logo

logo

logo

logo

logo

إيرلندة (الأدب)

ايرلنده (ادب)

Ireland - Irlande

إيرلندة

 

إيرلندة Irland مجموعة جزر في المحيط الأطلسي مجاورة للجزر البريطانية وتفصل بينهما قناة الشمال وبحر إيرلندة وقناة سان جورج.

تتألف إيرلندة من جزيرة رئيسية كبرى ومجموعة جزر صغيرة تجاورها من جهة الغرب وتقسم سياسياً إلى قسمين: الأول تمثله جمهورية إيرلندة، وتتكون من 26 كونتية (مقاطعة) من أصل 32 كونتية تضمها الجزيرة. أما الكونتيات الست الباقية فتؤلف ما يسمى بإيرلندة الشمالية وهي تابعة للمملكة المتحدة[ر]، ويطالب سكانها بالاستقلال عنها.

وتتصف إيرلندة طبيعياً وبشرياً بأحوال مشابهة لبلدان أوربة الغربية وخاصة بريطانية. فيسودها المناخ المحيطي الأطلسي وتتنوع في أرضها التكوينات الجيولوجية القديمة والحديثة، بعد أن انحسرت عنها الجليديات. وكانت أراضيها مسرحاً لحروب ونزاعات دينية وسياسية ومجاعات وأوبئة، مما دفع كثيراً من السكان إلى الهجرة. وبقيت البلاد، حتى عهد قريب نهباً للتخلف الاجتماعي والاقتصادي، خلافاً لبقية بلدان أوربة الغربية المجاورة.

وقد شهدت جمهورية إيرلندة بعد استقلالها عن بريطانية نهضة اقتصادية واجتماعية ملحوظة، وغدت عضواً في المجموعة الاقتصادية الأوربية.

الموقع والحدود والمساحة والأبعاد

تقع جمهورية إيرلندة في الجزء الشرقي من المحيط الأطلسي بين خطي الطول 6 درجات و30 دقيقة و10 درجات و30 دقيقة غربي غرينتش ودائرتي عرض 51درجة و30دقيقة و55درجة و12دقيقة شمالاً (هذه الإحداثيات خاصة بجمهورية إيرلندة من دون إيرلندة الشمالية)، ويفصلها عن البر الأوربي الجزر البريطانية وبحر الشمال. ويتقارب البر الإيرلندي من البر البريطاني عند قناة الشمال، إذ لا يزيد عرض الماء الفاصل بينهما على 23 كم. وتبلغ المساحة الكلية لجزيرة إيرلندة والجزر الصغيرة التابعة لها نحو 84421 كم2، تشغل منها جمهورية إيرلندة نحو 70273 كم2، أي نحو 83% من مجمل المساحة، أما الباقي فيؤلف إقليم إيرلندة الشمالية التابعة للمملكة المتحدة من دون الجزر الصغيرة.

الجغرافية الطبيعية

ترتكز أراضي إيرلندة على قاعدة تعود إلى الحقب الجيولوجي الأول. وقد أصابت الجزيرة التواءات عنيفة تعود إلى الحقب نفسه كالالتواءات الكاليدونية والهرسينية. وبفعل هذه الالتواءات تكثر في البلاد الصخور المتحولة كالغنايس والميكاشيست والكوارتزيت، إلى جانب الصخور الرملية والكلسية القديمة. ولم تتعرض الأراضي الإيرلندية طوال الأحقاب الجيولوجية التالية لحركات التوائية، وإنما شهدت في بداية الحقب الجيولوجي الثالث انسياحات بازلتية غطَّت بعض أجزاء الشمال الشرقي من الجزيرة. 

وبسبب الهدوء الطويل الذي عرفته الأراضي الإيرلندية، عمل الحت فيها بنشاط كبير، ساعد على ذلك الطغيان الجليدي، والتأثيرات المناخية المحيطية من رطوبة وأمطار. وقد عمل الحت بنشاط في الصخور الكلسية الكاربونيفيرية المفروشة فوق الصخور الرملية القديمة وفوق القاعدة الكاليدونية الملتوية. ويتوضع في السهل الأوسط غطاء كثيف من الجليديات المجروفة غير المستوية، تتلاءم مع شبكة أودية ذات نظام جريان غير مستقر. فالأنهار تسير متعرجة من بحيرة إلى أُخرى متبعة انحداراً ضعيفاً وغير مستمر. وفي بعض الأماكن تظهر بعض الهضاب والتلال الصخرية، خاصة في الجنوب، حيث تقطع تناسق السهل ووحدته. كما توجد أحواض مفصولة بعضها عن بعض بوجود المرتفعات الشمالية الجنوبية مثل حوض دبلن المفتوح على بحر إيرلندة في الشرق، وحوض شانون Shannon في الوسط. أما في الجنوب فإن عمل الجليديات خلّف وراءه كثيراً من «الفيوردات» الطويلة (أودية حفرتها الجليديات وغمرتها مياه البحر فيما بعد).

وترتفع على أطراف السهل بعض السلاسل الجبلية المتفاوتة الامتداد والارتفاع. ففي الشمال توجد سلسلة جبلية تتألف في الغرب من جبال كونيمارا Connemara ومايو Mayo وهي جبال ذات صخور متبلورة نحتها الجليد، فكثرت فيها الحفر التي تكوّن البحيرات. ثم تأتي، بعد تقدم السهل الأوسط نحو الشمال، الجبال الشرقية التي يقع أغلبها في القسم الإنكليزي ماعدا كتلة دونيغال Donegal المكونة من الصخور المتحولة التي ترتفع في قمة إيريغال Errigal الكوارتزية إلى 752م.

أما في الجزء الجنوبي من إيرلندة فتوجد سلسلة جبلية أكثر ارتفاعاً من السلسلة الشمالية، وتتضمن ثلاثة أجزاء هي: جبال مونستر Munster وهي الأكثر ارتفاعاً في البلاد (ترتفع قمة كارَنْتيوهيل Carrantuo hill إلى نحو 1041م)، وإلى الشرق يوجد الجزء الثاني المكّون من جبال متطاولة في السهل الأوسط، ويتباعد بعضها عن بعض فتتخللها بعض المساحات الكلسية مثل سهل تيبيراري Tipperary، ووادي بارو Barrow، وفي جنوبي دبلن تظهر الكتلة الجبلية الثالثة وتتكون من جبال ويكلو Wicklow وهي كتلة غرانيتية يعلوها غطاء من الكوارتزيت.

