logo

logo

logo

logo

logo

الورق والسعديات

ورق سعديات

Papers and Cyperaceae - Papiers et Cyperaceae

الورق والسُّعديات

 

الورق paper صحائف من ألياف السلّولوز النباتي المضغوطة. تستخدم في الكتابة والطباعة، وفي الصرّ والتغليف، وفي غايات أخرى كثيرة تراوح بين تصفية الرواسب والشوائب من المحاليل وبين تصنيع أنواع معينة من مواد البناء.

تسمى الورقة الواحدة قرطاساً أو كاغداً كبُر حجمها أو صغر، فإذا استعملت في الكتابة صارت طرساً أو صحيفة. والورق من أُسُس بناء الحضارة الحديثة، ومن نتاجها الصناعي؛ لأن إدخال المكننة على تصنيع الورق بكميات كبيرة بدءاً من القرن السابع عشر إلى جانب الطباعة أتاح المجال لنشر التعليم، ورفع المستوى الثقافي لمختلف المجتمعات في جميع أنحاء العالم.

الشكل (1) نبات البردي

والسُّعديات Cyperaceae فصيلة family نباتات مزهرة وحـيدات الفلقة منسوبة إلى نبات السُّعد sedge (Cyperus)، متفرعـة مـن رتبـة Cyperales التي تضم فصيلة واحـدة و90 جنساً genera ونحو 5000 نوع species من النباتات الشبيهة بالأعشاب، موزعة على جميع القارات خلا القارة المتجمدة الجنوبية Antarctica، غير أن أكثر أجناسها وأنواعها يستوطن المناطق المدارية والمعتدلة الرطبة. ومن سمات هذه النباتات جذعها الصلب الثلاثي المقطع، وأوراقها ـ إن وجدت ـ ذوات أغماد ملتصقة ملتفة حول الجذع، وأزهارها دقيقة تجمعها سنبلة عارية من الورق، يراوح ارتفاع الساق بحسب النوع والجنس بين بضعة سنتمترات وأربعة أمتار، ويخلطون بينها وبين الحشائش والأعشاب على الرغم من الفروق الكبيرة بين هذه وتلك.

السُّعديات ليست من النباتات الاقتصادية ذوات القيمة، فيما عدا بضعة أنواع منها تزرع اليوم للزينة أو للأكل، ومنها نبات البَرَديّ الشهير Cyperus papyrus، وكذلك بعض أنواع السُعادي Carex والأسل Scleria، وسعد الحصر (الديس في الشام والسمارة في مصر) Cyperus alopecuroides (mat sedge) وحب العزيز (حب الزلم) Cyperus esculentus.

الشكل (2) من الوثائق القديمة المحفوظة على ورق البردي

أما البردي ـ ويعرف كذلك باسم بابير وقصب الورق paper reed ـ فله أهمية تاريخية وشهرة عالمية، ومن اسمه اشتقت كلمة paper الإنكليزية وpapier الفرنسية؛ إذ كان هذا النبات المادة الأولى في صناعة الورق ومواد الكتابة في حضارات العالم القديم ولاسيما مصر القديمة، وكان يزرع في دلتا نهر النيل، وينمو اليوم في أعالي مصر والحبشة ووادي نهر الأردن وفي صقلية. وهو نبات جذموري rhizome عطري معمر من فصيلة السعديات، منبته مناقع البلاد الحارة، جذموره خشبي زاحف، وسوقه مستقيمة عفية عارية يراوح ارتفاعها بين متر وثلاثة أمتار وقطرها بين 4ـ7سم، تكلل هامتها أزهار قرصية على شكل سنابل متساقطة وثماني ورقات ملتفة.

كان المصريون القدماء يستفيدون من مختلف أجزاء نبات البردي، فيصنعون منها الثياب والقوارب والصواري والأشرعة والحبال، وحتى أكاليل الرأس. ويستعملون جذوره حطباً، ويأكلون لب سوقه بعد سلقها، ويصنعون من لحائها ورق البردي الشهير. فكانوا يقطعون الساق شرائح رقيقة ويصفونها طولياً، ثم يصفون فوقها طبقة أخرى عرضياً، ويرطبونها بالماء ويضغطونها ثم يجففونها ويدعكونها بعظم العاج الأملس أو بقوقعة صدف ملساء. وكانت أبعاد قرطاس البردي تراوح بين 12.5×22.5سم و 22.5× 37.5سم. وكانت القراطيس يجمع بعضها إلى بعض في لفافة يراوح طولها بين 6ـ9م. وتعود أقدم الوثائق المحفوظة على ورق البردي إلى عصر الأسرة الثامنة عشرة في مصر القديمة؛ أي نحو عام 1800 قبل الميلاد. وقد عرف اليونان ورق البردي واستعملوه في كتاباتهم حتى القرن الرابع للميلاد، واستعمله الرومان والفرس والعرب حتى طغى استعمال الرقوق ثم الورق المعروف. ومع ذلك فقد ظل ورق البردي مستعملاً في الوثائق الرسمية والخاصة حتى القرن التاسع للميلاد.

