logo

logo

logo

logo

logo

مهنا (أسرة-)

مهنا (اسره)

Muhana family - Famille Muhana

مهنّا (أسرة ـ)

 

آل مهنا أسرة عربية عريقة كانت تسكن بادية الشام، ويعود أصلها إلى قبيلة طيّء كهلان من العرب القحطانية. ومهنا هو ابن عيسى بن ماتع بن حديثة بن غُضَيَّة بن فضل بن ربيعة الطائي.

وقد انتقلت رئاسة طيء إلى بني ربيعة، وكان الطائي أمير عرب الشام أيام دولة طغتكين على دمشق في مستهل القرن السادس الهجري.

ويذكر القلقشندي في «صبح الأعشى» أن آل فضل من بطون ربيعة، ثم صار آل فضل بيوتاً، أرفعها قدراً عيسى بن مهنا, وفيهم الإمرة دون سائر آل فضل، وكانت منازلهم تمتد من حمص إلى ضفتي الفرات وأطراف العراق.

كانت أسرة مهنا تتمتع منذ ظهورها بقدر من الاحترام لدى سلاطين الدولتين الأيوبية والمملوكية؛ نظراً لمكانتهم بين عرب البادية، وكان يناط بهم حفظ الأمن والنظام ومراقبة تحركات الأعداء من صليبيين ومغول إبان هجماتهم على بلاد الشام.

وكان الأمير مهنا بن عيسى يخاطب بملك العرب، وقد جَرَت العادة أن يعين أمير العرب بتقليد شريف، ولم يصرّح لأحد بإمرة العرب بصورة رسمية إلا في أيام الملك العادل أبي بكر بن أيوب، فقد جعل الملك العادل على العرب أميراً هو ماتع بن حديثة الطائي ولما توفيّ الأمير ماتع سنة 630هـ/1232م خلفه ابنه مهنا الأول الذي حضر مع الملك قطز قتال المغول سنة 658هـ/1260م في عين جالوت وكافأه على ذلك وجعل سلمية إقطاعاً له.

وأشهر أمراء أسرة آل مهنا هو الأمير عيسى بن مهنا الذي عاش أيام دولة المماليك حتى وفاته سنة 683هـ/1284م، وكان يتمتع بمنزلة عالية  عند الظاهر بيبرس[ر]، وازدادت عند المنصور قلاوون[ر] عندما وقف معه في موقعة حمص الكبرى سنة 680هـ ضد المغول حتى هزمهم شر هزيمة، فملكه قلاوون مدينة تدمر بعقد البيع والشراء، وأدَّى عنه ثمنها إلى بيت المال؛ ليأمن غائلته.

كان الأمير عيسى بن مهنا شهماً كريماً، صادق اللهجة، مأمون الجانب لم يسلك سبيل السلب والنهب على عادة غيره من عرب البادية، وقد خلفه عند وفاته ابنه الأمير حسام الدين مهنا بن عيسى أيام قلاوون، وكان مهيباً معظماً عند سلاطين المماليك ونوابهم في بلاد الشام، كما كان ملوك المغول يخافون سطوته، ويحذرون نقمته فيعملون على إرضائه ومداراته كلما حزبهم أمر، ولعله كان أكثر أمراء آل مهنا شهرة بين أمراء القبائل، فهو مسموع الكلمة، وشفاعته مجابة.

وكان الأمير مهنا حريصاً على إقامة أواصر المودة بينه وبين رجالات عصره أمثال ابن تيمية[ر] وأبي الفداء صاحب حماة[ر] وقد شفع لابن تيمية في محنته؛ فأطلق السلطان الناصر محمد سراحه كما التمس من السلطان تنصيب أبي الفداء نائب حماة على قاعدة الملوك، فأجيب طلبه.

في سنة 712هـ تصدعت العلاقة بين أمير العرب مهنا وبين السلطان الناصر بسبب لجوء بعض الأمراء - ومنهم قرا سنقر نائب حلب - إلى الأمير مهنا والتحاقهم بالمغول، فصودرت أملاكهم وأموالهم، وعُزل أمير العرب مهنا، وآلت الإمرة إلى أخيه فضل بن عيسى بتقليد سلطاني سنة 716هـ/1316م. ولم يرض السلطان الناصر عن الأمير مهنا بن عيسى إلا بمسعى من الملك الأفضل صاحب حماة، وهو نجل أبي الفداء، فقد اصطحبه معه إلى مصر سنة 734هـ/1333م لتقديم فروض الطاعة والولاء للسلطان الناصر محمد، فأكرم السلطان مثواه، وخلع عليه وعلى أصحابه، وأجازه بمال كثير من الذهب والفضة والقماش، وأقطعه عدة قرى.

