logo

logo

logo

logo

logo

الخانات

خانات

Khan - Khan

الخانات

 

 
 
 

خان الوزير في حلب

 
 

الخانات: جمع خان inn والخان: كلمة فارسية الأصل معناها المنزل، وربما أطلقت على الحانوت أو صاحبه، ثم استعملها العرب والأتراك في بلاد الشام ومصر بمعنى المكان الذي ينزل فيه التجار والمسافرون قادمين من بلد آخر، وهو ما يعرف أيضاً بالفندق، مع بعض الفوارق.

وتعود نشأة الخانات إلى عهود قديمة، وأقدم ذكر لها في المصادر العربية يعود إلى المؤرخ البلاذري (279هـ). وكانت في أول عهدها بسيطة البناء، ثم اتسع بناؤها وعظم الاهتمام بها بسبب انتشار التجارات وكثرة الأسفار لأغراض مختلفة، وازدهار حركة العمران في بلاد المشرق والمغرب، ولاسيما إبان العصر المملوكي، واستمر بناء الخانات طيلة العصر العثماني في داخل المدن وعلى أطرافها.

وقد تعددت أشكال تلك الخانات وأقسامها وطُرُز بنائها، بحسب موقعها والغاية التي أقيمت من أجلها. ولكن جرت العادة أن يتألف الخان من باب كبير ذي مصراعين ضخمين يتسع لدخول الرواحل المحمّلة بالبضائع، أو من باب كبير واحد، فيه باب صغير في وسطه يسمى «الخوخة» لدخول الناس إذا لم يكن هناك حاجة لفتح الباب الكبير، وهذا الباب تحيط به واجهة مزخرفة ذات عقود وأبراج، ويؤدي إلى باحة سماوية واسعة قد تتوسطها بركة ماء، ويحفّ بالباحة حُجرات متنوعة، ومحلات لإيداع البضائع أو بيعها، ومكاتب للتجارة تودع فيها العروض وما إليها، إضافة إلى المسجد، وبئر الماء في جانب تلك الباحة. وثمة أقسام ملحقة بهذا الطابق الأرضي لإيواء الدوابّ، وفيه أيضاً بيطريّون وعلفٌ للرواحل.

وفوق هذا الطابق الأرضي طابق علوي مخصص لنوم نزلاء الخان من المسافرين والتجار والحجّاج وطلاب العلم الوافدين من بلاد أخرى، فيجتمعون في الخان الذي يشرف على إدارته رجال مهمتهم تجهيز النزلاء بما يحتاجون إليه من مبيت وإقامة، يضاف إليهم عمال يقومون بتنظيم أمور الخان وتنظيفه.

لم تقتصر إقامة الخانات على المدن، داخلها وخارجها، بل كانت تقام أيضاً على طرق القوافل والمواصلات الطويلة بين البلاد؛ وعلى مراحل لاتستغرق أكثر من مسيرة يوم بين الخان والآخر لراحة المسافرين وأمنهم بعدما قطعوا مسافات طويلة إما راجلين أو على دواب تحملهم كالجمال والخيول والبغال والحمير.

هذه الخانات المختلفة تسمى عادة باسم بانيها، أو بمن ينزل فيها من التجار، أو بمن يعمل فيها من أصحاب المهن المختلفة. وكان لها دور هام في الحياة الاجتماعية والثقافية والاقتصادية في التاريخ العربي والإسلامي، لأنها كانت ملتقى للعلماء والفقهاء والأدباء، ومجمّعاً للتجار الذين يتبادلون السلع ويعقدون الصفقات، كما كان المسافرون - على اختلاف مشاربهم - يتبادلون الأسمار والقصص والأخبار ويفيد بعضهم من تجارب الآخرين وخبراتهم.