لمحة تاريخية عن صناعة الورق

تشير الدراسات التراثية إلى أن أول من صنع الورق العادي ـ على النحو المعروف اليوم ـ هو خصي صيني يدعى تساي لون Ts’ai lun كان موظفاً في بلاط الامبراطور الصيني هو تي Ho Ti (حكم 89 ـ 105م) من سلالة هان الجنوبية. والأرجح أنه استعمل في صنعه لحاء شجر التوت بعد أن نقعه في قالب من الخيزران. أما أقدم ورق مصنوع من الخرق البالية ـ مازال محفوظاً إلى اليوم ـ فيعود إلى سنة 150م. وقد ظل فن صناعة الورق حكراً على الصين نحو خمسة قرون. ودخلت هذه الصناعة اليابان في عام 610م، وأخذها العرب عن أسرى صينيين في أوائل القرن الثاني للهجرة/الثامن الميلادي فطوروها وتحولت إلى مهنة مادتها الأولية الأسمال والخرق البالية، وعُرف ممتهنوها باسم الوراقين وكانت مهنتهم رائجة، وبرز منهم علماء وفقهاء ونسّاخون وخطّاطون شهيرون. وكانت لهم أحياء خاصة في بغداد ودمشق والقاهرة وفاس. وقد اشتهرت بلاد الشام ومصر خاصة بصناعة أجود أنواع الورق، وانتقلت هذه الصنعة منهما إلى الأندلس، وانتقلت عن طريق بلاد الشام والأندلس إلى أوربا. وأول مصنع للورق عرفه الأوربيون تأسس في إسبانيا المسيحية عام 1150م.

الشكل (3) صنع الورق يدوياً

ظلت صناعة الورق مهنة يدوية عدة قرون (الشكل 3)، ومع استخدام الحروف المنفصلة في طباعة الكتب في أواسط القرن الخامس عشر ازداد الطلب على الورق. وتأسس أول مصنع للورق في بريطانيا عام 1495، وفي أمريكا عام 1690.

مع ازدياد الطلب على الخرق والأسمال البالية التي كانت المادة الأساسية الوحيدة المقبولة لدى صناع الورق في القرنين السابع عشر والثامن عشر؛ غدا الحصول عليها صعباً وارتفعت أثمانها، وكان ذلك حافزاً للبحث عن بدائل لها. وفي الوقت نفسه سعى الوراقون إلى التخفيف من تكلفة الورق بإدخال الآلة بدلاً من القولبة اليدوية، وأول مكنة عملية دخلت صناعة الورق كانت من تصميم المخترع الفرنسي نقولا لويس روبرت Nicholas Louis Robert عام 1798. و قد تولى اثنان من معلمي الصنعة الإنكليزـ بتمويل من الأخوين هنري وسيلي فوردرينيير Henry & Sealy Fourdrinierـ تطوير ذلك الاختراع، وصنعا في عام 1803 مكنة لتصنيع الورق ما تزال نماذجها تستخدم إلى اليوم وتحمل اسمهما (الشكل 4). كذلك تم حل معضلة صنع الورق من خامات رخيصة الثمن بصنع عجينة الورق من لب الشجر المهروس والمطحون في عام 1840، ثم صنع العجينة المعالجة كيمياوياً بعد ذلك بعشر سنوات.

صنع الورق يدوياً

ظلت العمليات الأساسية المتبعة في صناعة الورق على حالها من غير تبديل أكثر من ألفي عام. و تتألف من مرحلتين:

ـ تفتيت المادة الخام في الماء وتركها تتحلل للحصول على معلق يحوي أليافاً مفككة.

ـ تشكيل طبقة (صحفة) من لَبَد الألياف بتوزيع السائل المعلق توزيعاً متساوياً على سطح مسامي نَفوذ ليرشح منه الماء.

في حال صنع الورق يدوياً توضع المادة الخام ـ من قش أو ورق شجر أو لحاء أو خرق وأسمال بالية أو أي مواد ذوات ألياف ـ في جرن أو حوض وتغسل في بادئ الأمر بماء جارٍ للتخلص من الشوائب والأقذار، ثم يغلق الحوض وتدق تلك المواد وتهرس بمدقة أو مطرقة ثقيلة لفصل الألياف بعضها عن بعض وتترك منقوعة في الماء من دون تبديله حتى يصبح السائل المعلق ـ ويسمى عجينة الورق ـ جاهزاً للتصنيع.

أما الأداة الرئيسية المستخدمة في صنع الورق هنا فهي القالب mold، ويتألف من منخل أو غربال معدني مربع أو مستطيل ناعم الثقوب من دون حواف يدعى قالب الحبكة wove pattern، أو شبكة منسوجة من أسلاك معدنية متباعدة يدعى قالب الترقيد laid pattern، والورق المصنوع يدوياً من دون عمليات تشطيب نهائية أو معالجة تالية يأخذ سمة القالب الذي صنع فيه.

يوضع حول القالب إطار خشبي غير مرتفع قابل للفك يسمى الحتار deckle. يغطِس الورّاق القالب والحتار في الحوض الحاوي على خامة الورق ثم يرفعه منه وقد غطت سطحه طبقة رقيقة من الألياف المنقوعة بالماء. يهز العامل القالب إلى الأمام والخلف، ومن الجانب إلى الجانب، حتى يرشح القسم الأكبر من الماء من ثقوب القالب وتتوزع الألياف على سطحه بالتساوي وتتشابك ويتماسك بعضها مع بعض، وهذا ما يمنح القرطاس متانة ومقاومة. بعد ذلك يترك القالب وما فيه جانبا حتى يصفّى منه الماء ويتماسك الورق الرطب تماما بحيث يمكن نزع الحتار عنه بسهولة.

بعد نزع الحتار يقلب القالب على وجهه ثم يرفع، ويترك قرطاس الورق يسقط بهدوء على سطح قطعة لباد صوفي. تمد فوق القرطاس قطعة لباد أخرى، ويوضع قرطاس جديد وهكذا. تكرر هذه العملية، التي تسمى رصّ الورق حتى تتكون كومة من القراطيس يتخللها اللباد. توضع الكومة بين صفحتي مكبس هيدروليكي وتعصر بشدة (قد تصل شدة الضغط إلى مئة طن أو أكثر) لطرد ما تبقى من الماء في الورق، ثم تفصل القراطيس عن اللباد، وتكرر العملية عدة مرات مع تبديل وضعية طبقات الورق بعضها إلى بعض في كل مرة لتحسين صفحة الورق وتجويده في اللمسات الأخيرة. وبعد الانتهاء من ذلك كله تبدأ المرحلة الأخيرة من صنع الورق، وهي التجفيف؛ إذ تعلق القراطيس في مجموعات من أربعة قراطيس إلى خمسة على حبال في غرفة تجفيف خاصة حتى تزول كل رطوبة فيها بالتبخر.

