logo

logo

logo

logo

logo

اسكتلندة

اسكتلنده

Scotland - Ecosse

اسكتلندة

 

صقع من المملكة المتحدة [ر] يشغل الجزء الشمالي من الجزيرة البريطانية ومعها جزر أوركني Orkney وشتلند Shetland في الشمال وجزر هبريد Hebrides في الغرب. ويقدر طول اسكتلندة Scotland من الشمال إلى الجنوب بنحو 450كم أما عرضها فيراوح بين 42 و240كم، وأما مساحتها فهي 78133 كم2 وهي تعرف كذلك باسم إيكوسية Ecossé واسكوسية.

ومع أن اسكتلندة اتحدت مع إنكلترة [ر] وويلز تحت اسم بريطانية العظمى منذ عام 1707 فقد حافظت على كيانها القانوني ونظامها التربوي وكنيستها القومية ونمط حياتها وتقاليدها.

الجغرافية الطبيعية

تقسم اسكتلندة إلى ثلاث مناطق جغرافية رئيسة هي الأراضي العالية الشمالية الوعرة والأراضي المنخفضة الوسطى والنجود الجنوبية ذات المحاور الشمالية الشرقية والجنوبية الغربية.

تتألف الأراضي العالية الشمالية من سلسلتين جبليتين تمتدان من الشمال الشرقي إلى الجنوب الغربي، ويقسمهما واد انهدامي كبير يمتد من بحر الشمال حتى المحيط الأطلسي يعرف باسم غلن مور Glen More (أي الوادي الضيق) إلى قسم شمالي غربي وقسم جنوبي شرقي تغلب عليه جبال غرامبيان وفيها أعلى قمم بريطانية العظمى وهي قمة جبل بِنْ نيفيس (1343 متر) Ben Nevis  . ويشتمل الوادي الكبير على بحيرات ضيقة تصل بينها قنوات صغيرة تؤلف مجتمعة قناة كليدونية Calidonian Canal، والطابع الغالب على المنطقة كلها جروف جرداء تتخللها وهدات ووديان ضيقة عميقة يحتوي أكثرها على بحيرات حوضية صغيرة عذبة المياه أو مالحة يُغَشِّيها الضباب وتضربها العواصف معظم أيام السنة. ومع أن الأراضي العالية تغطي نحو 60% من مساحة اسكتلندة فهي قليلة السكان، وأهم مدنها مدينة أبردين Aberdeen العاصمة البكتية الساحلية القديمة وفيها مرفأ صيد وجامعة، ومدينة إنفرنس Inverness.

تقع الأراضي المنخفضة الوسطى Lowland إلى الجنوب من الأراضي العالية الشمالية، وهي حزام من أودية خصبة غنية التربة متوسط ارتفاعها 150 متراً عن سطح البحر وتحتوي على أغنى مكامن الفحم في البلاد، وهي قلب اسكتلندة بشرياً واقتصادياً. إذ يقطنها نحو 80% من السكان، مع أن مساحتها لا تتجاوز 12% من مساحة البلاد، وفيها أكبر مصانعها وأشهر مدنها، ومنها مدن أدنبرة[ر] Edinburgh العاصمة (448.900 نسمة عام 1996) وغلاسكو Glasgow ودندي Dundee وبيرث Perth وغرينوك Greenock.

أما النجود الجنوبية فتمتد من تخوم الأراضي المنخفضة حتى حدود إنكلترة وهي منطقة جبلية أقل ارتفاعاً ووعورة من الأراضي العالية الشمالية ومناخها معتدل وتكثر فيها البحيرات والمستنقعات التي تقطعها الأودية النهرية. ولا يزيد ارتفاع أعلى قممها على 840م في جبل برودلو Broadlaw. ويرتكز اقتصادها على الزراعة وصناعة النسيج وصيد السمك وتربية المواشي وأهم مدنها هاويك Hawick ودمفريس Dumfries.

السواحل والجزر: تمتلك اسكتلندة سواحل صخرية متقطعة شديدة الانحدار تتخللها أجوان صغيرة مضرسة أو بحيرات ضيقة lochs وخلجان عريضة تدعى فيرثات firths ويبلغ طول السواحل نحو 3700كم. ويتبع اسكتلندة نحو 800 جزيرة معظمها صغير المساحة غير مأهول. ففي الشمال يوجد أرخبيلان رئيسان هما أرخبيل أوركني (90 جزيرة) وأرخبيل شتلند (بضع مئات من الجزر) وفي الغرب أرخبيل جزر الهبريد الداخلية والخارجية التي يفصلها عن البر الرئيسي كما يفصلها بعضها عن بعض مضيقا منتش الشمال North Minch ومنتش الصغير Little Minch أما تضاريسها فوعرة تشبه تضاريس الأراضي العالية الشمالية.

