logo

logo

logo

logo

logo

أوزبورن (جون-)

اوزبورن (جون)

Osborne (John-) - Osborne (John-)

أوزبورن (جون ـ)

(1929 ـ 1994)

 

جون جيمس أوزبورن John James Osborne كاتب مسرحي بريطاني، ولد  في لندن لأسرة تنتمي إلى الطبقة العاملة؛ كانت أمه تعمل نادلة في حانة، أما والده فكان عاملاً في وكالة للإعلانات. استخدم أوزبورن مبلغاً مستحقاً لقاء بوليصة تأمين على حياة والده الذي توفي عام 1941 لدفع أقساط مدرسة انتسب إليها في ديفون Devon إلا أنه طرد منها في سن السادسة عشرة بعد تطاوله على مديرها، فعاد إلى لندن ليبدأ حياته العملية بالعمل في مجال الصحافة والتمثيل وإدارة المسرح، ثم اتجه إلى الكتابة المسرحية. تزوج خمس مرات، وتوفي في لندن بعد أن بلغ الخامسة والستين من عمره.

كانت باكورة أعمال أوزبورن مسرحية بعنوان «الشيطان فيه» The Devil Inside كتبها بالاشتراك مع ستيلا ليندن Stella Linden، وقد عُرضت المسرحية عام 1950 إلا أنها لم تنشر. وهي مشجاة (ميلودراما) تدور أحداثها حول شاب من مقاطعة ويلز Wales عاجز عن التكيف مع مجتمعه الذي يسيء فهمه لكونه يكتب الشعر.

كتب أوزبورن في عام 1953 بالاشتراك مع الممثل والكاتب المسرحي الاسكتلندي أنطوني كريتون Anthony Creighton مسرحية بعنوان «عدو شخصي» A Personal Enemy وكسابقتها لم تنشر هذه المسرحية التي تتناول النزعة الليبرالية وتتخذ خلفية تاريخية لها من التحقيقات التي أجراها الكونغرس الأمريكي في الخمسينات بشأن ما أسمي آنذاك بالنشاطات المعادية لأمريكة The Un-American Activities.

يعد عام 1956 نقطة تحول في مسيرة أوزبورن في الكتابة المسرحية ومنعطفاً مهماً في تاريخ المسرح البريطاني الحديث، ذلك أنه شهد مولد مسرحية «انظر إلى ما فات بغضب» Look Back In Anger؛ تنتقد المسرحية المؤسستين السياسية والاجتماعية في حقبة ما بعد الحرب العالمية الثانية والإمبريالية البريطانية نقداً جارحاً، وتحتج خاصة على الحكومة العمالية التي أعطت عام 1945 وعوداً براقة للطبقة العاملة إلا أنها أخفقت في تحقيق نقلة نوعية في حياة هذه الطبقة المستلبة. ينتمي بطل المسرحية جيمي بورتر Jimmy Porter إلى الطبقة العاملة، وهو شاب جامعي يعيش حالة اغتراب مؤلمة كونه عاجزاً مع ثقافته عن اختراق الحواجز الطبقية المتغلغلة في نسيج المجتمع البريطاني. ويضمر جيمي عداءً شديداً للنظام الطبقي الذي يلغي مبدأ تكافؤ الفرص ويصب جام غضبه وإحباطاته على زوجته أليسون Alison التي تنتمي إلى الطبقة الوسطى. توجهت المسرحية إلى المتلقي آنذاك مباشرة وبإلحاح شديد وركزت على مشكلات معاصرة  خاصة وأن الزمن المسرحي فيها يطابق زمن عرضها الواقعي على المنصة. ويعد جيمي أول نموذج «للشباب الغاضب»Angry Young Men. وهو مصطلح أطلقه النقاد والصحفيون واستخدموه لوصف المواقف المناهضة للمؤسسة الحاكمة. ويعد جون أوزبورن في أهم الكتاب الذين يطلق عليهم وصف «الشباب الغاضب«. وتستمد مسرحية «انظر إلى ما فات بغضب» أهميتها  في سياق المسرح البريطاني الحديث من كونها أسهمت إسهاماً فعالاً في خلق ما يدعى بالموجة الجديدة New Wave أو الواقعية الجديدة New Realism التي نهضت بالمسرح من ركوده في الأربعينات والخمسينات من القرن العشرين، ومن رومنسيته بالتوجه إلى شريحة اجتماعية لم يسبق للمسرح البريطاني أن توجه إليها، هي الطبقة العاملة، عن طريق تناوله مضامين فكرية واجتماعية جديدة تناسب هذا الغرض. وأصبح «مسرح رويال كورت» Royal Court  في العاصمة البريطانية مركزاً يستقطب مثل هذه المسرحيات الجديدة مما جعل اسمه يرتبط بالراديكالية والمعاصَرة والتجديد والشمولية الاجتماعية. وقد شكلت مسرحية «انظر إلى ما فات بغضب» التي عرضت على خشبته نقطة التقاء جميع هذه الأهداف ومنطلقاً لها.

