logo

logo

logo

logo

logo

بلغارية(الجغرافية)

بلغاريه(جغرافيه)

Bulgaria - Bulgarie

بلغارية

 

بلغارية Bulgaria دولة أوربية في شبه جزيرة البلقان، اسمها الرسمي: جمهورية بلغارية، فرض عليها موقعها على هامش أوربة تاريخاً حافلاً بالأحداث وعدم الاستقرار الاجتماعي والسياسي.

الموقع والحدود والمساحة

تقع بلغارية في الجنوب الشرقي من القارة الأوربية، في الجزء الشرقي لشبه جزيرة البلقان، وتحتل 22% من مساحتها. تمتد بين خطي عرض 41 درجة و12 دقيقة و44 درجة و12 دقيقة شمال خط الاستواء، وبين خطي طول 22 درجة و12 دقيقة و28 درجة و36 دقيقة شرق خط غرينتش، وتمتد من الغرب نحو الشرق 520كم، ومن الشمال إلى الجنوب في أقصى اتساع لها 320كم، يحدها من الشمال رومانية، ومن الجنوب اليونان، ومن الجنوب الشرقي تركية. ويحدها يوغسلافية ومقدونية غرباً، ويحدها شرقاً البحر الأسود، بساحل طوله 378كم. تبلغ مساحتها الإجمالية 110994كم2، ويتجاوز عدد سكانها 8.356.000 نسمة (سنة 1996)، والكثافة السكانية العامة 75 نسمة/كم2.

 

 

الأوضاع الجغرافية الطبيعية

التضاريس:

تقع نصف مساحة بلغارية على ارتفاع يزيد على 500م فوق مستوى البحر، وعلى الرغم من أن القمم الرئيسية فيها، شأن معظم بلاد البلقان، لا تصل إلى ارتفاع 3000م، فإن من الممكن اعتبار بلغارية بلاد مرتفعات.

ـ سهول وهضاب الدانوب: تضم المنطقة الشمالية من بلغارية، ويدعى القسم الشرقي منها (دوبروجة)، وأعلى قمة فيها تورنفو 502م. وتقسمها أودية أنهار إيسكار ويانترا إلى ثلاثة أقسام: الغربي والأوسط والشرقي، وتنحدر السهول الشمالية باتجاه نهر الدانوب، وتتكون فيها المنخفضات أحياناً ما بين النهر وضفافه.

ـ الجبال القديمة (ستارابلانينا Stara Planina)، أو البلقان: وهي مجموعة من السلاسل الجبلية، ويطلق هذا المصطلح على الجبال الواقعة إلى الشرق من الحدود البلغارية ـ اليوغسلافية، والممتدة حتى نهر الدانوب، على طول الحوض الأدنى لنهر تيموك Timok.

ـ المنطقة الانتقالية: تقع هذه المنطقة ما بين منطقة الجبال القديمة، وكتلة جبال ريلوـ رودوبسكا. وتتنوع تضاريسها. فالقسم الغربي جبلـي أكثر مـن القسم الشرقي، ويقـع ما وراء البلقان، وتضم الحوضات التالية (حوضة صوفية، حوضة زلا ايتشكو، حوضة سليفن). والجبال في هذه المنطقة هي (جبل فيتوشا وجبل الغابة المتوسطة وجبل ستراندجا وجبل ساكارا). وفيها منخفضات واسعة، مثل منخفضات تراقية العليا، ومنخفض بورغاس، وغيرها. وتعد القمة السوداء أعلى قمة في جبل فيتوشا، إذ تبلغ 2290م.

ـ كتلة جبال ريلا ـ رودوب: تضم جبال الرودوب وريلا وبيرين، وأودية أنهار ستراما وميستا. وجبال الرودوب واسعة الامتداد تبدأ بالانخفاض من الغرب باتجاه الشرق، ويبلغ طولها 100كم. وفيها أودية عميقة، ومجموعة من السلاسل الجبلية المعقدة. وتعد جبال ريلا وبيرين من الجبال العملاقة ولها صفات ألبية. وجبال ريلا فيها أعلى القمم في شبه جزيرة البلقان، إذ تصل أعلى قممها إلى 2925م في جبل موسى أللا (موسالا)، وأعلى قمة في جبال بيرين، هي قمة فيخرينVikhren  2914م.

