logo

logo

logo

logo

logo

دافيد (جاك لوي-)

دافيد (جاك لوي)

David (Jacques Louis-) - David (Jacques Louis-)

دافيد (جاك لوي -)

(1748-1825م)

 

جاك لوي دافيد Jacques Louis David مصور فرنسي ولد في باريس لأسرة بورجوازية ميسورة، وتوفي في بروكسل. تعلم تقانة التصوير على يد قريبه الفنان فرانسوا بوشيه[ر]، في عام 1757. وعلى إثر وفاة أبيه موريس دافيد، تعهده بالرعاية خاله جاك بورون الذي شجعه على دراسة العمارة، ولكن عشق الفتى للتصوير دفع وصيه إلى تلبية رغبته ومتابعة ميوله وصقلها. التحق الفتى دافيد بأكاديمية سان لوك، وتتلمذ على يد الفنان فيان في آن واحد. وفي عام 1771 تقدم إلى مسابقة «جائزة روما» (منحة فرنسية تقدم للموهوبين لاستكمال دراستهم العليا في روما) بلوحة «صراع مينرفا ومارس» (اللوفر)، وفاز بالجائزة الثانية، وكان عليه الانتظار سنوات طوالاً لتفوز لوحته «أنطيوخوس وايرازيسترات Antiochus et Erasistrate» في عام 1774 بجائزة روما الأولى، بعد إخفاقات كادت تودي بحياته وتدفعه للانتحار.

 
 
 

جاك لوي دافيد: «ثلاث سيدات من غان»

 
 

سافر دافيد إلى روما برفقة أستاذه فيان الذي عين مديراً للأكاديمية الفرنسية فيها، وأمضى في المدينة الخالدة خمس سنوات، كان لها تأثير حاسم في مسيرته الفنية، إذ أدهشته المدينة بحضارتها وعظمة آثارها، ودفعته للانخراط في حركة القديم المحدث الواسعة الانتشار، فهجر التصوير فترة من الزمن ليتفرغ للرسم، وراح يدرس أبنية روما القديمة ونصبها ولوحات كبار الفنانين فيها، مسجلاً تطور أفكاره الجمالية في دفاتر رسومه السريعة.

لم ينتج في تلك الحقبة إلا القليل من الأعمال الفنية، ولكنه أنجز أهمها عند عودته من نابولي، مثل لوحة «القديس روش يتضرع إلى العذراء لشفاء المصابين بالطاعون» وفيها يظهر بجلاء ابتعاده عن تعاليم بوشيه وأسلوب فيان، إذ ترهص واقعية الأشخاص في مقدمة اللوحة، وتعابير الوجوه، بأبحاث الفنان غروس[ر] اللاحقة في لوحته: «المصابون بالطاعون في يافا». ولاشك في أن أكثر لوحات دافيد طموحاً هي اللوحة المكتشفة حديثاً وتمثل مقطعاً من الإلياذة: «جنازة باتروكلوس» (1779، دبلن)، وهي لوحة مبنية وفق إيقاعات رصينة ومشحونة بذكريات الباروك[ر] وماضيه.

عاد الفنان إلى باريس في عام 1780، وفي جعبته منهل لا ينضب من الأشكال والموضوعات. وبعد أن بلغ حداً من النضج والخبرة لم يبلغهما أحد من معاصريه، تجلّى ذلك في لوحة صالون عام 1781 «أحد الجنود يتعرف بيليزير»، واللوحة التي قبلتها الأكاديمية «آلام أندروماك وأحزانها على جثمان هكتور» (اللوفر). عرضت لوحة أندروماك في روما قبل إرسالها إلى صالون عام 1785. وفيها رسخ دافيد العودة إلى المذهب الإنساني الاتباعي، وأكد أولوية الخط والسكون على اللون والحركة، فكان تأليف اللوحة نصراً مبيناً للفنان، وتجلياً متكاملاً للمدرسة الجديدة. وفي عام 1787 عرض لوحة «موت سقراط» مقتدياً فيها بلوحة الإخوة هوراس، واللوحتين: «معلنو الأحكام يجلبون إلى بروتوس جثامين أبنائه» و«حب باريس وهيلين» عام 1789.