كتب أوزبورن في عام 1957 مسرحية «المُسامر» The Entertainer. بطل المسرحية آرتشي رايس Archie Rice ممثل هزلي من الدرجة الثالثة أما والده بيلي Billy فيمثل العصر الذهبي لمسرح المنوعات. ويعقد الكاتب مقارنة بين تدهور مسرح المنوعات وتدهور الامبراطورية البريطانية كي يستخلص المتلقي استعارة تمثل واقع بريطانية الراهن آنذاك. ويركّز أوزبورن في مسرحية «لوثر» (1961) Luther على شخصية مارتن لوثر قائد حركة الإصلاح الديني في القرن السادس عشر، ويظهر لوثر ثائراً وغاضباً وغير قادر على التكيف مع عالمه، فيسعى لسبر أغوار حياته ومحاولة فهم علاقته مع الله. يصب أوزبورن مسرحيته هذه في قالب مسرح بريخت (برشت)[ر] الملحمي الذي يحفِّز المشاهد أو المتلقي على المحاكمة العقلية لمضمون المسرحية من خلال منهج التغريب.

من أهم أعمال أوزبورن الأخرى، مسرحية «الدليل المرفوض» Inadmissible Evidence التي عرضت عام 1964. وهي مونودراما ذاتية تتخذ في لحظاتها الأولى صفة حلم يبدو فيه المحامي بيل ميتلاند Bill Maitland في محكمة تجري تحقيقاً في موضوع فاضح ثم تعود المسرحية لتتخذ قالباً واقعياً. تصور المسرحية انهيار البطل الذي يحاول إدراك الأسباب الداعية إلى تدهور وضعه إنسانياً و مهنياً. وفي عام 1965 قدم أوزبورن إسهاماً جديداً في التأليف المسرحي إذ كتب مسرحية «وطنيٌّ من أجلي» A Patriot for Me التي تدور أحداثها في الحقبة التي سبقت بداية الحرب العالمية الأولى مباشرة، وتدور حول ضابط نمسوي لوطي. وأحداث المسرحية مقتبسة من قصة ألفريد ريدل Alfred Redl  الواقعية، ويشير أوزبورن في معرض حديثه عن مصدر مسرحيته إلى أن عناصر جيش النمسة و المجر كانوا موالين للامبراطور وليس للوطن.

من أعمال أوزبورن الأخرى مسرحية «غرب السويس» West of Suez التي عرضت على مسرح الرويال كورت عام 1971. تتناول المسرحية موضوع انحلال أي حضارة لا تنطلق من مبدأ احترام العقل والقيم الإنسانية. والمسرحية في مجملها نبوءة تشاؤمية حول مستقبل الحضارة الغربية. وفي عام 1972 كتب أوزبورن مسرحية «شعور بالتفرُّد» A Sense of Detachment، وهذا العمل تجريدي يكسر حاجز الإيهام المسرحي القائم بين الجمهور والخشبة. تفتقر المسرحية إلى حبكة تقليدية مبنية على أحداث مرتبطة بعامل السببية. أما شخصيات المسرحية فهي نمطية ولا مسماة، يكتفي الكاتب بالإشارة إليها بـ»البنت»، «الأب» على سبيل المثال. إن كلمة «التفرد» التي وردت في العنوان هي مفتاح لمعنى المسرحية ذلك أن الكاتب منفرد بنفسه عن الممثلين، والممثلون ليسوا على تواصل مع الجمهور، أما مجموعة الشخصيات فتعيش حالة اغتراب مؤلم عن العالم المحيط بها.

في عام 1972 اقتبس أوزبورن مسرحية «هيدا غابلر» Hedda Gabler للكاتب المسرحي النروجي هنريك إبسن[ر] Henrik Ibsen الذي قدّم أهم إبداعاته في العقدين الأخيرين من القرن التاسع عشر. يركز الكاتب على البطلة هيدا بوصفها تمثل الطبقة الأرستقراطية العقيمة التي فقدت دورها في الوجود وباتت تعاني حالة ملل مرضي. ويفصح مضمون المسرحية عن سخط أوزبورن على الجنس البشري عامة وعلى النساء خاصة، وعزي هذا السلوك إلى علاقة  الكاتب الشخصية بوالدته. في عام 1975 كتب أوزبورن مسرحية مقتبسة عن رواية «صورة دوريان غراي» The Picture of Dorian Gray للروائي والكاتب المسرحي الأيرلندي أوسكار وايلد[ر] Oscar Wilde وحمّلها العنوان ذاته. يصف الكاتب مسرحيته بـ«التسلية الأخلاقية» ويصرح بأن ما دفعه إلى اقتباس رواية وايلد هو كونها تعبر عن اليأس والشجاعة في آن واحد. ويعتقد أوزبورن أن الشباب مرحلة من عمر الإنسان  يتملك الجميع الخوف من ضياعها وأن التجاعيد الموجودة على وجه دوريان غراي في اللوحة إنما ترمز إلى استحواذ قيمتي الشباب والجمال على الفكر في العصر الحديث.

