logo

logo

logo

logo

logo

السويس (قناة-)

سويس (قناه)

Suez Canal - Canal de Suez

السويس (قناة ـ)

 

كان سنوسرت الثالـث، أحـد فراعنة السلالة الثانية عشر (2000ـ1800ق.م)، هو أول من تحقق على يديه شق قناة تربط البحر المتوسط بالبحر الأحمر؛ فكانت المراكب القادمة من البحر المتوسط تسلك بادئ ذي بدء أول فرع من فروع النيل شرقاً، أي الفرع البيلوزي (نسبة إلى مدينة بيلوز الأثرية التي كان موقعها بالقرب من موقع مدينة بور سعيد الحالية) حتى تصل إلى مدينة بوبست (الزقازيق)، ثم تتجه شرقاً مارة بمدينة تيخاو (أبو صوير) فتبلغ البحيرات المرة التي كانت في ذلك الحين خليجاً متصلاً بالبحر الأحمر.

وقد ازدادت أهمية برزخ السويس في عهد الفرس، فلما حكم داريوس ملك الفرس مصر في عام 510ق.م، أعار القناة جلّ اهتمامه فأمر باستمرار الحفر فيها، وأدخل عليها تحسينات كبيرة، ولكنه لم يفلح على الأرجح في وصل البحيرة المرة بالبحر الأحمر إلا بوساطة قنوات صغيرة لم تكن صالحة للملاحة إلا في أثناء فيضان النيل.

وفي عام 285ق.م، تمّ إعداد القناة بأكملها، إذ أمر بطلميوس الثاني بحفر الجزء الواقع بين البحيرة المرّة والبحر الأحمر، ليحل محل القنوات الصغيرة التي حفرها داريوس، فأصبحت القناة تصب في البحر الأحمر بجوار مدينة كليسما (وهو اسم السويس الإغريقي القديم).

وفي عام 98م، ولأسباب تتعلق بضرورات التجارة، رأى الرومان إعادة استخدام القناة بعد أن عبثت بها أيدي الإهمال في أواخر عهد البطالسة، فقام الامبراطور تراجان بحفر وصلة جديدة  تبدأ من بابليون (القاهرة) وتصب في القرية المعروفة بالعباسية، حيث تتصل بالفرع القديم (بوبست ـ البحيرة المرة)، غير أن القناة أُهملت من جديد في عهد البيزنطيين، إذ تركوا التراب يطغى عليها، وغدت غير صالحة للملاحة.

ولما فتح العرب المسلمون مصر، ووُلّي عليها عمرو بن  العاص (641ـ644م)، خطر له أن يحفر قناة تصل مباشرة بين البحرين المتوسط والأحمر، وتشق السهل المنبسط القليل الارتفاع، الممتد جنوبي فرما، وهي مدينة كانت قائمة على مقربة من موقع بور سعيد الحالي. ولكن الخليفة عمر بن الخطاب عارض هذا المشروع، إذ جاء من ينبهه إلى أن شق البرزخ يعرض مصر كلها لطغيان مياه البحر الأحمر، فأمر الخليفة بالاكتفاء بإعادة قناة الرومان القديمة، لكي يتسنى للسفن السفر إلى الحجاز واليمن والهند، وبذلك أعاد العرب قناة الرومان إلى الملاحة من الفسطاط إلى القلزم، في أقل من ستة أشهر (القلزم هو اللفظ العربي لاسم السويس القديم كليسما).

وقد سُميت هذه القناة بقناة أمير المؤمنين، واستُخدمت زهاء 150سنة، لتنشيط التبادل التجاري بين البلاد العربية وأنحاء المعمورة كافة، وخاصة لنقل الحجاج إلى بيت الله الحرام. على أن الخليفة العباسي أبا جعفر المنصور أمر بردمها في نهاية القرن الثامن، كيلا تستخدم في نقل المؤن إلى أهل المدينة الذين تمردوا على سلطته، فتعطلت بذلك الصلة مع البحرين مدة أحد عشر قرناً.