 

جاك لوي دافيد: «مارا المقتول»

 

اندلعت الثورة الفرنسية فتحول الفنان من الاستغراق في التاريخ القديم إلى الاهتمام بالراهن المعيش. كان مناضلاً متحمساً، وقف فنه وشخصه على خدمة الأمة، وصار على التوالي نائباً في المؤتمر، وعضواً في لجنة الخلاص العام، والمنظم الأول لاحتفالات الثورة وأعيادها، فترسخ سلطانه وتأكد نفوذه في كل الميادين. وعندما تناول فرشاته، تناولها لتصوير بعض أحداث ذلك الزمان وتخليدها مثل المأسوية ومنها: «مارا المقتول» (1793)، و«موت الفتى بارا»، والبطولية: «قسَم لعبة التنس - لم تكتمل -». إن صدق الملاحظة ومتانة التأليف اللذين ميزا لوحة الكونت بوتوكي، والصور الأولى لأسر بورون أو سيدين، لتدل على أن الفنان، وقد تخلص من الإكراهات الجمالية ومن طغيان العالم القديم، عرف كيف يستثير أفضل مواهبه، ويوظف مهارته وتقانته اللتين لا يعلى عليهما في تصويره للشخصيات المعروفة: «لافوازييه وزوجه»، و«ماركيزة أوفيلييه»، و«السيدة باسترويت» وغيرها من اللوحات.

في عام 1794 اتُّهم دافيد بالخيانة العظمى، فسُجن في قصر لكسمبورغ الذي صوره وصمم معه، إبان إقامته فيه، لوحة «أسر السابينات» التي أتمها في عام 1799، وتعكس اللوحة رغبته في بلوغ أسلوبه حد الكمال اقتداءً بالإغريق. ولكن المعرفة الحقة لدافيد تتطلب تأمل لوحات مرحلته الاتباعية[ر]. وقدم بعد إطلاق سراحه من السجن عدة لوحات شخصية بالغة الروعة يتجلى فيها جمال التقاليد الفرنسية، يأتي على رأسها جميعاً لوحة شقيقته «السيدة سيريزات» (اللوفر).

كان لابد للقائه ببونابرت - الذي حدد الفنان ملامحه برســم سـريـع أخـاذ (1797-1798) - وللصورة البطولية لـ «نابليون الفارس على جبل سان برنار» (1800)، أن يخلصه من خيالاته المختلقة، ومن اصطناعه للقديم، ليكون شاهداً على التاريخ ووقائعه المعاصرة. في كانون الأول من عام 1804 سمي دافيد الفنانَ الأول للامبراطور، وكُلّف تخليد المشاهد الرئيسة لاحتفالات التتويج في أربعة تأليفات نفّذ منها اثنين: «التتويج» (1805-1810)، و«توزيع الرايات أو العقبان»، وبقي التأليفان الآخران رسمين على الورق.

كان دافيد فناناً ملتزماً، ذا منهج أعاد إلى الذاكرة دكتاتورية المصور لوبران في عهد لويس الرابع عشر، فألغى الأكاديمية التي أنشأها لوبران، وقدم بدلاً منها منهجاً أكاديمياً من لدنه، وأعاد تنظيم اللوفر ليكون متحفاًَ عاماً، وأحدث نظام رقابة للفنون تديره بلدية الفنون المؤلفة من 300 عضو.