المناخ:

يسيطر المناخ المعتدل القاري في القسم الشمالي من بلغارية، والمناخ المتوسطي الانتقالي في القسم الجنوبي من البلاد، ونتيجة للاختلافات التضريسية فهي ذات مناخ محلي يختلف من منطقة لأخرى. وتقسم بلغارية إلى خمس مناطق مناخية:

ـ المنطقة الأولى: يغلب فيها المناخ المعتدل القاري، وتشمل سهول الدانوب وجبال البلقان والأحواض المرتفعة في المنطقة الجنوبية الانتقالية. متوسط درجة حرارة كانون الثاني  فيها هو 5 درجات مئوية، ومتوسط درجة الحرارة السنوية 25 درجة مئوية. كمية الهطل الأعظمي في فصل الصيف، والهطل الأصغري في فصل الشتاء، وكمية الأمطار في سهول الدانوب 500-600مم، وفي المنطقة الجنوبية الانتقالية 750مم.

ـ المنطقة الثانية: يسودها المناخ القاري في منخفضات تراقية العليا وتوندجا. ويتميز بشتاء لطيف وربيع بارد وصيف حار، وكمية الأمطار 600مم والأمطار الشتوية مساوية لكمية الأمطار الربيعية والصيفية، ويزرع فيها التبغ واليانسون والأرز والخضار.

ـ المنطقة الثالثة: يسودها المناخ المتوسطي الانتقالي، وتضم هذه المنطقة الرودوب الشرقية والأقسام الجنوبية لحوضي نهري ستراما، وميستا. تراوح كمية الأمطار ما بين 575مم في سليفن غراد، و1015مم في زلاتوغراد (المدينة الذهبية). وفصل الشتاء لطيف مع سقوط قليل من الثلوج أما في فصلي الربيع والصيف فالحرارة مرتفعة، والهطل الأعظمي يكون في شهري تشرين الثاني وكانون الأول. بينما الهطل الأصغري يكون خلال شهري آب وأيلول. والأحوال المناخية ملائمة لزراعة التبغ والقطن.

ـ المنطقة الرابعة: يسودها مناخ البحر الأسود، ويتضح تأثيره في السهول حتى عمق 50كم، أما في الجبال فلا يتجاوز تأثيره 10كم. ويراوح المدى الحراري ما بين 20-21 درجة مئوية، ودرجة الحرارة العظمى تكون في فصل الخريف. وفيها أجمل المناطق السياحية في البلاد. وكمية الأمطار في المناطق الجنوبية أعلى من كمية الأمطار في المناطق الشمالية، والأحوال المناخية ملائمة لزراعة العنب ودوار الشمس والشوندر السكري.

ـ المنطقة الخامسة: يسودها المناخ الجبلي، في الجبال التي يزيد ارتفاعها على 1600م، في ريلا وبيرين والرودوب الغربية والفيتوشا. تتميز هذه المنطقة بدرجات حرارة منخفضة، وتساقط ثلجي، وكمية أمطار أكثر من 1400مم. وتزيد كمية الهطل الشتوي على كمية الهطل الصيفي. والأحوال المناخية ملائمة لرياضة التزلج.

وعلى العموم تتباين كمية الأمطار في بلغارية من منطقة إلى أخرى، كما يتباين توزيعها من فصل إلى آخر، إذ تبلغ كمية الأمطار السنوية في القسم الشمالي من بلغارية (هضاب الدانوب) 500-550مم، أما في منخفضات تراقية العليا فتراوح بين 500 و700مم، وتصل إلى 1400مم في القمم الجبلية، وأدنى كمية للأمطار أقل من 500مم في الأقاليم الشمالية والشمالية الشرقية لنهر الدانوب إلى الشرق من سيليستره إلى فارنة، وأمطار البحر المتوسط قليلة تراوح ما بين 450 و500مم. أما الهطل الثلجي فيترافق مع مرور الجبهات الجوية الباردة القادمة من الشمال الغربي، ويبدأ التساقط من تشرين الأول والثاني حتى نيسان، وأحياناً يستمر حتى حزيران في القمم الجبلية. وأعلى كمية للتساقط الثلجي تكون في فصل الشتاء.

