logo

logo

logo

logo

logo

البرونز (عصر-)

برونز (عصر)

Bronze Age - Age de bronze

البرونز (عصر ـ)

 

عصر البرونز Bronze Age هو العصر الثاني، بعد العصر الحجري، وفق التقسيم الأثري للعصور القديمة. كان كريستيان تومسون Christian Thomson أمين متحف كوبنهاغن في الدنمارك أول من ابتكر نظام العصور الثلاثة المتتالية: الحجري والبرونزي والحديدي، وذلك وفق المادة التي صنعت منها القطع الأثرية التي كانت محفوظة في ذلك المتحف في مطلع القرن التاسع عشر.

ومع أن النحاس، الذي تتوافر خاماته في مناطق الخليج العربي وزغروس وطوروس وقبرص، كان معروفاً منذ الألف السابع ق.م. وازداد انتشاراً في الألفين الخامس والرابع ق.م، فإن البرونز لم يعرف معرفة تامة إلا في مطلع الألف الثالث ق.م، وكان ذلك لأول مرة في المشرق العربي القديم في بلاد الرافدين وسورية ومصر والأناضول وإيران، ثم انتقل هذا المعدن في منتصف الألف الثاني، إلى أوربة وإلى وسط آسيا وشرقها (الهند والصين)، بينما لم يعرف البرونز في أمريكة الوسطى وإفريقية إلا في الألف الأول ق.م.

والبرونز خليط من معدني النحاس والقصدير، كما يدخل في تركيبه أحياناً الرصاص والتوتياء بنسبة لا تتجاوز عموماً 10%. وهو يتصف بقوة مقاومة أكبر وليونة أفضل في التصنيع، كما أنه أقل تعرضاً للتآكل والتأكسد. وقد كان ابتكاره ثورة حقيقية في عملية تصنيع المعادن وتقدم الحضارة.

وقد اقتصر استخدام البرونز في النصف الأول للألف الثالث ق.م على الأدوات الخفيفة والنادرة وأدوات الزينة. ومنذ منتصف الألف الثالث ق.م. أتقنت طريقة صنعه، بوساطة تقنيات متطورة ودقيقة، في أفران ذات حرارة عالية، وأنتجت منه كميات كبيرة، واستخدم على نطاق واسع في صناعة الأسلحة والأدوات والأواني والتماثيل وغيرها.

يقسم علماء الآثار عصر البرونز إلى ثلاثة أقسام هي:

ـ عصر البرونز الباكر أو القديم Early Bronze، ويؤرخ له بين 3000 و2000 سنة ق.م.

ـ عصر البرونز الوسيط Middle Bronze، ويؤرخ له بين 2000 و1600 سنة ق.م.

ـ ثم عصر البرونز الحديث (المتأخر) Late Bronze، ويؤرخ له بين 1600 و1200 سنة ق.م. وتقسم كل من هذه الأقسام إلى أقسام أصغر.

يعرف القسم الأول من عصر البرونز القديم، المؤرخ له بين 3000-2400 سنة ق.م، بنشوء دويلات المدن الأولى في المشرق العربي القديم التي وجدت آثار مدنها المحصنة، ومعابدها، وأوابدها، وفنونها، وأدواتها، وأوانيها، في الكثير من المناطق مثل: كيش وأور وأوروك ولكش في بلاد الرافدين، وتل خويرة وتل براك، وفي تلال أخرى في سورية. وفي هذا العصر بدأ استخدام الكتابة المسمارية الأولى على يد السومريين، وهي كتابة صوتية مقطعية مالبثت أن تحولت في العصور اللاحقة إلى كتابة أبجدية (أبجدية أغاريت).

في القسم الأخير من عصر البرونز القديم (2400-2000 ق.م) حصل تطور شامل في الحضارات الشرقية القديمة. عرف هذا العصر بتغلب العنصر الذي سمي خطأ «العنصر السامي»، ونشوء الامبراطورية الأكادية، بزعامة شرُّوكين (صرغون) وحفيده نارام ـ سين، بحدودها الواسعة الممتدة من المتوسط شمالاً غربياً إلى الخليج العربي جنوباً، وقوتها العسكرية، وإنجازاتها المهمة في مجالات البناء والهندسة والفنون والدين. وهو عصر ازدهار مملكة إبلا[ر] في سورية. وعلى عصر البرونز يؤرخ القصر الملكي الكبير والأرشيف الضخم فيها، إضافةً إلى لقى فنية أخرى، أتت كلها لتؤكد عظمة هذه المملكة السورية التي وصل نفوذها السياسي والحضاري إلى مصر وبلاد الرافدين قبل أن يقضي عليها الأكاديون.

ومن المدن المهمة لهذا العصر تل براك وتل الميلبية وتل البيدر وماري في سورية.

وهو عصر تطور الكتابة المسمارية التي كتبت بها اللغات التي سميت «السامية» السائدة آنئذ، فتضاعف حجم الوثائق الكتابية على اختلاف مضموناتها السياسية والاقتصادية والدينية، كما تطورت العمارة، فبنيت القصور الضخمة، إلى جانب المعابد، وتطورت صناعة المعادن، والأواني الفخارية، والأختام الأسطوانية والنصب والتماثيل التي صورت الأحداث والآلهة والحكام.

