logo

logo

logo

logo

logo

زيادة (مي-)

زياده (مي)

Ziyadah (Mai-) - Ziyadah (Mai-)

زيادة (مي ـ)

(1303 ـ 1360هـ/1886 ـ 1941م)

 

ماري زيادة، التي نحتت من الحرفين الأول والأخير من اسمها اسم «ميّ» وعُرفت وشُهرت به لاحقاً، هي الأديبة العربية ذات الباع الأطول والمؤثر الأكبر في أدباء النصف الأول من القرن العشرين. ولدت في مدينة الناصرة في فلسطين من أم فلسطينية هي نزهة خليل معمّر وأب لبناني هو الياس زخور زيادة الذي نزح من كسروان إلى الناصرة وامتهن التدريس في مدارسها. كانت ميّ وحيدة أبويها وتعلمت في مدرسة للراهبات وأنهت الدراسة الابتدائية عام 1899 فصحبها والداها إلى لبنان للتعرف على أهلها فيه. ثم دخلت القسم الداخلي من مدرسة الراهبات في بلدة عين طورة وتخرجت فيها عام 1905، وبدأت تكتب الشعر باللغة الفرنسية. بعد رجوعها إلى الناصرة استمرت بكتابة الشعر وتعلمت اللغتين الإنكليزية والألمانية والعزف على العود بعد أن كانت قد تعلمت العزف على البيانو أثناء دراستها. بعد سنتين انتقلت ميّ إلى القاهرة حيث عمل والدها في الصحافة، ودرّست الفرنسية والألمانية لبنات إدريس راغب صاحب جريدة «المحروسة» الذي كلف أباها رئاسة تحريرها، ثم تنازل عن ملكيتها لـه، مما فتح أمامه باب رزق كبير وأتاح لابنته التعرف إلى زملائه من صحفيين وكتّاب فقوي ميلها إلى اللغة العربية.

أقيمت في عام 1911 في القاهرة حفلة تكريم لشاعر القطرين خليل مطران[ر]، حضرها الخديوي وكبار الكتّاب والشعراء، أمثال طه حسين[ر] وأحمد لطفي السيّد[ر] وإسماعيل صبري[ر] فدعاها سليم سركيس صاحب مجلة «سركيس» لإلقاء كلمة جبران خليل جبران[ر]، نيابة عنه، فسحرت الحاضرين بأسلوبها في الخطابة وجرس صوتها، فبدأت شهرتها في الخطابة والكتابة منذ تلك الليلة. ويقول طه حسين في مذكراته إنه لم يرض عن شيء مما سمعه أكثر مما أُعجب بصوت ميّ الرائق الذي ينفذ إلى القلب. فتحت ميّ بيتها بعد ذلك لاستقبال الأدباء والشعراء مساء كل يوم ثلاثاء، واستمرت ندوتها عشرين عاماً أسهمت في أثنائها في تفعيل النهضة الحديثة وتكريم المثقفين العرب الوافدين إلى القاهرة، وقال الأديب عباس محمود العقاد الذي كان من روادها: «لو جمعت الأحاديث التي دارت في ندوة الثلاثاء لتألفت منها مكتبة عصرية تقابل مكتبة «العقد الفريد» ومكتبة «الأغاني» في الثقافتين الأندلسية والعباسية».

نشرت ميّ ديواناً لشعرها بالفرنسية في القاهرة عام1911 تحت عنوان «أزاهير حلم» Fleurs de rêve، ثم انتسبت للجامعة المصرية لدراسة الأدب والفلسفة والتاريخ وتخرجت فيها من دون الانقطاع عن إدارة الندوة ونشر مقالات وأبحاث قيّمة جمعتها في أربعة كتب صدرت عن دار الهلال تباعاً وهي: «سوانح فتاة» و«بين المد والجزر» و«ظلمات وأشعة» و«الصحائف». ونشرت في عام 1925 كتاباً بعنوان «المساواة» عالجت فيه موضوعات تاريخية ومعاصرة كالرِّق والاشتراكية والشيوعية والأرستقراطية والحرية، قدّمه للقراء صديقها صاحب «المقتطف» يعقوب صروف. وقامت أيضاً بترجمة رواية عن الألمانية ونشرتها بعنوان «الحب الألماني» وأخرى عن الفرنسية عنوانها «رجوع الموجة» وثالثة عن الإنكليزية عنوانها «الحب في العذاب». ومن أهم أعمالها كتب في أدب السيرة عن الرائدات «عائشة التيمورية» و«وردة اليازجي» و«باحثة البادية» التي عاصرتها وأعجبت بها بعدما اطلعت على كتابها «النسائيات» في الدفاع عن المرأة وحقوقها. كانت ميّ على اتصال بكبار المستشرقين إبان زياراتها المتعددة لأوربا ولا سيما الإيطاليين منهم وخاصة المستشرق فرانشيسكو غابرييلي مدير معهد الدراسات الشرقية في روما الذي كرمها وترجم كتابها «ظلمات وأشعة» إلى اللغة الإيطالية ونشره في روما عام1945.

دُعيت ميّ لإلقاء محاضرات كثيرة في مصر وسورية ولبنان، وكانت تستقطب الجماهير في كل مكان، وألهمت شعراء عصرها فمجدوها بقصائدهم وفي طليعتهم أمير الشعراء أحمد شوقي[ر] وإسماعيل صبري ونقولا فياض[ر] وأمين نخلة[ر].