كذلك تختلف درجات الحرارة فتراوح بين 3 ـ 5 درجات مئوية في فصل الشتاء في المناطق الجبلية المنخفضة، وتصل في المناطق الجبلية المرتفعة إلى ما دون الصفر. والمتوسطات الحرارية الشهرية العظمى في فصل الشتاء أعلى من 5 درجات مئوية في المناطق الجبلية المنخفضة، والمتوسطات الشهرية الدنيا أقل من - 14 درجة مئوية، وتراوح المتوسطات الشهرية لدرجة الحرارة في فصل الصيف بين 5 و20 درجة مئوية.

الموارد المائية:

تتنوع الموارد المائية في بلغارية، مثل الأنهار والبحيرات والسدود والمياه الجوفية، إذ يوجد في المناطق الجبلية 37 منظومة نهرية رئيسية، تحتل 76.6% من مساحة الجبال.

أهم الأنهار في بلغارية وأطولها نهر ماريتسا Maritsa، ويبلغ طوله ضمن الأراضي البلغارية 321كم، ينبع من جبال ريلا ويصب في البحر المتوسط. ونهر إيسكار Iskar، وطوله 310كم، ونهر ستراما، ويعد ثالث نهر في بلغارية، وطوله 290كم حتى الحدود اليونانية، ومساحة حوضه 6450كم2. وهنالك أنهار أخرى مثل دوسبات وميستا وآراد ويانتراـ تشيبلاريه. ونهر الدانوب وهو نهر عابر وطوله 2860كم، ويعد ثاني نهر في أوربة بعد نهر الفولغا، وله أهمية اقتصادية كبيرة، إذ يعد صلة وصل ما بين بلغارية والدول الأوربية.

أما المياه الجوفية فتستخدم للرَّي والصناعة، وتبلغ المساحة المروية من المياه الجوفية نحو 5 آلاف كم2، ويبلغ حجم المياه المستخدمة بعملية الرَّي 12 مليار م3

وفي بلغارية ينابيع كارستية ومعدنية يبلغ عددها أكثر من 1600 ينبوع، وتقسم حسب درجة حرارتها إلى، ينابيع باردة وحرارتها أقل من 37 درجة مئوية، وينابيع دافئة 60ْم، وينابيع حارة أعلى من 60ْم.

الترب:

ساعد تنوع الترب في بلغارية على تنوع المحاصيل الزراعية، تنتشر الترب السوداء في مناطق الجبال المنخفضة والمصاطب النهرية القديمة، وفي منخفضات بورغاس، وقسم في حوضة صوفية، وبيرين، وأخيتميان، وفي سهول الدانوب، والأجزاء المنخفضة من البلقان. أما الترب الغابيـة الرماديـة فتنتشر في الأجزاء الشمالية المرتفعة في جبال البلقان ما بين ارتفاع 800-1000م، والترب الغابية البنية تنتشر في الرودوب الغربية، والجبال القديمة، وريلا وهي قليلة الانتشار في بيرين Pirin، والفيتوشا. والترب الكستناوية الغابية في المناطق الجنوبية من بلغارية على ارتفاع 700- 800م، وفي الرودوب الشرقية والجبال القديمة وأودية أنهار ميستا Mesta وستراما. والترب الكستناوية في الأماكن السهلية في جنوبي بلغارية، ومنخفضات تراقية العليا، وفوق المصاطب النهرية القديمة، والترب الطميية في المصاطب النهرية. والترب الملحية (سولونتشاك) في أودية نهر ماريتسا، وتونداجا، وسواحل البحر الأسود (فارنة وبورغاس)، والترب الصفراء (اللوس) في إقليم توندجا، ووادي نهر فيليكا.

النبات والحيوان:

تشغل الغابات 34.8% من مساحة بلغارية، وللغطاء النباتي الطبيعي والأشجار أهمية اقتصادية كبرى، تستخدم في صناعة الأخشاب والبناء والورق والصناعات الدوائية، كما تستخدم في التدفئة في الريف البلغاري. وتعد الغابات أماكن منتجعات صحية وسياحية. وفي بلغارية أكثر من 300 نوع نباتي، ويمكن تمييز ثلاثة نماذج أساسية للغطاء النباتي الطبيعي:

أ ـ الغطاء الشجري (الأشجار): يتألف من الأشجار العريضة الأوراق المتساقطة والمتعددة الأنواع مثل (البلوط والسنديان والقيقب والدردار والزان). ينتشر هذا النموذج في المناطق الجبلية المتوسطة الارتفاع في المنطقة الغربية والوسطى في الجبال القديمة، وهو أقل انتشاراً في الأجزاء الشرقية من البلاد. وفي المناطق الأكثر ارتفاعاً بقليل توجد الغابات المختلطة، وفي الجبال العالية توجد الغابات المخروطية (الصنوبريات) بأنواعها المختلفة، وتنتشر في (جبال الرودوب وبيرين وريلا والفيتوشا). ويبلغ احتياطي بلغارية من الأخشاب 263 مليون م3.