ويسيطر المناخ المحيطي الأطلسي على إيرلندة. لذلك فإن الفروق الحرارية السنوية لاتزيد على 10درجة مئوية، بسبب اعتدال فصلي الشتاء والصيف. أما الهطل فيصل إلى حدود المتر في المناطق الساحلية الغربية، ويزيد على ذلك في المناطق الجبلية. وتسود الرياح الغربية في البلاد على الدوام تقريباً، وتتصف بالشدة غالب الأحيان، والسماء ملبدة بالغيوم في أكثر أيام السنة، لذلك تهطل الأمطار في 200 يوم في السنة على الأقل، ويزداد الهطل في فصل الشتاء وأغلبه يكون على شكل رذاذ، وقليل من الثلوج.  

إن لطافة المناخ في إيرلندة والرطوبة الجيدة والدفء الذي يجلبه تيار الأطلسي الشمالي المتصل بتيار الخليج، وهبوب الهواء الشديد تعوض كلها عن نقص الإشعاع الشمسي، مما يساعد على نمو النباتات على نحو غير معتاد في تلك العروض، وهذا ما دعا إلى تسمية إيرلندة بالبلاد الخضراء. إذ تنمو غابات البلوط على المنحدرات الجبلية، في حين تسود على القمم شجيرات الرَّتَم Ajonc والَخلَنْج Bruyére، أما في المناطق المنخفضة، حيث تكثر المياه الراكدة، فتسود نباتات قزمية وطحالب المستنقعات التي تتحول إلى اللَبدَ (التورب) Tourbe الحامض عند تفسخها.

أما المياه فهي كثيرة في إيرلندة، فالبحيرات أكثر من أن تُعدّ بفضل التضاريس الجليدية، وكثرة الهطل وانتشار المياه الجارية في السهل الأوسط. وتغطي البحيرات 2% من مساحة البلاد وأكبر هذه البحيرات في الجزيرة الرئيسية هي بحيرة لوغ نيغ Lough Neagh الواقعة في إيرلندة الشمالية أما في جمهورية إيرلندة فأهمها بحيرات لوغ دِرغ L.Derg وغوريب L.Gorrib. كذلك فإن الأنهار الدائمة الجريان في إيرلندة كثيرة وأهمها نهر شانون الذي تستغل مياهه لتوليد الطاقة الكهرمائية عند مساقط كيلالو Killaloe، وهو ينبع من ارتفاع 49م عن سطح البحر ويجري متعرجاً بين البحيرات والمستنقعات على طول 300 كم قبل مصبه في البحر.

الأوضاع السكانية

عَرَفت إيرلندة في القرن التاسع عشر والنصف الأول من القرن العشرين كوارث سياسية واجتماعية أدت إلى انتشار البؤس والجوع في البلاد، مما اضطر السكان إلى الهرب بحثاً عن لقمة العيش وملجأ الأمان في البلدان الأوربية والأمريكية. لذلك تناقص عدد السكان تناقصاً لا مثيل له في أقطار العالم الأخرى. فقد بلغ عدد سكان إيرلندة كلها في عام 1845 نحو 8.5 ملايين نسمة، ثم عملت المجاعة عملها في الفتك بالسكان، فمات قسم وهاجر قسم كبير ممن بقي حياً. وهكذا بدأ عدد السكان بالتناقص السريع حتى بلغ في عام 1926 نحو 4.2 ملايين نسمة، وهو ما يعادل نصف عدد السكان في منتصف القرن التاسع عشر، ولأقل من ذلك حتى أواسط القرن العشرين. وبفضل تحسن الوضع السياسي والاقتصادي في البلاد، خاصة في النصف الثاني من القرن العشرين، توقفت حركة الهجرة إلى خارج البلاد، بل وبدأ الإيرلنديون يعودون إلى بلادهم، وخاصة أولئك الذين كانوا يقيمون في بريطانية وبلدان أوربة الأخرى. ثم اطّرد ازدياد عدد السكان بنسبة 1% سنوياً حتى وصل إلى 3.44 ملايين نسمة عام 1981 و3.661.000 نسمة عام 1997، وأصبحت الكثافة السكانية في جمهورية إيرلندة 48.9 نسمة/كم2 عام 1981، و52 نسمة/كم2 عام 1997. وتتفاوت الكثافة من منطقة إلى أُخرى، إذْ ترتفع إلى 160 نسمة/كم2 في بعض المناطق الساحلية في الغرب، في حين تتدنى عن الحد المتوسط في بعض المناطق الوسطى والجبلية في الشمال.

ويُعدّ العمل الريفي حتى اليوم النشاط الأهم لدى السكان ويعمل 70% من القوى العاملة في الزراعة في الكونتيات الشمالية. ومع حركة الهجرة إلى المدينة فإن 58% من سكان إيرلندة يقطنون المدن. وقد كان للهجرة خارج البلاد نتائج خطيرة، فقد سلبت البلاد شبابها. وأنقصت من ثم نسبة الزواج إلى 5.5 بالألف وهي أخفض نسبة في العالم، مما زاد في نسبة كبار السن. ومنذ عام 1970 انخفض العمر المتوسط للزواج، وتزايد عدد الأطفال حتى أصبح نصف عدد السكان يقل عمرهم عن عشرين سنة، كما ارتفعت نسبة الولادات وبلغت 1.3 بالمئة عام 1997، ومع ذلك فإن وفيات الأطفال بقيت مرتفعة نسبياً (0.9 بالمئة).

إن تزايد النشاطات الاقتصادية وتنوعها الملحوظين تَطَورا في السنوات الأخيرة، وأصبح السكان الذين يؤلفون قوة العمل في عام 1997 موزعين في النشاطات الاقتصادية المختلفة على النحو التالي: 10% في الزراعة و29%في الصناعة و60% في قطاع التجارة والخدمات والباقي في قطاعات أخرى.

