logo

logo

logo

logo

logo

الدافعية والدوافع

دافعيه ودوافع

Motivation and motives - Motivation et motives

الدافعية والدوافع

 

الدافعية motivation مصطلح عام يُستخدم للدلالة على العلاقة الديناميكية بين الكائن الحي وبيئته، ويشمل العوامل الفطرية والمكتسبة، الشعورية وغير الشعورية الخارجية والداخلية، وكل ما يدفع إلى النشاط الحركي أو الذهني. وهو لا يشير إلى حالة محددة بالذات، بل يستدل عليها من سلوك الكائنات الحية في المواقف المختلفة، لأن الكائنات الحية لا تستجيب للمواقف المتشابهة بالطريقة نفسها. ومع ذلك يمكن القول إن الدافعية هي جملة من الحوافز والبواعث الواعية وغير الواعية، قائمة في أصل سلوك الكائن، حيواناً كان أو إنساناً، ولكن السلوك الإنساني دون غيره يقوم على اختيارات واعية، وعلى دوافع يخضع لها اللاوعي.

ويستعمل علماء النفس مصطلح الدافع motive للدلالة على حالة داخلية - جسمية، وتشكل القوة المحركة للسلوك والتعلم، وتثيره في ظروف معينة، وتواصله حتى ينتهي إلى غاية بعينها، فالطالب يستذكر دروسه بدافع الرغبة في النجاح، أو التفوق، أو الشعور بالواجب، أو الظفر بمركز اجتماعي لائق، أو بهذه الدوافع جميعاً. والدوافع حالات أو قوى لا نلاحظها مباشرة بل نستنتجها من الاتجاه العام للسلوك الصادر عنها، فإن كان السلوك متجهاً نحو الطعام استنتجنا دافع الجوع، وان كان متجهاً نحو الشرب استنتجنا دافع العطش، وإن كان متجهاً نحو الاجتماع بالناس استنتجنا الدافع الاجتماعي.

أنواع الدوافع

الدوافع أنواع منها:

1- الرغبة desire: يغلب استخدامها للإشارة إلى الدافع الشعوري المحدد. غير أن مدرسة فرويد تستخدم أحياناً كلمة رغبة لاشعورية أو رغبة مكبوتة، ولذلك تعد العقد complexes دوافع لاشعورية للسلوك لتضمنها طاقات وجدانية مكبوتة تدفع السلوك وتوجهه وجهات معينة.

2- الحافز drive: دافع داخلي فطري لا يتضمن معنى الشعور، والذين يستخدمون كلمة الغريزة يرون الغريزة حافزاً فطرياً يدفع إلى أنواع معينة من السلوك تؤدي إلى أهداف معينة حتى ولو لم يعلم بها الكائن. فالحافز الجنسي مثلاً يدفع الحيوان إلى القيام بعملية تؤدي إلى بقاء النوع واستمراره دون علم الحيوان بهذا الهدف البعيد.

3- دفع أو اندفاع impulse: ويتضمن معنى الدفع المباشر دون تلكؤ ودون توجيه إرادي أو تحكم في التنبيه، ولذا يستخدم اللفظ في العمليات الفيزيولوجية، أو للسلوك الاندفاعي الذي نصادفه في بعض الحالات المرضية، كما تستخدمه مدرسة التحليل النفسي للسلوك الغريزي فيكون قريباً من الحافز.

4- باعث incentive: دافع خارجي يؤثر في الدوافع الداخلية. فالجوع حاجة need (أي دافع داخلي يختص بالنواحي البيولوجية) أما الطعام فهو باعث (أي دافع خارجي يثير الجوع). كذلك تعد أنواع الثواب والعقاب بواعث خارجية تثير الدوافع والحاجات الداخلية.

5- ميل أو نزعة inclination: ويفيد عادة الميل الشعوري.

6- غريزة instinct: دافع أو حافز فطري.

7- حاجة need: وتعني احتياج الكائن، وتستخدم للدوافع الداخلية التي تدفع إلى سلوك يختص بالنواحي البيولوجية (الجوع والبحث عن الطعام).

8- حافز ملح (ضرورة) urge.

وثمة تسميات أخرى يدخلها بعضهم تحت مفهوم الدافع، مثل: الشهية appetite، والانفعال emotion، والهدف goal، والعادة habit، والمزاج temperament، والشغف أو الاهتمام interest.

تصنيف الدوافع

1- الدوافع الأولية أو الفيزيولوجية: وهي الدوافع الفطرية التي يولد الكائن الحي مزوداً بها غريزياً، والتي تشترك فيها جميع أنواع الكائنات الحية، وتهدف إلى الحفاظ على بقاء العضوية التي يؤدي غيابها أو فقدانها إلى فناء العضوية وتدميرها سواء على مستوى الأفراد، كدافع الجوع والعطش، أم على مستوى النوع، كالدافع الجنسي. والدوافع الغريزية أو الفطرية كثيرة منها دافع الحاجة إلى الهواء والحفاظ على حرارة الجسد والتخلص من التعب وتجنب الألم...