وفي أثناء إقامة الفرنسيين في مصر، إثر الحملة الفرنسية بقيادة نابليون بونابرت، درس المهندسون الذين رافقوا الحملة العسكرية، النيل والبحر الأحمر وبرزخ السويس، وبحث علماء الآثار عن بقايا الأقنية القديمة. ولم يكن من السهل على «دوليسبس» إقناع المسؤولين بفكرة فتح القناة، بسبب المخاوف القديمة من طغيان مياه البحر التي كانت تراود أفكار الناس. واستمر دوليسبس في بذل مساعيه مستفيداً من صداقته للخديوي محمد سعيد، الذي أصدر فرماناً في تشرين الثاني من عام 1854 يعطي امتياز فتح القناة إلى دوليسبس، وصدق الباب العالي امتياز القناة في تشرين الثاني 1858، وكانت مدة الامتياز 99سنة.

ومع العقبات الكثيرة التي واجهت هذا المشروع، فقد أمكن تدشينها في تشرين الثاني من عام 1869، وحضر الحفلة عدد من ملوك أوربا، ومنهم الامبراطورة أوجين زوجة نابليون الثالث وامبراطور النمسا وأمير بروسيا.

وبقيت القناة التي تمر عبر أراضي مصر، والتي حفرتها أيد عربية، ملكاً لشركة السويس العالمية، ومركزها باريس، إلى أن أممتها الحكومة المصرية في 26تموز 1956، فغدت شركة مصرية (عربية) وطنية.

مخطط القناة

قناة السويس إلى الجنوب من الإسماعيلية

لا يزيد طول برزخ السويس بين البحر المتوسط وخليج السويس على 120كم، ويشتمل هذا البرزخ على عدد من البحيرات: المنزلة في الشمال، والبحيرات المرة في الجنوب. وارتفاع هذا البرزخ فوق مستوى البحر قليل، إضافة إلى ذلك فإن معظم أراضي هذا البرزخ رخوة سهلة الحفر، لأنها مؤلفة من لحقيات النيل القديمة.

ولم تحفر القناة بشكل مستقيم في كل أجزائها، لذلك بلغ طولها الفعلي 173كم، والخاصة الرئيسة لقناة السويس أن حركة الملاحة فيها تتم من دون سدود (أهوسة)، وأن ارتفاع الماء لا يزيد في أي نقطة من نقاطها على مستوى البحر، أما عرضها فيراوح بين 95 و120م عند سطح الماء، و60م على عمق 11م، وأقصى غاطس مصرح به للسفن العابرة 10.67م قبل التحسينات التي أُدخلت عليها.

وقد خضعت القناة لأعمال تعميق وتوسيع مرات عدة، وترمي التعديلات التي أُدخلت على القناة إلى ثلاثة أهداف رئيسة:

أولاً ـ تعميق القناة، بحيث تسمح بمرور سفن يزيد غاطسها على 14.3م.

ثانياً ـ توسيع القناة، بحيث يراوح قطاعها المائي بين 1850 و1900م2.

ثالثاً ـ توحيد طراز إكساء ضفاف القناة، على طول القناة.

وكانت السفن فيما مضى تعبر القناة فرادى، أما اليوم، فيتبع في مرورها نظام القوافل، بحيث تقوم كل يوم قافلتان من بور سعيد، الأولى ليلاً في الساعة الواحدة، وتتوقف مرة واحدة في البحيرات المرة، والقافلة الثانية في الساعة التاسعة صباحاً، وتتوقف مرة واحدة أيضاً في الفرع الإفريقي (الغربي) من تفريعة البلاح بين الكيلومترين 51 و61، وتقوم قافلة واحدة من السويس في منتصف الساعة السادسة صباحاً، وتسير مباشرة إلى بور سعيد دون توقف.