وأهم المدن الإيرلندية التي تجتذب السكان بسبب التطور الصناعي والتجاري والخدمي مدينة بيل آثاكليات أو دبلن[ر]، وهي عاصمة جمهورية إيرلندة وبلغ عدد سكانها 1.008.240 نسمة عام 1997، وهي منذ عام 1170 المركز الاستراتيجي والإداري الأول في الجزيرة، وأهم مركز ثقافي في البلاد، وقد أُسست فيها جامعة في عام 1591، وهي كذلك القطب الصناعي والتجاري في البلاد وأكبر ميناء فيها، طاقته التصديرية 7.9 ملايين طن. ومن المدن المهمة الأخرى في جمهورية إيرلندة مدينة كورك (180.000) Cork نسمة وغالوي Glaway وليمريك Limerick وكينغستاون Kingstown وغيرها، وعموماً يتميز الداخل والشمال الغربي بطابعه الريفي وقلة المدن.

يدين سكان إيرلندة بالكاثوليكية والبروتستنتية، وكانت الخلافات المذهبية أحد الأسباب الرئيسية لما شهدته إيرلندة من كوارث ومنازعات، وحروب أهلية لم تنته حتى اليوم. بل إن تقسيم الجزيرة له أسباب طائفية فسكان جمهورية إيرلندة كاثوليكيون، في حين يعتنق نحو 63% من سكان إيرلندة الشمالية المذهب البروتستنتي، ويمثل الكاثوليك فيها أقلية طائفية ويحتلون مرتبة اجتماعية متخلفة. 

الجغرافية الاقتصادية

اصطدمت المحاولات التي قامت بها السلطات الحكومية لتحسين الأوضاع الاقتصادية في جمهورية إيرلندة بنقص الموارد الطبيعية ومصادر الطاقة. وما يستغل منها اليوم يتمثل في منجم للانتراسيت بلغ إنتاجه نحو 60 ألف طن، وهذه الكمية لاتكفي سوى 10% من حاجات البلاد. أما التورب فيستغل على نطاق واسع، مع أن قدرته الحرارية منخفضة. ويبلغ إنتاجه السنوي نحو 7.5 ملايين طن تستخدم وقوداً في المزارع ومصانع توليد الكهرباء وفي بعض الصناعات. كما يستغل بعض المناجم المعدنية كالنحاس في أفوكا Avoca على بعد 6 كم إلى الجنوب من دبلن، وهو أهم مناجم النحاس في أوربة. ويستخرج الرصاص من خليج سليغو (28800)Sligo  طن ثم الجص والسيليس والزنك والبيريت. وتساعد هذه المناجم على قيام صناعة استخراجية تشرف عليها شركات حكومية مع مساعدات رؤوس أموال كندية وإنكليزية وأمريكية.

أما الزراعة فما زالت تسيطر على الحياة الاقتصادية في إيرلندة، مع أنها لاتشمل سوى 10% من السكان العاملين ولا تمثل سوى 11% من الدخل القومي، و37% من الصادرات في عام 1986. وقد أدخلت السلطات المختصة إصلاحات كثيرة في مجال الزراعة كسن قوانين الإصلاح الزراعي، وتوزيع أراضي كبار الملاك على الفلاحين، ومنح القروض الطويلة الأجل بفائدة منخفضة. كما جرت تحسينات خدمية في الأرياف، كتأمين الكهرباء والآلات الزراعية والمياه... وهكذا شهدت الزراعة تحسُّناً ملحوظاً في المردود، وزاد الإنتاج بصفة عامة. وأهم المحاصيل التي تنتجها إيرلندة الشعير والبطاطا والشوندر السكري والشوفان والجودار وحشيشة الدينار والقمح. وبسبب الظروف المناخية فإن تربية الحيوان أساسية في الجزيرة. فهي تنتج 80% من العائد الزراعي. وتمتلك البلاد نحو 6.7 ملايين رأس من الأبقار و3.5 ملايين رأس من الأغنام، و1.1 مليون رأس من الخنازير ولقد تحسنت المواصفات النوعية للحيوانات، لذلك ازداد إنتاج اللحوم بأكثر من أربع مرات بين عامي 1946-1996 وهي أهم المنتجات الحيوانية في البلاد كما تضاعف إنتاج الحليب وهو المنتج الثاني من حيث الأهمية. كذلك شهدت البلاد تطوراً في إنتاج الصوف والدواجن والبيض.

أما في قطاع الصناعة فقد شهدت إيرلندة تحولات عميقة في مجال الإنتاج وزيادة الصادرات. وتعد الصناعات الغذائية أهم الصناعات التقليدية في البلاد، وتستخدم نحو خمس مجموع الأيدي العاملة في الصناعة. ومن أهم هذه الصناعات صناعة المشروبات الروحية وخاصة الويسكي والبيرة، وصناعة تحضير اللحوم ومنتجات الألبان وسكر الشوندر، وصناعة الحلويات والشكولا. وتقوم هذه الصناعات خاصة في دبلن وكورك وليمريك ووترفورد وتولامور Tullamore وغيرها. ومن أهم الصناعات التقليدية الأخرى صناعة الجلود والأحذية والنسيج، وخاصة الصوف والكتان. أما الصناعات الحديثة، فقد نمت بمساعدة الحماية الجمركية الصارمة وتوافر رؤوس الأموال الأجنبية. ففي عام 1995 تم إحصاء 800 شركة أجنبية في إيرلندة استوعبت 120 ألف فرصة عمل أي ما يعادل 39% من مجمل المستخدمين في الصناعة الإيرلندية. وتعمل هذه الشركات في شتى فروع الصناعة كالآلات الزراعية، والأسمدة الفوسفاتية، وصناعة الفولاذ وصناعة السيارات وصناعة الألمنيوم والأدوات الكهربائية وتكرير النفط.

ومع التطور الكبير الذي حققه الاقتصاد الإيرلندي، فإن الميزان التجاري الإيرلندي في أغلب السنوات مازال خاسراً. ففي عام 1955 كانت قيمة الصادرات تعادل 50% من قيمة الواردات، وفي عام 1982 أصبحت الصادرات تغطي 74% من قيمة الواردات، وفي عام 1997 بلغت قيمة الواردات 34003مليون دولار والصادرات 46230 مليون دولار. وتتألف أربعة أخماس الواردات من المواد الأولية والتجهيزات. وتمثل الصادرات الزراعية نحو 41% من مجمل الصادرات وتمثل المملكة المتحدة أكبر زبون للتجارة الإيرلندية.

أما قطاع السياحة فقد تطور كثيراً في الجزيرة إذ يغطي دخل السياحة في بعض السنين نصف خسارة الميزان التجاري.