ب ـ الغطاء الشجيري (شجيرات): وتشمل الأشجار ذات الفصيلة الوردية الشوكية من الزعرور، والعليق الشوكي، وينتشر هذا النموذج في المناطق التي قطعت فيها الغابات.

جـ ـ الأعشاب الحولية، وذات الحولين، والمعمرة: وتنتشر في مساحات واسعة من البلاد، وأنواعها متعددة، وتستخدم علفاً للحيوانات.

ويتعرض الغطاء النباتي الطبيعي إلى التدهور بسبب التأثيرات البشرية، على الرغم من القوانين المتخذة للحفاظ على الوسط البيئي الطبيعي.

تعد بلغارية من البلدان الغنية بحيواناتها البرية، إذ يوجد فيها 13500 نوع، منها 356 نوعاً من الطيور، مثل العصافير والبلابل والصقور، و96 نوعاً من الحيوانات الوحشية، كالدببة والنمور والضباع، وفيها أنواع حيوانية ذات أهمية اقتصادية مثل الخنازير البرية والأرانب والغزلان والظبي والأيائل. وحيوانات المغارات مثل الخفاش، والزواحف (الثعابين والأفاعي)، وفي مياهها الأسماك بأنواعها المختلفة، البحرية في البحر الأسود، والنهرية في نهر الدانوب والأنهار الأخرى وفي البحيرات والسدود. وللإنسان دور سلبي في القضاء على أنواع متعددة من الحيوانات مثل القندس والوشق، كما قلَّ عدد الصقور. وتهتم الحكومة البلغارية بالثروة الحيوانية الطبيعية والمحافظة عليها.

السكان:

أ ـ التركيب العرقي والديانة: مع الغلبة الواضحة للعناصر البلغارية من السكان، فإن بلغارية بلد يضم أقليات عرقية صغيرة، كالأتراك والغجر (النَّور) والبوماك Pomaks والشركس وغيرهم. وتظهر دراسة التركيب السكاني في بلغارية، أن البلغار يؤلفون نحو 90% من مجموع السكان، ويؤلف الأتراك نحو 8% (وخاصة في إقليم كارديالي Kardiali )، ونحو 1.5% من الغجر (النَّور)، ونحو 250.000 نسمة من البوماك، وهم بلغار مسلمون يتركزون في إقليم بوندوب. وتقدر نسبة المسلمين في البلاد بـ 9% من السكان والبقية مسيحيون مع قلة من اليهود.

ب ـ أحوال السكان: أسهمت الأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي عرفتها بلغارية بعد الحرب العالمية الثانية في نشوء وضع ديمغرافي جديد للسكان، مختلف تماماً عما كان عليه قبل الحرب العالمية الثانية، فنسبة النمو السكاني لا تتجاوز 1 بالألف بين عامي 1990 و1996، لأن معدل الولادات وصل مؤخراً إلى نسبة 13 بالألف، ونسبة الوفيات لم تهبط بعد لأقل من 12 بالألف، أما نسبة وفيات الأطفال فقد بلغت نحو 16 بالألف عام 1996. وهنا لابد من الإشارة إلى أن عدد سكان بلغارية وصل إلى 8.798.000 نسمة (1991), لكنه تراجع إلى 8.518.000 نسمة عام 1992 نتيجة الهجرة من البلاد. ويبلغ اليوم نحو 8.356000 (1996). والشيء اللافت للنظر هو الزيادة الملحوظة في متوسط عمر السكان، إذ إن عمر الفرد المتوقع ارتفع إلى 72 سنة. (68 سنة للذكور و75 للإناث) ومن دراسة هرم أعمار السكان، يتبين أن نسبة الأطفال من عمر أقل من سنة - 14 سنة تؤلف نحو 21% من مجموع السكان، وبالمقابل فإن نسبة الذين تزيد أعمارهم على 65 سنة تصل إلى نحو 11% من السكان وهذا يعني أن نسبة المعيلين من الفئتين العمريتين الواردة أعلاه تساوي 33% من مجموع السكان.

