logo

logo

logo

logo

logo

شيشرون

شيشرون

Cicero - Cicéron

شيشرون

(106ـ 43 ق.م)

 

هو ماركوس توليوس كيكرو Marcus Tullius Cicero (أما شيشرون فهو تعريب لصيغة اسمه بالإيطالية)، خطيب وسياسي وأديب روماني كبير، بل هو أشهر خطباء روما وأعظم كتاب اللغة اللاتينية الكلاسيكية على الإطلاق. ولد في بلدة أربينوم Arpinum الإيطالية جنوب شرقي روما في أسرة ثرية من طبقة النبلاء، وجاء إلى روما صغيراً وتلقى تعليماً ممتازاً في البلاغة والفلسفة والقانون واللغة الإغريقية، التي صار يجيدها كأحد أبنائها. حضر دروس الفقيه سكيفولا Scaevola الشهير بالكاهن والقنصل، كما استمع في شبابه إلى أبلغ خطباء عصره من أمثال ماركوس أنطونيوس (الأب) وكراسوس Crassus، وقلما كانت تفوته محاضرات الأساتذة الإغريق الزائرين سواء في الفلسفة أم البلاغة، فقد شغف حباً بالقراءة والدراسة التي صرفته عن مباهج الحياة في روما. ومن أجل متابعة دراساته الأدبية والفلسفية سافر إلى أثينا والتقى فيها بصديق عمره أتيكوس Atticus، ثم إلى جزيرة رودوس حيث استمع إلى الفيلسوف الرواقي الشهير بوسيدونيوس الأفامي Poseidonios وإلى أستاذ البلاغة مولون Molon.

بدأ شيشرون ممارسة المحاماة عام 81ق.م وبرز في دفاعه الجريء عن روسكيوس Roscius عام 80ق.م ضد أحد أتباع الدكتاتور سولا Sulla، وقد مهد له هذا النجاح طريق الصعود في الحياة العامة والشهرة. دخل معترك الحياة السياسية منذ عام 75ق.م عندما فاز بمنصب الخازن (كويستور Quaestor) وخدم في صقلية فاشتهر بالصدق والنزاهة مما جعل أهالي الجزيرة يتوجهون إليه عام 70ق.م لمقاضاة والي صقلية الجائر فيرِّس Verres الذي عاث فيها فساداً وجنى بالترهيب والابتزاز ثروة طائلة. وقد أثبت شيشرون مرة ثانية شجاعته في الدفاع عن المظلومين في مواجهة هورتنسيوس Hortensius أكبر محام في عصره، الذي تولى الدفاع عن فيرِّس. وحقق شيشرون نجاحاً عظيماً في هذه القضية جعل منه أشهر محام في روما وأعظم خطبائها، وأوصله إلى منصب المشرف على الشؤون البلدية (إيديليس Aedilis) عام 69ق.م، ثم إلى منصب القضاء (بريتور Praetor) عام 66ق.م حيث ألقى خطبة سياسية شهيرة من أجل منح بومبيوس Pompius القيادة العليا في الحرب على مثريديتس Mithridates ملك بونتوس في آسيا الصغرى.