كانت إيرلندة من بلاد العالم المديونة بمبالغ كبيرة ثم تراجعت كثيراً اليوم، وتصل قيمة التضخم فيها إلى نحو 1.8% للمدة مابين 1990- 1997. كما ارتفع عدد العاطلين عن العمل حتى بلغت نسبتهم 17% عام 1995 ويعد نصيب الفرد من الدخل القومي في إيرلندة أضعف نصيب في أوربة الغربية، ويقدر بـ 17.970 دولار للفرد الواحد في عام 1997.

تاريخ إيرلندة

قطن الإنسان جزيرة إيرلندة وأعمرها منذ أقدم العصور، وقد عرفت بعض التطور في العصر البرونزي بفضل مناجمها من النحاس. ولم تعرف أصول سكان إيرلندة القدماء إلا من دراسة بقايا العظام التي عثر عليها، ويعتقد أنها تعود إلى أحد عروق البحر المتوسط، وربما كان هؤلاء من الفينيقيين الذين وصلوا إلى تلك البلاد قبل الميلاد بحثاً عن المعادن، وفي القرن السادس الميلادي غزَا السلت Celtes الجزيرة واحتلُّوها بسهولة بفضل أسلحتهم القوية المصنوعة من الحديد. وقد أقاموا في إيرلندة دويلات صغيرة، كل دولة لها ملك ومجلس نواب ومجلس شيوخ من الرجال الأحرار إذ كان المجتمع في هذه الدول ينقسم إلى طبقة أحرار وطبقة عبيد.

ومنذ أواسط القرن الثالث الميلادي، وفي الوقت الذي ضعف فيه الاحتلال الروماني لإنكلترة، صار الإيرلنديون يغيرون على السواحل البريطانية، بل لقد أقام بعضهم داخل بريطانية بعد احتلالها، وهكذا أصبحت إيرلندة على احتكاك مع الحضارة الرومانية. ثم دخلت مرحلة جديدة في حياتها مع دخول المسيحية إليها على يد القديس باتريك Saint Patrick عام 432. وحتى الاجتياح النورمندي في بداية القرن التاسع، فإن تطور المسيحية الذي اختلط مع التقاليد السلتية القديمة كون العنصر المهم في تاريخ البلاد. فقد اختفت طبقة العبيد، وانتهى التمييز القديم بين سكان إيرلندة القدماء البيكت Pictes والسلت، وشهدت البلاد تطوراً ثقافياً شاملاً، كما تداخلت الثقافتان السلتية واللاتينية.

وفي منتصف القرن التاسع غزا النروجيون ثم الدنماركيون الجزيرة، وشهدت البلاد في عهدهم تراجعاً وتخلفاً ملحوظين. وبعد نضال مُرِّ حرر الإيرلنديون غالبية أراضيهم من الدنماركيين في عام 1002، وعملوا على إعادة بناء الجزيرة وخاصة في عهد الملك بريان بورو Brian boru. وبعد حين من الاضطرابات والإصلاحات الدينية في القرنين الحادي عشر والثاني عشر، تعرضت البلاد لغزو مزدوج إنكليزي نورمندي. وقد أعطى البابا أدريان الرابع Adrien IV ملك إنكلترة هنري الثاني إيرلندة، وتبنت الكنيسة الإيرلندية بعدها تعاليم الكنيسة الإنكليزية بل أصبحت إيرلندة تدار بعد ذلك من قبل البرلمان الإنكليزي في لندن حتى القرن العشرين. وقد عرفت البلاد أسوأ أنواع البؤس والجوع والاضطهاد في القرنين الثامن عشر والتاسع عشر، فترك الناس البلاد وهاجروا إلى مختلف بلدان أوربة وأمريكة وأسترالية.

ومع نهاية القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين، بدأت إيرلندة تسير نحو التحديث والوعي الوطني المنظم، فأُنشئت المؤسسات التعليمية الوطنية، وتألفت النقابات العمالية وظهرت الأحزاب السياسية، وأصبحت البلاد تعيش حقاً ثورة ثقافية تعمق التناقض بين التبعية الاستعمارية من جهة والوطن الإيرلندي الحر من جهة أخرى. وفي عام 1912 كادت البلاد أن تدخل في حرب أهليةّ بين الكاثوليك والبروتستنت، إلا أن قيام الحرب العالمية الأولى وحَّد الإيرلنديين تحت القيادة الإنكليزية. وفي 23 كانون الأول عام 1920 صوَّت برلمان ويست منستر Westminster على قانون قسم إيرلندة إلى وحدتين سياسيتين، لكل منهما دستورها الخاص: جمهورية إيرلندة في الجزء الأعظم من الجزيرة، وإيرلندة الشمالية وتتكون من مقاطعة أولستر القديمة وتتبع للمملكة المتحدة. إن اقتطاع هذا الجزء الأخير من الجزيرة جاء مؤيداً للبروتستنت الذين يؤلفون نحو ثلثي السكان في إيرلندة الشمالية، أضف إلى ذلك أن هذا الجزء من الجزيرة هو الأكثر تطوراً من الناحية الاقتصادية. وفي 22 حزيران عام 1921 افتتح الملك جورج الخامس برلمان إيرلندة الشمالية، ولهذا البرلمان صلاحيات داخلية، كما يمثل مصالح إيرلندة الشمالية في البرلمان البريطاني. ومن جهة أخرى يصرُّ الإيرلنديون على توحيد جزيرتهم، ويستعملون شتى الوسائل للوصول إلى هدفهم ومنها وسائل العنف التي يستخدمها الجيش الجمهوري السري الإيرلندي، في مواجهة المصالح البريطانية في كل مكان.

نظام الحكم والإدارة

إيرلندة جمهورية منذ عام 1937 تسير على دستور عام 1937 الذي عُدل عام 1988، يحكمها برلمان من مجلس نواب عددهم 166 عضواً، ومجلس شيوخ مؤلف من 60عضواً يُنتخبون لمدة خمس سنوات. وتقسم إدارياً إلى 4محافظات و26 كونتية. رئيس الجمهورية فيها ماري ماك أليس منذ عام 1997، وتعيش تعددية جزية (أكثر من عشرة أحزاب مهمة).

