logo

logo

logo

logo

logo

البصير (الفضل بن جعفر-)

بصير (فضل جعفر)

Al-Basir (Al-Fadl ibn Ja'far-) - Al-Basir (Al-Fadl ibn Ja'far-)

البصير (الفضل بن جعفر ـ)

(ت نحو 255هـ / 869م)

 

أبو علي الفضل بن جعفر بن الفضل بن يونس، فارسي الأصل، أصل أسرته من الأنبار، ثم انتقلوا إلى الكوفة فنزلوا مع قبيلة النخع، ولذلك يقال في نسبته الأنباري والكوفي والنَّخعي. شاعر مترسل عباسي جيد في طبقته جمع بين إجادة الشعر وإجادة الكتابة.

ليس في المصادر القديمة ما يعين على معرفة نشأته، وأكبر الظن أنه ولد في الكوفة، وسنة ولادته غير معروفة وكذلك الزمن الذي أصيب فيه بالعمى. أما لقبه «البصير» فقيل: إنه لقب به على العادة في التفاؤل للأعمى بالبصر، وقيل: لذكائه وفطنته، وأنه إذا كان مع أصحابه في مجلس لهو ثم أراد القيام لبعض شأنه تخطى الزجاج وكل ما في المجلس من آلة، ثم عاد إلى مكانه.

كان البصير من شيعة آل البيت، على مذهب أهل الكوفة. وفي الكوفة قال أوائل أشعاره، وربما دلّ بعض شعره في أبي العيناء (191 -282هـ) على أنه عرف البصرة أيضاً، ثم قدم إلى سامراء في أول خلافة المعتصم (219 - 227هـ) ومدحه ومدح جماعة من قواده.

ويبدو أن سامراء و«عسكر سامراء» قد شهدتا أفضل مرحلة في حياته العامة والخاصة، ففي سامراء اتصل بطائفة من الكبراء والمشهورين ورجال الدولة، كالجاحظ والبحتري وأحمد بن أبي دواد القاضي المشهور وصاحب الكلمة في خلافتي المعتصم والواثق (227-232هـ) والفتح بن خاقان وزير المتوكل وصديقه ونديمه والمقتول معه في مجلسه سنة 247هـ،

وحين أحدث المتوكل مدينته «المتوكلية» (246هـ) وانتقل إليها من سامراء انتقل إليها أبو علي أيضاً، وقال في ذلك قصيدة جيدة غريبة، هي أشبه بقصائد الوقوف على الأطلال في شعر البداوة. وكان قد عرف إبان ذلك بغداد وغيرها من البلاد. يدل على ذلك قوله:

ما ذممتُ المقام في بلد يَوْماً

فعاتبتهُ بغير الرحيلِ

وفي سنة 249هـ عقد الخليفة المستعين بالله (248-252هـ) لابنه العباس على مكة والمدينة والبصرة والكوفة، فقال أبو علي قصيدة يحرضه فيها على أخذ البيعة له. وفي سنة 252هـ مدح المعتز بعد أن استتب الأمر له، وخُلع المستعين.

تَغَيَّر عقلُ أبي علي قبل موته بقليل من سوداء عرضت له، ولم تزل به إلى أن مات، وربما ثاب إليه عقله في بعض الأوقات، وينسب إليه في ذلك بيتان مؤثران:

خبا مصباح عقل أبي عليٍّ

وكانت تستضيُ به العقولُ

إذا الإنسانُ مات الفهم منه

فإن الموت بالباقي كفيلُ

توفي أبوعلي في سامراء.

ولأبي علي في الإخوانيات عامة ثم في العتاب المحض أو العتاب الذي تخالطه ظلال من الهجاء الخفي خاصة، مايكاد يكون به طبقة وحده، وهو هنا أصدق مايكون، وعبارته فيه أجود عبارة وأكثرها مطابقة لما تحتها من معانٍ، وقد نفذ أبو علي في قصائده ومقطعاته إلى مايشبه أن يكون نمطاً جديداً من أنماط القصيدة العربية في القرن الثالث وهو، وإن لم يكن مبتدعه، فإنه بإكثاره منه قد أرسى قواعده ونهج سبيلـه، ذلك هو نمط «القصيدة الرسالة» أو «الرسالة القصيدة» يتحدث فيها أبو علي ببلاغة عالية عن شؤون نفسه وشجونها حيال من كان وعده ثم أخلف وعده، أو كان مقبلاً عليه ثم أعرض عنه،

وكان كثير السخرية في أشعاره وله مداعبات ومحاورات تدل على حضور بديهته وظرفه.