المناخ: شتاء اسكتلندة بارد رطب وصيفها لطيف. والشتاء في المناطق الغربية منها أقل قسوة من باقي البلاد بسبب الرياح الجنوبية الغربية التي تأتيها من المحيط الأطلسي ومتوسط درجات الحرارة السنوي 8.6 درجة مئوية والأمطار غزيرة في الغرب وأقل غزارة في الشرق، ويراوح معدل الأمطار بين 3800مم في الغرب و635مم في الساحل الشرقي.

الأنهار والبحيرات: يعد نهر كلايد Clyde أهم أنهار اسكتلندة، فهو يخترق مدينة غلاسكو والمنطقة الصناعية ويستخدم معبراً لنقل المنتجات إلى المحيط الأطلسي. أما الأنهار الرئيسة الأخرى في البلاد فتجري شرقاً وتصب في بحر الشمال وأهمها أنهار تويد Tweed وتاي Tay وفورث Forth ودي Dee. وأما البحيرات التي تدعى لوخس Lochs فأغلبها ضيق متطاول وتكثر في الوديان المعروفة باسم غلين Glen في الأراضي العالية الشمالية، وقد ذاع صيت الكثير منها لتواتر ذكرها في الأدب الشعبي الاسكتلندي، ومنها بحيرة نِس Ness التي تزعم الخرافات أن فيها وحشاً بحرياً. وكذلك بحيرة لوموند Lomond التي يبلغ طولها 37كم  والتي يتغنى بجمالها الشعراء والمغنون.

النبيت والوحيش: انقرضت معظم الغابات الكثيفة التي كانت تغطي اسكتلندة في الماضي ولكن برامج التحريج التي نفذت في القرن الماضي أحيت بعضها، وتقدر مساحة الأراضي الغابية في اسكتلندة اليوم بنحو 404700 هكتار، وتكثر أشجار البتولا والبلوط والصنوبر على امتداد شواطئ البحيرات المحمية من البحر، وتغطي أعشاب الخلنج والسرخس أكثر الأراضي المرزغية (المستنقعية) العالية والنجود. ويعد الغزال والثعلب والغرير badger والقط البري والأرنب من الحيوانات التي تكثر في اسكتلندة، كما تعيش القضاعة (ثعلب الماء) otter وسمك السلمون والتروتة في أكثر أنهار البلاد.

السكان

يبلغ عدد سكان اسكتلندة 5128000 نسمة (1996) أكثرهم من سكان المدن (71%)، وتعاني اسكتلندة الهجرة من الأراضي العالية الوعرة إلى مدن الأراضي المنخفضة وبلداتها. يتحدر الاسكتلنديون من أصول مختلفة كالبكتيين Picts والبريتونيين أو السلتيين والإنكليز والاسكوتيين الذين قدموا البلاد من إيرلندة الشمالية. ويزعم سكان الأراضي العالية أنهم من السلتيين وأنهم أصفى عرقاً من سكان الأراضي المنخفضة الذين يتحدرون من أصول جرمانية أو اسكندنافية على زعمهم. وهناك أقلية إيرلندية تعيش في البلاد لا تزيد على 8% من مجموع السكان. والإنكليزية هي اللغة الغالبة بين سكان البلاد، وثمة لغة اسكتلندية قديمة هي اللغة «الغائلية» Gaelic يتكلمها نحو 77000 من الاسكتلنديين ولاسيما في أقصى الأراضي العالية الشمالية وفي بعض الجزر. ولا تختلف أساليب المعيشة في اسكتلندة كثيراً عن بقية الجزر البريطانية، إلا أن الاسكتلنديين يتمتعون بنزعة استقلالية قوية ويحافظون على تراث شعبي يميزهم من بقية شعوب بريطانية، وخاصة لباسهم التقليدي المعروف باسم «الكلتية» Kilt، (وهي تنورة مثناة طويلة حتى مادون الركبة يرتديها الرجال)، وموسيقاهم التي تعتمد على مزمار القربة (العنيزة) bagpipe، ورقصهم التقليدي، وترتكز بنيتهم الاجتماعية إلى عشائر تجمع الأسر الاسكتلندية، ولكل عشيرة زعيمها ولون قماش ثيابها المقلّمة المعروف باسم «طرطان» Tartan. الذي تصنع منه القبعة والجوارب و«الكلتية».

