logo

logo

logo

logo

logo

الإرادة المنفردة

اراده منفرده

Unilateral will - Volonté unilatérale

الإرادة المنفردة

 

الإرادة المنفردة la volonté unilatérale عمل قانوني صادر من جانب واحد ينتج آثار قانونية معينة، فهو على هذا الأساس، يتم بإرادة واحدة، ولا يمثل إلا مصلحة طرف واحد. فأما كونه يتم بإرادة واحدة، فهذا يعني أنه يتم بتعبير واحد عن الإرادة، ولا يتوقف في إنتاج آثاره إلا على إرادة من صدر منه التعبير. وأما كونه يمثل مصلحة طرف واحد، فهذا يعني أن المتصرف بالإرادة المنفردة لا يستهدف من تصرفه إلا مصلحته هو من دون أن تدخل مصلحة الغير في حسبانه.

وقد عَدّت معظم القوانين العربية الإرادة المنفردة مصدراً للالتزام في حالات محددة، أي أنها مصدر استثنائي له، إلى جانب العقد [ر] الذي يعدّ هو المصدر العام للالتزام.

وإذا كان التصرف بالإرادة المنفردة ينشأ بإرادة المتصرف وحده، فإنه ينقضي أيضاً بإرادته، أما مصلحة الغير الذي كان مقصوداً بآثار التصرف بالإرادة المنفردة، فيحميها القانون حين يجعل هذا التصرف نهائياً لا يجوز الرجوع عنه إلا من المتصرف نفسه وفي شروط معينة.

وقد وردت في القوانين الوضعية العربية صور تطبيقية متفرقة للإرادة المنفردة بوصفها مصدراً للالتزام، ومن هذه الصور، الوقف [ر] والوصية [ر] والإقرار [ر] والوعد بجائزة.

تسري على تصرف الإرادة المنفردة الأحكام الخاصة بالعقد عدا ما تعلق منها بوجود إرادتين والذي تأباه طبيعة التصرف الأحادي. وعلى هذا الأساس، يجب أن تتوافر في التصرف الذي تنشئه الإرادة المنفردة الشرائط التالية:

ـ أن يصدر تصرف الإرادة المنفردة عن إرادة جدية ترمي إلى إنشاء الالتزام.

ـ أن يكون لالتزام المتصرف سبب، وأن يكون الدافع إلى التصرف مشروعاً، كما يجب أن يكون له محل.

ـ أن يكون المتصرف بإرادته المنفردة، متمتعاً بالأهلية اللازمة لذلك، فلا تُعَدُّ تصرفات المجنون جنوناً مطبقاً صحيحة لفقدانه أهلية التصرف.

كما يجب أن تكون إرادته خالية من أي عيب من العيوب التي تعتريها أحياناً، كالإكراه والغلط والتدليس والغبن الاستغلالي فلا يعدّ صحيحاً تصرف الإرادة المنفردة الصادر تحت وطأة الإكراه مثلاً.

وللإرادة المنفردة بوصفها مصدراً استثنائياً للالتزام، حالات تطبيقية مختلفة في القانون، ذكرت على سبيل الحصر كالإيجاب الملزم والوصية والوقف، إذ ليس للإرادة المنفردة أي سلطان في خلق تصرفات وحيدة الطرف لم يذكرها القانون، بل يقتصر دورها على تحديد مضمون التصرف القانوني الأحادي الذي أجازه القانون، ولعل أهم تطبيق لنظرية الإرادة المنفردة في القانون المدني السوري والقوانين العربية الأخرى، هو الوعد بجائزة.

الوعد بجائزة هو تخصيص أجر لشخص لن يتعين إلا بتنفيذ الأداء الذي حدده الواعد. كأن يعلن شخص عن جائزة لمن يصنع دواء لمعالجة مرض مستعص، أو لمن يعثر على أشياء مفقودة أو لمن يخترع آلة لغرض معين. فمن قام بكشف الدواء أو من عثر على الأشياء المفقودة أو من نجح في اختراع الآلة، استحق الجائزة التي أعلن عنها الواعد. والوعد بالجائزة معروف في الفقه الإسلامي، وقد عالجه الفقهاء تحت عنوان الجعالة. والجعالة، هي أن يجعل أحد شيئاً معلوماً لمن يعمل له عملاً كما لو قال صاحب حاجة فقدت منه، من ردها إليّ فله جائزة قدرها كذا.