انتخب شيشرون عام 63ق.م قنصلاً على الرغم من معارضة النبلاء، لأنه لم يكن ينتمي إلى ارستقراطية روما، وإنما كان رجلاً عصامياً بنى أمجاده بنفسه. وكان يفتخر دائماً بأنه وصل إلى كل تلك المناصب في أصغر سن يسمح له القانون بتقلدها. وكان أهم عمل في أثناء قنصليته نجاحه في الكشف عن مؤامرة لقلب نظام الحكم تزعمها أحد النبلاء المدعو كاتِلينا Catilina، وألقى شيشرون عدة خطب في مجلس الشيوخ أثبت فيها تآمر كاتِلينا وأعلنت حالة الطوارئ واعتقل خمسة من كبار المتآمرين وأعدموا فوراً وتم القضاء على المؤامرة. وقد نشر شيشرون مجموعة خطبه ضد كاتِلينا عام 60ق.م، بالإضافة إلى كتابات أخرى شعراً ونثراً وباللغتين اللاتينية والإغريقية تمجد إنجازه الذي بقي يفخر به حتى آخر أيامه وبأنه منقذ الجمهورية الرومانية، لكن موقفه الحازم من المتآمرين أوغر صدور خصومه فكادوا له، وهكذا طالب محامي الشعب كلوديوس Clodius بمحاسبته على تسرعه بإعدام المتهمين من دون العودة إلى الشعب. واضطر شيشرون عام 58ق.م للذهاب إلى المنفى في مقدونيا، لكنه عاد إلى روما في العام التالي بدعم من بومبيوس ومحامي الشعب ميلو Milo واستقبل بحفاوة كبيرة. وفي تلك الأثناء كان قد عقد الاتفاق الثلاثي بين أقوى الزعماء الرومان (بومبيوس ويوليوس قيصر وكراسوس) الذي هيمن على الحياة السياسية، وكان على شيشرون التسليم بالواقع الجديد، فانصرف عن السياسة إلى الكتابة والتأليف وأصدر كتابيه «في الخطابة» De oratore و«في القوانين» De legibus. وفي خلال ذلك تولى الدفاع عن فاتينيوس Vatinius بنجاح، لكنه خسر في قضية غابينيوس Gabinius والي سورية المتهم بالفساد، وكذلك في قضية ميلو المتهم بقتل كلوديوس. وكان عزاؤه في تلك السنوات الحالكة انتخابه لمنصب كهنوتي رفيع (أوغور Augur) ثم والياً على كيليكية (من صيف 51 إلى صيف 50ق.م)، الذي رأى فيه إبعاداً له عن روما. ومع هذا قام بواجبه وقاد حملة حربية ناجحة ضد المتمردين الكيليكيين واستحق من جنوده لقب امبراطور (imperator «قائد منتصر»)، وقد كان يأمل في إقامة موكب نصر في روما، لكنه بدلاً من ذلك وجد نفسه في دوامة الحرب الأهلية التي اندلعت بين يوليوس قيصر وبومبيوس، فحاول عبثاً التوسط بينهما ثم ما لبث أن التحق بمعسكر الجمهوريين في اليونان من دون أن يشارك في القتال. وعاد بعد معركة فرسالوس Pharsalus ت(48ق.م) إلى إيطاليا ونال عفو قيصر المنتصر لكنه لم يظهر تعاطفاً معه، لأنه كان يخشى من استبداده بالحكم، مما دعاه للعودة مجدداً إلى الكتابة، وكان أهم خطاب ألقاه في تلك الفترة أمام مجلس الشيوخ، امتدح فيه عفو قيصر عن مركلوس Marcellus الذي كان القنصل عام 51ق.م، وكان له دور كبير في اندلاع الحرب الأهلية. وكان لموت ابنته الوحيدة توليا Tullia عام 45ق.م أبلغ الأثر في نفسه، فانصرف إلى الفلسفة يطلب العزاء والسلوى.

ومع أن شيشرون لم يشترك في المؤامرة التي أودت بحياة قيصر، فقد هلل لاغتياله في 15 آذار عام 44ق.م وعاد من جديد إلى الساحة السياسية. ولشهرته بوصفه قنصلاً سابقاً فقد ترأس مجلس الشيوخ في محاولته إعادة النظام الجمهوري المنهار إلى سابق عهده، داعياً إلى تآلف الطبقات العليا في المجتمع الروماني وتكاتفها في وجه الطغيان، الذي كان يمثله في رأيه ماركوس أنطونيوس، والذي صار عدوه اللدود، فألقى سلسلة من الخطب (عرفت بالفيليبيات Philippicae تشبيهاً لها بخطب ديموسثينس Demosthenes ضد فيليب المقدوني) هاجمه فيها بشدة ورماه بأقذع التهم ودعم منافسه الشاب أوكتافيوس (أوغسطس لاحقاً) الذي جاء مطالباً بإرث خاله قيصر. ولكن سرعان ما اتفق أنطونيوس وأوكتافيوس ضد أنصار النظام الجمهوري، وكان شيشرون على رأس الضحايا الذين سقطوا في حملة الملاحقة للقضاء على الخصوم. وهكذا قام جنود أنطونيوس بقتله قرب مزرعته وقطعوا رأسه ويده اليمنى لتعرض في الساحة العامة بروما فكانت نهاية مأساوية لهذا الرجل العظيم.