يحتاج الورق الذي يستخدم في الكتابة أو الطباعة باستعمال الأحبار إلى معالجة إضافية بعد التجفيف، ومن دونها سوف يمتص الورق الحبر فيفشو فيه. وتتلخص هذه المعالجة بتغرية الورق بغمسه في محلول صمغ حيواني و تجفيفه من جديد، ثم ضغطه بين صفيحتين من المعدن الأملس أو الكرتون الصقيل. تحدد قوة الضغط ومدته نوعية سطح قراطيس الورق. فيضغط الورق الخشن الملمس ضغطاً خفيفاً ولمدة قصيرة نسبياً، ويضغط الورق الأملس السطح ضغطاً شديداً ولمدة أطول.

صناعة الورق آلياً

الشكل (4) مكنة تصنيع الورق من طراز فوردرينيير

مع أن العمليات الأساسية في صناعة الورق آلياً شبيهة بتلك المتبعة يدوياً فإن مكنات صناعة الورق أكثر تعقيداً مما ذكر سابقاً. والخطوة الأولى في صناعة الورق آلياً هي تحضير خامة الورق، والمواد الخام الرئيسية المستعملة اليوم في هذه الصناعة هي خرق القطن أو الكتان ولب الخشب. وأكثر من 95% من الورق الذي يصنع حالياً من سلّولوز الخشب وخاصة من أنواع الصنوبريات. والورق الرخيص الثمن من الدرجات الدنياـ مثل ورق الجرائد ـ يصنع من لب الخشب المشروح والمطحون (المعالج ميكانيكياً) فقط، أما الورق الأعلى درجة فيصنع من لب الخشب المعالج كيمياوياً (تزال من اللب المواد غير المرغوب فيها كيمياوياً) أو من مزيج من لب الخشب وألياف الخرق البالية، أما الورق الممتاز ـ مثل ورق الكتابة الفاخر العالي الجودة ـ فيصنع من ألياف الخرق البالية فقط.

تغسل الخرق في أول الأمر للتخلص من الغبار والمواد الغريبة، ثم تطبخ بالماء مع الكلس في غلاّية boiler كبيرة دوارة تحت ضغط البخار بضع ساعات، فيتحد الكلس مع الدهون والأقذار والشوائب الأخرى العالقة بها ويكوّن معها أصبنة لا تنحل بالماء ويمكن التخلص منها في عملية لاحقة. وفي الوقت نفسه تبهت الأصبغة الملونة وتزول ألوانها. بعد عملية الطبخ تنقل الخرق إلى مكنة تسمى «الخلاّط» beater، أو هولندر Hollander (نسبة إلى أول من صنعها). وهي على شكل أنبوب طويل كبير القطر مقسم طولياً بحيث يبدو على شكل قناة تحيط بالأنبوب، وفي النصف الأول منه أسطوانة أفقية مجهزة بسكاكين تدور بسرعة بالقرب من قعر الأنبوب المزود بسكاكين أيضاً. يمر مزيج الخرق والماء بين الأسطوانة والقعر فتتمزق الخرق وتتفتت إلى ألياف. وفي النصف الثاني من الأنبوب أسطوانة غسيل مجوفة تكسوها شبكة ناعمة تصفي الماء وتحجز الألياف وبقايا الخرق التي تزداد نعومة وتفككاً مع تقدمها في داخل الأنبوب، فلا يتبقى سوى الألياف. وفي هذه المرحلة أيضاً يتم التخلص من الأوساخ المتصبنة. تنتقل الخامة بعد ذلك إلى خلاّط آخر لتفتيت الألياف وتقطيعها أكثر فأكثر، وعند هذه النقطة يضاف إلى الخامة مادة ملونة وغراء مثل القلفونة أو الصمغ، ومادة مالئة مثل كبريتات الكلس أو الكاؤلين Kaolin؛ لإعطاء الورق في خاتمة المطاف الوزن والملمس الناعم. يتألف الخلاط الثاني من مخروط ثابت مجهز بسكاكين داخلية، وفيه مخروط آخر دوار مجهز بسكاكين خارجية، تمر العجينة الخام بين مجموعتي السكاكين في المخروطين،ُ ويمكن ضبط تباعد المخروطين أحدهما عن الآخر بحسب الدقة المرغوبة في الألياف.

أما تحضير عجينة الورق من لب الخشب فيتم بطريقتين مختلفتين. فإما أن تعالج شرائح الخشب كيمياوياً في محاليل تبقي على ألياف السلّولوز وتذيب المواد الراتنجية والخشبين lignin للتخلص منها، وإما بطحن الخشب ميكانيكياً بحجر طاحون يدور بسرعة فيمزق أليافه. ففي الطريقة الأولى يُطبخ الخشب أو يُهضم تحت ضغط البخار في مذيبات مختلفة أقدمها محلول الصودا الكاوية (هيدروكسيد الصوديوم) الذي استعمل منذ عام 1851 وما يزال يستعمل، وتدعى هذه العملية المعالجة بالصودا، والألياف الناتجة منها غير متينة ولكنها تمزج مع ألياف من خامات أخرى. ويميل صُنَّاع الورق اليوم إلى استعمال مذيب آخر هو كبريتات الصوديوم sodium sulfate أو كبريتات المغنيزيوم magnesium sulfate.