يعتنق الاسكتلنديون المسيحية وينتمي أغلبهم إلى الكنيسة القومية الاسكتلندية التي تقوم على المذهب الكلفيني وهي كنيسة مشيخية (يدبر شؤونها شيوخ متساوون في المنزلة). وهم ينضوون في مجموعتين تنتمي إحداهما إلى الكنيسة الاسكتلندية وتنتمي الثانية إلى الكنيسة الاسكتلندية الحرة المتحدة. كذلك ينتمي عدد من الاسكتلنديين إلى كنيسة الروم الكاثوليك وإلى الكنيسة الأسقفية الاسكتلندية التي تعد فرعاً من الكنيسة الأنغليكانية.

الاقتصاد

لا تختلف اسكتلندة عن بقية الجزر البريطانية اقتصادياً إلا أن ضآلة إمكاناتها الزراعية يجعلها بلداً صناعياً على وجه العموم، يعمل نحو 34% من سكان البلاد في الصناعة، ونحو 6% في الزراعة وصناعة الأخشاب وصيد السمك، ونحو 3.5% في مناجم الفحم، ومعدل البطالة فيها أعلى منه في إنكلترة أو ويلز.

تنشط الزراعة في الأراضي المنخفضة حيث يزرع  الشوفان والشعير والحنطة والبطاطا وبعض أنواع الفاكهة. إلا أن تربية الأغنام والماشية هي الأكثر شيوعاً في بقية المناطق. أما الصناعة فتتركز في الأراضي المنخفضة، ولاسيما حول مدينة غلاسكو، ويقوم على نهر كلايد بالقرب من هذه المدينة أكبر مجمع لبناء السفن في بريطانية، كما تنتشر صناعة الصوف في جنوبي البلاد إضافة إلى بعض معامل الآلات قرب آبردين في الشمال. وتنتج اسكتلندة عشر إنتاج بريطانية من الفحم الحجري وخمسي إنتاجها من السفن التجارية وثُمن إنتاجها من الفولاذ. كما تنتج الكثير من الآلات الثقيلة كالقاطرات والمحركات. وتختص اسكتلندة بصناعة الجوت والويسكي والنسيج الفاخر إضافة إلى بعض الصناعات الخفيفة كالساعات والآلات المكتبية والأدوات الكهربائية والإلكترونية. وكان استخراج الفحم الحجري من أهم مصادر الدخل في اسكتلندة، وما تزال البلاد تملك مكامن وافرة منه مع نفاذ الفحم في عدد كبير من المناجم، وقد عثر في الستينات من القرن العشرين على احتياط ضخم من النفط في بحر الشمال عند سواحل اسكتلندة ويجري استخراجه على نطاق واسع.

التاريخ

أول من استوطن اسكتلندة في عصور ماقبل التاريخ أقوام عرفت باسم البكت. وفي أواخر القرن الأول للميلاد (79ـ 80م) غزا الرومان اسكتلندة بقيادة يوليوس أغريكولا وأطلقوا عليها اسم «كليدونية» Calidonia ولم تستطع الحصون التي أقامها أغريكولا ولا السور الذي شيده الامبراطور هادريان من بعده منع البكتيين من الإغارة على الحاميات الرومانية التي اضطرت إلى الانسحاب في خاتمة المطاف، إلا أنها كانت قد نشرت المسيحية بين قبائل البكتيين الجنوبية في القرن الخامس الميلادي.

وفي أوائل القرن السادس أخذت بعض القبائل السلتية (الاسكوت) القادمة من إيرلندة تستوطن الساحل الغربي من اسكتلندة. في حين استوطن البكتيون الشرق وسيطر البريتونيون على المنطقة المعروفة باسم ستراث كلايد في الجنوب الغربي، وغزا الإنكليز الجرمان نورثمبرية في الجنوب الشرقي واستوطنوها. وتعرضت  البلاد في المدة مابين القرن الثامن والقرن الثاني عشر لغزوات النُرمان.