كانت ميّ معجبة بجبران خليل جبران فبدأت بالكتابة إليه عام1912 بعد اطلاعها على روايته «الأجنحة المتكسرة» تناقشه آراءه في الزواج وقيوده وتنتقدها، فتراسلا وتهاديا مؤلفاتهما، ونشأت بينهما علاقة حب من نوع فريد، إذ كان جبران سعيداً لاهتمامها بأعماله اللاحقة وتقريظها لها في الصحف العربية، ومعجباً بكتاباتها يمجدها في رسائله التي كانت ترقبها بفارغ الصبر، فهامت به ورفضت الذين تقدموا للاقتران بها أملاً بلقائه، يقيناً منها بأنه أحبها وكان يعدها بالمجيء إلى القاهرة للقائها، ولكنه للأسف لم يفِ بوعوده، ولما توفي في نيويورك في أوائل عام 1931 حزنت عليه ورثته في مقالة نشرتها في مجلة «الحديث» التي كانت تصدر في حلب، كما حزنت على وفاة والدها قبله بعام ثم وفاة والدتها عام1932، فتردت صحتها في غمرة أحزانها وأقفلت ندوتها الأدبية وأصيبت بانهيار عصبي. لكن أصدقاءها طه حسين وعباس محمود العقاد واحمد حسن الزيات وأنطون الجميّل كانوا يزورونها ويخرجونها من البيت للتنزه، وسافرت إلى أوربا حاملة أحزانها معها. وبعد رجوعها إلى القاهرة استأنفت نشاطها في عامي 1934و1935، وسجلت أحاديث للإذاعة المصرية ونشرت مقالات في «المقتطف». ولم يكن يزعجها سوى تدخل ابني عـمٍّ لها في حياتها طامعين بمالها مطالبين بحصتهما من إرث أبيها والثروة التي جنتها ومن ضمنها ملكية جريدة «المحروسة»، بعد إعلانها عن رغبتها بإهداء مكتبتها النفيسة  للقاهرة التي حضنتها. فأصيبت مجدداً بانهيار عصبي حاد. أقعدها المرض في البيت فكتبت رسالة لقريب لها في بيروت تدعوه لنجدتها، فأتى إلى القاهرة وأخذ منها وكالة عامة وصحبها إلى لبنان واعداً بالاهتمام بها، لكنه أدخلها مستشفى الأمراض العقلية بمؤامرة مبيتة، وبقيت فيه ثمانية أشهر، أقام عليها أهلها في أثنائها دعوى للحجر عليها. إلا أن صديقاً قديماً لأسرتها اكتشف الحقيقة وأنقذها بمعونة الأصدقاء من أدباء وصحفيين، ووكَّل أصدقاؤها كبار المحامين للدفاع عنها، ودعوها باسم جمعية «العروة الوثقى» لإلقاء محاضرة عام 1938في الجامعة الأمريكية بحضور هيئة المحكمة، فتحدثت أمام جمهور غفير عن «رسالة الأديب إلى المجتمع»، وأبدعت، فصدر الحكم برفع الحجر عن أملاكها. قضت ميّ صيفاً هانئاً بضيافة أمين الريحاني[ر]، عـادت بعده إلى القاهرة لتواجه دعوى مماثلة، ولكنها نجت منها بفضل تطوّع المحامي الكبير مصطفى مرعي للدفاع عنها وأضحى وزوجته من أعز أصدقائها.

آثرت ميّ العزلة في بيتها تكتب رسائل للذين أنجدوها في محنتها، ولما اشتد عليها المرض نقلها آل مرعي إلى مستشفى المعادي حيث فارقت الحياة بعد خمسة أيام، وتولت السيدة هدى شعراوي[ر] تنظيم موكب دفنها وإقامة حفل لتأبينها في مقر الاتحاد النسائي اشترك فيه كبار الأدباء الذين عاصروها. وتكريماً لها أُطلق اسمها على شارعين أحدهما في مدينة الإسكندرية في مصر والآخر في العاصمة اللبنانية بيروت.

سلمى الحفار الكزبري

مراجع للاستزادة:

 

ـ حنّا الفاخوري، الموجز في تاريخ الأدب العربي وتاريخه (طبعة دار الجيل، بيروت 1985).

ـ سلمى الحفار الكزبري، الشعلة الزرقاء (وزارة الثقافة، دمشق 1985).


التصنيف : اللغة العربية والأدب العربي
النوع : أعلام ومشاهير
المجلد: المجلد العاشر
رقم الصفحة ضمن المجلد : 468
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 1723
الكل : 52794640
اليوم : 48928

ابن لنكك

ابن لنكك (… ـ 360هـ/… ـ 970م)   أبو الحسن محمد بن محمد بن جعفر البصري الأديب النحوي الشاعر، نشأ في البصرة وقدم إلى بغداد؛ فحصل ثقافة جيدة، وألمّ بمعارف عصره وحفظ لطائف الأدب وظرائفه، وبرع في الشعر. روى الأخبار والأشعار، وأخذ عنه أهل اللغة والأدب عند إقامته في بغداد، وكان عالي القدر عند معاصريه، فوصفوه بالفضل والظرف، وتطلعت نفسه إلى المزيد، فقصّر به جهده عن بلوغ الغاية التي كانت تسمو إليها نفسه إذ كان التقدم في أيامه لأبي الطيب المتنبي ولأبي رياش اليمامي، فكسدت بضاعته وانحط نجمه، فأمضى وقته في هجائهما وذمهما وشكوى الزمان وأهله إلى أن توفي.

المزيد »