logo

logo

logo

logo

logo

التل (مدينة-)

تل (مدينه)

Tall city - Ville Tall

السينما

 

قسمت الحرب العالمية الأولى أوربة سينمائياً إلى ثلاثة أقسام: فرنسة وإنكلترة وإيطالية ـ المتأثرة بالغزو السينمائي الأمريكي ـ في الغرب، وروسية في الشرق، وألمانية في الوسط. وقد أصدر الجنرال لودندورف Ludendorf  وزير الحرب الألماني وقتئذٍ الأمر إلى القيادة العسكرية للتعاون مع المصارف والصناعات الكيمياوية والكهربائية وصناعات التسلح من أجل تأسيس شركة سينمائية ضخمة تحت اسم الشركة العالمية المساهمة للسينما (أوفا) Universum-Film-Aktiengesellschaft (UFA)، وانضم إليها ممثلون ومخرجون من مدن أوربية مختلفة مثل فيينة وبراغ ووارسو وبودابست، ومنهم روبرت فيينه Robert Wiene والراقصة بولا نيغري Pola Negri، وقام بعض الرواد مثل إرنست لوبيتش Ernst Lubitsch، وألكسندر كوردا Alexander Korda بصنع أفلام هزلية وأفلام تعتمد على أسلوب القصص البسيطة من الحياة اليومية. ونجم عن ذلك نجاح كبير واتجاه مغاير لاتجاه التعبيرية expressionism التي بدأت ترسي قواعدها. وكان فيلم «عيادة الدكتور كاليغاري» Das Kabinett des doktor Caligari رائد أفلام التعبيرية، إذ وضع فيه كاتبا السيناريو: النمسوي كارل ماير Karl Mayer، والتشيكي هانس يانوفيتس Hans Janowitz الكثير من تجاربهما الشخصية التي تحمس لها المنتج الجريء إيريش بومر Erich Pommer، فكلف المخرج روبرت فيينه تصوير مشاهد هذا الفيلم في شوارع برلين ومسارحها وفق الطريقة التعبيرية الشائعة تلك الأيام. لكن المخرجين الحقيقيين لهذا الفيلم كانوا مهندسي الديكور الذين قاموا بالعمل الرئيس الماهر فصوروا الجدران المائلة المهددة بالانهيار والغرف والأبنية الغريبة المخيفة.

ثم أتى بعد روبرت فيينه المخرج فريتس لانغ Fritz Lang الذي أخرج فيلم «الموت المتعب» der muede tod، والمخرج باول فغنر Paul Wegener وفيلمه «الغوليم» der Golem ومخرجون آخرون. لكن كاتب النص السينمائي (السيناريو) كارل ماير، الذي يعد أحد أعمدة المدرسة التعبيرية، عاد إلى موضوعات بسيطة من واقع الحياة اليومية لبسطاء الناس. وقد تأثر ماير بالمخرج النمسوي غ. ف. بابست G.F.Pabst فعرض في فيلم «الحي البائس» الطبقات الاجتماعية الدنيا وما تعانيه من البؤس الشديد الذي تعيش فيه، فكان قفزة نوعية لـها أهميتها في تاريخ تطور الفيلم والسينما في ألمانية. وكانت أفلام غ. ف. بابست فاتحة أفلام «الموضوعية الجديدة» die neue Sachlichkeit، لكن ضغط النازيين في توجيه الفن الدعائي ازداد بقدر كبير مما دفع كثيراً من السينمائيين  للهجرة إلى بلدان أوربة المجاورة أو إلى هوليوود. أما من تبقى منهم في ألمانية فكان عليه صنع الأفلام الهتلرية الدعائية حصراً، وكان من أهمهم المخرجة ليني ريفنشتال Leni Riefenstahl. واستمرت هذه الحالة حتى نهاية الحرب العالمية الثانية واستسلام ألمانية في 8/5/1945.

بعد تقسيم ألمانية إلى دولتين، بدأ العمل السينمائي في ألمانية الديمقراطية بإعادة إعمار استوديوهات شركة أوفا الضخمة التي دمرها طيران الحلفاء في الحرب، وسميت استوديوهات ديفا DEFA (الشركة الألمانية المساهمة للسينما Deutsche-Film AG). وكان من إنتاج هذه الشركة التي تم افتتاحها في السابع عشر من أيار عام 1946، سلسلة أفلام تدين النازية وتبرز صورتها البشعة في محاولة لاجتثاث جذورها المتبقية، وكان أهم هذه الأفلام فيلم «القتلة بيننا» Die Moerder sind unter uns من إخراج فولفغانغ شتاوته Wolfgang Staudte. واستطاع خبراء هذه الاستوديوهات التوصل للمرة الأولى في تاريخ السينما، إلى طريقة تمكنهم من تسجيل الصوت داخل الاستوديو بطريقة الشريط المغنطيسي. وإضافة إلى شتاوته برز أيضاً المخرج كورت مايتسيغ Kurt Maetzig في فيلمه «زواج في الظل"، والمخرج سلاتان دودوف Slatan Dudow، وهو من أصل بلغاري، كان قد صنع فيلم «كوله فامبه» Kuhle Wampe، وهو من أهم أفلام ما قبل النازية. وكان دودوف قد تعاون مع المسرحي الألماني المعروف برتولد برشت Bertold Brecht في كتابة السيناريو لهذا الفيلم. وفي نهاية الستينات وبداية السبعينات توجه السينمائيون الألمان الشرقيون إلى طريقة جد موضوعية وواقعية في معالجة موضوعاتهم، فكان فيلم «أسطورة باول وباولا» Die Legende von Paul und Paula فاتحة موجة أفلام الواقعية الاشتراكية. وقد تأثرت هذه المدرسة الألمانية كثيراً بمدرسة الواقعية الجديدة الإيطالية من حيث تقديم الواقع من دون تزييف أو تزوير.

