح، ولكنه لم يجد الحماسة الكافية لدى الفلكيين الفرنسيين لاستخدام نتائجه. وبعد جهد تمكن من إقناع الفلكي الألماني يوهان غوتفريد غال Johann Gottfried Galle بالبحث عن هذا الكوكب الثامن مستخدمًاً نتائج حساباته، فقام غوتفريد برصد هذا الكوكب، فشاهده في 23 أيلول/سبتمبر عام 1846. ودُهِش السير جورج لدى اطلاعه على بحث لوفيرييه والذي جاءت حساباته مشابهة تلك التي وصل إليها آدامز، الأمر الذي دفعه للبدء في البحث عن الكوكب الجديد جدياً، ولكن بحثه جاء متأخراً، فقد سبقه غوتفريد، وأعلن اكتشافه ذلك الكوكب. فكان بذلك أول كوكب يكتشف اعتمادًاً على تنبؤات رياضية تحدد مساره قبل أن تشاهده المراصد الفلكية. وبعد مشاهدته بدأت مشكلة تحديد اسم له، فقد اقترح غوتفريد تسميته «جانوس» Janus، واقترح الإنكليز تسميته «أوشيانوس» Oceanus، واقترح الفرنسيون تسميته «لوڤيرييه» Le Verrier. لكن لوڤيرييه اقترح أن يسمى الكوكب «نبتون» على اسم إله البحر في الأساطير اليونانية والرومانية القديمة. ثم جاءت الدراسات وعمليات الرصد المستمرة لهذا الكوكب واكتشاف محيطه المائي تدعم هذه التسمية, فتم تثبيت هذا الاسم في القرن العشرين.

حركة نبتون

يدور نبتون حول الشمس خارج مدار الكوكب السابع أورانوس Uranus متحركاً في المستوي الذي تتحرك فيه بقية كواكب المنظومة الشمسية على مدار دائري تقريباً (قطع ناقص تباعده المركزي 0.00858587، تقع الشمس في أحد محرقيه). ولهذا فهو يعبر دوماً المناطق نفسها في سماء الأرض. طول مداره 188.925 وحدة فلكية, وسرعته على مساره تراوح بين 5.385كم/سا و5.479كم/سا (أي بسرعة وسطية قدرها 5.432 كم/سا)، ويتم دورته بمدة 60223.3528 يوماً أي 164.88 سنة (أي إن سنة نبتون تعادل 165 سنة أرضية تقريباً).

ومن الصعب رؤية نبتون بالعين المجردة، حتى إنه إذا شوهد بالمنظار بدا خافتاً، أما بوساطة مقراب [ر] أرضي فيبدو نبتون بلون أزرق جميل، وكأنه رقاقة من الياقوت الأزرق البديع بقطر زاوي قدره 2.3 ثانية. ويعود هذا اللون الأزرق إلى وجود الميتان في غلافه الجوي.

زيارة نبتون

إن المسافة الكبيرة التي تفصل بين نبتون والأرض وهي 4.9 × 910 كيلومتر حالت دون إرسال العديد من مركبات الفضاء لاستكشافه، فلم تمر بجواره إلا واحدة فقط، وهي التي زارت الكواكب الغازية العملاقة الأربعة.

