logo

logo

logo

logo

logo

الطب البديل

طب بديل

Alternative medicine - Médecine alternative

الطـب البـديـل

 

هو الطب الذي لا يعتمد في المعالجة على الأدوية والوسائل الحديثة المعتمدة في التدريس الجامعي، وإنما يعتمد على وسائل وأدوية مستمدة من التراث تناقلها الناس جيلاً عن جيل، وقد يمارس الآن هذا النوع من الطب أو يلجأ إليه أحياناً بعض الأطباء أنفسهم، وكان يمارسه في القديم أناس آخرون لا علاقة لهم بالطب كالعطارين أو الحلاقين أو المتطببين.

ومن أمثلة هذا النوع من الطب، التداوي بالنباتات وبالحجامة والفصادة، وبالوخز بالإبر الصينية، وبالتدليك، وبالماء البارد أو الساخن أو المعدني، وبالطين.. وبغير هذا من الوسائل المختلفة باختلاف الشعوب وتطور الزمن.

المعالجة بالنباتات

علم الإنسان القديم تأثير بعض النباتات ـ وهي الشيء الوحيد الذي كان متاحاً له، في بعض الأمراض وأخذ يستعملها كما هي، أو يستعمل منقوعها أو يابسها، أو يستعمل بعض أقسامها كلحائها أو بذورها أو جذورها، ولما عرف النار واستعملها لإنضاج الطعام، نباتاً كان أم غير نبات، أخذ يغلي هذه النباتات أو أجزاءها لاستخلاص أدوية منها، وهكذا أصبح، مع تقدم معارفه، يتحرى صفات كل نبات وفوائده ونشأت لديه فكرة التجربة والاستقراء، فعرف خواص كثير من النباتات كما ابتدع الطرائق للوصول إلى المواد المؤثرة فيها لاستعمالها دون بقية أجزاء النبات، وتوصل بذلك عبر مئات السنين إلى استخلاص بعض الأدوية التي ثبتت فائدتها في بعض الأمراض ومازالت تستعمل حتى اليوم كالديجيتالين في أمراض القلب والأرغوتين لقطع النزف، والكولشيسين للنقرس، وهي تعد بالمئات.

وحين ظهر علم الكيمياء وبُدئ بتركيب المواد المختلفة عرف تأثير بعضها في معالجة بعض الأمراض وتطور الأمر بعد ذلك فظهرت مئات التراكيب الكيميائية المستعملة في المعالجات، ولما كان تأثير هذه المواد أكبر ومقاديرها أقل وطرائق استعمالها أسهل وسبل إنتاجها بمقادير كبيرة وتخزينها لفترات طويلة أبسط، فقد عم استعمالها، ولاسيما حين يراها المريض جاهزة في الصيدليات بعد أن كان ينتظر فترات طويلة أحياناً لتحضير الدواء لكل وصفة على حدة، وتقلص بذلك استعمال النباتات الطبية إلى أن زال تماماً إلا على يد العطارين أو الاستعمالات الفردية من المرضى أنفسهم.

ولكن ظهرت من جهة أخرى أضرار استعمال الأدوية الحديثة، فإن المقادير المكثفة في هذه الأدوية للمواد المؤثرة قد تؤدي إلى عواقب وخيمة كالتسممات القاتلة أو الإصابة ببعض الأمراض أو إحداثها التشوهات في أجنة الأمهات اللواتي يستعملنها، وقد يؤدي تفاعل بعض هذه المواد كيميائياً مع أدوية أخرى تدخل الجسم أو مع سوائل الجسم نفسه إلى حدوث مضاعفات ضارة، ومن يستعرض النشرات التي ترافق الأدوية التي يستعملها يلاحظ كثرة «الأعراض الجانبية» التي قد يسببها كل دواء.

ومن هنا عاد التفكير في العقود الأخيرة من القرن الماضي لاستعمال النباتات، وبدأت ألمانيا وهولندا بإنشاء مراكز لدراسة النباتات من جديد ومعرفة فوائدها وطرائق الاستفادة منها بالوجه الأفضل والأسلم، ثم انتشرت هذه المراكز في كثير من البلدان وأصبحت النباتات تدرس من قبل علماء متخصصين وتشرف على زراعتها وجنيها وتنظيفها وتعقيمها وتعليبها هيئات متخصصة ليكون استعمالها مفيداً وآمناً، ولم تقصر سورية في هذا المضمار فهناك من يقوم بهذه المهمات على وجه جيد.

