logo

logo

logo

logo

logo

عرودة (جبل-)

عروده (جبل)

Aroda mountain - Montagne d’Aroda

عرودة (جبل ـ)

 

موقع أثري على الضفة اليمنى لحوض الفرات الأوسط في سورية، نُقب في السبعينات من القرن العشرين من قبل بعثة هولندية بإدارة فان دريل G.Van Driel من جامعة لايدن، وأسفرت أعمال التنقيب في الكشف عن مستوطنة ذات طابع خاص، إداري وديني وتجاري، أقامها السومريون القادمون من جنوبي بلاد الرافدين في نهاية الألف الرابعة وبداية الألف الثالثة ق.م في حوض الفرات، لتكون صلة وصل بينهم وبين بلاد الشام وبلاد الأناضول. تبلغ مساحة المستوطنة نحو أربعة هكتارات. اختاروا لبنائها منطقة جبلية، غير صالحة للزراعة، ترتفع نحو60م عن حوض النهر، تشرف عليه وعلى جواره؛ حيث شيد مجمع معماري متكامل توسطه معبدان كبيران، أُطلق على المعبد الأول اسم «المعبد الأحمر Red Temple»، وهو في حالة جيدة، والمعبد الثاني «المعبد الرمادي Gray Temple»، الذي تخربت بعض أجزائه، وبُني هذان المعبدان وفق المخطط الرافدي المعروف من حضارة أوروك (الوركاء) الثلاثي الأجزاء «tri -partite»، والمؤلف من صالة مركزية كبيرة تحيط بها من الجانبين صالتان، وزُوِّد كل معبد بمحراب وأبواب عدة وأدراج، وزُخرفت واجهته بالأحجار الملونة «الموزاييك» وهذا أقدم استخدام للموزاييك عُرف حتى اليوم. ودعمت جدران المعبد عضادات فصلت بينها أخاديد، أعطت البناء حركة وحيوية تكسر جمود الجدران وسكونها، وأحاطت بهذين المعبدين مجموعة من الأبنية السكنية الكبيرة التي بُنيت أيضاً وفق المخطط الثلاثي العناصر نفسه، وخُصصت لسكن شخصيات مهمة من الكهنة والقادة القائمين على إدارة المعبد وتنظيم أعماله. استخدم في بناء منشآت المستوطنة نوع جديد من اللَّبِنِ الصغير المربع «Reimchen»، وطُليت الجدران والأرضيات بالملاط الذي جُدِّدَ مرات عديدة. بقيت بعض الجدران محفوظة حتى ارتفاع تجاوز المترين، وكانت أساسه من الحجر، ووُجدت ضمن أنقاض المدينة آثار كثيرة ومتنوعة من بينها الأختام الأسطوانية الكبيرة الأحجام من الحجر والطين، وحملت أشكالاً هندسية ونباتية وحيوانية وإنسانية كانت معروفة في ذلك العصر، ووُجدت طبعاتها على اللوحات الطينية. وهناك الأواني الفخارية النموذجية من عصر أوروك؛ وأهمها ما يسمى بالآنية الناقوسية «bevelled rim bowl» التي يُعتقد أنها مكاييل الحبوب الأولى، وهناك الأواني ذات الشكل الحيواني وذات الوظيفة الجنائزية. لكن الكشف الأهم هو اللوحات الطينية التي حملت إشارات رقمية وطبعات الأختام الأسطوانية، فكانت أقدم لوحات حسابية معروفة «numerical tablets» اسْتُخْدِمَتْ في إحصاء البضائع والقطعان وغيرها، وكانت تلك المرحلة الأولى في ابتكار الكتابة وانتشارها لاحقاً.

لوحة حسابية كانت تستعمل في إحصاء البضائع والقطعان وغيرها

إناء شعائري على هيئة خنزير

تدل كل المعطيات والمكتشفات التي أتت من هذا الموقع على أنه لم يكن من صنع محلي، وإنما كان «مستعمرة» سومرية خالصة تمت إشادتها لأداء وظيفة معينة ولزمن محدد لم يتجاوز القرن، ويشير غياب التحصينات إلى أن المستعمرة شهدت استقراراً وسِلْماً وأماناً، لكنها لم تلبث أن تعرضت إلى خراب شامل، قام به على الأرجح السكان المحليون المتمردون على الوجود السومري في بلادهم. يبقى موقع جبل عرودة، إلى جانب مواقع حبوبة الكبيرة وتل قناص المجاورة شاهداً على الأثر الاقتصادي والسياسي والديني المهم الذي أدَّته سورية فيما بين بلاد الرافدين والأناضول وبلاد الشام منذ الألفين الرابع والثالث ق.م.

سلطان محيسن

 

 الموضوعات ذات الصلة:

 

أوروك ـ السومريون ـ العصر الحجري النحاسي.

 

 مراجع للاستزادة: 

 

- VAN DRIEL, Jebel Aruda, 1977-78, Akkadica 12 - (1979).

- VAN DRIEL, Jebel Aruda, The 1982 Season and Excavation, Interim Report, Akkadica 33, (1983).


التصنيف : التاريخ و الجغرافية و الآثار
النوع : سياحة
المجلد: المجلد الثالث عشر
رقم الصفحة ضمن المجلد : 141
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 1091
الكل : 40557834
اليوم : 87649

الميتاني (الفن-)

الميتاني (الفن ـ)   يعود الفن الميتاني إلى الشعب الميتاني وهو ينتسب إلى الحوريين الذين استقروا في أعالي حوض الدجلة في شمالي بلاد ما بين النهرين وشمالي سورية في بداية الألف الثاني قبل الميلاد. كانت عاصمة الميتانيين واشوكاني تزينها مباني المعابد والقصور المتميزة بجمال مداخلها التي تزينها منحوتات ضخمة تمثل أسوداً وثيراناً وكائنات حارسة، وقد زُيِّن أسفل الجدران بمنحوتات مغايرة.
المزيد »