logo

logo

logo

logo

logo

بخارى

بخاري

Bukhara - Boukhara

بخارى

 

[انظر خريطة أوزبكستان]

بخارى Bukhara مركز أحد الأقاليم الاقتصادية الكبرى في جمهورية أوزبكستان ويعرف باسمها. وهو يشغل نحو 32% من مساحة الجمهورية، ويعيش فيه نحو 8.2% من سكانها.

تقع مدينة بخارى في وسط واحة كبيرة على المجرى الأدنى لنهر زرفشان، وعلى ارتفاع نحو 220م فوق سطح البحر وعلى خط الطول 64 درجة و38 دقيقة شرق غرينتش وخط العرض 39 درجة و43 دقيقة شمال خط الاستواء.

النشأة والتاريخ

وَرَدَ أول ذكر لاسم الموقع في مصادر صينية عائدة إلى القرن السابع الميلادي، غير أن دراسة النقوش القديمة تكشف أن الاسم المحلي للمدينة وهو فيهارا Vihara أي الدير أو الصومعة، قد ضُرب على مسكوكاتها قبل القرن السابع الميلادي بقرون. وكذلك لا يستبعد أن تكون كلمة «بخارى» محرّفة عن الكلمة السنسكريتية «فيهارا»، وهي البلدة التي اندمجت في بخارى وورد ذكرها عند جغرافيي القرن الرابع الهجري/ العاشر الميلادي.

أطلقت المصادر العربية اسم بخار خداة Bakhãr Khudat أو بخارا خداه Bukhãra Khudãh على سكان بخارى الأصليين. وقد ضنت المصادر القديمة بإيراد معلومات عن تاريخ بخارى قبل الإسلام. على أن تاريخ هذه المدينة الزاخر الغني بالأحداث الجسام يبدأ بعد الفتح الإسلامي لها.

يشوب الروايات التي انتهت إلينا عن الفتوح العربية الأولى في بلاد ما وراء النهر بعض الاضطراب، ولكن أكثر الروايات تتفق على أن أول من اجتاز النهر من المسلمين إلى جبال بخارى هو عبيد الله بن زياد والي خراسان سنة 54هـ/674م، وكان على عرش بخارى في ذلك الوقت أرملة أميرها التي تجمع أغلب المصادر على تسميتها «خاتون» وهو لفظ تركي معناه «السيدة». وقد أرسلت خاتون إلى الترك تستمدهم فلقيهم المسلمون وهزموهم، فطلبت خاتون الصلح والأمان فصالحها عبيد الله بن زياد على ألف ألف درهم. ثم ولَّى الخليفة معاوية بن أبي سفيان (41- 60هـ/687- 706م) سعيد بن عثمان بن عفان خراسان سنة 56هـ، فقطع النهر وغزا سمرقند وحملت خاتون إليه الأتاوى وأعانته بأهل بخارى، ويذكر النرشخي (286- 348هـ/899- 959م) أن «خاتون» حكمت 15 سنة بوصفها وصية على ابنها القاصر طغشاده.

ولكن الحكم العربي لم يتوطد في تلك المنطقة إلا في خلافة الوليد بن عبد الملك (86- 96هـ) حينما ولَّى الحجاج بن يوسف الثقفي أمير العراقين (75- 95هـ) قتيبة بن مسلم الباهلي[ر]  خراسان (86- 96هـ) وأمره بفتح ما وراء النهر.

فتح قتيبة بخارى سنة 90هـ وكان حاكمها آنذاك «وردان خداه»، الذي استنجد بالسّغد (الصغد) والترك فأنجدوه، لكن قتيبة انتصر عليهم بعد قتال عنيف، وجُرح خاقان الترك وابنه، وملَّك قتيبة طغشاده بخارى بعد أن أجلى خصومه عنها. وقد قُتل طغشاده سنة 121هـ في معسكر والي خراسان نصر بن سيَّار على يد دهقان من دهاقين بخارى.