أما الطريقة الثانية ـ وتدعى الطريقة الميكانيكية ـ فتستعمل الألياف الناتجة منها في صنع ورق الجرائد الرخيص أو «الورق البطال»، أو تمزج مع أنواع أخرى من ألياف الخشب لإنتاج ورق من النوع الممتاز. وللحصول على ورق أبيض وتخليص العجينة من الخشبين الذي يعطيها لوناً بنياً غير مرغوب فيه كانت مصانع الورق تلجأ إلى تبييض العجينة بمواد كيمياوية مثل الكلورين، غير أن الكلورين المستعمل في التبييض ينتج مركّباً يدعى ديوكسين dioxin، وهو مادة مسرطنة carcinogen. وفي عام 1998 عممت وكالة حماية البيئة الأمريكية نشرة حول قواعد صناعة الورق وعجينته تحرم فيها استعمال الكلورين في عمليات التبييض بدءاً من عام 2001، وتطلب من الشركات الصانعة للورق استعمال بديل مأمون مثل ثاني أكسيد الكلورين (CLO2) chlorine dioxide أو هيدروكسيد الصوديوم sodium hydroxide.

يصنع معظم الورق اليوم في مكنات فوردرنيير، وأساسها بساط سائر لا نهائي يتحرك أفقياً ويتألف من شبكة دقيقة من أسلاك معدنية. ينصب سيل عجينة الورق المميعة على سطح البساط المتحرك مروراً بعدد من الدحاريج الأسطوانية الدوارة وينضغط فيرشح الماء منه وينسكب في مجمع خشبي ضحل تحت البساط. يُجمع هذا الماء ويُعاد مزجه مع العجينة لاستخلاص ما رشح من ألياف فيه. ويُحصر توزع رقاقة العجينة الرطبة على البساط بوساطة حتارين متحركين على جانبيه. وثمة مضخات ماصة للهواء تحت البساط تساعد على تجفيف لبد الورق بسرعة، في حين يميل البساط نفسه من جانب إلى آخر بالتبادل ليساعد على تلبيد الألياف. وفي أثناء مسير الورق على طول البساط يمر تحت أسطوانة دوارة تدعى «الغندورة» dandy roll، على سطحها شبكة أسلاك أو أسلاك مفردة تضفي على الورق سمته. كذلك يحمل سطح الأسطوانة كلمات أو علامات تسم الورق وتعطيه علامته المائية watermark التي تبين درجته واسم صانعه. والورق المصنوع يدوياً يحمل كذلك علامة مائية مثبتة على القالب.

عندما يقترب البساط من نهاية المكنة يمر بين أسطوانتين مغلفتين باللباد تهصرانه لطرد ما تبقى من الماء وزيادة تماسك الألياف ومنح الورق متانة تسمح له بمتابعة مسيره في المكنة من دون البساط. يتابع شريط الورق بعد الأسطوانتين طريقه على بساط جديد من قماش مارّاً خلال أسطوانتي ضغط معدنيتين تضفيان على وجهي الورق سطحين أملسين ليأخذ شكله النهائي. بعد ذلك يمر شريط الورق بين سلسلة أسطوانات ساخنة حتى يجف تماماً.

في الخطوة التالية يتم صقل الورق بضغطه بين أسطوانتين باردتين صقيلتين. وفي نهاية المكنة يمر شريط الورق بين سكينين دوارتين على الجانبين لتشذيب أطرافه ثم يلف على بكرات ويصدّر إذا كان معداً للطباعة المستمرة، أو يقطع إلى قراطيس بمقاييس محددة عالمياً.

أما الورق المعد للاستعمالات الخاصة فيتطلب معالجة إضافية؛ إذ يخضع الورق الصقيل جداً لعمليات صقل وتلميع إضافية تحت ضغط كبير جداً بين أسطوانات معدنية صقيلة مغلفة بالورق. ويعالج الورق المشمع ـ مثل المستعمل في الطباعة الملونة ـ بغراء من الصلصال أو الصمغ ثم يصقل.

تتنوع مكنات صنع الورق بحسب نوعيته والغاية منه، ويجري باستمرار إدخال تحسينات على معدات تحضير عجينة الورق وصنعه. وهناك مكنات أسطوانية أقل تعقيداً من مكنة فوردرنيير لصنع الورق وخاصة الورق المقوى وورق التغليف وورق الزبدة وغيره. ومن الورق ما يصنع على مكنات تتألف من أسطوانة واحدة محماة بالبخار كالورق الصحي وغيره.

ورق الألياف الصنعية

في عام 1955 تم صنع الورق من ألياف النايلون nylon والبوليستر (الداكرون Dacron والدينل Dynel) والأكريليك (الأورلون Orlon والكرسلان Creslan والأكريلان Acrilan) ومن ألياف الزجاج أيضاً، كما صنع الورق من خلائط من هذه الألياف مع عجينة الخشب [ر: اللدائن]. تنتج مثل هذا الورق المكنات التقليدية، ويمكن أن يصنّع بأشكال متنوعة من حيث المظهر والمواصفات، بدءاً من الورق الهش المشابه للورق العادي حتى الورق الشديد المتانة الشبيه بالقماش المنسوج، غير أن تكاليف إنتاجه تزيد من 4 إلى 6 أضعاف على تكاليف الورق العادي. لذلك يقتصر استخدامه بسبب خصائصه الفريدة على تطبيقات معينة لا يصلح لها الورق العادي وتسوغ تكاليفه، كالورق المستخدم في العزل الكهربائي وفي التصفية والترشيح وفي معدات التكييف، وشرائط التسجيل وقماش الأحذية وبطائن الملابس، ولاسيما أن الألياف الصنعية تفتقر إلى الخصائص الرابطة لألياف السلّولوز التي تتماسك ويلتصق بعضها مع بعض عندما تجف. ومن ثم لابد من مرحلة إضافية عند معالجة الألياف الصنعية بإضافة بعض الروابط والمواد اللاصقة. وثمة شبه مميز بين ورق الألياف الصنعية والقماش غير المنسوج[ر] واللبّاد[ر].