ولكي يكون الوعد بجائزة منشئاً للالتزام، يجب أن تتوافر فيه الشروط الآتية:

ـ أن يكون الوعد بجائزة وعداً جاداً صادراً عن شخص ذي أهلية وعن إرادة خالية من العيوب.

ـ أن يكون الوعد موجهاً إلى الجمهور لا إلى شخص معين، فإذا وجه إلى شخص معين أو فئة معينة خرج عن كونه وعداً وأصبح إيجابياً لا ينشئ التزاماً إلا إذا اقترن بقبول، فيكون مصدر الالتزام هو العقد لا الإرادة المنفردة.

ـ أن يوجه الوعد إلى الجمهور بصورة علنية، كالإعلان في الصحف أو في إحدى طرق النشر المعروفة كالإذاعة والتلفاز أو بتوزيع النشرات وتثبيت الملصقات على ألواح الإعلان المخصصة لذلك في الطرق العامة والشوارع.

ـ أن تكون ثمة جائزة مادية أو أدبية يلتزمها الواعد، أي أن يتضمن الإعلان المنشور تحديداً بيّناً للجائزة التي يلتزم الواعد إعطاءها من جهة، والعمل المطلوب القيام به لاستحقاق الجائزة من جهة أخرى.

وللواعد إضافة إلى ذلك أن يشترط ما يشاء من الشروط لاستحقاق الجائزة، كأن يحدد أوصاف الآلة التي يجب اختراعها، أو الدواء الذي يجب صنعه، وله ألاّ يشترط أية شروط.

أما آثار الالتزام الناشئ عن الوعد بجائزة فهي:

1ـ إذا حدد الواعد مدة لإنجاز العمل فإنه لا يجوزله أن يرجع عن وعده في المدة التي حددها، وإذا قام أحد بالعمل في المدة المحددة، يصبح دائناً للواعد بالجائزة ولو لم يكن يعلم بالوعد. أما إذا انقضت المدة المحددة ولم يقم أحد بالعمل المطلوب، فإن التزام الواعد ينقضي.

وإذا قام شخص بعد ذلك بالعمل، فلا يلتزم الواعد أداء الجائزة ولا يسأل عنها.

2 ـ أما إذا لم يحدد الواعد مدة لإنجاز العمل، فله أن يرجع عن وعده قبل أن يتم أحد العمل المطلوب، ويتحلل بذلك من التزامه، على أن يتم رجوعه بالوسائل نفسها التي تم بوساطتها الإعلان عن الوعد للجمهور. ولكن إذا كان هناك من بدأ العمل قبل أن يعلن الواعد الرجوع عن وعده ولم يتمه بعد، أو أتمه بعد الرجوع، فإنه لا يستحق الجائزة ولكن على الواعد أن يرد عليه ما أنفقه بتعويض مناسب.

وعندما ينجز المستفيد العمل المطلوب القيام به، يستحق الجائزة من الواعد وتدخل في ذمته المالية، كما تؤول إلى ورثته بوفاته حتى لو كانت الوفاة قبل علمه بالوعد.

وتتقادم دعوى المطالبة بالجائزة بانقضاء خمس عشرة سنة من يوم إنجاز العمل سواء أكان الواعد قد حدد مدة لذلك أم لم يحدد. أما إذا رجع الواعد عن وعده، وكان المستفيد قد أتم العمل قبل إعلان الرجوع، فإن للمستفيد أن يطالب بالجائزة في غضون ستة أشهر من تاريخ إعلان الرجوع على الجمهور. وهذه المدة مدة سقوط لا مدة تقادم، أراد بها الشارع أن يمنع كل محاولة مصطنعة يراد بها استغلال الوعد بالجائزة بعد إعلان العدول.

محمود جلال حمزة

 

الموضوعات ذات الصلة:

الإقرارـ الالتزام - العقدـ الوصيةـ الوقف.

مراجع للاستزادة:

ـ عبد المنعم فرج الصدة، مصادر الالتزام (دار النهضة العربية، بيروت 1971).

ـ وحيد الدين سوار، النظرية العامة للالتزام، ج1 (دمشق 1978).