محمد حمادي

اللغة الإيرلندية

تنتمي اللغة الإيرلندية Irish Language إلى فئة اللغات الغويدلية Goidelic، وهي إحدى تفرعات اللغات السلتية[ر] Celtic التي كانت تتكلمها الشعوب السلتية على اختلافها في غربي أوربة وشمالي غربها منذ حقبة ماقبل التاريخ. ومن هذه اللغات السلتية تشعبت أيضاً لغات أخرى مثل الغيلية Gaelic التي سادت في إيرلندة واسكتلندة، والمانكس Manx في جزير مان Man التي لم تعد مستخدمة في النصف الثاني من القرن العشرين، والبريطانية British (Brythonic) التي تفرعت عنها اللغة الويلزية Welsh (Cymric).

تعد اللغة الإيرلندية أهم هذه اللغات ذات الأصول السلتية لكونها أغناها بمزاياها القديمة وتوافر مادتها اللغوية. فهناك مايقارب 370 نقشاً Inscriptions مكتوباً بالأبجدية الأوغامية Ogam (Ogham) المؤلفة من عدد من الإشارات أو الخطوط Strokes، وهي لا تختلف كثيراً عن الكتابات الرونية Runes الاسكندنافية. وهذه النقوش، التي تعود إلى القرنين الخامس والسادس للميلاد، محفورة على شواهد القبور أو الإشارات الحدودية في جنوبي إيرلندة وبعض مناطق ويلز. وقد دامت هذه الحقبة من القرن الثالث حتى نهاية القرن السادس للميلاد، بدأ الإيرلنديون بعدها الكتابة باللغة الإيرلندية القديمة Old Irish لكن بحروف لاتينية، واستمر ذلك حتى القرن التاسع للميلاد. وقد حُفظت هذه اللغة في بعض المخطوطات التي كانت قد نقلت إلى الإيرلندية الوسيطة Middle Irish التي سادت من القرن التاسع حتى القرن الثاني عشر للميلاد. إلا أن هذه اللغة الإيرلندية الوسيطة لم تكن لغة شعبية واسعة التداول، بل لغة الأدب وكانت مقصورة على الطبقة المثقفة.

انخفض عدد المتحدثين باللغة الإيرلندية الحديثة Modern Irish بعد الحرب العالمية الثانية إلى 740.000 من أصل 4.300.000 نسمة، ومعظمهم ثنائيو اللغة. وكان ازدياد نفوذ اللغة الإنكليزية والناطقين بها، الذي بدأ مع الغزو الإنكليزي للجزيرة في أوائل الألفية الثانية للميلاد، السبب الرئيس لهذا الانخفاض. وأصبح للغة الإيرلندية لهجات محلية إحداها في الجنوب واثنتان في الشمال. وقد قامت في القرن التاسع عشر مجموعة من الكتّاب والمفكرين بمحاولة للنهوض باللغة الإيرلندية وأدبها بتأسيس المجمع الأدبي الإيرلندي.

نجيب الشهابي

الأدب الإيرلندي

يطلق مصطلح الأدب الإيرلندي Irish Literature على نوعين من الأدب، الأول ابتدأ مع بدايات العصور الوسطى في أوربة واستمر حتى القرن الثامن عشر، وهو التراث الإيرلندي القديم، ويعرف بعراقته وغزارته؛ والثاني هو الأدب الإيرلندي الذي كتب باللغة الإنكليزية ولكن من قبل كتّاب إيرلنديين، ويعرف أيضاً بالأدب الأنكلو ـ إيرلندي Anglo-Irish، ويعده البريطانيون جزءاً من الأدب الإنكليزي. وهذا الأخير هو الأكثر أهمية وشيوعاً لأنه جاء نتيجة لحركة النهضة الأدبية الإيرلندية التي ابتدأت في أواخر القرن التاسع عشر واستمرت حتى أوائل القرن العشرين.

 جاء أول ذكر لإيرلندة على لسان رحالة إغريقي في منتصف القرن السادس قبل الميلاد، عند وصفه لسكان جزر إيرنه Irene في إيرلندة وألبيون Albion في بريطانية. ويبدو أن الاسمين المذكورين مشتقان من مصدر سلتي (كلتي) Celtic. والسلتيون مجموعات متفرقة من الشعوب الآرية التي هاجرت إلى وسط أوربة في القرن الخامس قبل الميلاد وانتشرت فئة منها في جزر إيرلندة حيث كانت الغيلية Gaelic هي اللغة التي يتكلم بها أهالي هذه الجزر ويكتبون بها تراثهم الأدبي القديم.

وتعد الملحمة البطولية Heroic Epic التي كتبها الإيرلنديون القدماء في قالب شعري ونثري موحد خير مثال على عراقة هذا التراث الأدبي. وكانت أحداث الملحمة تدور حول مغامرات البطل الأسطوري الإيرلندي كوخولن Cuchulain. إلى جانب ذلك، كانت هناك فئة من شعراء البطولة Bards الذين عرفوا بإخلاصهم لزعيمهم وحبهم للأرض ودفاعهم عنها وارتباطهم الشديد بالشعب حتى إنه ليقال بأن الفضل في بقاء الكثير من الأساطير والحكايات الإيرلندية والقصص البطولية إلى يومنا هذا، يرجع إلى هؤلاء الشعراء.

خيم النسيان عدة قرون على التراث الإيرلندي القديم واللغة الغيلية، لغة الشعب الإيرلندي حتى تنبه إليهما النقاد والمؤرخون في القرن التاسع عشر للميلاد.

شهدت إيرلندة في أواخر القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين اهتماماً كبيراً بماضيها وتراثها، وكان ذلك رد فعلٍ حتمي لقرون من التبعية السياسية والثقافية للقومية والحضارة الأنكلوسكسونية. وقد عرفت هذه الحركة في جانبها الأدبي - المرتبط ارتباطاً وثيقاً بالجوانب القومية والسياسية ـ بالنهضة الأدبية الإيرلندية أو السلتية. هدفت هذه الحركة إلى المحافظة على اللغة الغيلية وإحياء التراث الأدبي والشعبي السلتي تمهيداً لكتابة أدب جديد يعبر عن قومية لها مقومات مستقلة وأصيلة من التاريخ واللغة. وبدأ الاهتمام بالآثار والمخطوطات السلتية منذ أوائل القرن التاسع عشر، حين جمع الكثير من الأساطير والقصص والأشعار والأغاني القديمة، وأُلفت بعض كتب التاريخ عن ماضي إيرلندة. ومع أن طغيان الخيال الأدبي على عدد من تلك المؤلفات كان أكثر من البحث العلمي عن الحقيقة التاريخية فإنها ألهبت المشاعر وساعدت على خلق شعور قومي من الاعتزاز بالماضي والثقة في المستقبل. اشتهر رواد حركة النهضة الإيرلندية في حقلين من النتاج الأدبي هما الشعر والمسرحية، إذ توجت جهودهم بإيجاد مسرح إيرلندي يعبر عن تطلعاتهم القومية والأدبية.