وكان من أسباب توحيد البلاد الاسكتلندية زواج ملك الاسكوتيين من شقيقة ملك البكتيين في أوائل القرن التاسع، وغدا حفيد الزوجين ملكاً على معظم البلاد باسم «كِنيث الأول» (Kenneth I (844 بعد أن ألحق هزيمة منكرة بملك البكتيين. وفي أوائل القرن الحادي عشر غزا مالكولم الثاني Malcolm II (أحد أحفاد كِنيث وتوفي سنة 1034م) بقية الممالك، وسيطر الاسكوتيون على كل مايطلق عليه اليوم اسم «اسكتلندة» فيما عدا الجزر ومنطقة شمالية تحمل اسم «بكتلند» Pictland. وفي عام 1040م اغتيل دنكن الأول حفيد مالكولم على يد قائده ماكبث Macbeth الذي جلس على العرش إلى أن قتل على يد مالكولم الثالث عام 1057م. وتزوج مالكولم هذا أميرة أنكلوسكسونية أدخلت الكثير من العادات الإنكليزية إلى اسكتلندة، فاستوطنها عدد من السكسون، وطغت اللغة الإنكليزية على لسان السكان، كما طغى نظام الإقطاع الإنكليزي على البلاد تدريجياً.  وظلت العلاقات وطيدة بين إنكلترة واسكتلندة إلى عهد وليم الأسد William the Lion ملك اسكتلندة (1165- 1214م) الذي حاول قطع تلك الوشائج فتحالف مع فرنسة، وساعد أولاد ملك إنكلترة الثائرين على أبيهم هنري الثاني ولم يكتف بذلك فغزا إنكلترة بنفسه لكنه هزم ووقع في الأسر، واضطر، لقاء حصوله على حريته، إلى توقيع معاهدة «فاليز» Falaise عام 1174م التي غدت اسكتلندة بموجبها إقطاعة تابعة لإنكلترة. ولم تلبث اسكتلندة أن استردت حريتها عام 1189م عندما أعفاها ريتشارد قلب الأسد من هذه المعاهدة في مقابل فدية كبيرة من المال. ولكن شروط هذا الإعفاء جاءت غامضة، وظل ملوك إنكلترة اللاحقون يستندون إليها في الادعاء بتبعية اسكتلندة لهم.

وفي القرن الثالث عشر تمكن ألكسندر الثاني (1214- 1249م) من طرد النرمان من البلاد والاستيلاء على جزر الهبريد، وتثبيت الحدود مع إنكلترة في معاهدة يورك (1237م) وظلت جزر أوركني وشتلند من أملاك النروج قرنين آخرين. وبعد وفاة ألكسندر الثالث (1286م) نشبت حرب أهلية في اسكتلندة من أجل العرش بين أسرتين متنفذتين، ساند ملك إنكلترة إدوارد الأول إحداهما على الأخرى ونجح في تتويج زعيمها باليول ملكاً على أن يكون تابعاً لإنكلترة، ولكن باليول لم يلبث أن تحالف مع فرنسة على إدوارد الأول الذي غزا اسكتلندة وهزم جيشها عام 1296م. ولم يطب الأمر للإنكليز طويلاً ودارت حروب سجال بين الطرفين مع تبدل الملوك والزعماء حتى عام 1328م عندما اعترف الوصي على عرش إنكلترة باستقلال اسكتلندة في معاهدة نورثمبتون ولكن هذا الاعتراف لم يدم طويلاً. وتجددت النزاعات والحروب بين الطرفين في أكثر من مناسبة وزاد في تأججها النزاعات الداخلية والكوارث الطبيعية والخلافات المذهبية ودخول الفرنسيين طرفاً ثالثاً فيها، وقد كان لتولي أسرة ستوارت العرش في اسكتلندة فضل كبير في اتحاد اسكتلندة مع إنكلترة، وظهور بريطانية العظمى إلى الوجود سنة 1707م. إذ تشاء الأقدارأن يتزوج ملك اسكتلندة جيمس الرابع (حكم 1488- 1513م) من مرغريت تيودور ابنة هنري السابع ملك إنكلترة. وكان من نتائج هذا الزواج بعد قرن من الزمن أن تسلم عرش البلدين جيمس السادس الاسكتلندي الذي توج ملكاً على إنكلترة باسم جيمس الأول سنة 1603م لكونه الوريث الشرعي الوحيد للعرش عقب وفاة الملكة اليزابيث الأولى. وبعد سقوط كرومويل سنة 1660م عاد تشارلز الثاني إلى عرش الدولتين ولكن من دون توحيد بينهما. ولم يعلن القرار الرسمي بالاتحاد الإنكليزي الاسكتلندي في برلماني المملكتين إلا في عهد الملكة «آن» آخر آل ستوارت وأول ملكة تحكم باسم بريطانية العظمى الموحدة، ومع ذلك فإن لاسكتلندة اليوم دستورها الخاص بها.

