logo

logo

logo

logo

logo

شيزر

شيزر

Shaizar - Shaizar

شيزر

 

تقع بلدة شيزر على مسافة 28كم شمال غربي حماة في سورية، وتتربع قلعتها على أكمة منيعة محصَنة بمرتفعات صخرية عالية، تشرف من الغرب على سهل فسيح يترامى على ضفاف العاصي، وإلى الشرق تنحدر جوانبها نحو وهدة سحيقة يجري فيها العاصي، الذي ينعطف غرباً عند أقصاها من الشمال لينحدر في مجرى قليل العمق، حيث يشكل بذلك «مخاضة» يسهل عبورها سيراً على الأقدام.

وفي الماضي عبرت هذه المخاضة جيوش الفراعنة (أمنحوتب الثاني ورعمسيس الثاني)، وجيوش «تغلات بيلاصر» الآشوري، وجيوش الفتح العربي بقيادة أبي عبيدة بن الجراح، وجيوش الأباطرة البيزنطيين (نقفور وباسيل ويوحنا كومنينوس)، وجيوش الصليبيين وغيرهم.

وفي الجنوب فصلت الأكمة عما جاورها بخندق عميق وعريض لتحصين القلعة وتعزيز دفاعاتها. ويروى أنه في وقت الحصار كانت المياه تتدفق من هذا الخندق، بعد إغلاق نوافذ سد كان قد أقيم في مجرى العاصي في نهاية الوهدة من الشمال، وربما كان هذا السد هو «سكر الخرطلة» الذي نوه عنه أبو الفداء في «تقويم البلدان»، حتى إذا ما طغت المياه على السهل المقعر والمحاذي لسطح الأكمة من الغرب، أصبحت شيزر أشبه بجزيرة منعزلة، محاطة بالمياه من جميع جهاتها مما يعسِر على العدو حصارها والاقتراب منها.

أما البلدة فتقع في أسفل القلعة من الغرب، وكان يحيط بها سور ذو ثلاثة أبواب. وكانت تشرف على متنزهات وبساتين ترويها نواعير أقيمت على ضفاف العاصي، ولكن عوادي الزمان عفت رسوم هذه البلدة، فلم يبقَ منها إلا قواعد بعض الجدران، التي بنيت على أنقاضها شيزر الحالية، وهي اليوم قرية تتبع منطقة محردة، وقد بلغ عدد سكانها 4587نسمة عام 1994، ويعمل معظمهم في الزراعة.

وأما القلعة التي كانت تربض شامخة البنيان فوق أكمتها العالية، فهي اليوم خراب في الجملة، لم يتبقَ منها سالماً سوى بعض الأبراج وأجزاء من سورها الذي كان يتخذ شكلاً مستطيلاً، يترامى من الشمال إلى الجنوب بطول يبلغ 425م وعرض يقرب من 50م.

قلعة شيزر

 

وللقلعة مدخل يتجه نحو الغرب، ولايزال قائماً في شمالها مع جسر حجري بُني على طبقتين من القناطر فوق واد ضيق وعميق يلتصق بأسفل المدخل من الغرب، وممشى الجسر هذا، صمم بشكل مدرج أحيط جانباه بجدارين منخفضين لأجل سلامة المارة. وقد كان هذا الجسر في العصور الوسطى مصنوعاً من الخشب، يرفع عند اللزوم لمنع الوصول إلى باب القلعة. وفوق المدخل كتابة عربية تذكر اسم الملك المنصور قلاوون الصالحي، وعلى يمين المدخل تنتصب قلعة هرمية تلتصق بالمدخل من الجنوب، وتشرف على واجهة من الغرب، وقد صمم بناؤها على هذا الشكل كي يتمكن المدافعون عنها من دفع شر الرماة والمهاجمين.

وفي الداخل تتصل هذه القلعة بفسحة المدخل التي تؤدي إلى طريق ضيقة، تراصت على جانبيها أقبية مقنطرة بينها آبار عميقة وسراديب معقودة متداعية، كانت تؤدي من القلعة إلى العاصي، وبين بيوت القلعة هناك ساحة صخرية لا شك أنها كانت مكان تجمع وقيلولة للسكان.

ويوجد بين الحجارة المبعثرة بقايا أعمدة كورنثية ونقوش تعود للعصر اليونان أو البيزنطي. وفي أقصى القلعة من الجنوب، وعلى حافة الخندق، هناك برج لاتزال أكثر أجزائه متكاملة يدعى قصر البردويل. ويزعم بعض الكتّاب أن هذه التسمية أتت نتيجة لنزول بلدوين الثاني، ملك القدس الصليبي، في ذلك القصر، وكان العرب يلفظون اسمه سبردويل».

وعند قدوم بلدوين إلى شيزر سنة 1124م وإقامته بها، بالغ أميرها سلطان بن منقذ في الحفاوة والإكرام، وذلك رداً على فضل بلدوين لإعفائه شيزر من الجزية التي كانت تؤديها لصليبيي أنطاكية قبل خمس سنوات. وقصر البردويل هذا مؤلف من طابقين شيدا فوق أقبية معقودة، كانت تستعمل صهاريج مياه أو مخازن مؤن. والمدخل يرتفع عن مستوى الطريق بدرج يؤدي إلى الطابق الأول الذي يتألف من غرفتين كبيرتين تتصلان مع الطابق العلوي بدرج آخر. وعلى جدار القصر من الخارج من ناحية الشمال كتابة عربية باسم الملك العزيز محمد صاحب حلب سنة 630هـ/1232م.

وبالقرب من شيزر، وفوق مخاضتها، هناك جسر قديم ذو قناطر عديدة، بني قسمه الجنوبي سنة 1930، وعلى حافة الجسر طاحون هدمت أثناء إحدى فيضانات العاصي الشتوية في أواخر الأربعينات من القرن العشرين.

صفوح خير

 

 مراجع للاستزادة:

 

ـ أسامة بن منقذ، كتاب الاعتبار (دار المتحدة للنشر، بيروت 1981).

ـ معروف عزيز نايف رزوق، تاريخ شيزر (منشورات وزارة الثقافة، دمشق 1982).

ـ أحمد وصفي زكريا، جولة أثرية في بعض البلاد الشامية (1934).

 


التصنيف : التاريخ و الجغرافية و الآثار
النوع : سياحة
المجلد: المجلد الحادي عشر
رقم الصفحة ضمن المجلد : 873
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 1073
الكل : 40495783
اليوم : 25598

الشعور ب-الذنب

الشعور بالذنب   يُستعمل مصطلح الشعور بالذنب guilt feeling في التحليل النفسي على نحو فضفاض، فقد يشير إلى حالة عاطفية تتلو فعلاً ما يعده الشخص مدعاة للوم الذات، مع أن تسويغ هذا اللوم قد لا يكون ملائماً، مثل ندامة المجرم على فعل اقترفه، أو توبيخ شديد للذات جراء عمل مشين،... أو يشير إلى شعور عائم بفقدان الاعتبار الذاتي من دون أن يكون لذلك صلة بفعل محدد يتهم الشخص به ذاته. ومن ناحية ثانية يفترض التحليل النفسي أن الشعور بالذنب، بوصفه نظاماً ، من الدوافع اللاواعية، يفسر التصرفات الخائبة والسلوك الجانح والآلام والمعاناة التي ينزلها الفرد بنفسه.
المزيد »