وفي مطلع الألف الثاني ق.م، بداية عصر البرونز الوسيط، بدأ الأموريون يؤثرون تأثيراً قوياً في الأحداث، فنشأت ممالك إيسن ولارسا وأشنونة في بلاد الرافدين. وانتصرت الأسرة البابلية الأولى، وعاصمتها بابل، ونهضت امبراطورية حمورابي الذي اشتهر بإنجازاته الكبيرة وعلى رأسها شريعته الشهيرة. وقد امتد تأثير هذه الامبراطورية إلى مناطق كثيرة في المشرق القديم. كما ازدهرت في سورية عدة ممالك أمورية ـ كنعانية بينها يمحاض (حلب) وألالاخ (تل عطشانة) وقطنة (المشرفة) وشباط انليل (تل ليلان) وغيرها. وفيه عرفت ماري عصر ازدهار كبيراً على يد ملكها «زمري ليم» الذي يعود إليه القصر والأرشيف الكبير، إضافة إلى مجموعة من المعابد والأوابد الأخرى. كما شهدت إبلا عصر ازدهارها الثاني الذي دلت عليه القصور الملكية والمعابد والقبور والأسوار والبوابات والكثير من اللقى الأثرية المنقولة. 

وفي نهاية عصر البرونز الوسيط، سقطت الامبراطورية البابلية، وخضعت بلاد الرافدين لحكم الكاشيين ذوي الأصل غير السامي، ولكن بدأت الدولة الآشورية الوسطى بالظهور، وخضع شمالي سورية إلى النفوذ الحوري ـ الميتاني الذي بلغ أوجه بين 1500 و1350 ق.م تقريباً، ثم الحثي (1350-1200 ق.م)، في حين بقي جنوبيها متأثراً بالنفوذ المصري. ومع ذلك فقد نهضت ممالك كنعانية قوية ومستقلة على امتداد ساحل المتوسط الشرقي، كما كانت حال مملكة أغاريت [ر] التي دلت عليها قصورها المهمة: القصر الملكي والقصر الشمالي والقصر الصغير ومعابدها: معبد دجن ومعبد بل، إضافة إلى أسوارها، وأحيائها الفاخرة، وقبورها، وصناعاتها العاجية والمعدنية والفخارية، وأرشيفها الذي كتب بعدة لغات وأعطى أول أبجدية في التاريخ.

في 1200 ق.م تقريباً، سقطت الممالك الأمورية ـ الكنعانية على يد شعوب البحر القادمة من منطقة البلقان وجزر البحر المتوسط والمناطق الشمالية. ومرت المنطقة بمرحلة مظلمة، يعدها علماء الآثار نهاية عصر البرونز الحديث وبداية عصر الحديد، المعدن القوي الذي بدأ يحتل المكانة الأولى في صنع الأسلحة والأدوات بعدما أخذ البرونز بالتراجع. وفي هذا العصر الحديدي بدأت تتبلور قوة جديدة هم الآراميون، الذين كان لهم أثر مركزي في تاريخ المشرق القديم قبل أن تقضي عليهم الامبراطورية الآشورية الحديثة في القرن الثامن ق.م.

أما في أوربة فقد بدأ استخدام البرونز منذ أوائل الألف الثاني قبل الميلاد، وانتشر مع الحضارتين المينوية والموكينية انطلاقاً من بلاد اليونان، واستمر في شمالي القارة الأوربية حتى عام 600ق.م تقريباً. وأهم مناطق عصر البرونز التي ظهرت في أوربة وثقافاته:

1ـ جنوبي إسكندنافية وشمالي ألمانية.

2ـ الثقافة الكلتية في شرقي فرنسة وجنوبي ألمانية.

3ـ ثقافات أوربة الغربية (بريطانية وإيرلندة وفرنسة وإسبانية).

4ـ ثقافات تيرامار في لانوفا في إيطالية.

5ـ الثقافة الإيليرية في أوربة الوسطى.

6ـ الثقافة الهيلادية والموكينية في بلاد اليونان.

7ـ الثقافة المينوية في جزيرة كريت.

وقد ازدهرت صناعة الأدوات والأسلحة البرونزية في سائر هذه المناطق الغنية بمعادن النحاس والقصدير والرصاص التي بقيت آثارها بأعداد كبيرة متنوعة.

 

سلطان محيسن

 

الموضوعات ذات الصلة:

 

الآثار (علم ـ) ـ التاريخ القديم ـ الحضارة القديمة.

 

مراجع للاستزادة:

 

- C.Renferew-P. Bahn, Archaeology (New York 1991).

- Y.C.Marqueron, Les Mesopotamiens, tome I (Paris 1991).


التصنيف : التاريخ و الجغرافية و الآثار
النوع : أعلام ومشاهير
المجلد: المجلد الخامس
رقم الصفحة ضمن المجلد : 49
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 1047
الكل : 40491605
اليوم : 21420

التوثيق في الشريعة

التوثيق في الشريعة   التوثيق: هو ما يضمن أداء الحق، ويسمى أيضاً علم الشروط. أهميته والحاجة إليه وحكمته وآية التوثيق في القرآن الكريم: 1- صيانة الحقوق والأموال لأن الله تعالى أمر بحفظهما: }ولا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمْ{ [النساء:5] ونهى عن تضييعها: }ولا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالبَاطِل{ [البقرة: 188]. 2- قطع المنازعة لكون التوثيق حَكَماً ومرجعاً وملزماً ولئلا يفتضح حال المنكر، مع تبيان حيثيات التصرفات وأحجامها مما قد يعتورها من النسيان أو الجحود. 3- الالتزام بالقواعد الشرعية في إجراء التصرفات لحمل التوثيق عليها. ودلَّت على مشروعية التوثيق وطلبه آية المداينة [البقرة:282]، التي أمرت بكتابة الدين والإشهاد عليه بإشراف كاتب بالعدل[ر] فإن لم يوجد أخذ الرهن للتوثيق.
المزيد »