مقاييس الورق

 

المنظومة المترية

المنظومة الإنكليزية

السلسلة التقليدية

قرطاس قطع كبير

419 × 533مم

2/1 161× 21 إنش

قرطاس قطع نصف

444 × 572مم

2/1 17 × 22.5 إنش

قرطاس قطع متوسط

457 × 584مم

18  × 23  إنش

قرطاس قطع ملكي

508 × 635مم

20  ×  25 إنش

قرطاس تاج مضاعف

508 × 672مم

20  × 30  إنش

سلسلة القياس آ  A (كتب ومجلات وقرطاسية)

آ0       A0

841 × 1189مم

8/1 33 × 4/3 46 إنش

آ1       A1

594 × 841مم

8/3 23 × 8/1 33  إنش

آ2        A2

420 × 594مم

2/1 16 × 8/3 23  إنش

آ3         A3

297 × 420مم

4/3 11 × 2/1 16  إنش

آ4         A4

210 × 297مم

4/1 8 × 4/3 11  إنش

آ5         A5

148 × 210مم

8/7 5 × 4/1 8  إنش

سلسلة الملصقات (إعلانات ومنشورات وغيرها)

ب 0    B0

1414 × 1000مم

8/5 55 × 8/3 39 إنش

ب1     B1

1000 × 707مم

8/3 39× 8/7 27 إنش

ب2     B2

707  × 500مم

8/7 27× 8/5 19  إنش

ب3     B3

500 × 353مم

8/5 19 × 8/7 13 إنش

ب4     B4

353 × 250مم

8/7 13× 8/7 9إنش

ب5     B5

250 × 176مم

8/7 9 ×  7    إنش

السلسلة س (الغلف)

س4     C4

324 × 229مم

4/ 3 12 × 9   إنش

س5     C5

229 × 162مم

9  ×  8/3 6   إنش

س6     C6

162 × 114مم

8/3 6 × 2/1 4 إنش

دل       DL

220 × 110مم

8/5 8 × 8/3 4 إنش

يستخدم الورق و«الكرتون» (الورق المقوى) بأشكال مختلفة جداً، وتختلف مواصفاتهما وخصائصهما اختلافاً كبيراً. وتتم معرفة نوعية الورق والفروق في مواصفاته بالاستناد إلى اختبارات قياسية عالمية تحددها غالباً المؤسسات الصناعية والهندسية في البلاد المنتجة للورق.

الوزن الأساسي للورق هو وزن مادته في وحدة المساحة، وهو أحد المواصفات الرئيسية للمنتجات الورقية والكرتونية. فمنذ بدأ استخدام الورق في الطباعة جرى التقليد على أن يباع في «مواعين» بمقاييس نظامية. وكان الماعون يشتمل على 480 قرطاساً (أي عشرين رزمة في كل منها 24 قرطاساً)، غير أن الشائع اليوم أن يكون الماعون 500 قرطاس (طبق)، أما ماعون ورق الرسم والورق المصنع يدوياً فيشتمل على 472 قرطاساً. ويباع ورق الكتب وورق الصحف المعدّ للطباعة المسطحة flat-plate printing [ر: الطباعة] في مواعين تشتمل على 516 قرطاساً. وورق الكتب الأكثر شيوعاً هو من قياس قطع الثُّمْن  octavo  ت(112×168)سم، أما ورق الصحف المعدّ للطباعة الدوارة rotary-press printing فيباع في لفافات مختلفة الحجوم. واللفافة القياسية من ورق الصحف التي تستعمل في دور النشر الكبرى في أوربا وأمريكا هي بعرض 168سم، ووزنها نحو 725كغ. ولما كانت الطباعة تستهلك ورقاً من قياسات مختلفة فإن لمواعين الورق أوزاناً مختلفة تحسب انطلاقاً من الوزن الأساسي. وهناك جداول خاصة تحدد أوزان بعض أنواع الورق الأكثر شيوعاً.

لحساب الوزن الأساسي يحسب ما يكافئ عينة الورق في الشروط النظامية (في درجة حرارة 24 ْم و50% رطوبة). ولما كانت نوعية الورق تتبدل وفق محتواها من الرطوبة فيجب أن تتم كل الاختبارات في شروط نظامية. و يجب ألا تقل العينة عن عشرة قراطيس ولا تقل مساحتها الإجمالية عن 600سم2.

يقاس عيار الورق (سمكه) والكرتون بأجزاء الميليمتر أو البوصة بإخضاع قرطاس مفرد لضغط ثابت يراوح بين 0.49 و0.63كغ على 1سم2 بين سطحين مستويين دائريين ومتوازيين مساحة أصغرهما 1.6سم2 (0.25 بوصة مربعة).

تحسب كثافة الورق أو وزنه النوعي بالاستناد إلى وزنه الأساسي وعياره، وتختلف الكثافة اختلافاً كبيراً بحسب نوعية الـورق. فالـورق الصقيل جـداً glassine ـ على سبيل المثال ـ يزن السنتيمتر المكعب الواحد 1.4غ، أما الكرتون المحشو المستعمل في تعليب المواد القابلة للكسر فيزن السنتيمتر المكعب 0.1غ فقط. ويراوح الوزن النوعي لمعظم الورق العادي بين 0.5 و0.7غ للسنتيمتر المكعب.