الحِجَامة

تستعمل الحجامة لإجراء احتقان سطحي موضعي في الجلد لتخفيف احتقان مرضي عميق في المكان نفسه. ويجرى بتطبيق كؤوس مصنوعة من زجاج ثخين ذات حواف كليلة قعرها واسع، تخلى من الهواء وتطبق على المكان المراد وهو في الغالب المنطقة بين الكتفين وعلى جانبي العمود الفقري، ولعملها يجلس المريض مائلاً قليلاً نحو الأمام إذا كانت الحجامة ستطبق في الطرفين، أو يضطجع على الجانب المقابل للجانب الذي ستجري فيه الحجامة إن كانت في طرف واحد، وتحضر عدة كؤوس (حتى 10 أو 12) كما يحضر قضيب معدني تلف على رأسه قطعة قطن مبللة بالكحول يمسك باليد اليمنى وتشعل قطعة القطن وتدخل لجوف الكأس الممسوك باليد اليسرى دون أن تمس حوافه كي لا تحرق جلد المريض حين تطبيقها، تسحب قطعة القطن المشتعلة بعد 3 إلى 4 ثوان فقط وهذه المدة كافية لتسخين هواء الكأس فيتمدد وحين سحب الشعلة يعود الهواء للبرودة فيتقلص حجمه ويحدث ضغطاً سلبياً في جوف الكأس الذي يطبق بسرعة وإحكام على الناحية المرادة، ويؤدي الضغط السلبي في المحجم إلى جذب الجلد وبروزه داخل المحجم وتلونه باللون البنفسجي.

تكرر العملية في عدد من المحاجم التي تترك في مكانها بضع دقائق ثم تنـزع بالضغط بإصبع إحدى اليدين على الجلد في محيطها فيدخل الهواء لداخلها وترفع باليد الأخرى.

هذا النوع من الحجامة يسمى الحجامة الجافة، وهناك نوع آخر يسمى الحجامة الدامية التي تجرى كالحجامة الجافة وبعد نزع المحاجم يبزغ الجلد مكانها بمشرط عادي أو بآلة خاصة تدعى المبزغة ذات النابض وهي علبة معدنية مجهزة بـ 16 إلى 20 صفيحة حادة تتحرك بنابض خاص ضمن العلبة، وحين تطبيقها على الجلد يحرك النابض فتندفع الصفيحات الحادة عبر شقوق موجودة على سطح العلبة المطبق على الجلد فتجرحه ويعاد تطبيق المحجم من جديد في المكان نفسه فيندفع الدم ويملأ المحجم تدريجياً، وحين الوصول إلى الكمية المطلوبة ينزع المحجم ويضمد مكان الجروح بضماد جاف عقيم.

كانت الحجامات الجافة والدامية تستعمل لمعالجة الاحتقانات، ولاسيما في الجهاز التنفسي، كالإصابة بذات القصبات وذات الرئة، كما تستعمل لتسكين بعض الآلام كالآلام القطنية lumbago وغيرها من الأمراض، وقد بطل استعمال الحجامة بنوعيها أو قل جداً بعد انتشار وسائل المعالجة الحديثة، ولكن عاد البحث فيها وبفوائدها أخيراً، وإذا تم تجاوز المبالغات الكبيرة في الموضوع فإنه لا شك بفائدتها في بعض الأمراض.

الفصادة

هي إخراج كمية من الدم من الدورة الدموية وتكون موضعية أو عامة.

الفصادة الموضعية غايتها كالحجامة إزالة احتقان مرضي في إحدى نواحي الجسم العميقة بسحب الدم من هذه المنطقة إلى السطح وإخراجه بفتح الأوعية الشعرية، وكان يتم بالحجامة الدامية أو باستعمال العلق، والعلق يطبق على الناحية فيلتصق بالجلد ويمتص الدم بفمه الذي يشبه المحجم، ويطبق عدد مختلف من العلق يتناسب وكمية الدم التي يراد إخراجها.

كان يقوم بهذه المهمة الحلاقون الذين يربون العلق في أوان زجاجية خاصة يخرجونها منها حين الحاجة ثم يعيدونها لاستعمالها من جديد لمرضى آخرين مما كان يسبب نقل بعض الأمراض، وكان يستعمل لمعالجة الاحتقانات الرئوية والشقيقة والشرث وغيرها.