  المسافة المختصرة %إلى طريق رأس الرجاء الصالح
إلى بومباي 8894كم 44
إلى كولومبو 7468كم 38
إلى رانغون 7505كم 34
إلى سنغفاورة 6930كم 32
إلى يوكوهاما 6689كم 25
الجدول 1

حركة المرور في قناة السويس

يرجع النجاح الكبير الذي أحرزته قناة السويس قبل كل شيء إلى المسافات الكبيرة التي تختصرها السفن الذاهبة من أوربا الغربية إلى بلاد الشرق الأقصى إذا ما مرت بهذه القناة؛ فالسفينة التي تنطلق من لندن نحو مرافئ الشرق الأقصى تختصر المسافات المدرجة في الجدول (1) إذا ما مرت بالسويس بدلاً من المرور حول رأس الرجاء الصالح.

خطر الأنابيب

تتلخص استراتيجية الأنابيب في أنها اختزال للمسافة؛ فالمسافة من الخليج إلى المتوسط لطريق السويس تبلغ 8338كم، بينما لا يزيد طول التابلاين، أطول أنابيب المشرق العربي، على 1700كم إلا قليلاً، فهناك على الأقل 6626كم وفراً، فترى بعدها سلسلة من الوفورات الاقتصادية المترابطة: في عدد الناقلات عبر المتوسط، في عدد رحلات الناقلة، في النفقات الأولية والصيانة والتشغيل. وعموماً يغدو مجمل الوفورات الاقتصادية للنقل بالأنابيب مقارنة بتكاليف القناة بنحو الثلث أو يزيد قليلاً. ومن الواضح في المحصلة النهائية، وإلى هذا المدى، أن كفة الأنابيب لاشك ترجح كفة القناة.

ولا جدال أن هذا يشير إلى خطورة المنافسة، كما أن الوضع كله يثير قضية المناقشة بين البر والبحر، أو الصراع بين الطريق البري والطريق البحري، فلقد كانت هناك دائماً طوال التاريخ علاقة عكسية بين الطريقين فيما يخص تجارة المرور حول الجزيرة العربية وعلى جانبيها.

صفوح خير

 

 مراجع للاستزادة:

 

ـ جمال حمدان ، قناة السويس نبض مصر (عالم الكتب بالقاهرة، من دون تاريخ).

ـ محمد صفي الدين وزملاؤه، دراسات في جغرافية مصر، سلسلة الألف كتاب (139) (مكتبة مصر 1957).


التصنيف : التاريخ و الجغرافية و الآثار
النوع : سياحة
المجلد: المجلد الحادي عشر
رقم الصفحة ضمن المجلد : 364
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 1103
الكل : 40554580
اليوم : 84395

الاستثمار الزراعي

الاستثمار الزراعي   الاستثمار الزراعي agricultural exploitation هو دمج عوامل الإنتاج المتوافرة في الزراعة (الأرض والعمل ورأس المال..) وتشغيلها بقصد إنتاج مواد زراعية لسدّ حاجات المستهلكين وللحصول على أفضل النتائج الممكنة. وتختلف هذه النتائج باختلاف النظام الاقتصادي السائد، ففي نظام الإنتاج الرأسمالي يجب أن يحقق الاستثمار الزراعي أفضل عائد اقتصادي ممكن؛ أي أكبر كمية كبيرة من الربح. أما في الإنتاج الاشتراكي فيجب أن يحقق الاستثمار الزراعي أفضل عائد اقتصادي واجتماعي في آن واحد. ويتم الاستثمار الزراعي في مشروعات زراعية تختلف عن المشروعات الصناعية من نواحي الشكل والتنظيم وسير العمل، غير أن مفهوم الاستثمار الزراعي يطابق في بعض الأحيان مفهوم الاستثمار الصناعي، فقد اتجه الكثير من الاستثمارات الزراعية نحو التركيز في الإنتاج الذي أصبح يتم وفق أسس صناعية (صناعة الدواجن، المجمعات الزراعية الصناعية وغيرها).
المزيد »