logo

logo

logo

logo

logo

الخياط (محمد علي-)

خياط (محمد علي)

Al-Khayat (Mohammad Ali-) - Al-Khayat (Mohammad Ali-)

الخياط (محمد علي -)

(1880-1961م)

 

محمد علي الخياط (أبو سليمان)، رسام ونجار وخطاط ومزخرف سوري، ولد في دمشق (العمارة) لأسرة فنية تعمل في تصنيع مادة الخشب وزخرفته وتزيينه، أحب هذه المهنة واهتم بأنواع الفنون والزخارف جميعاً على مختلف المواد سواء الخشب أو الرخام أو الحجر وغير ذلك.

كان الخياط موهوباً في تصميم القطع الفنية في مخيلته ومن ثم إنجازها وإخراجها للواقع، وهو يتجاوز بمهارة كل ما يحتاج إليه عمله من مهارات، ولعل أهم إبداعاته تحديداً الكسوة الخشبية الداخلية للقاعات في البيوت الدمشقية وتقديم الأثاث المناسب لكل قاعة. عُرف هذا الفن إبان العصرين الأموي والعباسي. وثمة نماذج خشبية معروضة في المتحف الوطني تعود إلى قصر الحير الغربي في بادية الشام، وإلى قصر المعتصم في الرقة واستمر هذا الفن حتى العصر الحديث، إذ كان الفنان محمد علي الخياط أحد المبدعين فيه، فمع كونه أميّاً فقد أبدع في التصاميم الهندسية معتمداً أسلوب الخيط العربي الذي يرتكز أساساً على الدائرة، يرسم في داخلها مربعاً أو مثمناً أو مثلثاً وتنبعث منها أشكال هندسية مختلفة، وإضافة إلى الزخارف الهندسية ثمة تشكيلات نباتية وكتابية، ثم يقوم بعملية ترسيب الجص على الخشب لإبراز العناصر الزخرفية، وكان يجيد أيضاً اختيار الألوان والصباغات الطبيعية ويمزجها لإخراج اللون المطلوب، ثم يجري عمليات التدهين والتذهيب وتحديد العناصر الزخرفية باللون الأسود غالباً، أما أثاث القاعة فقد صنع لكل قاعة ما يناسبها من المفروشات، وقدم أثاثاً فاخراً وأبدع في فن حفره، سواء الحفر الغائر العمودي بتجويف المهد دون السطح العلوي، أم بالنحت البارز وإخراج العناصر الزخرفية بتشكيلات بارزة، ثم يقوم بعمليات التطعيم بالصدف أو العظم أو القصدير.

تلقى الخياط هذا الفن عن والده محمد الخياط الذي كان ماهراً بالفسيفساء الصدفية، ولكنه كان يميل إلى الإبداع والتجديد وبعد وفاة والده، وفي سنة 1912، نقل محل عمله إلى زقاق البورص المجاور لسوق الحميدية، وكان لديه ورشات يديرها أولاده وصار لها شهرة واسعة.

في سنة 1924 أراد مدير المعهد الفرنسي دولوري De-lorey ترميم قصر العظم لجعله مركزاً للمعهد، فاختاره لهذه المهمة، واستطاع الخياط دراسة الألوان القديمة وتحديد مادتها وتقليدها، وقام بعمليات الترميم والتجديد، وصنع أثاثاً للقصر محفوراً ومطعماً يتناسب مع عصره.

ومن هنا بدأت انطلاقته الإبداعية، إذ طلب دولوري كثيراً من القطع الفنية لإرسالها إلى فرنسا، ثم عرض عليه السفر إليها والمشاركة في مشروع من هذا النوع في باريس، ولكنه رفض مغادرة بلده.

في سنة 1926 زار المهندس الفرنسي كافرو Cavro قصر العظم وأعجب بأعماله، فطلب إليه أن يذهب معه إلى بيروت فقبل، وهناك أمضى خمس سنوات قدم فيها روائع أعماله الفنية وهي:

أ ـ ترميم قصر بيت الدين (قصر الأمير بشير الثاني الشهابي).

ب ـ ترميم السراي في دير القمر (قصر الأمير فخر الدين المعني).

ت ـ كسوة بعض قاعات قصر الثري اللبناني هنري فرعون.

ث ـ كسوة بعض قاعات منزل المفوض السامي الفرنسي.

بعد هذه الأعمال المهمة استمر ابنه الأكبر منير في العمل في لبنان، أما الفنان الخياط فقد عاد إلى دمشق واستمر في إنتاجه، ومن الصعب إحصاء أعماله الفنية سواء في إنشاء القاعات الشامية أم في إعداد الأثاث المناسب لهذه القاعات، ولعل أهم أعماله في دمشق والتي أظهر فيها فنه البديع وذوقه الرفيع:

أ ـ مبنى مصلحة مياه دمشق (مؤسسة مياه عين الفيجة).

ب ـ قاعة المجلس النيابي السوري.

ت ـ مدرج جامعة دمشق.

ث ـ أثاث القصر الجمهوري وقصر الضيافة وأمانة العاصمة.