2- الدوافع الثانوية أو الاجتماعية: وهي دوافع خاصة بالإنسان دون غيره من الكائنات الحية. وهذه الدوافع دوافع متعلمة يتم اكتسابها مع النمو في عملية التنشئة الاجتماعية أو عن طريق الملاحظة، كالحاجة إلى الحب والاحترام والتقدير والأمن والإنجاز واللعب والاستقلالية والتخلص من التوتر. وتتمايز الحاجات الثانوية أو تتعدل مع مراحل النمو المختلفة. ولا يعني تقسيم الدوافع إلى أولية وثانوية أن الأولى مهمة بينما الثانية غير مهمة. فعدم إشباع الدوافع الثانوية يمكن أن يدفع الإنسان، بوصفه كائناً اجتماعياً، إلى تقويض روابطه الاجتماعية وإلى العنف والعدوان والأمراض النفسية والجسدية المختلفة.

وإذا ما أمعن المرء النظر في قول علي بن أبي طالب (رضي الله عنه)، فلعله يجد ما يوحي، إلى حد ما، بهذين التصنيفين في الأبيات التالية:

رأيت العقل عقلين

فمطبوع ومسـموع

فلا ينفع مسـموع

إذا لم يك مطبـوع

كما لا تنفع الشمس

وضوء العين ممنوع

3- دوافع التنبيه stimulus motives: وتتضمن التنبيه الحسي والاستكشاف ومعالجة البيئة. فدوافع التنبيه هي الدوافع التي تدفع الإنسان للحفاظ على مستوى معين من التنبيه، وهي على عكس الدوافع الفطرية، كدافع الجوع والعطش، التي تدفع بالعضوية نحو تحقيق حالة من الاسترخاء والتوازن، أي إلى خفض التنبيه. ودوافع التنبيه مهمتها مد الإنسان بدرجة معينة من الإثارة حتى يحافظ على نشاطه كأحلام اليقظة والدندنة مثلاً. أما دوافع الاستكشاف ومعالجة البيئة فتلاحظ في الأطفال خاصة، وهي دوافع مستقلة بغض النظر عن أي حاجة فيزيولوجية للكائن. وتتمثل هذه الدوافع باستكشاف البيئة ومحاولة معرفة الأشياء وكيفية عملها. وقد أوضح بياجه[ر] هذه الدوافع من خلال تجاربه وملاحظاته على الأطفال.

4- تصنيف ماسلو الهرمي: يرى ماسلو، وهو من علماء النفس الإنسانيين، أن الدوافع الإنسانية تنتظم هرمياً تبعاً لأهميتها، وتبدأ من الدوافع الفيزيولوجية في قاعدة الهرم ثم تأتي، وعلى التوالي، دوافع الأمن، والحب، والتقدير والاحترام، والدافع إلى الفهم المعرفي، والدوافع الجمالية، وأخيراً وفي قمة الهرم دافع تحقيق الذات. ويرى ماسلو أن الإشباع لا يمكن أن يتم إلا وفق تراتب هرمي، فنحن لا نستطيع إشباع دافع الأمن مثلاً ما لم يكن دافع الجوع مشبعاً وهكذا. وكلما تم إشباع مرتبة من الدوافع انتقل الإنسان للتفكير في المرتبة التي تليها. غير أن بعض علماء النفس الإنسانيين مثل كارل روجرز K.Rogers وغيره يرون أن الإنسان يمكنه أن يشبع الدوافع من المرتبة العليا وإن لم تكن الدوافع من المرتبة الأدنى مشبعة. ومثال ذلك الفنانون والعلماء الذين يكرسون حياتهم لفنهم وعملهم مع الفقر والحاجة.

تطبيقات الدوافع في الحياة اليومية

السلوك الإنساني سلوك هادف على الدوام، ولا يوجد سلوك عشوائي. فكل سلوك ينطلق من سبب ما ويسعى نحو تحقيق هدف معين. فالسلوك دائماً موجه نحو إشباع الدوافع الإنسانية وتحقيقها، سواء أكان ذلك سوياً أم مضطرباً. ومن الناحية الثانية فإن السلوك هو الذي يجعلنا نستنتج الدوافع الكامنة خلفه. ومن هنا تحتل مسألة الدوافع وتوجيهها مسألة مركزية في علم النفس. فالإنسان يسعى على الدوام نحو تأمين متطلبات عيشه واستقراره وتأمين مستقبله ومستقبل أطفاله وتعليمهم. والدوافع الإنسانية الثانوية خاصة، لا توجد من تلقاء نفسها دفعة واحدة، وإنما تتطور وتنمو من خلال عملية التنشئة الاجتماعية وتفاعل الإنسان مع بيئته. وعليه فإن تنمية الدافعية نحو التعلم والإنجاز والعمل والسلوك الصحي تحتل مركزاً مهماً في دراسات التعلم والعمل والصحة النفسية. وتعد معرفة الحاجات الإنسانية وفهمها حجر الأساس للانطلاق نحو فهم أفضل للدافعية والإنجاز. فالعامل أو الطالب الذي يشعر أن حاجاته الخاصة غير مشبعة، أو أن جهوده لا تؤدي إلى الإشباع المطلوب لحاجاته، سوف يصاب باليأس وتنخفض دافعيته للعمل والإنجاز، بينما إدراك الإنسان أن عمله وجهوده ستقود إلى النتيجة المرغوبة سيعزز لديه الدوافع ويقويها.

