logo

logo

logo

logo

logo

البلطيق (بحر-)

بلطيق (بحر)

Baltic Sea - Mer baltique

البلطيق (بحر ـ)

 

جاءت تسمية بحر البلطيق من التسمية اللاتينية القديمة Mare Balticum، وله تسميات أخرى طغت عليها التسمية اللاتينية، ومن هذه التسميات البحر الشرقي Ost See الألمانية، وعرفته شعوب الشمال الأوربي باسم البحر السويبي Mare Suevicum. أما الشعوب السلافية فقد أسمته بحر الفارياغ Varyajskoe Moria.

يقع بحر البلطيق بين خطي العرض 54 درجة و66 درجة شمالاً وخطي الطول 9 درجات و30 دقيقة و30 درجة شرقاً ممتداً من الجنوب الغربي إلى الشمال الشرقي. تحيط به دول السويد وفنلندة وروسية الاتحادية وجمهوريات البلطيق وبولندة وألمانية والدنمارك. ويمتد وسط منخفض بنائي ضمن الدرع البلطيقي الغرانيتي، ويعد الذراع الشرقية للمحيط الأطلسي، ويتوغل بعمق في القارة الأوربية، وهو من البحار القارية من نموذج البحر المتوسط.

تقدر مساحة بحر البلطيق بنحو 419 ألف كم2، ويتصل ببحر الشمال بعدة مضائق منها: سكاغراك Skaggerrak وكاتيغات Kattegat، ويتمركز فوق العتبة القارية، وهو بحر ضحل تراوح أعماقه بين 40 و100م، ولا يزيد أقصى عمق فيه على 470م.

بحر البلطيق حديث، أخذ شكله المعروف اليوم منذ بضعة آلاف من السنين، وذلك في أعقاب العصر الجليدي الرباعي، فقد شغلت الجليديات القارية مكان البحر، وبعد انحسارها ظهر البحر «الألديفي»، ولكن الأرض بدأت بالارتفاع وظهرت أحواض مائية منفصلة، من أبرزها بحيرة أنتسيلو، التي ما لبثت أن اتصلت ببحر الشمال بأغوار انهدامية، وظهر بحر ليثورين، سلف بحر البلطيق الراهن. وبعد اتحاد أجزائه المختلفة اتصل أولاً بالبحر الأبيض الشمالي ثم انفصل عنه، واتصل بعد ذلك ببحر الشمال، وما يزال متصلاً به إلى اليوم. ويعاني البحر نهوض قعره الذي يقدر بنحو متر واحد في كل مئة سنة في بعض أجزائه، وفيه ثلاثة خلجان كبرى هي خليج بوتني وخليج فنلندة وخليج ريغه.

تعود الشواطئ الشمالية الصخرية القديمة إلى صخور القاعدة البريكامبرية المتبلورة، أما الشواطئ الجنوبية فإنها تراكمية وجرفية مؤلفة من الرمال والحصى أساساً. وقد عثر في قعر البحر على مكامن نفط ضئيلة الحجم، كما توجد فيه مكامن من حجر العقيق الجميل.

بحر البلطيق غني بالجزر ذات المساحات المختلفة، من أهمها: غوتلند Gotland وساريما Sarema وخوفا Khuva وأولاند Oland وسواها. وكثيراً ما تجاور هذه الجزر منخفضات بنائية عميقة نسبياً مثل منخفض لاندسور (459م).

أما مناخ بحر البلطيق، فنتاج تغلغله وسط القارة وموقعه من النطاقين المعتدل والقطبي، ويتصف بقاريته الواضحة، فهو قاس عموماً، وخاصة في خليج بوتنية. وتهب عليه الرياح الغربية الغالبة، والجو فيه غائم ضبابي في كثير من الأحيان، يتلقى أمطاراً جيدة (500- 1000مم) في السنة. أما حرارة الماء فيه فتنخفض شتاءً إلى درجة التجمد وتكثر فيه قطع الجليد العائمة التي تنطلق من الخلجان القليلة العمق. وقد يغطي الجليد سطح البحر أكثر من أربعة أشهر، ويتكسر في نهاية فصل الربيع. ولا يتكون الجليد في أواسط البحر عادة، ولا تتجمد شواطئه الجنوبية. ويلاحظ أن حرارة المياه السطحية في أواسط البحر تصل في الشتاء إلى 1-3 درجات مئوية، تنخفض في الخلجان إلى ما تحت الصفر.

أما في الصيف فترتفع الحرارة إلى 18-20 درجة مئوية، وتشمل طبقة من الماء لا تقل ثخانتها عن 25م. أما في الطبقات التي يزيد عمقها على 25م، فإن الحرارة متدنية وتصل إلى 1-4 درجات مئوية. وهكذا فإن مياه البحر في الصيف ثلاثية الطبقات: مياه دافئة حتى عمق 2م، فمياه باردة حتى عمق 75م ثم مياه أكثر برودة وملوحة وهي المياه القاعية. يبلغ حجم مياه بحر البلطيق /40/ألف كم3 من الماء ويعد من أكثر بحار العالم عذوبة، إذ يصب فيه الكثير من الأنهار و الجداول، ومن أهم هذه الأنهار نيفا Niva ودفينا الغربي Dvina وفيسلا Visla (الفستولة) والأودر Oder وأنهار أخرى قادمة من السويد.