أُطلقت المركبة الفضائية فويَجَر 2 Voyager 2 في 20 آب/أغسطس عام 1977، فمرت بجوار المشتري في عام 1979 ثم بجوار زحل عام 1981 ثم أورانوس عام 1986 ثم نبتون عام 1989، زُوِّدَت فويَجَر 2 بالطاقة الضرورية لمرورها بالقرب من المشتري فقط، لكن قوة الثقالة الهائلة للمشتري أعطتها تسارعًا قوياً، لدى مرورها بجواره، أكسبها طاقة أوصلتها إلى زحل، وهكذا لدى مرورها بزحل اكتسبت طاقة أوصلتها إلى أورانوس، ثم اكتسبت الطاقة التي أوصلتها إلى نبتون بعد 12 سنة من تاريخ إطلاقها. وقد أرسلت العديد من الصور لكل من الكوكب وحلقاته وأقماره. فتبيَّن أن هناك أربع حلقات تامة حول هذا الكوكب الأزرق (وكانت هذه الحلقات قد اكتشفها سابقًا فريق فلكي بقيادة إدوارد غوينان Edward Guinan معتقداً أنها حلقات غير تامة). ويتبعه ثلاثة عشر قمراً (خمسة منها ـ وهي الأقرب لنبتون ـ اكتشفتها المركبة فويَجَر 2). وأكبر هذه الأقمار هو تريتون Triton؛ قطره 2700 كيلومتر، وهو أصغر من قمر الأرض (يكافئ 80% قطر قمر الأرض)، وكتلته 2.15× 10 22 كيلوغرام (يكافئ 30% كتلة قمر الأرض)، اكتشفه الفلكي ويليام لاسّل William Lassell بعد 17 يوماً من اكتشاف نبتون نفسه، وتبلغ درجة الحرارة على سطحه 38.15 كلفن (- 235 ْس).

فصول نبتون الأربعة

الشكل (3) البقعة الداكنة

الشكل (4) حلقات نبتون

يستغرق نبتون 164.88 سنة ليتم دورة واحدة حول الشمس، ويومه 16.11 ساعة (أي إنه يدور دورة كاملة حول محوره كل 16 ساعة و57 دقيقة و36 ثانية)، وهو أقصر من يوم الأرض الذي هو 24 ساعة. يدور نبتون حول محوره الذي هو مستقيم وهمي في وسط الكوكب يجتاز الكوكب من نقطتين تدعيان القطب الشمالي والقطب الجنوبي للكوكب، وكما في الأرض فإن هذا المحور يميل على مستوي مدار نبتون زاوية قدرها 29.6 درجة، وهذا الميل يعطيه أربعة فصول، كما على الأرض (حيث إن الفصول الأربعة على الأرض ناتجة من ميلان محور الأرض بمقدار 23.5 درجة).

طقس نبتون

يوجد اختلاف واحد بين طقسي أورانوس ونبتون من حيث النشاط الجوي. فجوّ أورانوس هادئ في حين أن طقس نبتون تغلب عليه العواصف الهوجاء، فجوّه عاصف جداً. إذ تبلغ سرعة الرياح على هذا الكوكب نحو 2500كم/سا مع تدفق كمية كبيرة من الحرارة الباطنية. وهذه السرعة هي أعلى سرعة رياح في المنظومة الشمسية. وقد اكتَشفت المركبة فويَجَر 2 عام 1989 بقعة داكنة عظمى على سطح نصف الكرة الجنوبي لنبتون الشكل (3)، تشبه البقعة الحمراء العظمى على سطح المشتري.

وهذه البقعة الزرقاء القاتمة هي إعصار حلزوني بحجم القارتين آسيا وأوربا معاً، وتبين فيما بعد أن هذه البقعة ليست ثابتة؛ ففي 2 تشرين الأول/أكتوبر 1994 لم يشاهدها المرصد الفلكي الفضائي هابل Hubble، ولكنه رصد بقعة مشابهة لها على نصف الكرة الشمالي للكوكب، وبقي سبب اختفاء البقعة الداكنة العظمى غير معروف. 

تبلغ درجة الحرارة عند أعلى قمم غيومه -220 ْس، لبعده الكبير عن الشمس. وتبلغ درجة الحرارة في مركزه 7000 ْس، وهي أعلى من درجة حرارة سطح الشمس، وهذا يعود إلى وجود الصخور والمعادن المنصهرة شديدة الحرارة في باطنه، في حين أن الحرارة في أغلب مناطق الكوكب منخفضة جداً.