الخلفية التاريخية

على الرغم من أن النفوذ الإنكليزي في إيرلندة يرجع إلى عام 1169 فإن السيطرة الفعلية على تلك الجزيرة لم تتم إلا عام 1607 على يد ماونتجوي Mountjoy الذي اتبع أسلوباً عنيفاً وقاسياً في بسطها. فقد حاول الإنكليز طمس الهوية الثقافية المميزة للشعب الإيرلندي بغرض فرض ثقافتهم ولغتهم حتى مذهبهم الديني (الكنيسة الأنغليكانية) على السكان. وقد تمكنوا من السيطرة الثقافية وكادوا أن يقضوا على اللغة الغيلية. ولكن الشعب الإيرلندي وقف بقوة أمام محاولات القضاء على وجوده الحضاري والثقافي وتولت الكنيسة الكاثوليكية في بداية الأمر قيادة المقاومة والثورة. برز دانييل أوكونل (1775- 1847) Daniel O'Connel واحداً من قادة الحركة الاستقلالية في كنيسة إيرلندة الكاثوليكية، وكان خطيباً مفوهاً أطلق عليه أتباعه اسم المحرر. وقد عارض هذا الاتجاه الكاثوليكي عدد من الشباب أطلقوا على أنفسهم «مجموعة إيرلندة الفتاة» The Young Irish Group  وسعوا في تأليف جبهة عريضة تضم طوائف البلاد كلها. وكان الصوت المعبر عن أفكار هذه المجموعة جريدة أطلق عليها اسم «الأمة» (1842- 1848) The Nation نشرت أشعاراً ومقالات تدعو إلى استعادة المجد الإيرلندي القديم. ولمّا أدت مجاعة عام 1848 إلى موت آلاف الإيرلنديين الفقراء، دعا قادة مجموعة إيرلندة الفتاة إلى الثورة، لكن الأمور سارت على غير ما يريدون إذ أخفقت تلك الثورة وأغلقت جريدة «الأمة» وهاجر مؤسسها السير تشارلز دَفي (1816- 1903) Sir Charles Duffy إلى أسترالية وأصبح رئيساً لوزرائها. إلا أنه عاد بعدئذٍ إلى إيرلندة وتولى رئاسة المجمع الأدبي الإيرلندي عام 1891. أما توماس ديفيز (1814- 1845) Thomas Davies الذي كان محرراً في الجريدة فقد كان أول من دعا إلى إحياء اللغة الغيلية وجعلها، بدلاً من الإنكليزية، لغة إيرلندة اليومية. أدت جهود ديفيز إلى تأسيس المجمع السلتي عام 1845 الذي كان يهدف إلى تحرير الوثائق والمخطوطات السلتية وطباعتها، وإلى إعلاء شأن اللغة الغيلية واستعمالها في جوانب الحياة كافة. وأسست في جامعة دبلن، التي كانت من أهم مراكز النشاط السياسي والثقافي، «مجلة جامعة دبلن» عام 1833. تركز اهتمام مجموعة «إيرلندة الفتاة» على إذكاء المشاعر الوطنية بإحياء التراث وبعث روح الكبرياء الوطنية لدى أبناء الشعب الإيرلندي وربطه بماضي أجداده. وقد أدى هذا كله إلى إيجاد حركة تنظر إلى تراث الأجداد نظرة تمجيد، وتضفي عليه هالة من القدسية، وتعظم أبطال الأساطير، وتقبل على الحكايات والقصص الموروثة. أما الريف الإيرلندي فقد كان استمراراً للأصالة التي تعطي الشعب الإيرلندي هويته الخاصة، وكان فلاحوه الفقراء والبسطاء حلقة الوصل بين الماضي والحاضر، وفي الوقت نفسه مصدر إلهام شعري لاينضب معينه. حاول كتاب النهضة وشعراؤها تغيير صورة الفرد الإيرلندي التقليدية بوصفه شخصاً متقلباً وغير متحضر، واسترجاع صورته الحقيقية الراسخة في تراثه التي تظهره إنساناً خلاقاً مبدعاً. ومن الجدير بالذكر أن معظم أولئك الكتاب والشعراء كانوا من البروتستنت المنتمين إلى الطبقتين الوسطى والعليا. ويرجع الفضل إلى السير صموئيل فيرغسون  (1810- 1886) Samuel Ferguson في تعريف بني وطنه بماضيهم وذلك من خلال طباعته الكثير من الأساطير الملحمية السلتية التي تحكي عن الأعمال الخارقة للبطل كوخولن وقصة حب الأميرة ديردرِه Deirdre، وقد قدم خدمة كبيرة للتراث الإيرلندي بنشره ثلاث مجموعات أدبية هي «أغاني الغال الغربي» (1865)، و«كونغال» (1872) Congal، و«ديردرِه» (1880) Deirdre. أما ستاندش أوغريدي (1846- 1928) Standish O'Grady فقد نشر عدداً من قصص الغال وحكاياته وكان لمساهماته في إحياء التراث القديم أثر كبير في تطور حركة النهضة الإيرلندية، وقد عدَّه بعض الباحثين الشخص الذي أرسى دعائمها ولاسيما بكتابيه «تاريخ إيرلندة: الحقبة البطولية» (1878) History of Ireland: The Heroic Period، و«تاريخ إيرلندة: كوخولن ومعاصروه» (1880) History of Ireland: Cuchulain and  His Contemporaries. ومع أن بعض معالجاته لأحداث التاريخ الإيرلندي القديم كانت خيالية، فإنه استطاع أن يبعث في شعبه روحاً من الثقة بأن أمة لها مثل هذا التاريخ لابد أن تأخذ مكانها بين الأمم.  وأدت الأعمال التاريخية والأدبية السالفة الذكر إلى ظهور الكثير من الروابط الثقافية واللغوية هدفها الأساسي العناية بالتراث وإبراز اللغة الغيلية لغة أدب وحياة يومية. ففي عام 1892 أُسّس المجمع الأدبي الإيرلندي في مدينة دبلن وأصبح جورج سيغرسن (1836- 1925) G.Sigerson أول رئيس له، وأنشئت العصبة الغيلية Gaelic League عام 1893 برئاسة دوغلاس هايد (1860- 1949) D.Hyde، الذي دعا في كتابه «تاريخ إيرلندة الأدبي» إلى ضرورة نقد الأدب الإيرلندي وتقويمه بوصفه أدباً مستقلاً ومنفصلاً تماماً عن الأدب الإنكليزي. كان هايد باحثاً ومؤرخاً وشاعراً، ورئيساً لجمهورية إيرلندة الحرة عام 1938.