ج ـ التجمعات السكانية: من دراسة توزع السكان، بحسب مكان الإقامة في المدن والريف، يتضح أن نحو 68% من إجمالي سكان البلاد يقطنون في المدن على اختلاف حجومها، مقابل 32% فقط في الأرياف، وهذا يدل على ارتفاع نسبة التحضر في بلغارية. يتوزع السكان على 26 محافظة أو إقليم. وأهم المدن البلغارية هي صوفية ويزيد عدد سكانها على 1,141.140 نسمة، وبلوفديفPlovdiv  379.100، وفارنا Varna 314.900 نسمة، وبورغاس Burgas 205.00 نسمة، وهما مرفآن مهمان على البحر الأسود ولهما قيمة سياحية كبيرة، وزاغورا Zagora 164.500 نسمة، وبلفن Pleven 138.300 نسمة، ثم روس Ruse وهي مدينة حدودية ومرفأ نهري مهم على نهر الدانوب.

الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية

كانت بلغارية تعدّ قبل عام 1940 من أكثر دول شرقي أوربة تخلفاً، ولكن سرعان ما ظهرت فيها حركة اقتصادية ناشطة شملت جميع القطاعات، وذلك بعد الحرب العالمية الثانية وبداية التشكل السياسي الجديد للمنطقة ودخول بلغارية معسكر الدول الاشتراكية.

ويعود النمو الاقتصادي إلى العون السوفييتي هباتٍ وقروضاً، وكذلك الحال في تجهيز الموانئ والخطوط الحديدية والتطوير الزراعي والتعديني، مثل الكومبينات التعدينية الكبرى والطاقة في منطقة نهر ماريتسا الذي يصب في بحر إيجه، وقيام أول معمل للفولاذ في مدينة ديمتروف، ومصنع الصودا في ريكادفنجا قرب فارنا. وتمت إنجازات صناعية بطلب من السلطات البلغارية من شركات أوربة الغربية، وهكذا قامت مجموعة شركات فرنسية بتجهيز قسم من صناعة البتروكيمياء في ميناء بورغاس، وقامت شركة سيارات «رينو» الفرنسية بإنشاء سلسلة تجميع طاقتها 10.000 سيارة في العام. وقامت شركة فرنسية بلغارية بتجهيز كومبينات لإنتاج الأسمدة الكيمياوية، وتقدم المؤسسات الفرنسية المعونة التقنية في مجال صناعة الخمور وفي تحويل المنتجات الزراعية.

الزراعة وتربية الحيوانات

اهتمت الحكومات البلغارية كلها بالقطاع الزراعي وتطويره، وقد تحقق نتيجة لذلك تطور مهم في مجال الزراعة، وفي أسلوب استخدام الأراضي واستثمارها ومضاعفة الإنتاج، وخاصة في عهد حكومة جيفكوف Jevkuv، التي اعتمدت سياسة انفتاحية متحررة، فلقد عرفت بلغارية في ذلك العهد وفرة في مردود محاصيلها مثل القمح والشعير والذرة ودوار الشمس والشوندر السكري والبندورة، وارتفع إنتاجها من القمح إلى 4 مليون طن سنويا تقريباً. وكان نظام الجمعيات التعاونية الزراعية الحكومية والخاصة يغلب على القطاع الزراعي، وكان بعض تلك الجمعيات يستثمر عشرات الآلاف من الهكتارات من الأراضي الزراعية التي تضم العشرات من المدن والمئات من المزارع والمراكز البشرية. وكانت تلك الجمعيات تدار من قبل مجالس إدارة تشرف على وضع الخطط الزراعية وتسويق الإنتاج وتوفير مستلزمات العمل الزراعي. وبتلك الإمكانات الكبيرة نجح البلغار بتحويل مساحات واسعة من السفوح الجبلية إلى أراضٍ زراعية جيدة بعد أن اعتمدوا نظام المدرجات. وفي مجال الزراعة المروية تعد بلغارية من أبرز دول البلقان التي تستخدم نظام ري الأراضي الزراعية، وتصل مساحة الأراضي المروية فيها إلى مليون هكتار تقريباً، نصفها يقع في المناطق ذات الهطل المطري العالي، ونصفها الآخر على ضفاف نهر الدانوب وحوضه. ويروى قسم كبير من تلك الأراضي بوساطة شبكات وأقنية ري قادمة من بحيرات تنتشر بالقرب من السفوح الجبلية أو من سدود كبيرة، أقيمت على أودية في مناطق الرودوبي وستارابلانينا. وقد أقامت الحكومة البلغارية مشروعاً مهماً للري بالاشتراك مع رومانية على ضفاف الدانوب. ونتيجة لهذا الاهتمام الكبير بقطاع الزراعة نجح البلغار في تحسين مردود إنتاجهم الزراعي، ولاسيما الزراعات الصناعية، ومن أجل استيعاب الفائض من المحصول، أقامت الدولة معامل حفظ الخضار والفاكهة وتعليبها في مناطق مختلفة من البلاد، من أجل تصدير الفائض من إنتاجها الزراعي، الذي يتضاعف، وخاصة في مناطق إيسكار وفيت وأوسم ويانترا وعلى ضفاف وادي أردا.