أما في مجال السلوك الصحي فتحتل الدافعية أهمية مركزية، لأنه من دونها لا يمكن للإنسان أن يحافظ على صحته وسلامته. وهنا تركز البحوث النفسية على تنمية الكفاءة الذاتية عند الأفراد، وعلى امتلاك القدرة على القيام بسلوك معين، وعلى إيمانه بقدرته على التنفيذ الفعلي. فعندما يعزو الإنسان أسباب سلوكه الخاطىء إلى نفسه وليس إلى الظروف، يكون قادراً على تغيير سلوكه وتقويمه، وعلى تغيير الدافع، وتغدو إمكانات التنفيذ الفعلي للقرار أكبر.

وفي مجال التعلم تحتل الدافعية للإنجاز دوراً أساسياً، فمن الصعب أن تتكوّن عند الإنسان الدوافع نحو التعلم الذاتي، ونحو الحلول الابتكارية للمشكلات التي تواجهه من دون دافعية التعلم. وقد بينت أبحاث دوافع الإنجاز والتعلم كيف يمكن توليد منظومة من التعزيز الذاتي لدى الأطفال لتوليد الدوافع نحو التعلم والإنجاز. ومن الخطوات التي تساعد على إنشاء منظومات التعزيز الذاتي نحو الإنجاز والتعلم عند الأطفال:

ـ خبرة الكفاءة الذاتية أو ما يسمى بدوافع الكفاءة أو الفاعلية التي يخبرها الطفل منذ سنته الأولى بالرمي المتكرر للعبة ما على الأرض، أو ضرب شيء ما بالأرض وإصدار أصوات.

ـ التنفيذ المستقل للفعل، وهذا ما نلاحظه عند الطفل الذي يصر على تناول الطعام وحده ورفضه للطعام من يد أمه. وهذا ما يولد لديه السعادة ودافع الاستقلالية.

ـ الربط بين نتيجة التصرف والصلاحية الذاتية. فبعد السنة الثالثة والنصف يبدأ الأطفال بعزو نجاحهم في العمل إلى صلاحيتهم أو مقدرتهم الذاتية، والفشل إلى عدم صلاحيتهم. وفي هذه المرحلة يتحقق مركب أساسي من مركبات دافع الإنجاز، إذ ينشأ لدى الطفل هنا تصور سببي يربط بين سلوكه وإنجازه، فيرى أن مقدرته هنا هي السبب في نتيجة عمله.

ـ التفريق بين المقدرة الذاتية وصعوبة المهمة، أي تعلم التفريق بين الفشل الناجم عن عجز المقدرة الذاتية والفشل الناجم عن طبيعة المهمة. ويختلف الأطفال في كل مرحلة من مراحل نموهم في تحديد نصيب كل من الفشل وطبيعة المهمة، إلا أن أطفال السنة الخامسة يستطيعون التفريق بين الطرفين. إن إدراك الأطفال للنجاح في هذه المرحلة والمراحل اللاحقة، على الرغم من صعوبة المهمة، يقود إلى تعزيز المقدرة الذاتية لديهم. ويعد التفريق بين الفشل الناجم عن عدم المقدرة والفشل الناجم عن صعوبة المهمة أمراً حاسماً لتقدير قدرات الفرد وإمكاناته الذاتية في المراحل الحياتية اللاحقة، إضافة إلى التشكيل الفردي لمستوى الطموح والتمييز بين الجهد والمقدرة.

سامر رضوان

مراجع للاستزادة:

 ـ عبد الخالق، أحمد محمد: أسس علم النفس (دار المعرفة الجامعية، الإسكندرية 1991).

- Hillig, Axel: Die Psychologie . Ein Sachlexikon fuer die Schule. Manheim. Leipzig. Wien. Zuerich. Dudenverlag. 1996.

- Peters, U. H. Woerterbuch der Psychiatrie und Medizinischen Psychologie. Bechermuenz Verlag (Augsburg 1987).

 


التصنيف : تربية و علم نفس
المجلد: المجلد التاسع
رقم الصفحة ضمن المجلد : 153
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 1098
الكل : 40909946
اليوم : 329

الإلكترون (مضاد-)

الإلكترون (مضاد ـ(   مضاد الإلكترون antielectron يسمى بوزيترون positron، وهو جسيم كتلته السكونية تعادل كتلة الإلكترون السكونية m وشحنته الكهربائية مكافئة لشحنة الإلكترون e- بالقيمة المطلقة لكنها تختلف عنها بأنها موجبة، وللبوزيترون «سبين  spin» يساوي «سبين» الإلكترون (ħ/2) حيث ħ يمثل ثابت بلانك مقسوماً على 2π. ويسمي بعضهم «السبين» الاندفاع الزاوي الذاتي.
المزيد »