اللغة والآداب والفنون

يتكلم الاسكتلنديون القدامى اللغة الغائلية، ولاسيما الفئات السلتية التي قدمت من إيرلندة في القرن الخامس للميلاد واختلطت بالبكتيين والبريتونيين فتأثرت بلغتهم، ونجمت عن ذلك لغة جديدة تعرف باللغة الغائلية الاسكتلندية وتنتمي هذه اللغة إلى المجموعة الغوئيدية من أسرة اللغات السلتية ويتكلمها سكان الساحل الشمالي الغربي من اسكتلندة وسكان جزر هبريد، وتعد تفرعاً عن اللغة الإيرلندية، وتطورت حتى غدت في أواخر القرن الثالث عشر لغة مميزة مع تأثرها بلغات الشعوب الأخرى كالأنغلوسكسونية والفرنسية، وظل الإيرلنديون والاسكتلنديون يتكلمون لغة أدبية غائلية مشتركة حتى القرن الخامس عشر، عندما ابتعد الاسكتلنديون كثيراً بلغتهم الهجينة عن أصولها الإيرلندية وغدا التفاهم المتبادل بين الفئتين غاية في الصعوبة، وبدأت الكتابات الأدبية باللغة الغائلية الاسكتلندية المعروفة تظهر منذ ذلك القرن. وبعد أن تعزز الاتحاد بين إنكلترة واسكتلندة ولاسيما في القرن الثامن عشر أخذ أكثر المثقفين الاسكتلنديين يميلون  إلى التعبير بالإنكليزية مع محافظتهم على تذوق لغتهم التراثية، وراح كبار كتابهم يستعملون الإنكليزية في كتاباتهم وفي مقدمتهم الأديب الاسكتلندي الكبير والتر سكوت. ولا يتكلم الاسكتلندية وحدها اليوم سوى سكان الجبال في الأراضي العليا وبعض سكان جزر الهبريد.

أما الأدب الاسكتلندي فهو الأدب المكتوب باللغة الغائلية الاسكتلندية وبلغة سكان الأراضي المنخفضة (اللالَّن Lallan) والإنكليزية « القياسية» Standard English. وكذلك الأدب الخليط بين الإنكليزية والاسكتلندية. وأما الأدب المكتوب باللغة الإنكليزية الحديثة فيدخل في باب الأدب الإنكليزي.

يرجع أقدم ما كتب في الأدب الاسكتلندي إلى النصف الثاني من القرن الرابع عشر وهي أناشيد وترانيم وطنية وحكايات ملحمية منظومة بشعر مسجع، ومنها قصائد جون بربور المعنونة باسم «آل بروس» (1376م).

وقد بلغ الأدب الاسكتلندي أوج ازدهاره في المدة بين 1425 و1550م على يد مجموعة من الشعراء عرفت باسم «ماكاريس» Makaris أي الصنّاع. وقد تأثرت هذه المجموعة بأعمال جوفري تشوسر (1340-G.Chaucer (1400 ومن هؤلاء روبرت هنريسون R.Henryson ووليم دُنبار W.Dunbar وغافين دوغلاس (1474-1522) G.Doglas   ودافيد لندساي (1490-1555) D.Lyndsay   وكان لأسلوبهم المنمق في نظم الشعر وخيالهم الفياض أثره في نشر الأدب القومي والتوسع في استخدام اللغة القومية.

وقد نهج النثر في هذه المرحلة منهجاً خاصاً، وبلغ الأوج في المدة بين 1450 و1630م. وأول عمل أدبي منثور هو الكتابات الدينية التي كتبها جون أيرلند ( J.Ireland (1480. وقد استطاع الأدباء في هذه المرحلة تطوير لغتهم المحدودة الجامدة لتغدو أكثر مرونة واتساعاً وأقل اعتماداً على اللاتينية، ولاسيما في المؤلفات التاريخية التي كتبها جون بلندن J.Bellenden وجون لسلي (1527-1596) J.Leslie   وجون نوكس (1513-1572) J.KnoX  وهو مؤلف «تاريخ الإصلاح في اسكتلندة» (1567م).