متانة الورق وديمومته

إن متانة الورق ومقاومته للتمزق عند تعرضه للضغوط المختلفة صفة مهمة على اختلاف درجاته. ويفترض أن يتوافر في معظم أنواع الورق حد أدنى من المتانة كي يصمد بما يكفي للتداول ولو لم تكن حالات استعماله شديدة. كما يجب أن يكون الورق متيناً بما يكفي لتداوله في أثناء التصنيع؛ إذ يجب أن يكون مقاوماً لإجـهاد الشد؛ أي الشد الطولي الأقصى الذي تتحمله قطعة الـورق قبل أن تتمزق، ويُعبر عنه بالقـوة في واحـدة العرض لعينة الورق قيد الاختبار. ولأن وزن الورقة ـ العيّنة وعرضها يؤثران في شدة التمزق؛ فإن الطريقة التقليدية لمعرفة متانة الورق هي نقطة الانفصام الطولي؛ بمعنى طول شريط الورق الذي يبقى متماسكاً وحده قبل أن يتمزق مقدراً بالأمتار. وتراوح هذه الأطوال ما بين 50م لورق «المحارم» اللين الناعم جداً، و800م لورق الصرّ القوي المعدّ لصنع الأكياس، ونحو 1400م لقراطيس الورق المصنوع في شروط مخبرية خاصة.

ولما كان ورق «المحارم» والورق الصحي وورق التصفية معرضاً بطبيعة الحال للبلل بالماء؛ فإن مقاومة البلل تحتل مكانة مهمة، واختبار عينات هذه الأنواع من الورق هنا مماثل لاختبارها جافة، فيما عدا ترطيب العينة، والورق غير المعدّ لتحمل الرطوبة يقاوم في حال بلله التام بنسبة 4ـ 8% من حالته الجافة. ولدى معالجة ذلك الورق معالجة خاصة يمكن زيادة مقاومته عند البلل إلى نحو 40% من قوة الورق الجاف.

ومن أقدم طرائق اختبار متانة الورق المطبقة على نطاق واسع ما يعرف باختبار التفجير، أو اختبار مولن Mullen test، وخلاصته تسليط ضغط هيدروستاتي (بإطلاق سائل في وضع الراحة) يتسبب في تمزق مساحة دائرية من العينة محددة القطر. وهناك أيضاً اختبارات قياسية أخرى للمتانة منها اختبار مقاومة التمزق وتحمّل الطي وغيرها.

إن مقاومة الورق للحني بديهية في مختلف عمليات تصنيعه واستخداماته المختلفة. ويراوح مدى هذه الخاصة بين الورق الناعم واللين جداً والورق المقوى والكرتون القاسي. وكلما ازداد سمك الورق ووزنه ازداد جساءة، في حين تكون قراطيس الورق اللين والناعم رقيقة وخفيفة الوزن. وثمة فروق لا بأس بها في الجساءة حتى لو تساوى الورق وزناً بسبب تراص أليافه بالدرجة الأولى و بسبب كمية المواد الرابطة في الورقة.

ولما كان الورق مشكلاً من طبقة من الألياف ملبّدة عشوائياً فإن لبُنيته مسامَّ من درجات مختلفة. ومن ثمّ فإن قدرة السوائل والغازات على التسرب من خلال بنيته تُعدّ من الخصائص المميزة فيما يتصل باستخدام الورق وإمكانية تنويعه صناعياً إلى درجة كبيرة. وقد سبقت الإشارة إلى تغرية الورق بمواد نباتية ومواد شبيهة بالراتنجات.

عندما بُدِء باستخدام الورق في الصرّ طالب الزبائن بمعالجة الورق بالغراء لحماية محتويات الرزمة من فعل الموائع ومنعها من التسرب من خلاله، وقد يُطلب أن يكون الورق في بعض الحالات كتيماً تماماً. ومن ناحية أخرى هناك حاجة كذلك إلى ورق ماص لمسح السوائل وتشربها أو تصفيتها أو للنقع، ومن ثم كان هناك طلب على ورق عالي القدرة على امتصاص الماء والموائع الأخرى ونفوذها منه.

قد يُحتاج إلى بعض ورق الصرّ المقاوم لتسرب الشحوم والزيوت، ومن ثم يمكن زيادة مقاومة الورق المانع لتسرب الماء بمعالجة أليافه بمواد لا تقبل الماء ولا تؤثر كثيراً في مساميته، ولا تتأثر بالزيوت، غير أن مقاومة الورق للزيوت والشحوم تتحقق فعلاً بإنقاص مساميته. والورق المقاوم للزيوت يصنع من ضرب (خفق) لب الخشب المميّع لتفتيته إلى درجة ناعمة جداً؛ مما يزيد في كثافة الورقة وتقليص الفراغات فيها إلى درجة كبيرة. أما الورق الماص وورق التصفية فيصنع من ألياف ضربت ضرباً خفيفاً، ولما كان السلّولوز ماصاً للرطوبة بطبيعته فإن الورق الماص لا يحوي إلا قليلاً من المواد الأجنبية المتداخلة مع أليافه. وتحتل راتنجات الخشب التي قد توجد في اللب مكانة مهمة؛ لأنها تتميز بفعل الالتصاق ذاتياً مع تقدمها في العمر.

خصائص الورق الضوئية

خصائص الورق الضوئية هي صفاؤه ولونه وصفاقته ولمعانه. ويقصد بصفاء الورق brightness درجة عكس الورق والكرتون الأبيض أو القريب من الأبيض للضوء الأزرق من ألوان الطيف. ويقاس هذا الانعكاس بأداة تسلط على الورق ضوءاً طول موجته 457 μ (ميكرون) بزاوية إسقاط في حدود 45 ْ. إن قياس صفاء الورق بهذه الطريقة يمكِّن من تقدير البياض النسبي للورق تقديراً موضوعياً.