النتاج الأدبي 

آ ـ الشعر: إضافة إلى ييتس[ر] Yeats فإن أبرز شعراء هذه النهضة:

جورج  رَسِلْ George Russell المعروف بـ (1867- 1935) A.E الذي كان كذلك رساماً وصحفياً وداعية إصلاح زراعي وقف حياته من 1897- 1905 لإنشاء تعاونيات زراعية في كل إيرلندة لتكون وسيلة للاكتفاء الذاتي، وجعل من صحيفة «المنزل الإيرلندي» (1905- 1923) The Irish Homestead ، وصحيفة «رجل الدولة الإيرلندي» التي أصبح محررها عام1930، منابر لهذا التوجه. كان رَسِل لأكثر من ربع قرن الصوت المعبر عن إيرلندة، ولكن مع تقدم الأيام أصيب بخيبة أمل جعلته ينحو منحى صوفياً وأفلاطونياً (ربما كان هذا نتيجة لصداقته الوطيدة مع ييتس). عبّر رَسِل عن تجاربه وأحاسيسه في دواوين الشعر التي نشرها ولاسيما «نحو الوطن» (1894) Homeward، و«بيت الجبابرة» (1934) The House of the Titans، و«نَفَس الأرض وقصائد أخرى» (1897).

جيمس ستيفنز (1882-1950) James Stephens الذي كان أكثر شعراء النهضة الأدبية اعتقاداً بأن أمجاد إيرلندة القديمة هي العامل الأول في بلورة الشعور الوطني. ويعد «الملك والقمر» أشهر دواوينه، ومن أبرز أعماله غير الشعرية الفانتازيا النثرية «جرّة الذهب» (1912) The Crock of Gold، ورواية «أنصاف الآلهة» (1914) The Demi Gods.

أوليفر سينت جون غُوغارتي (1878- 1957) Oliver St. John Gogarty، الذي كان صديقاً لييتس ورَسِل وعضواً في مجلس الشيوخ الإيرلندي من 1922- 1926. امتاز جوغارتي بأسلوب لاذع ساخر استعمله أداة للنقد السياسي والاجتماعي. نشر ديوانه «قصائد وروايات» عام 1920، وفي عام 1937 نشر سيرة حياته حين كان في الولايات المتحدة التي هاجر إليها.

بادريك كولُم (1881- 1972) Padraic Colum الذي أسهم مع ييتس والسيدة غريغوري[ر] في انتشار المسرح الوطني الإيرلندي The Abbey Theatre [ر.آبي (مسرح ـ)]  وكان أحد الأعضاء الناشطين في حركة «الأخوة الثورية الإيرلندية». يمتاز شعره الذي نشره في ديوانيه «الأرض البرية»  (1909) Wild Earth، و«مجموعة أشعار» (1932) Collected Poems بجرس خاص تتردد من خلاله أصوات الشعراء القدامى وتفوح من ثناياه رائحة الأرض الإيرلندية وعبقها. اشتهر كولُم، إضافة إلى كونه شاعراً، بأنه مسرحي يتبع المدرسة الواقعية ولاسيما في مسرحيته «التربة المحروثة» (1903) Broken Soil.

إدوارد جون مورتن بلَنكِت Edward John Moreton Plunkett المعروف باللورد دنسيني (1878- 1957) Lord Dunsany، عمل أستاذاً للأدب الأوربي في جامعة أثينة حتى عام 1914. اشتهر بمسرحياته الشعرية مثل «آلهة الجبل» (1914) The Gods of the Mountain، وبقصصه القصيرة التي تعد من أفضل مثيلاتها في القرن العشرين.

ومن الشعراء الذين ارتبطت أسماؤهم بحركة النهضة الأدبية الإيرلندية كل من جيمس سولفان سْتاركِي (1879- 1958) James Sullivan Starkey الذي كان مؤسساً ومحرراً لمجلة «دبلن»، وف.ر. هيغنز (1896- 1941) F.R.Higgins.