أما الفصادة العامة فتجرى ببزل أحد الأوردة الكبيرة السطحية في ثنية المرفق بإبرة عادية ثخينة أو بحربة خاصة. يجمع الدم المفصود في وعاء مدرج لمعرفة كميته، ويضمد مكان البزل بضماد طاهر جاف. وكانت الفصادة تجرى لكثير من الأمراض ثم قل استعمالها حتى حصرت - قبل الاستغناء عنها نهائياً - في حالات التسمم بالبولة (يوريمية) uremia وفي الأمراض المرافقة لارتفاع الضغط الشرياني ووذمة الرئة والإرجاج (الارتعاج) eclampsia.

وشأن الفصادة كشأن الحجامة قد تفيد في بعض الحالات إذا أجريت بطريقة علمية عقيمة وبرقابة طبية خبيرة، أما العلق فلا يجوز استعماله أبداً لما قد يسببه من أمراض ولأن الغاية المرجوة منه يمكن بلوغها بطريقة أكثر سلامة.

المعالجة بالماء

اللف بأقمشة مبللة

 

الإرذاذ بالماء

يستعمل الماء البارد أو الحار أو المعدني لمعالجة بعض الأمراض، ويكون ذلك بشكل مغاطس أو إرذاذ.         

لينابيع الماء الطبيعية صفات مختلفة فبعضها صاف معتدل الحرارة لا طعم له ولا لون ولا رائحة وهو الماء الذي يستعمله الإنسان للشرب والنظافة وغيرها من الحاجات، ولبعضها صفات أخرى من حيث الحرارة والتركيب الكيميائي.

وقد عرف الإنسان فائدة هذه الأنواع من الماء في معالجة بعض الأمراض باستعمالها بطرائق مختلفة، وأنشئت لذلك حول هذه الينابيع مراكز للاستشفاء يعمل فيها أطباء مختصون بمعرفة فائدة كل نوع من أنواعها وطرائق المعالجة بها. واشتهرت بعض البلدان بذلك وفي طليعتها فرنسا والتشيك في أوربا، وفي البلاد العربية بعض هذه المراكز كمركز (ماعين) ومركز الحمة في الأردن ومركز الحمة ومركز حمامات الشيخ عيسى ونبع بقين ودريكيش في سورية.

ـ أنواع الماء المستعملة:

ـ المياه المعدنية البسيطة ونسبة المعادن فيها قليلة ولكنها تحوي غالباً كميات كبيرة من المواد المشعة، وينبع بعضها بحرارة شديدة الارتفاع (40ْ إلى 60ْ).

ـ المياه المعدنية المالحة ( تحوي كلور الصوديوم).

ـ المياه الكبريتية الصودية والكبريتية الكلسية.

ـ المياه القلوية.

ـ المياه الزرنيخية.

ـ المياه الحديدية.

وتنبع كل هذه الأنواع بدرجات حرارة مختلفة.

ـ طرائق الاستعمال: يستعمل الماء بإحدى الطرائق الآتية: المغاطس العامة، والمغاطس الحوضية، والارذاذ العام (كالمطر) أو على بعض النواحي الخاصة كالناحية القطنية أو الناحية البطنية، ولف الجسم بقماش مبلل بالماء، والضمادات البطنية المبللة، والشرب، والحقن المهبلية.

- طريقة التأثير: تؤثر المعالجة بالماء بطرائق مختلفة حسب تركيبها وطريقة استعمالها:

فالماء البارد بين درجتي الحرارة (10 ْ و 25 ْ) يؤدي، إذا استعمل بطريقة الارذاذ العام، لتنبيه النهايات العصبية وزيادة مقوية الجملة العصبية ويؤدي في الوقت نفسه لتنظيم وظائف الجملة العصبية فهو مقو ومهدئ، واستعمال الماء البارد المديد بشكل ارذاذ موضعي يؤدي إلى تخدير اللحف، كما يحدث في أرذاذ كلور الاتيل، والماء الفاتر (20 ْ إلى 33 ْ) مهدئ، والماء الحار (34 ْ إلى 37 ْ) يؤدي للشعور بالراحة، والماء الشديد الحرارة (38 ْ إلى 45 ْ) ينقص تنبيهات النهايات العصبية فهو مخدر ومهدئ.

والمياه المعدنية المالحة تؤدي إلى هجمة احتقانية موضعية وزيادة الكريات البيض، والمياه الكبريتية الصودية تنبه الجلد والدوران العام تنبيهاً شديداً وللمياه الكبريتية الكلسية الفعل نفسه بدرجات أقل.

