logo

logo

logo

logo

logo

الحولة

حوله

Al-Hula - Al-Hula

الحولة

 

بحيرة الحولة Hula، هي أولى البحيرات الثلاث التي تشترك مياه منابع نهر الأردن وروافده بتشكيلها فوق أجزاء من قاع غور الانهدام. ففي وسط السهول اللحقية الرباعية الضيقة التي تشغل قاع الجزء الشمالي من هذا الغور، وتفصل منطقة الجولان السورية الواقعة فوق حافته الشرقية، عن كل من منطقة جبل عامل اللبنانية، ومنطقة الجليل الفلسطينية[ر]، الواقعتين فوق حافته الغربية، فوق مستوى سطح البحر بنحو 71م.

كانت مياه المنابع السورية واللبنانية لنهر الأردن: الحاصباني، الذي ينبع من السفوح الغربية لجبل حرمون (جبل الشيخ)، وبانياس الذي ينبع من سفوحه الجنوبية، والداني الذي ينبع من أطراف بلدة مرجعيون، كانت هذه المياه تجتمع لتشكل مجموعة من المستنقعات، تتوسطها هذه البحيرة الصغيرة ذات المياه الحلوة الصالحة لمختلف الاستعمالات، وخاصة الزراعية، بمساحة لا تتجاوز عدة كيلومترات مربعة، وعمق لايزيد على 10 أمتار. مع العلم بأن عمليات الحفر العميقة، في أثناء التجفيف، قد أظهرت أن منطقة البحيرة كانت تشكل حوضاً مائياً واسعاً ومغلقاً لفترتين من تاريخها الجيولوجي.

ففي البليوسين، شكلت مقذوفات اللافا التي تجمعت في فتحة المنخفض سداً صخرياً مرتفعاً، حوّل المنطقة بكاملها إلى بحيرة مغلقة، واسعة وعميقة. إلا أن عمل الحت النهري توصل فيما بعد إلى تفريغ معظم مياه هذه البحيرة القديمة، حتى أصبح أعمق جزء مما تبقى منها لا يزيد عمقه على المترين، وبدأت تظهر على أطرافها نباتات المستنقعات، كالبردي والبوص (قصب المكانس). وقد استمر هذا الوضع فترة طويلة، أخذت فتحة المنخفض في نهايتها بالانسداد بالمقذوفات مرة أخرى، وعادت المياه إلى التجمع في البحيرة بكميات كبيرة خلال العصور المطيرة التي سبقت عصر الجفاف السائد حالياً، لتتدفق منها بغزارة وترفد نهر الأردن، الذي يأخذ بدايته منها، بكميات كبيرة من المياه تمكنه من متابعة انحداره في الغور، نحو نهايته في البحر الميت، عند الارتفاع -420م عن مستوى سطح البحر.

وقد كان لبحيرة الحولة، في الفترة التي سبقت تجفيفها، أهمية خاصة ترتبط بالدور الذي كانت تقوم به في تجميع وتخزين كميات من المياه الحلوة المنحدرة من الأطراف الجبلية العالية التي تغطي الثلوج قممها، وتتساقط على سفوحها أمطار غزيرة، لتمد بها نهر الأردن بمزيد من المياه الحلوة، التي تنظم جريانه وتمكنه من تلبية حاجة الزراعة في سهل الغور الذي تمارس فيه الأعمال الزراعية في كل الفصول، ولتقلل بقدر المستطاع من مساحة المستنقعات التي كانت تنتشر حولها، وتعطل العمل الزراعي في أجزاء واسعة من سهولها.

وقد انتقلت أهمية هذه البحيرة، بعد التجفيف، إلى ما أُقيم في مكانها من مشروعات زراعية، يوفر لها حالياً بعض ما تحتاج إليه من مياه، مما هو متوافر في المنطقة بعد تجميعه خلف سدود مدروسة، ليوزع منها بطرق فنية عبر شبكة واسعة من الأقنية، على أن يؤمن لها باقي ما تحتاج إليه من مياه، مما هو متوافر في المناطق العربية المجاورة، حسبما هو مخطط له في المشاريع التوسعية العدوانية.

إن الصورة السابق ذكرها هي التي جعلت بحيرة الحولة وما يحيط بها جزءاً هاماً من موضوع الصراع العربي - الصهيوني منذ بدايته، ففي عام 1920 جاء في المذكرة التي وجهها «دافيد بن غوريون» إلى حزب العمال البريطاني، كما جاء في البيان الصادر عن رواد الحركة الصهيونية في عام 1921، ما مفاده أن الهيمنة على كل فلسطين لن تتم، إلا إذا توصلت دولة إسرائيل التي ستقام، إلى بسط سيطرتها على المياه الموجودة في  الأراضي الفلسطينية، وفيما يجاورها من أراضٍ عربية.