في مرحلة الإصلاح (عودة الملكية) آثر دافيد، المخلص كل الإخلاص لنابليون، النفي إلى بلجيكا على التماس عفو لويس الثامن عشر والفوز بحظوته وإحسانه. استقبله تلامذته القدامى من البلجيكيين بالترحاب الحار، وافتتح محترفاً في بروكسل ليكرس السنوات الأخيرة من حياته لتصوير موضوعات غزلة رقيقة مستوحاة من الأسطورة والأدب القديمين: «الحب وبسيشة»، و«فينوس وآلهات النعم يجردن مارس من سلاحه»، ولم ينقطع عن رسم تلك الموضوعات إلا لتنفيذ صور شخصية مثل: «السيد والسيدة مونغيز»، و«كونت تورين»، و«الكونتيسة دارا»، وضعه زهدها ورزانتها وصراحتها في عداد كبار مصوري الشخوص بدءاً من فوكيه[ر] وانتهاء بسيزان[ر].

احتل دافيد، فنان التاريخ العظيم، ومصور الشخصيات الفريد، المقام الأول في تطوير التصوير في القرن التاسع عشر، ذلك التطور الذي لا يمكن فهمه أو تفسيره بمعزل عن أصداء فنه العميقة ودويّها، وردود الفعل التي أثارها. كانت أعماله مثار إعجاب المحيطين به وسخطهم في آن معاً، فهو المجدِّد وأبو التصوير الحديث تارة، والمشجع لما في المذهب الأكاديمي الاتباعي والتقليدي من جمود وبرودة تارة أخرى. ولكنه اليوم، في نظر الجميع، معلماً لا يجارى في فنه المباشر والخاضع لإرادته، وفي تصويره الموحَّد والمتنوع، وفي علمه في الرسم والتأليف، وفي قوة رؤاه ونفوذها، وفي تأثيره العميق في الفنانين، فهو الذي نقل إلى  الاتباعيين، آنغر[ر] وتلاميذه، أفكاراً عظيمة ولغة مستحدثة وشعوراً بجمال الشكل، وهو الذي غرس في الإبداعيين، عبر الفنان غروس، الروح البطولي والتطلع إلى تصوير اللوحات الضخمة بمساحتها والعظيمة بموضوعها. قال دافيد: «صوِّرْ بدقة ودونما خطأ من النظرة الأولى، ولا تعمد إلى ترك الحرية ليدك، ولا تخضع للألوان قائلاً: سأعمل ذلك غداً». تلك هي نصائح دافيد التي كان يمليها على تلامذته. ولعل حب العمل المتقن، وإتقان التقانة التي لا تعلن عن نفسها ولا تترك مجالاً للصدفة، هي الصفات الأساسية لهذا الفنان الذي عرف كيف يوظف هذه المواهب الاستثنائية في خدمة معرفةٍ حصّلها بالكفاح والصبر والعمل الدؤوب.

فائق دحدوح 

الموضوعات ذات الصلة:

آنغر ـ الثورة الفرنسية ـ دولاكروا ـ غروس ـ فرنسا (الفن في) ـ نابليون بونابرت.

 


التصنيف : العمارة و الفنون التشكيلية والزخرفية
النوع : أعلام ومشاهير
المجلد: المجلد التاسع
رقم الصفحة ضمن المجلد : 159
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 1094
الكل : 40511874
اليوم : 41689

الترامبولين

الترامبولين   رياضة تعتمد على اللياقة والرشاقة ودقة التوقيت. وهي مزيج من رياضة الجمباز والألعاب البهلوانية. وتندرج في الألعاب الأولمبية ولها بطولات عالمية. تقام مباريات الترامبولين للفردي والزوجي والفِرق. ويشمل كل صنف من هذه المباريات تمارين إلزامية وأخرى اختيارية، ويتألف كل منها من عشر حركات. والترامبولين سرير يراوح طوله بين 3.60م-4.30م وعرضه من 1.80م إلى 2.15م وارتفاعه من 95سم إلى 105سم. وعرض الشريط المنسوج من 6-12مم ويكون فراش السرير من القماش المحاك ويغطى إطاره باللباد من أجل السلامة ويسمح هذا القماش بالارتداد لمرونته.
المزيد »