logo

logo

logo

logo

logo

النجفي (أحمد الصافي-)

نجفي (احمد صافي)

Al-Najafi (Ahmad al-Safi-) - Al-Najafi (Ahmad al-Safi-)

النجفي (أحمد الصافي ـ)

(1315 ـ 1398هـ/1897 ـ 1977م)

 

أحمد الصافي النجفي، شاعر ولد في قرية (الغريّ) القريبة من مدينة النجف في العراق، فاشتهر بالنجفي نسبة إليها. وكان منذ طفولته ضعيف البنية هزيل الجسد عليل الصحة، كليل البصر. وقد حمل علله معه طوال حياته المديدة حتى وفاته في العراق وهو في الثمانين من عمره. لم يرقه العيش في قريته البائسة الفقيرة التي كانت أرضها مدفناً للعديد من موتى الشيعة الوافدين من ربوع شتى فنزح إلى إيران عقب ثورة العراق ضد المحتلين الإنكليز سنة 1920 وإخفاقها، والحكم على أخيه الكبير محمد بالإعدام وعاش في طهران زهاء ثماني سنوات. ثم غادرها إلى دمشق سنة 1928 وهو في حال شديدة من الفقر والبؤس. فطاب لـه المقام فيها واتخذها وطنه الأثير.

يقول:

أتيت جلق مجتازاً على عجل     فأعجبتني حتى اخترتها وطنا

وفي دمشق نعم بالصحبة الحسنة والشهرة الواسعة، وغدا سعيداً بحياته المستقرة:

أيقنت أني من أهل الجنان ففي    دمشق أسكن جنات تفيض هنا

وقد اعتاد ارتياد المقاهي ولا سيما (الكمال والهافانا) التي كانت شابةً بندوات اخوانية عفوية تجمع ثلة من الأدباء والصحفيين الذين يأخذون بأطراف الأحاديث، وهم يرتشفون كؤوس الشاي في أجواء عابثة بهيجة.

كان الصافي شخصية منفردة متميزة غريبة الأطوار، كما كان ساخراً سريع البديهة خفيف الروح، وقد أحبه الناس على علاته، ولكنهم نفروا من سوء مظهره وهيئته المزرية. فقد كان بدوياً في مظهره، جافي الطبع في مسلكه. وقد تمسك بكوفيته وعقاله وثوبه الفضفاض، ولم يكن يأبه لقلة نظافته ورداءة لباسه، وظل طوال حياته بدوياً صحراوياً في قلب العواصم المتحضرة مثل دمشق وبيروت، بدعوى الحرص على الأصالة وعراقة الانتماء.

لزمت زيي ففيه حفظ أمجادي     أرى بزيي آبائي وأجدادي

وكان طبيعياً أن يلقى الانتقاد أو الاستهجان لمظهره هذا، ولكنه كان يواجه ذلك بمزيد من الإصرار والتحدي:

كم تحملت لاحتفاظي بزييمن عبيد التقليد و(الموضات)

أمضى الصافي سحابة عمره في سورية، ثم بدا لـه أن يغادرها بعد إقامته فيها أربعين سنة، فقصد لبنان سنة 1966، وكانت تجربة جديدة لـه هناك حيث سبقته شهرته إلى تلك الأوساط الثقافية، ولقي لديها قدراً من الترحيب والتقدير، كما انعقدت بينه وبين عدد من الأدباء والنقاد صلات حسنة عادت عليه بمزيد من الشهرة، وأصبح للبحر في بيروت وفي صور حيز في قريحته تجلى في العديد من أشعاره:

هلم يا بحر أنقذني من البر        أكاد أقذف فيك النفس من فرح

ففيك ألقي بعبء الهم عن ظهري معانقاً لاثماً للموج والصخر

ولكـن بيروت، بصخبها وبهارجها ومظاهر التفرنج والتغريب فيها ما كانت الوسط الذي يتيح لمثلـه التأقلم معها والاندماج في حياتها، فظل طافياً على سطحها كنقطة الزيت.

ولا ريب في أنه كان بالغ الحنين إلى ريفه ونخيله وباديته، حيث الطبيعة البكر والهدوء والاطمئنان والنقاء:

يا ليتني كالحيوان، عيشي من     حشائش الأرض كي أنأى عن المدن

ومع غربة الروح ووطأة السنين وتفاقم المرض، شاء القدر أن تعصف بلبنان أحداث وفتن ذهبت بكثير من محاسنه، وكان أن أصيب بطلقة قناص في جسده، فقرر العودة إلى عراقـه إنساناً عليلاً هرماً أعمى، لا زوجة تؤنسه ولا ولد يرعاه، إلى أن لقي وجه ربه في أحد مشافي بغداد.