يذكر النرشخي أن أهل بخارى كانوا يُسْلِمون ثم يرتدون حين يغادرهم العرب، فلما فتح قتيبة المدينة رأى أن أفضل وسيلة لنشر الإسلام بين السكان هو أن يُسكِن العرب بينهم، فأمر أهل بخارى أن يعطوا نصف بيوتهم للعرب ليقيموا معهم ويَطَّلعوا على أحوالهم فيظلوا على إسلامهم، ومن الطبيعي أن يجد إجراء قتيبة مقاومة تجلَّت في موقف قوم ذوي قدر ومنزلة رفضوا قسمة بيوتهم ومتاعهم، فتركوها جملة للعرب وبنوا خارج المدينة 700 قصر بقي منها إلى عهد النرشخي قصران أو ثلاثة كانت تسمى قصور المجوس. وبنى قتيبة المسجد الجامع داخل حصن بخارى سنة 94هـ/712م وكان ذلك الموضع بيت أصنام، فلما ازداد انتشار الإسلام لم يعد ذلك المسجد يتسع لهم فبُني مسجدٌ آخر بين السور والمدينة في عهد هارون الرشيد (170- 193هـ).

وقد درج ولاة خراسان في مرو منذ عهد قتيبة على تولية عامل أو أمير إلى جانب الأمير المحلي، وفي القرن الثالث حينما نقل أمراء خراسان مركزهم إلى نيسابور بقيت بخارى تابعة إدارياً للطاهريين [ر.بنو طاهر] ولاة خراسان، حتى سنة 259هـ/873م. ثم ولّى نصر بن أحمد الساماني أمير سمرقند أخاه إسماعيل بخارى بناء على طلب أهلها وعلمائها، ولما تُوفي نصر سنة 279هـ/892م صار إسماعيل حاكماً لما وراء النهر، واعترف به الخليفة أميراً على خراسان وما وراء النهر. صارت بخارى عاصمة للدولة السامانية[ر]  ومركز إشعاع للعلوم والصناعة إلا أنها لم تبلغ في العظمة والثروة شأو سمرقند.

وصف الجغرافيون العرب بخارى في العصر الساماني، وأهم المصادر التي تحدثت عنها كتاب النرشخي «تاريخ بخارى» الذي يذكر أن المدينة أُعيد بناؤها غير مرة لكثرة الخراب الذي ألم بها عبر العصور.

 

 

ويفرق الجغرافيون العرب في بخارى كما في معظم المدن الإيرانية بين أقسام ثلاثة، القلعة (القهندز في الفارسية الحديثة) والمدينة (الشهرستان في الفارسية) والضاحية أو الرَّبَض الذي يقع بين المدينة والسور الذي بُني حول المدينة في العصور الإسلامية.

ضمت القلعة التي كانت خارج المدينة قصر «بخارا خداه»، وقد اتخذ السامانيون قصراً لهم فيها. ومع أن القلعة خُرِّبت مِراراً إبان القرنين السادس والسابع الهجريين /الثاني والثالث عشر الميلاديين، فقد أُعيد بناؤها في موقعها نفسه الذي شُيِّدت فيه أول مرة.

وإضافة إلى قصر القلعة، بنى نصر الثاني الساماني (301-331هـ/914-943م) قصراً في ريجستان ضم دواوين الدولة العشرة التي يذكر النرشخي أسماءها، ويُشير المُقَدَّسي الذي زار المنطقة نحو سنة 375هـ بأن دار الملك كانت ما تزال قائمة.

فقدت بخارى كثيراً من أهميتها السياسية بعد سقوط الدولة السامانية سنة 389هـ/999م. وفي النصف الثاني من القرن الخامس الهجري بنى شمس الملك نصر بن إبراهيم من الفرع الغربي لخانات إيلك (ت 472هـ) قصراً في جنوبي المدينة أُطلِقَ عليه اسم شمس آباد، وأقام مكاناً للصيد والقنص بقربه، ولكن هذا القصر اندثر في عهد خلفه خِضْر خان.