أما الصفاقة opacity فلها أهميتها الخاصة في الورق المعد للطباعة وللكتابة. ويوصف الورق بأنه صفيق إن لم تستشف الصورة المطبوعة على وجه الصفحة من الخلف (التجلية)، أو كان استشفافها قليلاً. وتتحقق الصفاقة المقبولة بإضافة خضاب معدني أبيض إلى عجينة الورق، أو بإلباس سطح الورق بها في العمليات الختامية.

  وأما الصقالة gloss فمن صفات سطح الورق الأساسية، وتحدد درجاته من حيث الصقل finish والنعومة smoothness والإبهار glare. ويستدل على درجة نعومة الورق بخلو سطحه من الشوائب التي تمنحه ملمساً أو منظراً خشناً. أما الصقالة فتمنح سطح الورق منظراً جميلاً مقبولاً، في حين يعكس سطح الورق اللماع النور بكثافة تبهر العين وتزعج الرائي. ويتم قياس درجة صقل الورق بنسبة انعكاس الضوء الساقط على سطح الورق بزاوية صغيرة تساوي 15 درجة (75 درجة عن الضوء العمودي).

درجات الورق

أ ـ ورق الوثائق: يفترض أن تتوافر في ورق الوثائق الجساءة والمتانة والصفاقة والنظافة والألوان الفاتحة، وإمكانية تداوله أكثر من مرة، ومقاومته لتشرب الحبر وتفشيه فيه. وهناك مجموعتان من ورق الوثائق: المصنوع من عجينة تحتوي على الخرق البالية، والمصنوع من عجينة الخشب الكيمياوية. والنوع الأول يحتوي على 25ـ100% من ألياف القطن، وينحصر استعماله الرئيسي في الأوراق الرسمية (المروَّسة باسم الشركة أو المؤسسة) والإعلانات والدعاية والعقود و الأحكام والسندات والبيانات وأوراق النقد والشهادات و«بوالص» التأمين وغيرها من الوثائق الرسمية والقانونية.

ب ـ ورق الكتب: يصنع معظم ورق الكتب من أخلاط مختلفة لعجينة الورق الكيمياوية، وقد تستعمل لدرجات الورق الرخيص الثمن عجينة الخشب المطحون والعجينة نصف الكيمياوية، وكذلك فضلات الورق المستعمل المزال حبره. وإضافة إلى لب الخشب يعالج ورق الكتب بمختلف أنواع الغراء والمواد المالئة والصباغ.

ينتـج ورق الكتب غيـر المطلي uncoated في أربعة أنـواع: 1ـ المعتق antique أو قشرة البيض  2 ،eggshell ـ المصقول ميكانيكياً machine finish (MF)،  ـ3ـ المصقول على الطريقة الإنكليزية 4  ،English finish (EF) ـ الصقيل جداً supercalendered. فالمعتق أكثر الورق خشونة ملمس، ويصنع من لب الخشب الخشن، من نوع عجينة الصودا، ولا يطحن إلا قليلاً عند التحضير، و كذلك صقله قليل بالضغط بين مدرجتين أسطوانيتين لإعطاء السطح ملاسة مقبولة مع المحافظة على مظهره المعتق الشبيه بملمس قشرة البيضة. أما المصقول ميكانيكياً فله سطح أملس نسبياً نتيجة مروره بين أسطوانات صقل لدى تجفيفه في نهاية مكنة التصنيع. ويستعمل عادة لطبع الكتب و«الكاتالوغات» والمصورات والدوريات وغيرها، ويمكن أن يستعمل في الطباعة الملونة بدقة لا تزيد على 100 خط في الشاشة. أما المصقول على الطريقة الإنكليزية فأعلى درجة من سابقه؛ إذ يتعرض لطحن أنعم عند تحضير العجينة، ولضغط أكبر مع نسبة رطوبة أعلى بين أسطوانات مكنة الصقل. وأما الصقيل جداً فهو أكثر الورق نعومة ملمس من دون طلي سطحه، ويتم الحصول عليه في عمليات صقل خاصة بعد أن يخرج الورق من مكنة التصنيع، حيث يضغط بين مجموعات من أسطوانات كيٍّ متتابعة ومدارج من ألياف مضغوطة، ويستعمل لطبع الكتب والمنشورات والمجلات التي تتطلب طباعة ملونة متقنة في نحو 100 إلى 120 خط في الشاشة.

ينتج ورق الكتب المطلي للحصول على سطح مناسب للطباعة الملونة الدقيقة الشاشة؛ إذ يجب أن يكون هذا الورق مصقول السطح بشكل متساو تماماً وقابلاً لتشرب الحبر ونصف لماع وقابلاً للطي من دون أن يتكسر.

أما الورق المعروف بورق المصحف أو ورق الكتاب المقدس Bible paper فقد طور بحيث يكون رقيقاً خفيف الوزن متيناً صفيقاً لا يشف، ويصلح للكتب الخاصة الكبيرة الحجم كالمصاحف والكتب المقدسة والمعاجم والموسوعات. يخضب ورق المصحف بخضاب من قبيل ثاني أكسيد التيتانيوم titanium dioxide وسلفات الباريوم barium sulfate، ويحتوي على ألياف طويلة وعناصر رابطة صنعية تمنحه المتانة.

ج ـ البريستول: يطلق اسم البريستول على نوع من الورق الثقيل الجاسئ، ويراوح سمكه بين 0.15مم فأكثر. ويصنع من مزائج لبّ الخشب الكيميائية بنسب مختلفة، ويتم هرس الخامة بدرجة متوسطة ويغرّى جيداً ليمنع أي تسرب للموائع. وقد ازداد الاهتمام بورق البريستول في السنوات الأخيرة لاستعماله في البطاقات المثقبة المستخدمة في مكنات الجدولة والفرز.