كان شيشرون مرآة عصره، ومؤلفاته سجل حافل بأحداث زمانه وأخبار السياسة والمجتمع والفكر، لا غنى عنها لأي مؤرخ للقرن الأخير من العصر الجمهوري الروماني. وهو من أغزر الكتاب إنتاجاً في العصور القديمة، بدأ نشر مؤلفاته في أثناء حياته، إذ تولى صديقه الحميم أتيكوس إصدار قسم كبير منها، كما تولى عبده تيرو Tiro، الذي أعتقه وجعله كاتبه وأمين سره، إصدار مجموعات رسائله. وقد نشرت أعماله في عدة طبعات محققة بالألمانية والإنكليزية والفرنسية والإيطالية وترجمت إلى عدد كبير من اللغات. ووصل حجم مؤلفاته التي نشرتها جامعة هارفرد إلى 28 مجلداً مزودة بتراجم علمية دقيقة وشروح تاريخية وأدبية ضافية.

يمكن تصنيف مؤلفات شيشرون في خمس مجموعات تضم خطبه وأبحاثه في البلاغة والسياسة والفلسفة إضافة إلى رسائله.

1ـ الخطب: وتمثل أسمى ما وصل إليه النثر اللاتيني، بقي منها سبع وخمسون خطبة، وعفى الزمن على نحو ثمانٍ وأربعين، وهي من أغنى المصادر المعاصرة للأحداث، تناولت قضايا مدنية وجنائية ومسائل سياسية. وعلى الرغم مما يشوبها من إطناب ومبالغات فإنها تمدنا بمعلومات واقعية دقيقة عن القانون الروماني والنظام القضائي والتاريخ السياسي والدستوري والحياة الاقتصادية والاجتماعية والنظام الضريبي والمالي وإدارة الولايات.

نافس شيشرون في خطبه الأولى هورتنسيوس، متأثراُ بالأسلوب الآسيوي الذي ساد في العصر الهلنستي، ثم مال إلى الأسلوب الأتيكي الكلاسيكي الذي يتسم بالبساطة والوضوح. لكنه بدأ منذ خطبه ضد فيرِّس يظهر أسلوبه الخاص، الذي تحرر فيه من سيئات الأسلوبين الآسيوي والأتيكي ومثالبهما، وأكثر من استعمال المحسنات البلاغية والبديعية والجمل الطويلة الواضحة والمتوازنة ذات الجرس الموسيقي. كان ديموسثينس يمثل بالنسبة له الخطيب الكامل بسبب قدرته على التأثير والإقناع والإمتاع، وكان يعيد النظر في خطبه بعد إلقائها وينقحها قبل نشرها، وصار سيد فن الخطابة الرومانية بلا منازع.

2ـ كتاباته في البلاغة: من أهم ما وصل منها: كتابه «في الخطابة». في ثلاثة أجزاء صدرت عام 55ق.م، وقد رسم فيه صورة الخطيب المثالي الذي يجب أن يمتلك ثقافة واسعة ويتسلح بالفلسفة، بالإضافة إلى الموهبة والتدريب والذوق الرفيع. أما في كتابه «بروتوس» Brutus فيسرد تاريخ الخطابة الرومانية من بداياتها حتى عصره، كما يتناول المدارس الرئيسة في الخطابة الإغريقية وخاصة الأتيكية والآسيوية.