حلقات نبتون

لنبتون حلقات كما لسائر الكواكب الأربعة العملاقة (الشكل 4)، وهي حلقات ضيقة جدًا و باهتة، وبنيتها غير معروفة، وهي أشبه بحلقات أورانوس منها بحلقات زحل. وقد تكون مؤلفة من بقايا أقمار صغيرة أو مذنبات[ر: المذنب] تصادمت، فتحطمت، وهي تحتوي على غبار أكثر مما تحويه حلقات زحل أو أورانوس. وقد تخيل العلماء في منتصف الثمانينيّات من القرن العشرين أنها حلقات ناقصة وغير تامة. لكن الصور التي وصلت من المركبة فويَجَر 2 أثبتت أنها حلقات تامة. تتألف الحلقة الأبعد (والمسماة آدامز Adams التي تبعد مقدار 63000 كيلومتر عن مركز نبتون) من ثلاث أقواس متمايزة أطلقت عليها الأسماء الآتية: الحرية Liberty والمساواة Equality والأُخوَّة Fraternity. ولا يعرف سبب وجود هذه الأقواس الثلاث.

أنور توفيق اللحام

 الموضوعات ذات الصلة:

 

الشمس.

 

 مراجع للاستزادة:

 

ـ توماس ث. آرني، استكشافات ومقدمة في علم الفلك، ترجمة أحمد الحصري وسعيد الأسعد (منشورات دار طلاس 1998).

- ELLIS D. MINER & RANDII R. WESSEN, (2002). Neptune: The planet, rings, and Satellites (2002).


التصنيف : الرياضيات و الفلك
النوع : علوم
المجلد: المجلد العشرون
رقم الصفحة ضمن المجلد : 440
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 1102
الكل : 40472211
اليوم : 2026