كان الأمير مهنا بن عيسى معروفاً بحلمه وكرمه، ومن مظاهر حلمه وكرمه ما ذكره الصفدي في «أعيان العصر» أنّ أحمد بن حجي أمير آل مري ادّعى أمام طرنطاي نائب السلطان بألف بعير أخذتها آل فضل، ومهنا بن عيسى حاضر لا يتكلم، وتمادى أمير آل مري في الصياح، وتمادى الأمير في السكوت، فقال طرنطاي مخاطباً الأمير مهنا: ما تقول يا ملك العرب؟ فقال: «وما أقول…؟ نعطيهم ما طلبوا هم أولاد عمنا، وهذه الأباعر أقل من أن يحصل فيها كلام».

توفي الأمير مهنا بن عيسى سنة 735هـ/1334م، وترك جماعة من الأولاد ذكرهم الصفدي في «أعيان العصر»؛ ولكنهم لم يكونوا خير خلف لخير سلف، فقد ظهر منهم العسف والجور؛ منهم سليمان بن مهنا الذي طغى وبغى ولما مات سنة 744هـ/1343م فرح الناس بموته، ومثله في سوء السيرة ابن أخيه سيف بن فضل بن عيسى الذي لم يلبث في الإمارة إلا فترة يسيرة حتى عزل سنة 746هـ، وفيه يقول ابن الوردي:

نريد لأهل مصر كلّ خيرٍ

                          وقصدهم لنا حتفٌ وحيفُ

وهل يسمو لأهل الشّام رمحٌ

                          إذا استولى على العربان سيف

 تراجعت أسرة مهنا إبان دولة السلطان شعبان بن محمد سنة 747هـ، وبدأت تفقد مكانتها في الحياة السياسية شيئاً فشيئاً، ولم يبق منها إلا فرع سُمي «الحياريين» نسبة إلى حيار بن مهنا، وكان ولده محمد بن حيار يعرف بنُعير- كثير الغدر- فغضب عليه السلطان، برقوق، وطرده من الإمارة، ولكنه عاد إليها بعد موت برقوق، وبقي أميراً على العرب حتى لقي مصرعه في حلب سنة 808هـ/1405م.

وسكت أصحاب التواريخ عن أخبار مهنا إلا نبذة يسيرة عن أتباعهم وعبيدهم، ويعرفون اليوم باسم الموالي.

محمد عدنان قيطاز

 

 مراجع للاستزادة:

 

ـ أحمد بن علي القلقشندي، صبح الأعشى في صناعة الإنشا (دار المكتبة العلمية، بيروت 1987).  

ـ صلاح الدين الصفدي، أعيان العصر وأعوان النصر (دار الفكر، دمشق 1998).

ـ أبو الفداء، المختصر في أخبار البشر (دار المعرفة، بيروت، د.ت).


التصنيف : التاريخ
النوع : أعلام ومشاهير
المجلد: المجلد التاسع عشر
رقم الصفحة ضمن المجلد : 788
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 1105
الكل : 37053467
اليوم : 128142