3ـ كتاباته في السياسة والفكر السياسي: منها كتابه «عن الجمهورية» De republica يطرح فيه مسألة نظام الحكم الأمثل والمواطن الأفضل على شكل حوار يدور بين أعضاء حلقة سكيبيو Scipio عام 129ق.م، ولم يبق منه سوى أجزاء من الكتب الستة التي تضمها المحاورة التي فقدت منذ القرن السادس وعثر على أجزاء مهمة منها عام 1822. يناقش شيشرون أفضل نظام للحكم واضعاً نصب عينيه الجمهورية الرومانية، وهو يفضل نظاماً يجمع بين حسنات أنظمة الحكم الثلاثة المشهورة: الملكية والأرستقراطية والديمقراطية، والدولة التي يحبذها هي الصورة المثالية للجمهورية الرومانية. ويعد حلم «سكيبيو»، الذي وصلنا كاملاً بفضل اقتباس الكاتب مكروبيوس Macrobius، ذروة هذا الحوار، ومن أشهر مقطوعات الأدب اللاتيني. كان شيشرون يعد «الجمهورية» أعظم مؤلفاته وقد امتزجت فيها أفكار أفلاطونية وأرسطية وهلنستية مع التقاليد السياسية الرومانية. أما كتابه «في القوانين» فلم يبق منه سوى ثلاثة كتب وهو يقابل قوانين أفلاطون مثلما يقابل «الجمهورية» جمهورية أفلاطون. يعرّف شيشرون القانون كما عرّفه الفلاسفة الرواقيون فيصفه بأنه «التفكير الصحيح المتفق مع الطبيعة». ويعالج في هذا البحث القانون الطبيعي والقانون الإلهي وقانون الوظائف العامة وعلاقتها بالدين.

4ـ مؤلفاته في الفلسفة والأخلاق: نشأت في أوقات ابتعاده عن السياسة وترمي في المقام الأول إلى تلخيص تعاليم حكماء الإغريق السياسية وتقديمها للرومان بلغة لاتينية سهلة، واضحة وجذابة. وقد جمَّل بحوثه بالحوار مقتدياً بأفلاطون، واضطر إلى ابتكار مصطلحات فلسفية لاتينية ونجح في هذا نجاحاً باهراً. تأثر شيشرون بفلاسفة الأكاديمية ونهل من مبادئ الرواقية على يد أستاذه بوسيدونيوس وكان يكن احتراماً فائقاً لأفلاطون، الذي دعاه بالإلهي. أهم أعماله: «عن غايات الأخيار والأشرار» De finibus bonorum et malorum ويطرح فيه كافة النظريات حول «الخير الأسمى» متأثراً بالتعاليم الرواقية. وفي «مناقشات توسكولوم» Tusculanae disputationes يعالج فكرة الموت والحزن والخوف والعاطفة وكل ما هو ضروري لتحقيق السعادة وبخاصة الفضيلة. وأظهر شيشرون اهتماماً بالفكر الديني في بحثه الموسوم «في طبيعة الآلهة» De natura deorum وهو يقع في ثلاثة كتب تعكس آراء الأبيقورية والرواقية والأكاديمية حول طبيعة الآلهة والعناية الإلهية.أما كتابه «في فن التنبؤ» De divinatione فيدور حول طبيعة العرافة والتنبؤ. وفي مقال «في الصداقة» De amicitia يشرح شيشرون أسس الصداقة الحقيقة وعلى رأسها الفضيلة. وآخر أعماله في الأخلاقيات كتابه «عن الواجبات» De officiis الذي يشرح موضوع الأمانة والفائدة كدافعين للسلوك الأخلاقي ويوضح الصراع بينهما.

5 ـ الرسائل: إذا كانت خطب شيشرون تكشف عن أخلاقه ومواقفه السياسية، فإن رسائله تكشف عن إنسانيته ومشاعره وأفكاره. وهي تشمل 864 رسالة وتقسم إلى عدة مجموعات: إلى أتيكوس Ad Atticum، إلى الأقارب Ad familiares، إلى أخيه كوينتوس Ad Quintum fratrem. وترسم هذه الرسائل صورة لشيشرون الإنسان، وقد جعلت منه أفضل شخصية نعرفها من العصور القديمة، ولغتها مزيج من الرقة الأدبية وسلاسة اللغة الدارجة.