وعدا الفعل الآلي لهذه الأنواع من المياه المعدنية هناك التأثير الدوائي للمعادن المحتواة نفسها ولاسيما الكبريت والحديد والزرنيخ وكذلك المواد المشعة. وهناك كذلك التأثير الدوائي كالمياه المستعملة شرباً لتنقية الرمال البولية بما تحويه من المعادن أو المواد المشعة.

ـ الاستطبابات: تستطب المعالجة بالمياه المعدنية في كثير من الأمراض، ولاسيما بعض الأمراض الرثوية (روماتيزم) والآلام القطنية وبعض أمراض الجملة العصبية لتهدئتها وبعض التشنجات الهضمية وبعض الاضطرابات القلبية الوعائية وبعض الأمراض النسائية.

وينتقي الطبيب المختص نوع الماء المناسب وطريقة استعماله ومدة الاستعمال (ثلاثة أسابيع في الغالب)، وقد تشرك المعالجة بالمياه بمعالجات أخرى كالتدليك والتمارين الرياضية، ويراقب المريض في مراكز المياه المعدنية مراقبة طبية جيدة خوفاً من المضاعفات التي قد تحدث في أثناء المعالجة.

في هذا العرض لبعض وسائل ما يسمى الطب البديل، يلاحظ أن هذه التسمية غير دقيقة، وقد يكون العكس هو الصحيح فالإنسان في العصور الموغلة في القدم كانت وسائله محدودة ومعرفته بالأسباب تكاد تكون معدومة، وكان لذلك يعزو المرض إلى قوى خارجة عنه أو يعدّه عقاباً من الآلهة لذنب اقترفه، وبدأت طرائق المعالجة عنده للتغلب على هذه القوى أو استرضاء الآلهة بالتعاويذ والرقى والتمائم وتقديم الأضحيات، ثم عرف الإنسان فوائد بعض النباتات في شفاء عدد من الأمراض فاستعملها لهذا الغرض، ثم تقدمت معارفه وساقته بعض الظروف لمعرفة أشياء أخرى، وساقته تجاربه وتقدم معارفه إلى ابتداع بعض الطرائق الدوائية أو الجراحية لمعالجة أمراضه، وتطورت هذه الطرائق وتنوعت مع مرور الزمن، وثبتت فوائد بعضها وضرر بعضها فطورت لاستعمال النافع وترك الضار.

فليس هناك إذن طب بديل وطب أصيل وإنما هو طب واحد تتطور وسائله بتطور الإنسان وتقدمه في المعرفة ووسائل البحث، وما كان يعد بديلاً قد يصبح اليوم أصيلاً، وما يعد اليوم أصيلاً قد يصبح غداً بديلاً، والغاية دائماً واحدة هي حفظ صحة الإنسان وشفاؤه من الأمراض التي قد تصيبه أو السعي لوقايته من الإصابة بها إن أمكن.

سمير النوري

الموضوعات ذات الصلة:

 

الطب الصيني ـ الطبية (النباتات ـ).

 

مراجع للاستزادة:

 

- A.BINET, La Gynécologie In­dis­pen­sa­ble (L’Expansion Scientifique Française 1947).

- C.BINET, Homéopathies (Editions Dan­gles 1979).

- M.SERRES, Élements d’Histoire des Sciences (Bordas, Paris 1983).

 


التصنيف : طب بشري
النوع : صحة
المجلد: المجلد الثاني عشر
رقم الصفحة ضمن المجلد : 466
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 1072
الكل : 40493753
اليوم : 23568

أربثنوت (جون-)

أربثنوت (جون -) (1667-1735)   جون أربثنوت John Arbuthnot طبيب ورياضي وكاتب اسكتلندي، نشر أعمالاً في الرياضيات والطب. ولد في مدينة أربثنوت باسكتلندة ودرّس الرياضيات مدة من الزمن في لندن قبل دخوله جامعة أكسفورد عام 1692. وحاز درجة دكتوراه في الطب من جامعة سانت آندروز St.Andrews في اسكتلندة عام 1696، وانتخب زميلاً للجمعية الملكية في عام 1704 وزميلاً لكلية الأطباء الملكية عام 1710. وعمل طبيباً للملكة آن Anne منذ عام 1705 حتى وفاتها عام 1714. ولم يتقلد أي منصب حكومي في عهد جورج الأول، لكنه عين، بعد تبوّء جورج الثاني العرش في عام 1727، طبيباً للملكة كارولين Caroline. وتوفي في لندن.
المزيد »