تؤلف الثروة الحيوانية في بلغارية ركناً مهماً من أركان القطاع الاقتصادي الأول (الزراعة وتوابعها)، وذلك بسبب توافر الغطاء النباتي والمناخ الملائمين. ومازالت أعداد كبيرة من السكان المهتمين بتربية المواشي تقوم بممارسة هذه الحرفة على الطريقة التقليدية، ويعيشون مع مواشيهم في المناطق الجبلية المرتفعة والمنخفضات، ويتنقلون معها في رحلة الصيف والشتاء (النجعة). ويبلغ عدد القطيع نحو 12 مليون رأس غنم، ونحو 2 مليون رأس ماعز، إضافة إلى حيوانات أخرى. وتغطي منتجات الحيوانات القسم الأكبر من حاجة السكان والسوق المحلية، كما أقيمت فيها مصانع الأجبان لتصنيع الفائض من الحليب. وتستفيد البلاد من الصوف والشعر والجلود وغيرها من المنتجات الحيوانية.

الصناعة:

حرصت بلغارية أن تكون دولة صناعية، وسلكت هذا المسار الصعب، معتمدة على ثرواتها المحلية المتواضعة، وعلى مساعدة الاتحاد السوفييتي السابق بالدرجة الأولى، وبمساعدة بعض دول غربي أوربة، التي أسهمت فيما بعد بقيام صناعات بلغارية تعتمد على الخبرة والمساعدات المالية الغربية ثانياً. وتبلغ نسبة العاملين في الصناعة نحو 36% من مجموع القوة العاملة، لكنها تسهم بنحو 50% من الناتج الإجمالي. قامت بلغارية بدور نوعي مميز في أوساط مجموعة دول الكوميكون سابقاً، ونجحت في إقامة صناعة ميكانيكية حديثة، وصناعة زراعية متطورة ورابحة، واستخدمت مواردها المعدنية وغير المعدنية وطورت الصناعة الحرفية التقليدية.

النقل والمواصلات والتجارة:

نجحت بلغارية في إيجاد أسواق لمنتجاتها الصناعية والزراعية، وفي توظيف الخبرة في كثير من دول العالم الثالث، وخاصة في دول الشرق الأوسط ودول شمالي إفريقية، وحتى في دول المعسكر الاشتراكي السابق نفسه.

كان ثلاثة أرباع إنتاجها القومي يصدر إلى الاتحاد السوفييتي السابق، وحققت صادراتها ارتفاعاً وصل إلى 15 مليار دولار تقريباً (1995). وأهم صادراتها الأخشاب والتبغ والمواد الغذائية (اللحوم والخمور والذرة) والجلديات والأثاث المنزلي، وتستورد البترول والفوسفات والفحم، وتعد هذه المواد مواد أولية للصناعة البلغارية.

أما في مجال المواصلات فقد حققت بلغارية بناء شبكة طرقات برية مهمة، إذ بلغ طول طرقاتها البرية الجيدة للسيارات نحو 33253كم، منها 211كم (طرق مزدوجة)، وأقامت شبكة سكة حديد طولها 4279كم، منها 2050كم سكة حديد كهربائية.