وقد كتب أوزبورن عدداً من الأعمال المسرحية التلفزيونية أهمها: «النشرة الصحيحة» Right Prospectus في عام 1970، و«كالحوت تماماً» في عام 1971 Very Like A Whale، و«أنت لا تكترثين بي يا أمي» You're Not Watching Me, Mummy في عام1979. كذلك أُنتج عددٌ من مسرحياته للسينما. في عام 1991 أعاد أوزبورن كتابة «انظر إلى ما فات بغضب» وأطلق عليها عنوان «لا جديد» Déja Vu. تحلل المسرحية وضع بريطانية بعد مضي ثلاثة عقود على زمن مسرحيته السابقة وقد أصبح جيمي بورتر كهلاً، ومع تلاشي شبابه خفت حدة غضبه وأصبح أكثر قدرة على التكيف مع الواقع وإن كانت مسحة الكآبة ترافقه طوال سني حياته.

وكان أوزبورن قد كتب في عام 1981 الجزء الأول من سيرته الذاتية بعنوان «طبقة أفضل من الناس» A Better Class of Person ويشمل هذا الجزء حياته منذ مولده حتى عام 1955، وقد ركز فيه أوزبورن على الخلافات العائلية التي سببت له اضطرابات نفسية في طفولته ويصف حبه لوالده الذي يصل إلى حد التقديس، أما أمه فيصفها بأبشع الصور لقلة مبالاتها بزوجها.

اكتسب جون أوزبورن مكانته في المسرح البريطاني الحديث لأنه ساهم في تحويل مسيرة هذا المسرح باتجاه مضامين فكرية واجتماعية جديدة مما جعل اسمه يرتبط دوماً بالاتجاهات الراديكالية. ويعد أوزبورن الكاتب الذي أرسى دعائم الواقعية الجديدة في الخمسينات وتبناها جيل لاحق من الكتّاب المسرحيين في الستينات والسبعينات والثمانينات والتسعينات أمثال آرنولد ويسكر Arnold Wesker وادوارد بوند Edward Bond وديفد هير David Hare وآخرين. يرى أوزبورن أن الكاتب إنسان يتميز بنظرة ثاقبة وفكر وقاد، ومن ثم فقد حمّله مسؤولية جسيمة حيال مجتمعه وإنسانيته إلا أنه أكد أن ترجمة هذه المسؤولية إلى أعمال تولد رؤى ثورية جديدة يجب أن تتجنب الوقوع في مطب الجزمية (الدوغمائية) وأن رسالة الكاتب يجب أن تؤدى دونما محاولة منه في ممارسة أي فوقية فكرية.

 

ندى زين الدين

 

مراجع للاستزادة:

 

- CHRISTOPHER INNES, Modern British Drama 1890-1990 (Cambridge University  Press,Cambridge 1992).

- JOHN RUSSELL TAYLOR, Anger and  After, Methuen (London 1962).

- STEPHEN LACEY, British Realist Theatre, Routledge (London 1995).


التصنيف : الآداب الجرمانية
النوع : أعلام ومشاهير
المجلد: المجلد الرابع
رقم الصفحة ضمن المجلد : 249
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 1081
الكل : 40450072
اليوم : 124740

الانصهار

الانصهار   الانصهار fusion هو انتقال جسم من الحالة الصلبة إلى الحالة السائلة، وعكسه التصلب solidification. تحكم ظاهرةَ الانصهار قوانينُ بسيطة إذا كان الجسم الصلب جسماً نقياً متبلوراً. ففي ضغط معين (ض) تنصهر بلورة الجسم في درجة حرارة محددة (دم) تدعى درجة حرارة الانصهار أو نقطة الانصهار. ويحدث التبلور cristallisation في هذا الضغط نفسه ودرجة الحرارة نفسها، فتكون البلورة والسائل في الشرطين ض، دم جملة ثنائية الطور في توازن أحادي المتغير univariant تحكمه العلاقة تا (د، ض) =0 ، وبرسم التابع بدلالة (د) و (ض) ينتج منحنٍ يدعى منحني انصهار الجسم النقي.
المزيد »