د ـ ورق الجرائد والورق البطال: لورق الجرائد درجات كثيرة، وهو ورق طباعي يحتوي على كميات مختلفة من لب الخشب المطحون مع نسبة ضئيلة من لب الخشب الكيمياوي لزيادة متانته وديمومته. وقد ظلت الصحف سنوات كثيرة تعتمد على الورق المصنوع من لب الخشب المطحون، غير أنه بعد التحسينات التي طرأت مؤخراً على عمليات العجن وعلى عمليات تبييض العجينة ظهرت أصناف متعددة من ورق الطباعة الصالح للاستخدام في أشغال شتى، مثل المجلات وغُلُف الكتب والكراريس و«الكتالوغات» ونشرات الاستعمال ومختلف المطبوعات التجارية التي تستهلك كميات كبيرة من الورق.

أما الورق البطال فهو ورق صفيق إلى درجة كبيرة ويتميز بسطحه المستوي المتماثل وتشربه لحبر الطباعة وكتلته الكبيرة نسبياً، غير أنه غير ناصع البياض ويميل إلى الصفرة حين يتعرض للضوء مدة طويلة.

هـ ـ ورق الصرّ: هو ورق ثقيل يستخدم في صنع الأكياس وبحجوم كبيرة، ويصنع من لب الخشب الطري، خشب الصنوبر غالباً، ومن دون تبييض. ويتميز بمتانته ومقاومته للرطوبة لأنه يشرب بالغراء أو بمواد راتنجية خاصة. وتستعمل أكياس أو براميل ورق الصر المتعددة الطبقات لشحن المواد الكبيرة الكتلة.

و ـ الـورق المقوى و«الكرتـون» paperboards : يطلـق اسم الكرتـون أو الـورق المقـوى على المنتجات الـورقية التي يزيـد سمكها على 0.30مم (0.012 بوصة) ويصنع من خامات ليفية على مكنات صنع الورق. وغالباً ما تكون مادته لب الخشب أو القش أو فضلات الورق والورق المستعمل أو مزيجاً منها جميعها. يستعمل الكرتون بأنواعه لتعليب الأطعمة ولصنع صحاف الطعام وعلب التغليف المختلفة، كما تصنع منه حاويات للشحن، وألواح من كرتون خاص للبناء والعزل الكهربائي والتغليف.

ز ـ الورق الصحي: ويشمل مجموعة من أنواع الورق المعدّ للاستعمال الشخصي كمناشف الورق ومناديل الحمامات ومناديل الوجه وورق السفرة وغيرها، وهي قابلة لامتصاص الموائع غير أنها أقل متانة على وجه العموم من الورق العادي. وتصنع كلها من عجينة ورق الصر المبيضة و المعالجة بالسلفيت مع بعض التنعيم عند خفقها، ثم تمرر في آلة تنعيم وتجعيد لإعطاء الورق ملمساً ناعماً ومتماسكاً مع قدرة امتصاص جيدة. وتختلف العمليات النهائية التي يخضع لها الورق الصحي وفقاً لأنواعه. فورق المناشف أثقل من مناديل الحمام ومناديل الوجه وأكثر سمكاً منها، ويتم تجعيده وهو ما يزال رطباً، ويليه من حيث الوزن والسمك ورق السفرة الذي قد تدخل في بنيته ألياف اللدائن، وقد يعالج بمواد راتنجية لزيادة متانته.

صناعة الورق في العالم

تتركز معظم صناعة الورق في الدول المتقدمة صناعياً، وتلك التي لديها موارد تمويل وافرة بالمواد الخام وخاصة الخشب. وثمة تجارة رائجة بعجينة الورق ولب الخشب على المستوى الدولي، تسهم فيها إلى درجة كبيرة البلدان التي تملك ثروة كبيرة من الغابات والقادرة على تصدير تلك الخامات إلى الدول الفقيرة إلى الخشب أو الدول النامية.

محمد وليد الجلاد

الموضوعات ذات الصلة:

 

الخشب ـ القماش غير المنسوج ـ اللبد (اللباد) ـ اللدائن ـ ورق الجدران.

 

مراجع للاستزادة:

 

- K. W. BRITT, Handbook of Pulp and Paper Technology, 2nd ed. (1970).

- JAMES B. CASEY, Pulp and Paper: Chemistry and Chemical Technology, 2nd ed. (1960).


التصنيف : الصناعة
المجلد: المجلد الثاني والعشرون
رقم الصفحة ضمن المجلد : 221
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 1071
الكل : 40514250
اليوم : 44065

البيع (عقد-)

البيع (عقد ـ)   عرف القانون المدني السوري عقد البيع Contract Of  Sale بأنه «عقد يلتزم به البائع أن ينقل للمشتري ملكية شيء، أو حقاً مالياً آخر في مقابل ثمن نقدي». [ر:العقد]. فالبيع من العقود الواردة على الملكية، لأنه ينقل ملكية الأشياء والحقوق المالية من شخص إلى آخر، ويسمى المحل الذي يرد عليه عقد البيع: مبيعاً، ولا يقتصر على الأعيان والأشياء المادية، بل يشمل الحقوق المالية، كالدين في الذمة، وحقوق الارتفاق، والملكية الأدبية والصناعية والفنية وحق الامتياز والاختصاص، ويسمى المقابل للمبيع الثمن النقدي ليخرج حالة الثمن العيني وهو المقايضة، ويشترط في الثمن أن يكون حقيقياً.
المزيد »