ج ـ ترميم قاعات في بعض الدور القديمة مثل بيت جبري و بيت نظام وبيت السباعي

ح ـ القاعة الشامية في المتحف الوطني بدمشق، هذه التحفة كانت آخر أعماله إذ توفي بعدها، فخلفه ابنه بشير الخياط في إكمال القاعة بحسب خطة والده وبالأسلوب نفسه.

     

 
   

القاعة الشامية في المتحف الوطني بدمشق

مبنى المؤسسة العامة لمياه عين الفيجة

 

نقلت من بيت مردم بيك

   

وأعاد تركيبها أبو سليمان الخياط مع ورشته بعد إضافات عليها

     

درس الخياط أنواع الفنون وتطورها عبر العصور، وكان يخالط العلماء والفنانين ويحترم معلمي المهن جميعها، ويرتبط بعلاقة جيدة ومتميزة مع أبو الفرج العش المؤسس لفرع الآثار الإسلامية في المتحف الوطني حيث كانت لهما جلسات طويلة اطَّلع في أثنائها على مختلف القطع الأثرية وتاريخها وأسلوب تصنيعها وميزاتها، وعلى أنواع الزخارف العربية عبر العصور الأموية فالعباسية والفاطمية والأتابكية والأيوبية والمملوكية حتى العثمانية.

كان له روح علمية وفنية تدفعه للقيام بتجارب عدة ليتوصل إلى المواد ذاتها التي كانت تستعمل قديماً، مثال ذلك اكتشافه طريقة صنع الفسيفساء العربي، وصنع مادة الملاط التي تثبت عليها الفصوص الزجاجية، ومن مزايا هذا المُلاط أنه لا يجف سريعاً مما يسمح للعامل بوضع الأحجار ببطء ودقة، وبعد أن يجف يغدو جافاً ومتيناً ومتماسكاً، كما استطاع دراسة العناصر الزخرفية القديمة ونجح في إخراج ألوانها وتصنيعها من جديد.

ويتصف عمل الخياط بالتكامل فإذا ما أراد تجميل أحد القصور أو إحدى القاعات، كان يتولى الأعمال كافة من نطاقات وخيوط ومقرنصات وكسوة رخامية ومواقد وألواح فسيفسائية وكسوة خشبية للجدران والسقوف والأبواب وخيوط النوافذ والمكتبات ومنابر لإلقاء المحاضرات والدرابزونات والثريات والأثاث والشرفات. ولعل أهم ما قدمه هذا الفنان هو مقدرته الإبداعية في نقل جميع الفنون الدمشقية القديمة - ولاسيما تلك التي تعود إلى القرنين الثامن عشر والتاسع عشر الميلاديين - إلى القرن العشرين، فقد كان موهوباً، أحب مهنته وأورث هذا الحب إلى أبنائه وأحفاده، فاليوم نجد مؤسسة الخياط مدرسة تعمل لتخريج كل من أحب هذا الفن.

ولابد من الإشارة إلى أن هذا الفنان استطاع، بإخلاصه وإبداعه في عمله، أن يحصل على عدد كبير من الجوائز والأوسمة الذهبية المحلية والدولية، فكان أولها وساماً ذهبياً سنة 1928 وهي بتوقيع كل من وزير المعارف ورئيس اللجنة محمد كرد علي ورئيس الوزراء محمد تاج أما آخرها فكان وسام الاستحقاق السوري من الدرجة الثانية بموجب المرسوم ذي الرقم 697 والمؤرخ في 26/11/1381هـ  الموافق 30/4/1962م وذلك بعد وفاته بعام، على أثر افتتاح القاعة الدمشقية في المتحف الوطني بدمشق.

منى المؤذن

مراجع للاستزادة:

 ـ القاعة الدمشقية في دليل المتحف الوطني بدمشق.

ـ أبو الفرج العش، «إعادة إنشاء القاعة الأثرية الشامية»، بحث في الحوليات الأثرية السورية، العدد 13.


التصنيف : العمارة و الفنون التشكيلية والزخرفية
النوع : أعلام ومشاهير
المجلد: المجلد التاسع
رقم الصفحة ضمن المجلد : 59
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 1092
الكل : 40507124
اليوم : 36939

التوثيق في الشريعة

التوثيق في الشريعة   التوثيق: هو ما يضمن أداء الحق، ويسمى أيضاً علم الشروط. أهميته والحاجة إليه وحكمته وآية التوثيق في القرآن الكريم: 1- صيانة الحقوق والأموال لأن الله تعالى أمر بحفظهما: }ولا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمْ{ [النساء:5] ونهى عن تضييعها: }ولا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالبَاطِل{ [البقرة: 188]. 2- قطع المنازعة لكون التوثيق حَكَماً ومرجعاً وملزماً ولئلا يفتضح حال المنكر، مع تبيان حيثيات التصرفات وأحجامها مما قد يعتورها من النسيان أو الجحود. 3- الالتزام بالقواعد الشرعية في إجراء التصرفات لحمل التوثيق عليها. ودلَّت على مشروعية التوثيق وطلبه آية المداينة [البقرة:282]، التي أمرت بكتابة الدين والإشهاد عليه بإشراف كاتب بالعدل[ر] فإن لم يوجد أخذ الرهن للتوثيق.
المزيد »