لاتكمن أهمية شيشرون ومكانته، كما كان يعتقد، في المجال السياسي فحسب، وإنما على صعيد اللغة والأدب، إذ إنه صار بخطبه وكتاباته البلاغية والسياسية والفلسفية مبدع النثر الفني اللاتيني ومثله الأعلى. ومن خلال أبحاثه الفلسفية لم ينشر معرفة الفلسفة الإغريقية في روما فحسب، بل نقلها إلى العصور الوسطى وأسهم بذلك في تأثيرها المستمر حتى العصور الحديثة. كان في قرارة نفسه على قناعة تامة بأهمية الثقافة الإغريقية في تشكيل الإنسان، وجعل من كلمة الإنسانية Humanitas مصطلحاً ثقافياً وحضارياً. كان تأثيره عظيماً حتى في العصور القديمة، واحتل المرتبة الأولى في تاريخ الفكر والأدب عند الرومان على مر العصور. وبعد مئة وعشرين سنة من موته طرح عالم البلاغة الشهير كوينتليانوس Quintilianus مفهوم «الشيشرونية» Ciceronianismus وعدّ خطبه وأسلوبه نموذجاً ومثلاً أعلى في اللغة اللاتينية، وعرفت المسيحية كذلك قدره سريعاً، وكان لكتبه تأثير كبير في فكر القديس اوغسطين Augustinus. وفي عصر النهضة نجح الشاعر الإيطالي الكبير بتراركا Petrarca في رفع «الشيشرونية» إلى الذروة بحيث صار تقليد أسلوب شيشرون ودراسة مؤلفاته الهدف المعلن والأسمى للحركة الإنسانية.

محمد الزين

 

 مراجع للاستزادة:

 

ـ أحمد عتمان، «الأدب اللاتيني ودوره الحضاري»، سلسلة عالم المعرفة 141 (الكويت 1989).

ـ ول ديورانت: قصة الحضارة، الجزء 9 ترجمة محمد بدران (القاهرة 1972).

- CLAUDE NICOLET & ALAIN MICHEL, Cicéron (Paris 1970).

- ELIZABETH RAWSON, Cicero: A Portrait (Cornell Univ.Press 1983).

- R.E. SMITH, Cicero, The Statesman (Cambridge 1966).


التصنيف : التاريخ و الجغرافية و الآثار
النوع : أعلام ومشاهير
المجلد: المجلد الحادي عشر
رقم الصفحة ضمن المجلد : 875
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 1748
الكل : 52840364
اليوم : 94652

أيمن بن خريم

أيمن بن خريم ( … ـ نحو 80 هـ/… ـ نحو700م)   أبو عطية، أيمن بن خُرَيم بن الأخرم الأسدي، من شعراء الدولة الأموية المجيدين، تابعي ثقة، أسلم يوم الفتح وهو فتى يفع، وقيل إن له صحبة برسول اللهe وهو قول ضعيف. كان أيمن بن خريم ينزل دمشق في محلة القصاعين (القصاع)، وكان يدعى «خليل الخلفاء» على برصه، إعجابا به وبحديثه لفصاحته وعلمه، فقد اتصل بمعاوية بن أبي سفيان وعبد الملك بن مروان ثم لزم عبد العزيز بن مروان وهو أمير مصر، فكان أثيرا عنده، ثم وقعت بينهما ملاسنة ، فقد سئل أيمن عن رأيه في شعر نُصَيب بن رباح (ت108هـ/726م) وكان قد قدم إلى مصر مادحا عبد العزيز، فقال أيمن في نُصَيب كلاما أغضب الأمير، فردّ عليه عبد العزيز بكلام حاد وفضّل نُصيبا عليه، فقال أيمن للأمير: «أنت طَرِف مَلُولة لا تثبت على صحبة» وفارقه إلى العراق، وهناك اتصل بالأمير بشر بن مروان وانقطع إليه يقول فيه الشعر، وقد عرّض في شعره بعبد العزيز، وأغرى الخليفة أن يحوّل ولاية العهد عنه.
المزيد »