التنظير الطبي

التنظير الطبي   التنظير الطبي endoscopy وسيلة استقصائية الغاية منها رؤية الآفات الموجودة ضمن أجواف الجسم رؤية مباشرة وتعرُّف صفاتها وتحديد طبيعتها. وإذا كانت هذه الواسطة الاستقصائية ابتدعت في البدء للتشخيص فقد صارت بعد مدة من استعمالها المرحلة الأولى لبعض الاستقصاءات الأخرى المتممة كأخذ الخزعات من الآفات المشاهدة، ثم تطورت فصارت المرحلة الأولى لإجراء كثير من المداخلات الجراحية في معظم أجهزة الجسم. كان بوزيني Bozzini في عام 1805 أول من استعمل المنظار لاستقصاء أحشاء البطن، أما كيلنغ Kelling فكان أول من نظر أحشاء الكلب بعد حقن الغاز في جوف بطنه عام 1901، وأعاد العمل نفسه على الإنسان عام 1910، وأجرى كل من ديشر Decher وشيري Cherey أول مرة تنظير أحشاء الحوض بإدخال المنظار عن طريق رتج دوغلاس عام 1944. كانت المناظير المستعملة حتى ذاك التاريخ مؤلفة من أنابيب معدنية صلبة، وكانت الإنارة بوساطة حبابة كهرباء صغيرة، وفي عام 1952 استعمل كلادو Clado الإضاءة الباردة التي تنتقل من مصدر خارجي لنهاية المنظار القاصية بقضيب من الكوارتز، واستطاع بالمر Palmer بوساطتها تصوير أول فلم عن التنظير النسائي عام 1955، وكان له الفضل في دفع التنظير خطوات كبيرة إلى الأمام، فهو أول من فتح طريق الجراحة التنظيرية منذ عام 1956، بتحرير الالتصاقات وأخذ الخزعات ثم التعقيم بتخثير البوقين أو قطعهما بطريق المنظار. وفي عام 1956 استعمل فرنغنهايم Frangenheim أول مرة الألياف الزجاجية fiberglass لنقل الإضاءة الباردة، واستبدلت المناظير اللينة بالمناظير الصلبة مما سهل إجراء الفحوص والمداخلات التنظيرية لدرجة كبيرة. وفي عام 1972 حقَّق سيم Semm جهاز نفخ غاز CO2 الآلي ووسع الجراحة التنظيرية النسائية ثم استعملها كثيرون غيره في الجراحات البطنية عامة. وظهرت في منتصف الثمانينات من القرن العشرين أجهزة للتنظير تستخدم نظام الفيديو الإلكتروني video endoscopy أحدثت تطوراً كبيراً في ممارسة التنظير اليومية، فقد تحسنت نوعية الصورة المشاهدة تنظيرياً بفضل إدخال أجهزة تصوير (كاميرات) ذات حجم صغير جداً من نمط (CCD) charge-couple-device. يعتمد مبدأ هذه التقنية على استخدام مجس capteur يحول الطاقة الضوئية المنعكسة من النسج المشاهدة إلى طاقة كهربائية تنقل إلى معالج إلكتروني خاص يسمح بإعادة تشكيل الصورة بدقة متناهية على شاشة تلفزيونية ملونة. يمتاز نظام الفيديو الإلكتروني بإعطائه صوراً أكثر وضوحاً من المناظير الليفية الضوئية العادية وبإمكان تثبيت الصورة وتسجيلها لمشاهدتها من قبل عدة مراقبين في آن واحد وتسجيل كامل الفحص التنظيري والمعالجات المجراة على أجهزة أفلام فيديو. أما مساوئها فثمنها المرتفع وقطر أنبوب الفحص الذي يزيد قليلاً على قطر المناظير الليفية الضوئية العادية. كما ظهر في آخر القرن الماضي أجهزة تشارك بين مسبار لأمواج تخطيط الصدى وجهاز تنظير داخلي في آن واحد echo-endoscopy، يمكن بوساطتها دراسة الطبقات الجدارية للأجواف والأحشاء الداخلية بدقة كبيرة بالأمواج فوق الصوتية بعد الوصول إلى هذه الأماكن بسهولة بوساطة التنظير، وتسمح بتشخيص الآفة ودرجة ارتشاحها في جدار العضو إضافة لإمكانية أخذ خزعات موجهة بالصدى من الآفات الجدارية مما يؤدي إلى وضع تشخيص دقيق نسيجي للطبيعة المرضية لهذه الآفات. وتستخدم هذه الطريقة في تقويم مدى انتشار أورام