وهذا ما يفسر قيام الصهاينة بعد احتلالهم لمنطقة الحولة من فلسطين، بإنجاز عمليات التجفيف وبناء المستعمرات بسرعة، ليتم الانتقال بعد ذلك إلى جعل مسألة توفير المياه لهذه المستعمرات ولمشروعاتها من الأمكنة الواردة في مخططاتهم، الهدف الأساسي لسياستهم العدوانية التي بدأت ولم تنته حتى اليوم، والتي بينت أن الماء كان يشكل في جميع ما شنّوه من حروب على العرب، العامل المحدد من بين كل العوامل، كهدف أساسي، بدءاً من العمليات العسكرية على الجبهة السورية إثر قيام الدولة العنصرية بالاستيلاء على كامل ضفاف الحولة وطبرية، ثم مروراً بالحرب العدوانية على مصر عام 1956، وبحرب حزيران عام 1967 للوصول إلى مياه النيل، وانتهاءً بغزو لبنان عام 1982 للاستيلاء على ما في جنوبه من مياه.

ولمواجهة هذه الأطماع، كان رأي العرب قد استقر في مؤتمر القمة عام 1964 على تنفيذ عدد من المشروعات المائية على روافد الأردن والليطاني، تتضمن استغلال 230 مليون م3 من مياه الحاصباني وبانياس، ونقل جزء منها إلى نهر اليرموك، بعد إقامة سد عليه، ليتجمع خلفه نحو 200 مليون م3، تقوم كميات منها بتغذية قناة الغور الشرقية، ليتمكن الأردن من زراعة أكثر من نصف مليون دونم زراعة كثيفة.

وكان الهدف من هذه المشاريع حماية العرب لمياههم، وعرقلة مساعي العدو لتأمين المياه لمستعمراته الاستيطانية في الحولة، إلا أن ذلك لم يضع حداً لأطماع إسرائيل في هذه المياه، وهاهي تعيد موضوع الصراع حولها إلى مسرح الأحداث، مهددة الجانب اللبناني باجتياح أراضيه مرة أخرى، إذا انفرد باستغلال مياه الوزاني.

محمود رمزي 

مراجع للاستزادة:

 

ـ شاهر جمال آغا، جغرافية الوطن العربي (جامعة دمشق).

ـ صلاح الدين البحيري، جغرافية الأردن (عمان).

ـ صلاح الدين الشامي، جغرافية الوطن العربي الكبير (الإسكندرية).

 


التصنيف : التاريخ و الجغرافية و الآثار
النوع : سياحة
المجلد: المجلدالثامن
رقم الصفحة ضمن المجلد : 669
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 1114
الكل : 40549596
اليوم : 79411

كراوس (كارل-)

كراوس (كارل ـ) (1874 ـ 1936)   كارل كراوس Karl Kraus كاتب مسرحي وناقد وصحافي نمساوي، يُعدُّ من أبرز كتّاب الهجاء في اللغة الألمانية. ولد في مدينة يِتْشين Jecin (في الامبراطورية النمساوية الهنغارية حينذاك، وحالياً في الجمهورية التشيكية)، وهو سليل عائلة يهودية ثرية من أصحاب مصانع الورق، انتقلت إلى العاصمة ڤيينا وهو في الثالثة من عمره. تلقى تعليمه في مدارس العاصمة، وبدأ ممارسة التمثيل والإخراج قبل أن يلتحق بالجامعة. ونزولاً عند رغبة أبويه التحق بكلية الحقوق؛ إلا أنه سرعان ما تحول إلى دراسة اللغة والأدب الألماني، وبدأ في الوقت نفسه بنشر مقالاته في صحف نمساوية وألمانية معروفة، وعندما تأكد من قدرته على كسب عيشه من الكتابة تخلى عن الدراسة الجامعية عام 1895، وكرَّس جلّ وقته للصحافة والأدب والمسرح. أعلن في عام 1899 خروجه من الديانة اليهودية وتحول إلى الكاثوليكية؛ لكنه احتجاجاً على استخدام أمكنة الكنيسة لأنشطة ثقافية ذات طابع تجاري أعلن خروجه منها أيضاً. تعرف عام 1913 البارونة سيدوني نادْهِرني فون بوروتين Sidonie Nádherny von Borutin، واستمرت علاقتهما المتقلبة طوال حياته، ونتج عنها مجموعة رسائل مهمة ذات طابع ثقافي نشرت بعد وفاته في ڤيينا.
المزيد »