تزيد كمية المياه العذبة التي تصب في البحر على كمية المياه المتبخرة منه، إذ تزود مياه الهطل البحر بنحو 480كم3 من الماء، كما تقدم الأنهار 180كم3، في حين لا تزيد المياه المتبخرة على 180كم3. ويفسر هذا الواقع الميزان المائي الإيجابي، انخفاض الملوحة فيه. وتصل الملوحة السطحية فيه إلى 11% في غربي البحر، أما في أجزائه الأخرى فتراوح بين 2- 3% و6- 8%، وذلك بحسب غزارة الهطل وتدني درجات الحرارة وكثرة الأنهار المنتهية إليه.

يخرج الفائض المائي شبه العذب من البحر من المضيق الدنماركي، ولكن مياه بحر الشمال الأكثر كثافة وملوحة تكوِّن تياراً مائياً باطنياً يعبر المضيق المذكور إلى بحر البلطيق. ويلاحظ أن التيار المائي الخارج من البحر يحمل كمية تعادل ضعفي الماء الوارد إليه. وتملأ هذه المياه المالحة نسبياً الحفر والمنخفضات الكثيرة الموجودة في قاع البحر وتكوِّن طبقة مائية شبه راكدة تصل ملوحتها إلى 20%، ويزيد عمق هذه المياه على 70م عادة.

 

وهكذا توجد في بحر البلطيق طبقتان من المياه: الأولى سطحية شبه عذبة محلية المنشأ، والثانية ملحة نسبياً قاعية وخارجية المنشأ، ونتيجة لذلك تتدنى كمية الأوكسجين في الأسفل وتظهر في المنخفضات خاصة غازات متنوعة، ومن أهمها كبريت الهدروجين. ولولا وجود التيارات الهوائية الغربية النشطة لساءت شروط الحياة كثيراً في بحر البلطيق، وذلك لأن هذه التيارات تساعد على دفع المياه السطحية وتحريكها وعلى امتزاجها بالمياه العميقة، فتحسن بذلك التهوية الغازية. ولكن لهذه الرياح آثاراً سلبية، إذ إنها قوية وتهب في أوقات طويلة من السنة، فتدفع أمامها مياه البحر باتجاه الخلجان والمصبات، كما في مصب نهر نيفا الذي تقع فوق جزر مصبه مدينة بطرسبرغ التي عانت مراراً هذه الظاهرة، وخاصة في فصل الخريف، إذ تعيق مياه البحر المندفعة تقدم ماء النهر فترتفع سوية مياهه مقدار 1-3م، وقد تحدث طوفاناً في المدينة كما حصل عام 1970. ولذا فقد بنيت الجدران الغرانيتية العالية والصلبة حول الأجزاء المهددة بالغمر من المدينة.

يتصف بحر البلطيق بفقره النوعي إلى الكائنات الحية، وهي ذات أصول مختلفة بعضها محلي ذو أصول بحيرية، والآخر قادم من المحيط الأطلسي أو من بحر الشمال. وهذا البحر أفقر كثيراً من بحر الشمال، لسوء تهوية مياهه وقلة الكائنات الحية والعوالق (البلانكتوتية) والقاعيات (البينتوسية)، ولكنه غني بأنواع من الأسماك، ساعدت على ظهور نشاط صيد فعال قامت عليه معامل للصناعة السمكية في كل المدن الساحلية الكبرى.

لبحر البلطيق أهمية كبرى، لأن دولاً كثيرة تحيط به ومن أبرزها روسية الاتحادية وألمانية وبولندة والسويد ودول أخرى. ولذلك تنشط فيه حركة النقل والتجارة، ويعد الطريق البحرية الوحيدة لبعض الدول، مثل دول البلطيق وبولندة وفنلندة.

سكن السلاف شواطئ البحر الجنوبية وقسماً من شواطئه الشرقية منذ الألف الأول للميلاد، وبعد ذلك، في القرن العاشر الميلادي، استوطن سواحله الجرمان ثم السويديون والدنماركيون والفنلنديون. وكثيراً ما تعارضت مصالح هذه الدول، فنشبت بينها نزاعات قاسية وحروب. ولأهمية هذا البحر لروسية بنى بطرس الأول (الأكبر) مدينة بطرسبرغ عليه عام 1703، وجعلها عاصمة لروسية فوطد النفوذ الروسي هناك.

 

شاهر جمال آغا

 

الموضوعات ذات الصلة:

 

ألمانية ـ أوربة ـ البحر ـ بولندة ـ روسية الاتحادية ـ السويد ـ فنلندة.

 

مراجع للاستزادة:

 

ـ الموسوعة الجغرافية (موسكو 1983) (بالروسية).

ـ ا،اُ.بلاخين، هيدرولوجية البحار المتوسطية (لينينغراد 1989) (بالروسية).


التصنيف : التاريخ و الجغرافية و الآثار
المجلد: المجلد الخامس
رقم الصفحة ضمن المجلد : 285
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 602
الكل : 31827246
اليوم : 26789

الربيعيات

الربيعيات   الربيعيات Primulales رتبة من النباتات ملتحمات البتلات ثنائيات الفلقة Dicotyledoneae، من شعبة البذريات Spermatophyta، تضم ثلاث فصائل: التيوفراستية Theophrastaceae، منسوبة إلى تيوفراستوس عالم النبات الإغريقي، فصيلة صغيرة ممثلة بثلاثة أجناس متخشبة أمريكية استوائية، والميرنيثية Myrsinaceae ممثلة أيضاً بثلاثة أجناس متخشبة مدارية، والربيعية Primulaceae التي تعد أهم فصائل الرتبة، تضم قرابة 20 جنساً موزعة على 1000 من الأنواع العشبية المنتشرة في المناطق المعتدلة في نصف الكرة الشمالي وخاصة في هيمالايا، ممثلة في شرق المتوسط بسبعة أجناس موزعة على اثني عشر نوعاً.
المزيد »