logo

logo

logo

logo

logo

أنطونينوس بيوس

انطونينوس بيوس

Antoninus Pius - Antonin le Pieux

أنطونينوس بيوس

(86 ـ161)

 

أنطونينوس بيوس Antoninus Pius (الوَرع) هو تيتوس أورِليوس فولفيوس بويونيوس أنطونينوس، امبراطور روماني (138-161). وُلِدَ في رومة لأسرة أرستقراطية أصلها من مدينة نيماوسوس في غالية (نيم في فرنسة اليوم Nimes). فقد أنطونينوس أبويه في سن مبكرة فتعهد تربيته جدّاه، جده لأبيه تيتوس أورِليوس فولفيوس وجده لأمه آريوس أنطونينوس، وكلاهما تولى منصب القنصلية مرتين، كما أن زوجته هي بنت آنيوس فيروس الذي كان قنصلاً ثلاث مرات.

كان أنطونينوس من أغنى الأغنياء في إيطالية، له أملاك واسعة في إتْرورية، كثيراً ما كان يقيم فيها للإشراف عليها، كما كان يملك مصانع للآجرّ (الطوب) الذي يعرفه علماء الآثار اليوم من دمغته الخاصة. وكان كريماً، ينفق بسخاء على مواطنيه، ولاسيما الفقراء والمنكوبين منهم، وكان كثير النشاط والحيوية، مع استقامة وطيب نفس. تولى القنصلية عام 120 ولكنه حصر مهمته القنصلية داخل إيطالية في إترورية وأومبرية، كما شغل منصب والٍ في آسيا الصغرى ما بين 130-135، ووصل إلى مناصب عالية أخرى في المجلس الامبراطوري. تبناه الامبراطور هادريانوس Hadrianus وخلفه على عرش الامبراطورية بعد وفاته.

نال أنطونينوس إعجاب شعبه وتقديره، وأسبغ عليه مجلس الشيوخ الكثير من ألقاب الشرف، ولكنه اختار منها لقب الوَرِع (التقي) وهو اللقب الذي يتناسب مع أعماله وفضائله، وهو تكريم لم ينله سلفه هادريانوس من قبل. تزوج عام 112 غاليرية فوستينا Faustina وأنجب منها أربعة أولاد، مات منهم الذَكَران في حياته، وتزوجت ابنته فوستينا التي حملت اسم أمها من ماركوس أوريليوس أنطونينوس Aurèle الذي سيخلفه على العرش.

كان عهد أنطونينوس عهد ازدهار ورخاء وسلام حتى غطَّى ذِكْره على سلفه هادريانوس، وتعاون مع مجلس الشيوخ، وأطلق سراح الشيوخ الموقوفين وألغى السلطة الفردية التي كان يمارسها حكام الولايات. واهتم بتنظيم الموارد الاقتصادية ونجح في تنميتها، كما أسهم بماله الخاص في الخدمات العامة. وحارب الإسراف في دوائر الدولة، وخفَّض الضرائب. ونتج عن ذلك أن زادت الثروة العامة وصارت خزينة الدولة عامرةً بالأموال. وقد خلّف أنطونينوس وفراً قدره نحو 675 مليون دينار روماني، كما عُرِفَ عنه عدم قيامه بالأسفار المُكلفة المرهقة للخزينة.

وفي مجال التشريع وتطبيق القانون كان أنطونينوس يتحرّى العدالة ويراعي حقوق الإنسان، فألزمَ القضاة الأخذ بجوهر القانون وعدم التمسك بحرفيته، وعدّ المتهم بريئاً حتى تثبت إدانته، ومنع التعذيب في التحقيق، وأمر بجعل مدة التوقيف الاحترازي قصيرة. وكان نصيراً لفئة العبيد. ومن آثاره التشريعية وثيقة الغنومون Le Gnomon الخاصة بالقوانين المالية بولاية مصر، وهي محفوظة على ورق البَرْدِي.

وفي مجال عنايته بالتعليم نال المدرسون والفلاسفة والأدباء مكاسب جديدة، فقد أعفاهم من الضرائب وجعل لهم رواتب نظامية، وفتح أمامهم أبواب المناصب العليا، ومنها منصب القنصلية.

يُضاف إلى ذلك العناية بالصحة العامة بإقامة المراكز الطبية في المناطق والمدن، فضلاً عن توفير المواد الغذائية بإقامة المؤسسات الغذائية.

كثرت في عهد أنطونينوس مظاهر العمران، وتشير الوثائق إلى كثير من الأعمال الإنشائية في عهده وإلى استخدام الطاقة المائية. فقد أعاد بناء المدن التي دمرتها الحروب والحرائق أو أصابتها الكوارث، مثل قرطاجة وسميرنة (إزمير) وأفسوس وناربونة. ومن آثاره شوارع أنطاكية المرصوفة بالحجارة وبناء مسرح بوروليسّوم، وترميم منارة الاسكندرية في مصر، كما شيّد معبد فوستينا الباقية أعمدته إلى اليوم، وأكمل ضريح هادريانوس (ويعرف اليوم بقصر القديس آنج). ومن أعماله العظيمة بناؤه السور الذي يحمل اسمه من الحجر والطوب، والذي يمتد بين مصب نهر فورث ومصب نهر كلايد في بريطانية، ويقع إلى الشمال من سور هادريانوس.

اهتم أنطونينوس بالمعتقدات الدينية عند الرومان، ومن بينها تقديس الأباطرة العظام. على أنه أعلن الحرية الدينية للمسيحيين وأعلن احترامه لأديرتهم ومعابدهم، وتقديس شهدائهم، مما جعل القديس جوستان يوجه إليه رسالة شكر وامتنان. وقد عبّر أنطونينوس عن احترامه وحبه للإنسان بعبارته الشهيرة: «خير لنا أن نحفظ مواطناً من أن نقتل ألف عدو».

عاش أنطونينوس 75 عاماً، ودُفن إلى جانب سلفه هادريانوس، وخلفه في الحكم صهره ماركوس أوريليوس الذي سبق له أن تبناه، فأقام له تمثالاً كشفت عنه الحفريات عام 1705.

محمد حسن عبيد

 

الموضوعات ذات الصلة

 

ماركوس أوريليوس ـ هادريانوس.

 

مراجع للاستزادة

 

- J.Beaujeu, La religion romaine à l'apogée de l'empire, Les belles lettres (1956)

.


التصنيف : التاريخ و الجغرافية و الآثار
النوع : أعلام ومشاهير
المجلد: المجلد الرابع
رقم الصفحة ضمن المجلد : 9
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 1084
الكل : 40489448
اليوم : 19263

الاتصال ب-الجماهير

الاتصال بالجماهير   يعرّف الاتصال في علوم السلوك بأنه العملية التي يتم بها نقل آثار التغير من أحد أطراف المجال السلوكي، وهو مصدر الإثارة، إلى الطرف الآخر بهدف إحداث تغيير فيه. ويمضي الاتصال في معظم المواقف من مصدر الإثارة وإليه، ويقل أن يمضي في اتجاه واحد حين يكون مباشراً. وتتواصل المخلوقات فيما بينها بأنماط كثيرة ومختلفة، وعلى درجات متفاوتة، وتتحدد العملية، في كل حال، بمكونات الاتصال الأساسية وفي مقدمتها: خصائص الأطراف التي يجري الاتصال فيما بينها، والحدود الفاصلة بين تلك الأطراف، وأدوات الاتصال، ومحتوى عملية الاتصال.
المزيد »