وتستخدم بلغارية النقل النهري والبحري في نقل منتجاتها وذلك من خلال مرفأ روس على نهر الدانوب، ومن مرفأي فارنة وبورغاس على البحر الأسود. ويرتبط مطار صوفية الدّولي مع جميع الدول الأوربية، وبعض الدول الآسيوية والإفريقية ومع الأمريكيتين. وكذلك مطارا فارنة وبورغاس، وتوجد مطارات في كل المحافظات تقريباً، في بلوفديف وستارازغورا وخاسكوفو وفيدين وبلفين وروس، ويتم النقل الجوي بوساطة شركة البلقان البلغارية للطيران. 

السياحة والخدمات:

اهتمت بلغارية بالقطاع السياحي، وعملت السلطات المختصة على تطوير الخدمات السياحية، ووظفت جهوداً كبيرة لإبراز جمال طبيعة البلاد، لجذب السياح إلى المصايف الجبلية الجميلة، وإلى رمال شواطئها الذهبية الممتدة على سواحل البحر الأسود. وقد نجح البلغار في ذلك، واجتذبوا الكثير من السياح من دول غربي أوربة ودول الشرق الأوسط، مما وفَّر لهم جزءاً مهماً من القطع النادر الذي يحتاجون إليه.

وقد تطور هذا القطاع بسرعة فائقة، وخاصة بعد عام 1990، ويجذب إليه اليوم نحو 30% من الأيدي والكوادر العاملة في البلاد، وأهم المدن السياحية هي مدينة فارنة على البحر الأسود ومدينة بورغاس، الشبيهتان بالمدن السياحية الممتدة على شواطئ الريفيرا وسواحل البحر المتوسط الأوربية. كذلك تجتذب المنتجعات الجبلية والمنشآت الصحية ـ العلاجية أعداداً متزايدة من الناس من الخارج ومن الداخل.

لمحة تاريخية شاملة ونشأة الدولة

كانت بلغارية جزءاً من الامبراطورية الرومانية، ثم خضعت بعد انقسام الامبراطورية للحكم البيزنطي، وقد نشأت الممالك البلغارية المستقلة في شبه جزيرة البلقان في القرون الوسطى. وفي عام 809 استولى كروم البلغاري على مدينة صوفية وحررها من البيزنطيين. وفي عام 865 أدخل الملك البلغاري موريس الأول المسيحية إلى بلغارية، لكن هذه الممالك بقيت في دائرة النفوذ البيزنطية، حتى بروز العثمانيين في القرن الرابع عشر واستيلائهم على البلاد. وقد حكم الأتراك العثمانيون بلغارية مدة 500 سنة. وفي عام 1908، أعلن الملك البلغاري فردينان دي ساكس كوبورغ استقلال بلغارية عن السيطرة العثمانية. ودخلت بلغارية الحرب العالمية الأولى في عام 1915 إلى جانب ألمانية والنمسة والمجر، ولكن سياستها هذه لم تنجح، فهزمت في نهاية الحرب. انضمت بلغارية إلى بلدان المحور في الحرب العالمية الثانية عام 1941، وسمحت لألمانية بإدخال قواتها إلى أراضيها. وقد جرت محادثات في أثناء الحرب العالمية الثانية من أجل انسحاب بلغارية من الحرب، إلا أن الاتحاد السوفييتي السابق سارع إلى إعلان الحرب على حكومتها الموالية للنازين في أيلول 1944، وقدم المساعدة للحزب الشيوعي البلغاري، الذي كان يقود المعارضة ضد الحكم السابق. وقد استولى الحزب الشيوعي على السلطة بعد تحريرها، وتشكلت حكومة مؤقتة بقيادة كيمون جورجييف. وفي أيلول 1946 جرى استفتاء شعبي، كانت نتيجته رفض الملكية بأكثرية 92% من الأصوات، فأعلن قيام جمهورية بلغارية الشعبية في 4 كانون الأول ـ ديسمبر 1947 برئاسة الأب الروحي للحزب الشيوعي البلغاري ديميتروف، الذي أصبح رئيساً للوزارة التي دخلتها أحزاب الجبهة الوطنية بقيادة الشيوعيين، وألغيت الأحزاب المعارضة، وتبنت الدولة دستوراً جديداً على غرار الدستور السوفييتي. جرت أول انتخابات ديمقراطية في البلاد أواخر عام 1990، واشتركت فيها أحزاب عدة، فاز فيها الحزب الاشتراكي. وقد حكم حزب اتحاد القوى الديمقراطية المنشق البلاد حتى عام 1995، إذ جرت انتخابات فاز بها الحزب الاشتراكي بأغلبية المقاعد، وكلِّف الأمين العام للحزب جان فيدينوف بتشكيل الحكومة، ولكن الأوضاع السياسية لم تستقر في البلاد، إذ استقال جان فيدينوف، وطالب الشعب البلغاري بإجراء انتخابات مبكرة، وفاز بالانتخابات حزب اتحاد القوى الديمقراطية في عام 1997، وأصبح بيتر ستويانوف رئيساً للجمهورية البلغارية. وشكَّل إيفان كوستيف الحكومة.