وتتفاوت الخانات في بلاد الشام ومصر، من حيث الأهمية والشهرة والضخامة، وقد اندثر بعضها، وبقي بعضها الآخر حتى اليوم شاهداً حياً ومَعْلماً من معالم الحضارة الإسلامية الزاهية مدة قرون مضت، وحين يزور المرء مدينة من مدن تلك البلاد يجد فيها عدداً وافراً من تلك الخانات التي تهدّم بعضها، ورمّم بعضها الآخر، كما اعتدى على بعضها أناس اتخذوها مركزاً لتجارتهم ومهنهم المختلفة، فشوّهوا معالمها وأفسدوا جمالها، فضلاً عن أن قسماً منها أصبح مستودعات لمؤسسات مختلفة ولم تحظ بالعناية اللائقة بها.

ومن أشهر تلك الخانات في دمشق: خان أسعد باشا في سوق البزورية، وخان الحرير، وخان الزيت، وخان الخياطين أو الجوخ. وفي حماه: خان الصحن، وخان الحنّة (الحنّاء)، وخان رستم باشا، واشتهرت حلب بخاناتها الأثرية الكثيرة التي لا تزال شامخة حتى اليوم، ومنها خان الوزير، وخان الحرير، وخان الصابون، وخان الجمرك، وخان الشونة.

أما في مصر والعراق: ففي القاهرة: خان الخليلي، وخان مسرور، وفي بغداد: خان مرجان. وبعض هذه الخانات قد يتّسع ويشتمل على عدة دور مجتمعة، فتكون أشبه بالسوق لنزول التجار وصيانة أموالهم وتحميل بضائعهم.

ومن الخانات التي أقيمت على طرق المواصلات والقوافل : خان عياش على بعد 26كم من دمشق، وكان مأوى للمسافرين بين حلب ودمشق وفيه مسجد ومصنع ماء وحانوتان، وكان يسمى «خان لاجين» نسبة إلى بانيه الأمير حسام الدين لاجين والي دمشق سنة 690هـ، ووقف لهذا الخان أوقافاً كثيرة للإنفاق عليه.

ثم إن هناك قرى وبلدات كثيرة ركبت أسماؤها من كلمة «خان» مضافة إلى كلمة أخرى، ويبدو أنها كانت في الأصل خانات بنيت على طرق القوافل بين المدن للمسافرين، ثم تحولت مع الزمن إلى تلك القرى والبلدات مثل : خان السبيل (محافظة إدلب ) وخان طومان، وخان العسل (محافظة حلب) وخان أم حكيم (محافظة ريف دمشق، قرب الكسوة).

محمود فاخوري 

مراجع للاستزادة:

 

ـ محمد أسعد طلس، الآثار الإسلامية والتاريخية في حلب ( حلب 1957م).

ـ أحمد عطية الله، القاموس الإسلامي ( القاهرة 1386هـ/ 1966م).

ـ أحمد قدامة، معالم وأعلام في بلاد العرب( دمشق 1385هـ/ 1965م ).

 


التصنيف : التاريخ
المجلد: المجلدالثامن
رقم الصفحة ضمن المجلد : 741
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 1079
الكل : 40520926
اليوم : 50741

الخط (علم دلالة-)

الخط (علم دلالة ـ)   علم دلالة الخط graphologie هو دراسة الخط المكتوب وتحليله، بهدف معرفة طبيعة كاتبه وتقييم شخصيته. ويتضمن الخط عشرين عنصراً ونيّفاً من العناصر، منها انحناء الأحرف وعرضها وارتفاعها، والفراغات فيما بينها، وغيرها، وهي تمثل في مجملها جوانب شخصية الناسخ. لاحظ الصينيون منذ القرن الحادي عشر أن ثمة علاقة قائمة ما بين الخط وطبع ناسخه، واهتم الفنانون والمؤرخون والفلاسفة ورجال العلم منذ زمن بعيد بالعلاقة القائمة ما بين الناسخ وخطه. وفي القرن السابع عشر نشر الإيطالي كاميلو باليري Baleri أول بحث بشأن معنى الخط من الناحية النفسية.
المزيد »