ظلَّت المدينة معقلاً للإسلام ومركزاً للعلوم الدينية في عهد انحطاطها السياسي، وإذا كانت بخارى موطن الإمام أبي عبد الله محمد بن إسماعيل البخاري[ر] (194- 256هـ) صاحب الجامع الصحيح المعروف بصحيح البخاري، وموطن الشيخ الرئيس ابن سينا الفيلسوف الطبيب[ر] (370- 428هـ) فإن القرن السادس شهد ظهور أسرة مرموقة من العلماء فيها هي أُسرة آل برهان التي اعتمد عليها القره خطاي في حكم بخارى، وكان يُطلق على زعيم هذه الأسرة اسم الصدر.

في سنة 604هـ/1207م انتقل حكم بخارى إلى علاء الدين محمد بن تكَش خوارزم شاه الذي جدَّد بناء القلعة وشيَّد بعض المباني. وفي الرابع من ذي الحجة سنة 616هـ/10 شباط 1220م استسلمت بخارى لجيش جنكيز خان [ر] ، ونُهِبَت المدينة وأُحرقت إلا المسجد الجامع وبعض القصور، ولكنها لم تلبث أن استعادت عافيتها بعد ذلك، إذ يرد ذكرها مدينةً مأهولةً ومركزاً للعلوم في عهد خلفاء جنكيز خان.

لا تتوافر معلومات واضحة عن طريقة حكم هذه المدينة في السنوات الأولى من حكم المغول، وكل ما يعرف هو أن «المُلاَّ» والأشراف كانوا معفيين من الضرائب أسوة بكهنة الأديان الأخرى، وأن أميرة مغولية مسيحية بَنَت المدرسة الخانية في بخارى على نفقتها الخاصة، وأن العلامة المشهور سيف الدين باخرزي[ر]  (ت 659هـ/1261م) عُين مدرساً لهذه المدرسة ومتولياً لها، وأنشأ أحد أشرافها المعروف باسم مسعود بك مدرسة أخرى، سميت المسعودية نسبة إليه، في ميدان بخارى، وكان يتعلَّم في كل من هاتين المدرستين نحو ألف طالب.

وفي سنة 671هـ/1273م استولى جيش أباقا حاكم فارس المغولي على بخارى وهدَّمها وشرَّد سكانها، ثم أُعيد بناؤها، ولكنها خُرِّبت ثانية سنة 761هـ/1359م من قبل مغول فارس، ويبدو أنه لم يكن لبخارى أهمية في الحياة السياسية لبلاد ما وراء النهر في عهد التيموريين.

في نهاية سنة 905هـ (صيف سنة 1500م) استولى الأوزبك بقيادة محمد شيباني على بخارى، وبقيت تحت سيطرتهم حتى الثورة الروسية. وكانت دولة الأوزبك كجميع حكومات البدو الرُحَّل ملكاً لكل أعضاء الأسرة الحاكمة، ولذلك انقسمت إلى عدد من الإمارات والولايات الصغيرة، وكانت سمرقند عادة هي عاصمة الخان، وهو أكبر أفراد البيت الحاكم سِنّاً. وقد اتخذ أميران من آل شيبان وهما عبيد الله بن محمود (918-946هـ/1512-1539م) وعبد الله بن اسكندر (964-1006هـ/1557-1598) بخارى عاصمة لهما، وفي عهديهما استعادت بخارى مكانتها مركزاً لحياة سياسية وثقافية، واتخذ أمراء السلالة التالية وهي الاستراخانية بخارى مركزاً لهم وفقدت سمرقند أهميتها.

وفي القرن العاشر الهجري (السادس عشر الميلادي) نشطت العلاقات التجارية بين روسية والإمارات الأوزبكية، وأخذ الروس يطلقون في القرنين السابع عشر والثامن عشر اسم البخاريين على كل التجار والمهاجرين من آسيا الوسطى، كما أطلقوا الاسم نفسه على سكان تركستان الصينية التي سمَّوها بخارى الصغيرة.

بوفاة الخان عبد العزيز (1055-1091هـ/1645-1680م) انتهت آخر حقبة عظيمة من تاريخ الأوزبك، فقد استقل عدد من الأمراء في ولاياتهم واقتصر حكم الخان المقيم في بخارى على نطاق ضيق من مملكته.