ويبدو في شعره أنه لا حظَّ له في فنون الشعر المألوفة، كالمديح والهجاء والرثاء وما إليها، وعلى ذلك فربما اتفقت له فلتات يتفوق فيها على نفسه، ولعل تقصيره في هذه الفنون هو الذي تأخر به عن رتبة الفحول من معاصريه.

مذهب أبي علي في شعره مذهب المطبوعين، وقد جمع الرواية إلى الطبع، فجاء شعره لذلك في جملة أغراضه سهلاً سمحاً قريب المتناول، قلما تجد فيه آثار الصنعة وفنون البديع المعروفة في عصره. إلا ما جاء عفو الخاطر، وما يكاد المقام نفسه يستدعيه.

والرسالة هي مظهر الكتابة المنثورة في أدب أبي علي، وهي أصل في أدبه لا عارض يعرض، هي صنو القصيدة عنده، وظفهما جميعاً توظيفه للحقيقة الأدبية الواحدة المتلبسة بلبوسين مختلفين فمدح بهما وعاتب، وشكر واعتذر. واستوعب معاني نفسه، ناثراً مرة ناظماً مرة أخرى.

وأبو علي كاتب رسائل، جزل متمكن غزير المعاني دقيق الألفاظ، ولعله لو تأخر به زمانه حتى يشهد من علو شأن الكتابة المنثورة ماشهده الناس بعدُ، كان قد ارتقى بها مرتقى آخر يجعله في أدب العربية من أفرادها المعدودين.

ويلفت النظر أنه في رسائله المنظومة أطبع وأسهل فيه مما في رسائله المنثورة، وهذا إن دلّ على شيء فإنما يدلّ على أن أبا علي شاعر أولاً، وبالشعر لا بالنثر احتل الرجل مكانه في تاريخ الأدب.

 

عز الدين البدوي النجار

 

الموضوعات ذات الصلة:

 

أبو العيناء.

 

مراجع للاستزادة:

 

ـ ابن المعتز، طبقات الشعراء، تحقيق عبد الستار أحمد فراج) دار المعارف، القاهرة 1375/1956).

ـ المرزباني، معجم الشعراء، تحقيق أحمد فراج (دار إحياء الكتب العربية، القاهرة 1960).

ـ الصفدي، نكت الهيمان، تحقيق أحمد زكي (المطبعة الجمالية، القاهرة 1911).


التصنيف : التاريخ
النوع : أعلام ومشاهير
المجلد: المجلد الخامس
رقم الصفحة ضمن المجلد : 137
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 1083
الكل : 40499950
اليوم : 29765

ابن المستوفي الإربلي

ابن المستوفي الإربلي (564 ـ 637هـ/1168ـ 1239م)     شرف الدين أبو البركات المبارك بن أحمد بن المبارك بن موهوب بن غنيمة ابن غالب اللخمي الإربلي، الوزير العالم والأديب الشاعر. ولد بقلعة إربل، ونشأ في بيت رياسة وفضل وعلم. بدأ التحصيل العلمي على يد والده وعمه، ودفعه أبوه إلى شيوخ إربل والوافدين عليها، فقرأ القرآن الكريم على قراء عصره، وسمع الحديث الشريف من أعلام المحدثين في أيامه، ودرس علوم الحديث وأسماء رجاله، وأَلَمَّ بكل ما يتعلق به، ومال إلى علوم اللغة والأدب، فاشتغل بالنحو والعروض والبلاغة، وحفظ أشعار العرب وأخبارهم وأمثالهم وأيامهم ووقائعهم، وأتقن علم الديوان وضبط قوانينه على الأوضاع المعتبرة آنذاك، حتى صار إماماً في الحديث وعالماً في اللغة والأدب، وأشهر رجال إربل وفضلائها.

المزيد »