التصنيف : القانون
المجلد: المجلد الأول
رقم الصفحة ضمن المجلد : 770
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 1101
الكل : 36921742
اليوم : 415267

إيكنز (توماس-)

إيكنز (توماس ـ) (1844 ـ 1916)   توماس إيكنز Thomas Eakins مصور أمريكي ولد وتوفي في فيلادلفية. درس في أكاديمية بنسلفانية للفنون الجميلة، وتابع دروس التشريح في معهد جيفرسن الطبي. رحل عام 1866 إلى فرنسة ودخل محترف جيروم Gerôme في المدرسة الوطنية العليا للفنون الجميلة، حيث انكب على مزاولة الرسم والتصوير بأصولهما الأكاديمية لمدة ثلاث سنوات. ثم انتقل إلى اسبانية، وأقام فيها عاماً واحداً (1869-1870)، تعرّف إبانها أعمال فيلاسكيز[ر] Velazquez، وريبيرا[ر] Ribera، كما كوّن مفهومه الخاص عن الواقعية. وبعد عودته إلى فيلادلفية (1870)، التي أقام فيها حتى وفاته، وقف فنه على التعبير عن واقع الطبقة المتوسطة في الصور الشخصية، والمشاهد المنزلية أو مشاهد الهواء الطلق «ماكس سميث يمارس التجذيف» (1871، متحف متروبوليتان). وعُيِّن في العام 1882 أستاذاً في أكاديمية بنسلفانية للفنون الجميلة ثم مديراً لها. نظر إيكنز إلى فن التصوير على أنه وثيقة علمية قريبة من الرياضيات التي أحبها، والتصوير الضوئي الذي زاوله كثيراً (دراسات لرجال عراة في الطبيعة من أوضاع ساكنة ومتحركة). وقد تكون لوحته «عيادة الدكتور غروس»، وتصور الدكتور غروس يجري عملية جراحية أمام طلابه (1875، فيلاديفية، معهد جيفرسن الطبي)، شهادة على مشكلة العلم في صراعه مع المرض والموت. أما المشاهد في الهواء الطلق التي صورها إيكنز بدقة فائقة وألوان مضيئة فإنها مخصصة غالباً لمسابقات التجذيف النهرية «سباق الأخوة بيغلن» (واشنطن، المتحف الوطني)، وللسباحة والسابحين العراة  «حوض السباحة» (1883، فورت وورث، تكساس، متحف المركز الفني). كما أظهر اهتماماً بالملاكمة، وجو الحلبة «بين جولتين» (1899، فيلادلفية، متحف الفن)، وبالأوضاع الاجتماعية للمواطنين السود «المطاردة» (نيوهافن، متحف الفن في جامعة ييل). تؤلف مجموعة الصور الشخصية التي أنجزها إيكنز جزءاً مهماً من إنتاجه، وتؤهلها واقعيتها ودقة تنفيذها لتحسب في مصاف صور كوربيه[ر] Courbet رائد الواقعية الفرنسية في القرن التاسع عشر. وتمثل إحدى أهم هذه اللوحات صورة لصديقه الشاعر «والت وايتمان» (1887، فيلادلفية، أكاديمية بنسلفانية للفنون الجميلة). يعد إيكنز، مع هومر[ر] Homer، الممثلين الرئيسيين للواقعية في الولايات المتحدة، وقد استرعى انتباه فناني نزعة «الفن الشعبي»[ر] Pop-Art في الستينات. وتحفظ أغلب أعماله في متحف الفن في فيلادلفية، وفي متحف المتروبوليتان، ومتحف كوركوران في واشنطن، ومتحف بروكلن في نيويورك، ومتحف مركز الفن في فورت وورث (تكساس). عمل إيكنز مستقلاً عن الحركات الفنية المعاصرة في أوربة، وظل متعصباً لواقعيته، معبراً في لوحاته عن انفعاله المستمر تجاه الناس من حوله وشغفه بمعجزة النور في الطبيعة.   محمود حماد   مراجع للاستزادة:   - L.GOODRICH, Thomas Eakins, His Life and Work (New York 1933). - M.FRIED, Realisme, Writing, Disfiguration on T.Eakins and S. Crane (Chicago 1987).
المزيد »