نظام الحكم

بلغارية بلد جمهوري منذ عام 1990، تسير على هدي دستور عام 1991، ويتألف برلمانها (مجلس الشعب) من 240عضواً يُنتخبون لمدة أربع سنوات. وتتألف البلاد من ثمانية أقاليم ومنطقة العاصمة (صوفية). أصبحت التعددية الحزبية سمة للنشاط السياسي للبلاد بعد زوال الشيوعية ونظام حكم الحزب الواحد عام 1990، وأبرز أحزابها حزب القوى الديمقراطية الموحدة، وحزب اليسار الديمقراطي، واتحاد الإنقاذ الوطني وغيره.

المعالم الثقافية والحضارية

اللغة البلغارية هي من اللغات السلافية، وتكتب بالأبجدية الكيريلية، وهي اللغة الرسمية في البلاد، إضافة إلى لغات الأقليات، التركية والمقدونية. وتنتشر في بلغارية أسماء مواقع وأماكن وبلدات تركية الأصل.

ويعدُّ الشعب البلغاري من الشعوب ذات المستوى التعليمي والثقافي العالي، ويعود ذلك  للسياسة الحكومية السابقة في توفير الجامعات والمعاهد العليا في جميع المحافظات البلغارية، وفي البلاد عدة جامعات مثل جامعة صوفية وجامعة فارنة، إضافة إلى الجامعات هناك المعاهد العليا والمتوسطة، ويزيد عمر أكاديمية العلوم البلغارية على 128 سنة. وتنتشر المراكز الثقافية في كل المدن والقرى البلغارية. وأهم المسارح في بلغارية، المسرح الوطني (إيفان فازوف)، والمتاحف وأهمها المتحف الوطني في صوفية الذي يعد من المتاحف العالمية المشهورة، ويقع في مركز مدينة صوفية. وتعد كنيسة صوفية ألكسندر ينفسكي ومدرج بلوفديف والبانوراما في بليفن والأوبرا في صوفية وبلوفديف وروس، من روائع الفن المعماري في بلغارية. وقد ترك الحكم العثماني للبلاد قرابة خمسة قرون آثاراً من العمارة الإسلامية والمعالم والفنون المختلفة أثرت في كثير من الجوانب الثقافية والحضارية المتأخرة على الرغم من محاولات القضاء عليها.

فيصل قماش، ناظم أنيس عيسى

 

 

التصنيف : التاريخ و الجغرافية و الآثار
النوع : سياحة
المجلد: المجلد الخامس
رقم الصفحة ضمن المجلد : 290
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 1080
الكل : 40530588
اليوم : 60403

كاثر (ويلا سيبرت-)

كاثَر (وِيلاّ سيبِرت ـ) (1876 ـ1947)   وِيلاّ سيبِرت كاثَر Willa Sibert Cather روائيّة وكاتبة قصّة قصيرة أمريكيّة. ولدت بالقرب من مدينة ونشستر Winchester بولاية فرجينيا، وكانت وفاتها في مدينة نيويورك. انتقلت عائلتها للعيش في مزرعة في بلدة رِد كلاود Red Cloud بولاية نبراسكا، ونشأت بين المزارعين المهاجرين هناك ـ من روس وألمان وسويديين ـ الذين استقروا في هذه المنطقة التي شكَّلت حدود الغرب الأمريكي آنئذ.
المزيد »