ب ـ المسرحية: يعود الفضل في تطور المسرحية الإنكليزية منذ القرن السابع عشر لعدد من المسرحيين المتحدرين من أصل إيرلندي أمثال كونغريف[ر] Congreve و ستيل[ر] Steele وغولد سميث[ر] Goldsmith وشِرِدان[ر] Sheridan وأوسكار وايلد[ر] Oscar Wilde وشو[ر] Shaw، لكن هؤلاء العمالقة لم يقدموا شيئاً لفن وطنهم المسرحي. فاضطلع بهذه المهمة رواد النهضة الأدبية ولاسيما ييتس الذي أقنع السيدة أوغستا غريغوري بالفكرة حين تقابلا عام 1898. وفي عام 1899 تأسس المسرح الوطني الإيرلندي الذي عُرف بمسرح آبي. كانت السيدة غريغوري من أكثر المتحمسين لإحياء التراث الإيرلندي وذلك بترجمته ونشره واستعماله مادة أدبية في المسرحيات المقدمة على خشبة المسرح الجديد. نشطت السيدة غريغوري مترجمة للأساطير السلتية التي نشرت بعضها في ترجمتها المسماة «الآلهة والأبطال» (1904). ومن فرط حماستها لبعث التراث الإيرلندي وتعريف العالم به سافرت مع فرقة مسرح آبي إلى الولايات المتحدة حيث بقيت فيها لمدة عامين (1911- 1913). أما ييتس الذي يعد في أعظم شعراء إيرلندة، فلم يكن أقل حماسة من السيدة غريغوري في المجال المسرحي، ولكن أعماله المسرحية على الرغم من جمالها وقيمتها الفنية، لم تكن تصلح للتمثيل على خشبة المسرح. ولعجز كل من ييتس والسيدة غريغوري عن كتابة المسرحية التي يريدان، فقد قررا أن يبحثا عن موهبة تستطيع تحقيق ذلك، فوجداها أخيراً في شخص جون ملنغتون سينغ[ر] John Millington Synge الذي كان وقتئذٍ يعيش في باريس. تمكن ييتس من إقناع سينغ بأن الأدب ما هو إلا انعكاس للهموم الوطنية والعوامل الثقافية للشعوب، ولهذا فإن عليه الرجوع إلى إيرلندة ليقوم بواجبه الأدبي نحو قومه ووطنه. وقد قفل سينغ عائداً إلى بلاده حيث عاش بين الفلاحين في الغرب الإيرلندي في أكثر مناطق البلاد بدائية وقرباً من الماضي، وخرج للعالم بمسرحيات خمس هي: «عرس السبّاك» (1902) The Tinker's Wedding، و«الراكبون إلى البحر» (1904) Riders to the Sea، و«بئر القديسين» (1905) The Well of the Saints، و«فتى الغرب المدلل»  (1907) The Playboy of the Western World، و«ديردرِه صاحبة الأحزان» Deirdre of the Sorrows (نشرت بعد وفاته عام 1910). استوحى سينغ مسرحياته من أحاديث الناس البسطاء، ومن إيقاع حياتهم اليومي وهمومهم الشخصية والوطنية، وكتبها بلغة حاول فيها تقليد السلتية القديمة. وجد رواد حركة النهضة في سينغ المثل الأعلى الذي تمكن من خلق نوع جديد من المسرحية يربط الإنسان الإيرلندي بماضيه، واستمر هذا التوجه الفني الذي أرسخه سينغ ـ وهو توجه يختلف عما سمي بالمسرحية الحديثة التي أرسى قواعدها إبسن[ر] وشو ـ بعد الحرب العالمية الأولى على يد شون أوكيسي[ر] (1884- 1965) Sean O'Casey. ومع أن الكاتب المسرحي الكبير صموئيل بيكيت[ر] ينحدر من أصل إيرلندي إلا أنه لايعد في كتّاب الأدب الإيرلندي.

ج ـ الرواية والقصة القصيرة: ارتكز الأدب الإيرلندي لجذوره الملحمية على دعائم الشعر والمسرحية، ولهذا فقد ظهرت تجارب قليلة في مجال القصة القصيرة والرواية. ومعظم هذه التجارب تتعلق بالحكايات الشعبية التي يرجع تاريخها إلى آلاف السنين وهي غالباً ما تصور مآثر البطلين الأسطوريين «أوشين وفانيا». وقد استطاع كل من دانيل كوركري Daniel Corkery ووليم كارلتون William Carleton وجيمس ستيفنز اقتباس هذه الحكايات في كتابتهم القصصية.

لم تتعد المحاولات التي جرت في مجال الرواية الإيرلندية في القرن التاسع عشر أو بداية القرن العشرين الحكايات الهزلية والوصفية، ومن ذلك ما كتبته كل من إميلي لولِس (1845- 1913) Emily Lawless و جين بارلو (1913- 1917) Jane Barlow وإديث سمرفيل (1861- 1949) Edith  Somerville، إلا أنه من غير الممكن إغفال تأثر الكاتب الإيرلندي البارز جيمس جويس[ر] بحركة النهضة وأثره في الراوية العالمية الحديثة.

 

حسن مرحمة، عبد الله الدحيات

 

الموضوعات ذات الصلة:

 

السلتية (اللغات ـ) ـ المملكة المتحدة.

 

مراجع للاستزادة:

 

- T.W.Moody, and others, eds, A New History of Ireland VO.1V (Oxford 1985).

- T.B.Barry, The Archaeology of Medieval Ireland (Rout Ledge 1989).

- ERNEST AUGUSTUS BOYD, Ireland's Literary Renaissance (NewYork: John Lane Company 1916).

- PETER CONNOLLY (ed.), Literature and the Changing Ireland (Totowa, NJ. Barnes and Noble 1982).

- JOHN WILSON FOSTER. The Revival of Saga and Heroic Romance during the Irish Renaissance: The Ideology of  Cultural Nationalism. Studies in Anglo-Irish  Literature. (Kosok, Heinz, ed Bonn: Bouvier 1988).

- UNA  ELLIS-FERMOR, The Irish Dramatic Movement. (1939; rpt. London: Methuen 1977).

- DAVID MORTON. The Renaissance of Irish Poetry. (New York: I.Washburn 1929).

- NORREYS JEPHSON O- CONNOR. Changing Ireland: Literary Background of The Irish Free State 1989-1922. (Cambridge: Harvard University Press 1924).

- R.STWEART  MACALISTER, The Secret Languages of Ireland (1939; reprint, Arden Library 1980).


التصنيف : الآداب الجرمانية
النوع : موسيقى وسينما ومسرح
المجلد: المجلد الرابع
رقم الصفحة ضمن المجلد : 406
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 1091
الكل : 40498526
اليوم : 28341

لندغرين (إريك-)

لندِغرين (إريك ـ) (1910 ـ 1968)   إريك لندِغرين Erik Lindegren  شاعر وناقد ومترجم سويدي، ولد في مدينة لوليو Luleå شمالي البلاد لعائلة متواضعة، إذ عمل والده في سكة الحديد، وكان جده معلم موسيقى كنسية. اضطر ـ بسبب عمل والده ـ إلى التنقل في أرجاء السويد المترامية، فبدأ الدراسة في أقصى الجنوب، وتابعها في أقصى الشمال ثم في الوسط، وأنهاها في جامعة ستوكهولم حيث درس الفلسفة وتاريخ الأدب، مما جعل الشعور بالغربة وعدم الاستقرار يسيطران على حياته وأدبه. وقد أثرّت هذه المشاعر في أدب أغلب كتّاب الجيل الذي نشأ ونشط فيما بين وبعد الحربين العالميتين، وأطلقت عليه تسمية «جيل الأربعينيات» fyrtiotalisterna. كتب في الصحافة وترأس تحرير دوريتي «الأربعينيات» 40- tal و«بريزما» Prisma التي كانت لسان حال هذا الجيل. وكان عضواً في الأكاديمية السويدية منذ عام 1962 حتى وفاته في ستوكهولم.
المزيد »