أما شعر الصافي فهو مرآة جلية لحياته في تعثرها وانطلاقها. وقصائده في مجملها تظهر تجاربه البسيطة والغنية معاً في واقعه المعيشي، وتنطوي على كثير من رؤاه تجاه الإنسان والكون، ونظراته الواخزة إلى حياة الناس ومواضعات المجتمع.

وشعره بمجمله سهل سلس سائغ قريب المنال، ومعانيه واضحة جلية خلت من الغموض والإبهام، وإذا فاتها العمق فقد امتازت بالطرافة. وهو أشبه ما يكون بالشاعر أبي العتاهية كما أنه شبيه من ناحية أخرى بالشاعر ابن الرومي، من حيث تناوله العديد من الموضوعات المستمدة من حياة الناس، ومن حيث سخريته ممن حولـه، وإيثاره المنحى «الكاريكاتوري» في تصويره لملامح شخصياته ولا سيما في انتقاداته وأهاجيه.

غير أن أشعاره في يسرها وقرب تناولها تفتقر أحياناً إلى جزالة اللفظ ومتانة السبك، كما يتضاءل فيها عنصر الموسيقى والجرس والإيقاع. وتعد الطرافة في موضوعاته وأفكاره ومعانيه، وجرأته وصراحته في طليعة خصائص شعره.

ترجم رباعيات عمر الخيام، وبقي في ترجمتها ثلاث سنوات، ويعد إلى جانب الشاعر محمد الفراتي أبرز الذين ترجموا الرباعيات مباشرة عن الفارسية. كما ظهر أثر هذه الرباعيات في كثير من مقطعاته الشعرية، من حيث الشكل العروضي، فقد استهواه النظم على هذا المنوال الرباعي، كذلك تأثر الصافي بكثير من آراء الخيام المتطرفة، حتى بدا محتذياً لمذهبه، ناسجاً على منواله. وفي صدد هذا الأثر المهم يقول « أنا أمين في ترجمتي وفي شعري، ففي ترجمتي لم أدخل شيئاً من فكري. وفي شعري لم أدخل شيئاً من فكر غيري.

ومن خصائص شخصيته المتفرده رفضه مبدأ الالتزام في الأدب الذي ساد الأوساط الثقافية والأدبية والفنية في الوطن العربي عهدئذٍ، ولا سيما في سورية ولبنان ومصر. فقد ندد به وبدعاته، ووجد في ذلك قيداً لقريحة الشاعر والأديب، وحداً من حرية التفكير والتعبير.. وقد تناول ذلك في العديد من أشعاره، وأيضاً في مقدمته لديوانه «الشلال».

صدرت لـه نحو عشر مجموعات شعرية منذ عام 1932.

وترك الصافي الأعمال الآتية:

«الأمواج»، «التيار»، «شرر»، «الأغوار»، «الشلال»، «ألحان اللهيب»، «أشعة ملونة»، «اللفحات»، «حصاد السجن»، وكتاب «هزل وجد»، ثم ترجمة «رباعيات الخيام».

عمر الدقاق

 مراجع للاستزادة:

 

ـ إبراهيم الكيلاني، أحمد الصافي النجفي (اتحاد الكتاب العرب، دمشق 1980).

ـ عبد السلام العجيلي، وجوه الراحلين (دمشق 1982).


التصنيف : اللغة العربية والأدب العربي
النوع : أعلام ومشاهير
المجلد: المجلد العشرون
رقم الصفحة ضمن المجلد : 476
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 617
الكل : 32008100
اليوم : 44452

عمرو بن كركرة

عمرو بن كِرْكِرَة (…ـ نحو 248هـ/… ـ نحو863م)   عمرو بن كِرْكِرَة الأعرابيُّ، أبو مالك، من بني نُمَيْرٍ، أديبٌ لُغَويٌّ عالمٌ بالغريب، أعرابيٌّ نزل البَصْرَةَ، وأقام فيها. نقل عنه ابنُ منظور غريبَ اللُّغة في «لسان العرب» في مواضعَ كثيرةٍ، وضَبْطُ كُنْيَتِه في اللِّسان: كِرْكِرَة، وهي الجماعةُ من النَّاس. عدَّه أبو طاهر المقرئُ في «أخبار النَّحويِّين» فيمن انتهى إليهم علم اللُّغة والشِّعر، قيل: إنَّ الأصمعيَّ كان يحفظُ ثُلُثَ اللُّغة، وكان الخليلُ بن أحمد الفَراهيديُّ يحفظ نصفَ اللُّغة، وكان أبو مالك عمرو بن كِرْكِرَة يحفظُ اللُّغةَ كلَّها. نقلَ ابنُ منظور في اللِّسان في مادَّة «رفغ» عن بعض أهل العلم في اللُّغة أنَّ أبا مالك عمرو بن كِرْكِرَة ثقةٌ.
المزيد »