الأنبوب الهضمي والبولي، وفي تشخيص أورام غدة المعثكلة (البنكرياس) والتهاباتها ومضاعفاتها، وفي تشخيص آفات الطرق الصفراوية، كما تعد من أفضل الوسائل التشخيصية لبعض الأمراض القلبية. تختلف أشكال المناظير باختلاف العضو المراد تنظيره ولكنها جميعها تتألف من أقسام أساسية وأقسام ملحقة. أمّا الأقسام الأساسية فهي جسم المنظار الذي قد يكون صلباً أو مرناً طويلاً أو قصيراً بأقطار مختلفة، والعدسات المكبرة العينية والجسمية، والمنبع الضوئي الذي صار في معظم الأجهزة خارجياً ينقل منه النور بوساطة الخيوط الزجاجية، وتخرج الأشعة من فوهة المنظار الباطنة مستقيمة أو مائلة بدرجات مختلفة حسب المكان المفحوص. أمّا الأقسام الملحقة فتختلف بحسب الحاجة وقد يستعمل منها واحد أو أكثر من واحد كملقط الخزعة أو حلقة التخثير. يجري التنظير أحياناً من دون تهيئة، في حين يتطلب أحياناً أخرى حقن غاز أو سائل في العضو المراد فحصه كجوف الصفاق أو جوف الرحم. أو يتطلب تهيئة العضو نفسه ببعض المواد المساعدة على جودة الفحص كما في تنظير عنق الرحم، ويجرى تنظير بعض الأجواف بلا تخدير في حين يتطلب تخديراً موضعياً أو عاماً في تنظير أجواف أخرى. يستخدم التنظير في جميع أجهزة الجسم تقريباً، مثال ذلك: ـ التنظير الهضمي: وهو: أ ـ علوي يدخل فيه المنظار عبر الفم والبلعوم وترى بوساطته حالة المريء والمعدة والعفج والطرق الصفراوية والبنكرياس والأمعاء الدقيقة. ب ـ سفلي ويدرس به المستقيم والسين الحرقفي والقولونات والقسم الأخير من الأمعاء الدقيقة. ـ تنظير القصبات: bronchoscopy يدخل فيه المنظار عبر الحنجرة إلى الرغامى والقصبات والقصبات الرئيسية فتكشف آفات هذه المناطق. ـ تنظير جهازالبول: بإدخال المنظار عبر فوهة الإحليل إلى المثانة لدراستها ومنها إلى الحالبين عبر الفوهتين الحالبيتين المثانيتين بعد توسيعهما وتكشف بذلك آفات هذه الأقسام التي لم تتمكن الوسائل الاستقصائية الأخرى من الجزم بطبيعتها ويمكن أخذ الخزعات كما في كل أنواع التنظير. ـ تنظير قعر العين: ophtalmoscopy يتم بأجهزة صغيرة لا يتجاوز حجمها حجم قلم الكتابة تحوي عدسات ضوئية وضوءاً بارداً، تُري بالتنظير قعر العين والأوعية الشبكية والآفات الوعائية كالتصلب البصري. ـ تنظير الأذن: otoscopy ويتم كذلك بأجهزة صغيرة يمكن بوساطتها مشاهدة غشاء الطبل عبر مجرى السمع الظاهر وتشخيص التهابات الأذن الوسطى وانثقاب غشاء الطبل. ـ تنظير المفاصل: arthroscopy الذي ترى به معظم مفاصل الجسم وتشاهد بوساطته سطوح المفاصل وتحدد آفاتها. ـ تنظير الجهاز التناسلي في الإناث: أ ـ تنظير المهبل وعنق الرحم colposcopy يستعمل لهذا منظار خاص يكبر العنق بدرجات متفاوتة أفضلها ×14وترى بذلك الآفات الخمجية والورمية، ويفيد في التوجيه نحو المناطق التي يجب أن تؤخذ منها الخزعات لوضع التشخيص والتأكد منه. ب ـ تنظير باطن الرحم hysteroscopy ويجرى مباشرة (التنظير بالتماس) أو بعد تمديد جوف الرحم بغاز CO2 أو ببعض السوائل (التنظير الشامل)، تفحص به بطانة الرحم وتكشف آفاتها ولاسيما الورمية منها. ج ـ تنظير الملحقات والسطح الخارجي للرحم والحوض ويجرى كتنظير الأحشاء بوجه عام. ـ تنظير الأحشاء: endoscopy هو أكثر ما ينصرف إليه التنظير الطبي وهو السائد حالياً مقدمة لإجراء كثير من المداخلات الجراحية ويُخص لذلك بشيء من التفصيل. يتألف جهاز تنظير الأحشاء من قبضة تحوي أزرار