في سنة 1740 استولى نادر شاه الصفوي على بخارى، ولكنها استعادت استقلالها بعد وفاته، وتولى الحكم فيها سلالة جديدة. وفي عهد الأمير مظفر الدين شاه (1860-1885) ازداد نفوذ الروس وتغلغلهم في بلاد ما وراء النهر، واضطر الأمير مُظفَّر إلى التخلي عن أجزاء واسعة من أراضيه لهم، ولم يتعرض الروس للعاصمة بخارى التي اتسع نفوذها غرباً سنة 1873 على حساب خانات خيوة (خوارزم سابقاً).

وفي عهد الأمير عبد الأحد خان (1885-1910) اتفقت كل من روسية وإنكلترة، التي كانت صاحبة النفوذ في أفغانستان، على رسم الحدود السياسية بين بخارى وأفغانستان، على أن يكون نهر بانج Pandj هو الحد الفاصل بينهما، ونُظمت العلاقات بين بخارى وروسية، وأُعلن قيام إمارة بخارى عام 1887، التي استمرت حتى سنة 1920 حين سيطر الروس سيطرة نهائية عليها، وفي سنة 1924 أعلن قيام جمهورية بخارى، ولكنها ما لبثت أن قُسمت بين جمهوريات طاجكستان وأوزبكستان وتركمنستان، وصارت بخارى إحدى المدن المهمة في جمهورية أوزبكستان.

السكان

إن أول الشعوب التي استقرت في إقليم تركستان هم الترك، كما سكن بلاد ما رواء النهر الإيرانيون أيضاً الذين تبادلوا السيطرة والنفوذ مع الترك على تلك المناطق إلى ما قبل الفتح الإسلامي، وقد خرب الغزو المغولي بخارى تخريباً شديداً، وكان لذلك أثر سلبي في عدد سكانها، واستعادت المدينة مكانتها في العهود التالية ووصل عدد السكان عام 1939 إلى نحو 50.000 نسمة، وارتفع إلى نحو 235.000 نسمة عام 1995.

المعالم الحضارية

تمتاز بخارى بأهميتها التاريخية إذ فيها كثير من المعالم الحضارية والأثرية الدينية العريقة ولاسيما الإسلامية منها، وأهمها المسجد الجامع ومسجد خواجة زين الدين الذي رُمم مرات عدة، وبعض القلاع والقصور والمزارات الدينية والمدارس ومنها ضريح الأمير إسماعيل الساماني من القرن الرابع الهجري، ومزار قيم بن عباس (شاه زنده) المتوفى سنة 159هـ/776م، ومدرسة أولوغ بيك Ulugh Beg التي أعيد بناؤها سنة 1585 ومدرسة ميرعَرَب التي تعود إلى سنة 1525.

 

نجدة خماش، هيثم ناعس

 

الموضوعات ذات الصلة:

 

الاتحاد السوفييتي ـ أوزبكستان ـ روسية ـ السامانيون ـ قتيبة بن مسلم الباهلي.

 

مراجع للاستزادة:

 

ـ النرشخي أبو بكر محمد بن جعفر، تاريخ بخارى (دار المعارف، القاهرة 1965).

ـ بارتولد، تركستان من الفتح العربي إلى الغزو المغولي، ترجمة صلاح الدين عثمان هاشم (الكويت 1401هـ/1981م).

ـ محمد شيت خطاب، بلاد ما وراء النهر، موقعها، أقاليمها، نهر سيحون وجيحون (دار قتيبة، دمشق 1990).


التصنيف : التاريخ و الجغرافية و الآثار
النوع : سياحة
المجلد: المجلد الرابع
رقم الصفحة ضمن المجلد : 750
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 1074
الكل : 40506209
اليوم : 36024

ناروز (ميكيو)

ناروز (ميكيو ـ) (1905 ـ 1969)   ميكيو ناروز Mikio Naruse مخرج سينمائي ياباني ولد وتوفي في طوكيو. قدم على مدى حياته الفنية ما يقارب التسعين فيلماً روائياً طويلاً. بدأ العمل في السينما منذ أن كان في الخامسة عشرة من عمره، حيث عمل في البداية مسؤولاً عن «الأكسسوارات»، ثم مساعد مخرج.
المزيد »