وجهد سينمائيو الديفا في صنع أفلام رائدة وكان منهم راينر سيمون Rainer Simon صاحب فيلم «المرأة والغريب»، ولوتر فارنيكه Lothar Warnecke مخرج فيلم «التانغو الأشقر»، والمخرج فرانك باير Frank Beyer وفيلمه «أثر الحجارة»، وكونراد فولف Konrad Wolf الذي سمي المعهد العالي باسمه،  وقد أخرج كثيراً من الأفلام المهمة مثل: «كنت في التاسعة عشرة» وفيلم «سوني الوحيدة» Solo Sunny. إلا أن هؤلاء السينمائيين لم ينالوا التقدير العالمي المنشود على موهبتهم التي لا يستهان بها وذلك بسبب الحظر غير المعلن الذي كانت أوربة الغربية وأمريكة تفرضانه على أفلام المعسكر الشرقي آنذاك مما حال دون انتشار هذه الأفلام في العالم.

أما في جمهورية ألمانية الاتحادية، فقد قام الحلفاء الغربيون وعلى رأسهم الأمريكيون بوضع خطة طموحة لإعادة إعمار الجزء الواقع تحت سيطرتهم بأسرع وقت ممكن وأطلقوا على الخطة اسم «مشروع مارشال». وحاول بعض السينمائيين وضع خطوط عريضة لسينما وطنية ألمانية مستقلة عن السينما الأمريكية. وكان من ممثلي هذا الجيل المخرج ألكسندر كلوغه Alexander Kluge، والمخرج فولكر شلوندورف Volker Schloendorf وغيرهما. وكانت المهمة التي وضعوها لأنفسهم ترمي إلى النهوض بصناعة سينمائية ألمانية أصيلة تعالج مشكلات المجتمع الألماني بعد النازية.

لكن الجيل الجديد، اتهم هؤلاء بالمعالجة السطحية والنظرة غير الواقعية. وكان من ممثلي هذا الجيل الذي قدم كثيراً من روائع السينما العالمية المخرج فِرنر هرتسوغWerner Herzog ومن أفلامه «فيتسكارّالدو» Fitzcarraldo الذي اعتمد على الممثل المشهور كلاوس كينسكي Klaus Kinski، ومنهم كذلك المخرج فيم فيندرز Wim Wenders الذي أخرج فيلم «باريس ـ تكساس» وفيلم «السماء فوق برلين"، والمخرج الشاب راينر فرنر فاسبيندر Rainer-Werner Fassbinder الذي عرف بجرأته وصراحته وشجاعته، وكان الأغزر إنتاجاً إذ أخرج نحو أربعين فيلماً، وأكثر من سبعين ساعة تلفزيونية في حياته القصيرة التي دامت سبعة وثلاثين عاماً فقط. ومن أفلامه: «تاجر الفصول الأربعة»، وفيلم «ليلي مارلين» Lili Marlen، وفيلم «زواج ماريا براون».

وتأثرت استوديوهات الديفا، اقتصادياً، ومنيت بخسارة مالية كبيرة على أثر وحدة الدولتين الألمانيتين عام 1990، فعمدت إلى تسريح الآلاف من عمالها بقصد التوفير، لكن الديفا عادت إلى مزاولة نشاطها الفني عام 1992. ومع أن الأفلام التي صورت بعد الوحدة كانت على الأغلب ذات طابع هزلي ساذج، بعيد عن البحث والتعمق في المشكلات العامة التي تركتها سنوات الفصل بين الدولتين، فإن السينمائيين الألمان متفائلون بعودة قوية لسينما ألمانية موحدة.

 

فراس دهني

 

التصنيف : التاريخ و الجغرافية و الآثار
النوع : سياحة
المجلد: المجلد السادس
رقم الصفحة ضمن المجلد : 807
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 1088
الكل : 40489866
اليوم : 19681

زاتوبيك (إيميل-)

زاتوبيك (إيميل ـ) (1922 ـ 2000)   إيميل زاتوبيك Emile Zatopek بطل جري أسطوري ولد في مدينة براغ بتشيكوسلوفاكيا. نال شهادة العلوم باختصاص الكيمياء، ثم التحق بالجيش ووصل لرتبة كولونيل (عقيد). عدَّ زاتوبيك عملاق سباقات المسافات الطويلة في ألعاب القوى في منتصف القرن العشرين ولايزال عملاقها. ونال في أولمبيادين متتاليين 4 ذهبيات وفضية.
المزيد »