وبعد الاتحاد مع إنكلترة (1707م) أخذت كتابات الاسكتلنديين تصطبغ بالصبغة الإنكليزية، وأدى انتقال البلاط الاسكتلندي إلى إنكلترة إلى انتقال النشاط الأدبي إلى هناك، ولاسيما في غياب الطبقة المترفة أو الموفورة الثراء، أما الشعر فقد عاش أمداً أطول من النثر، وظهر شعراء مبدعون نظموا الأغنيات العاطفية والقصائد القصيرة مثل روبرت سمبل (1530-1595)R.Sempill . وفي أوائل القرن الثامن عشر ظهرت بعض الكتابات التي تعارض الاتحاد بين البلدين كما شهد ذلك القرن والقرون التي تلت نزوعاً إلى إحياء التراث الشعبي الاسكتلندي وتولى عدد من الأدباء تصنيفه وجمعه ونبغ في تقليده واتباع خطاه أدباء كثيرون لعل أشهرهم الكاتب والشاعر والقاص الكبير والتر سكوت (1771- 1832م) والروائي ألان رامسي (1713-1784) A.Ramsay  والليدي غريزل بايلي (1665-1746)G.Bailie   وروبرت بورنس (1759-1796)  R.Burns  والمؤرخ الكبير توماس كارليل (1795-1881) T.Carlyle   والكاتب المسرحي جيمس ماتيو بارّي (1860-1937) J.M.Barrie. ومع هذا فإن الفضل في ذيوع صيت أمثال هؤلاء إنما يعود إلى كتابتهم باللغة الإنكليزية إلى جانب لغتهم الأصلية ويعد عام 1707م بداية تأريخ الأدب المشترك الإنكليزي الاسكتلندي.

الفنون: كشفت في اسكتلندة شواهد أثرية مغرقة في القدم تشير إلى مراحل الاستيطان الأولى منذ الحقب النيوليتي والعهد البرونزي، وتبرز أطلال السور الروماني بين نهري الفورث والكلايد شاهداً على الاحتلال الروماني، وثمة نقوش بكتية وسلتية تبدو جلية على الصخور أو صفائح الحجر وآثار أخرى منها أبراج مستديرة ترقى إلى القرن السابع للميلاد. وتتسم العمارة في اسكتلندة بالبساطة والتجهم ولاسيما القلاع والمعاقل والقصور الكثيرة التي ترجع إلى زمن الغزو النورمندي والعصور الوسطى، وما يزال كثير منها في حالة جيدة يقصده السياح من أنحاء العالم. وتجدر الإشارة هنا إلى الأديار والكنائس الأثرية الكثيرة التي شيدت على الطراز الروماني أو القوطي المتأثر بالنزعة الفرنسية ولاسيما كاتدرائية غلاسكو الكبرى، وكاتدرائية سانت ماري في أدنبرة، والنصب التذكاري لوالتر سكوت في أدنبرة، والنصب التذكاري لمعركة واترلو المشيد  على طراز هيكل البانيتون.

ج.ت

 

الموضوعات ذات الصلة

 

إنكلترة ـ إيرلندة ـ المملكةالمتحدة ـ ويلز.


التصنيف : التاريخ و الجغرافية و الآثار
النوع : سياحة
المجلد: المجلد الثاني
رقم الصفحة ضمن المجلد : 314
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 1081
الكل : 40502055
اليوم : 31870

دار الحرب

دار الحرب   نشأت هذه الفكرة بسبب حالة الحرب أو العداء بين المسلمين وغيرهم، بعد الهجرة النبوية، من مكة إلى المدينة، سواء من المشركين الوثنيين داخل الجزيرة العربية، أو خارجها مع الفرس والرومان. وليس في ذلك نص تشريعي يقرر هذا الوصف، إلا ما جاء في الأثر عن الإمام جعفر الصادق منسوباً إلى النبي r: «ألا إنني بريء من كل مسلم ترك مع مشرك في دار الحرب»، وفي لفظ آخر: «إنما الغريب الذي يكون في دار الشرك».
المزيد »