التحكم يليها أنبوب لين يختلف قطره بين 7 و12ملم نهايته قابلة للتحريك باتجاهات مختلفة بوساطة أسلاك معدنية داخل المنظار وتسير في الأنبوب حزمة الخيوط الزجاجية الناقلة للنور من منبع خارجي إلى ساحة العمل، وفي نهاية الأنبوب العدسة الجسمية وفي بدايته العدسة العينية، ويحوي أنبوب المنظار عدا هذا قناتين لا يتعدى قطر كل منها 2 ـ 3ملم تستخدم إحداهما لتمرير الأدوات اللينة التي تستعمل لأخذ الخزعات أو المسحات أو إجراء التخثير. وتستخدم الثانية لسحب المفرزات أو الغازات أو ضخ الهواء أو الماء على العدسة الجسمية لغسلها من المفرزات التي قد تتوضع عليها في أثناء العمل. يعد تنظير الأحشاء عملية ككل العمليات الجراحية لذلك يجب تهيئة المريض الذي سيجرى له التنظير كما يهيأ كل مريض لأية مداخلة جراحية، ولاسيما أن التنظير يجرى تحت التخدير العام. يبدأ العمل بإملاء جوف الصفاق بكمية محدودة من غاز CO2 لإبعاد جدار البطن عن الأحشاء. وسهولة حركة الأدوات ضمن الجوف واختير هذا الغاز لعدم تخريشه وسرعة امتصاصه وعدم قابليته للاشتعال مما يمكن معه استعمال التخثير إذا احتيج إليه. يدخل هذا الغاز بوساطة إبرة تدخل في الثنية السفلية للسرة متصلة بجهاز نفخ آلي يحتفظ بضغط الغاز ثابتاً في البطن. ثم يجرى شق صغير بطول 1سم في المنطقة نفسها يدخل فيه مبزل محاط بغمد لجوف البطن المتمدد بالغاز، وحين التأكد من أن المبزل في جوف الصفاق يسحب من غمده الذي يبقى في مكانه لإدخال جهاز التنظير، يحرك الجهاز باتجاهات مختلفة في أثناء الفحص لرؤية كل الأحشاء واحداً بعد الآخر. ولما كانت الأحشاء متراكبة بعضها فوق بعض ويصعب لذلك رؤية كل وجوهها بسهولة فإنه لابد من استعمال مجس خاص وهو قضيب رفيع وطويل يدخل جوف البطن من فوهة أخرى تُحدث في المكان المناسب من جدار البطن يفيد في تحريك العضو المراد فحصه باتجاهات مختلفة أو إبعاده عن بقية الأعضاء لرؤيته بصورة جيدة، وإذا أريد أخذ خزعة أو إجراء تخثير أو سوى ذلك تدخل الأدوات الخاصة بذلك عن طريق ثقب آخر يجرى على جدار البطن. بعد جني المعلومات المطلوبة من التنظير وإنهاء العمل يسحب المنظار ويفرغ جوف البطن من الغاز عن طريق غمد المنظار نفسه، كما يسحب المرود وما قد يكون أدخل من أدوات، وتخاط أمكنة إدخالها بقطبة أو قطبتين لكل منها ويوضع عليها ضماد طاهر، يرتاح المريض بعد ذلك بضع ساعات ويمكن خروجه من المستشفى بعد صحوه من التخدير ببضع ساعات أو بعد 24 ساعة على أكثر تقدير إن لم تحدث مضاعفة توجب بقاءه مدة أطول. ذلك أن عملية التنظير لا تخلو أحياناً من مضاعفات قد تكون خطرة كتوقف القلب واضطراب التنفس والنزف الناجم عن إصابة المبزل لأحد الأعضاء أو الأوعية الكبيرة أو الصغيرة وكلها مضاعفات نادرة في التنظير المتقن، وهناك عوارض عامة أو موضعية أقل خطراً كاضطراب نظم القلب وزرقة الوجه ودخول الغاز في أثناء الحقن في النسيج الخلوي أو في سمك عضلات جدار البطن ونزف ندبة السرة وحدوث ورم دموي في جدار البطن، وغيرها من العوارض التي يجب الانتباه إليها مباشرة لمعالجتها خشية تطورها تطوراً خطراً.   رائد أبو حرب   الموضوعات ذات الصلة:   ـ التنظيرية (الجراحة ـ).   مراجع للاستزادة:   - JEAN MARC CANARD, THIERRY et LAURENT DALAZZO, Endoscopie (Paris 1955). - PETER COTTON et CHRISTOPHER WILLIAMS, Endoscopie gastro - intestinale pratique (Medsi, Paris 1986).
المزيد »