التسمع

التسمّع   يؤدي تحريك أحد الأجسام بسرعة معينة، مهما كانت طبيعته الفيزيائية (غاز، سائل، جامد)، إلى حدوث اهتزازات في الوسط المحيط به تنتقل إلى الأذن التي تدركها على هيئة أصوات متفاوتة الشدة واللحن، وتزداد هذه الأصوات شدة عندما يصادف الجسم المتحرك أحد العوائق في أثناء حركته. تتحرك بعض أعضاء جسم الإنسان حركة دائمة، كالقلب الذي يتقلص وينبسط باستمرار، والدم الذي يجول ضمن الأوعية بلا توقف، كما أن الحركات التنفسية ترشف الهواء الخارجي إلى داخل الرئتين ثم تنفثه ثانية مما يزود الجسم بالأكسجين اللازم لاستمرار الحياة. تصدر هذه الأجسام المختلفة في أثناء حركتها أصواتاً تختلف صفاتها في حالتي الصحة والمرض، وقد استفاد الأطباء من هذه الاختلافات في تشخيص الأمراض التي تصيب الجسم وخاصة أمراض الجهاز التنفسي وجهاز الدوران. كما يمكن سماع دقات قلب الجنين بمسمع خاص أو حديثاً بوساطة جهاز يستخدم الأمواج فوق الصوتية (جهاز دوبلر).     يستطيع الطبيب سماع الأصوات التي تصدر عن هذه الأجسام المتحركة، إذا طبق أذنه مباشرة على أنحاء معينة من جسم المريض. إلا أن عملية التسمع تصبح أسهل لكل من الطبيب والمريض باستعمال السماعة الطبية. تسمُّع القلب يستطيع الطبيب سماع دقات القلب عندما يطبق صيوان السماعة على الناحية القلبية (ناحية الثدي الأيسر) إلا أن الطبيب يركز الصيوان عادة على عدة نقاط من هذه الناحية تناسب صمامات القلب الأربعة (وهي الصمام التاجي والصمام الأبهري والصمام الرئوي والصمام مثلث الشرف) التي كثيراً ماتكون مقراً لآفات قلبية، وتدعى هذه النقاط البؤر التسمعية. تتألف كل دقة من دقات القلب من صوتين متميزين: الصوت الأول الذي يسمع على أشده في البؤرة التاجية وينجم عن تقلص البطينات وانغلاق الصمامين التاجي ومثلث الشرف. والصوت الثاني الذي يسمع على أشده في قاعدة القلب وينجم عن انغلاق الصمامين الأبهري والرئوي. يبلغ عدد دقات القلب (70-80) دقة وسطياً في الدقيقة، وتتميز الدقات بانتظامها ولحنها الخاص. يتجاوز عدد دقات القلب في بعض الحالات الحدود السوية زيادة أو نقصاً أو أنها تفقد انتظامها في حالات أخرى، ويدعى مجمل هذه الاضطرابات بـ «اللانظميات» التي تأخذ أشكالاً متعددة تختلف في أسبابها وخطورتها وطرق معالجتها، ويستطيع الطبيب تشخيص معظم هذه الاضطرابات عن طريق التسمّع. يتغير لحن الأصوات القلبية في بعض الحالات المرضية، فقد تعود خافتة في بعض الأحيان أو يصبح أحد الصوتين الأول أو الثاني أو كلاهما أكثر حدة أحياناً أخرى، وقد يضاف إلى الصوتين الطبيعيين صوت ثالث، ويشير ذلك كله إلى وجود آفة مرضية في القلب يسهم التسمّع إلى حد كبير في تحديد طبيعتها وطرق معالجتها. يمر الدم في أجواف القلب عادة بكل سهولة ويسر، إلا أن إصابة الصمامات القلبية ببعض الآفات المرضية يؤدي إلى تضيّق الفتحات التي تصل بين أجواف القلب أو إلى اتساعها، وكذلك الحال في بعض الشذوذات الخلقية التي تصيب القلب، وتؤدي هذه الحالات إلى خلل في انسياب الدم داخل الأجواف القلبية أو الانطلاق منها إلى الأوعية الدموية، ويترافق ذلك بظهور أصوات إضافية إلى جانب الأصوات القلبية الطبيعية تأخذ شكل النفخات.  يختلف توضع النفخات في البؤر القلبية وتوقيتها بالنسبة للأصوات القلبية الطبيعية (نفخات انقباضية ونفخات انبساطية) ولحنها وانتشارها من آفة لأخرى مما يساعد الطبيب على معرفة مكان الآفة المسببة وتعيين طبيعتها. وقد تنجم الأصوات الإضافية في بعض الحالات عن إصابة الغشاء المغلف للقلب (التامور) بالالتهاب واحتكاك وريقتيه ببعضهما مع كل دقة قلبية. تسمّع الصدر يؤدي مرور الهواء التنفسي عبر القصيبات إلى حدوث اهتزازات تنتقل عبر النسيج الرئوي السليم إلى جدار الصدر حيث يمكن سماعها بتطبيق الأذن أو صيوان السماعة على أي ناحية من جدار الصدر، ويدعى الصوت المسموع في هذه الحالة التنفس الحويصلي. أما مرور الهواء عبر الحنجرة والرغامى فيؤدي إلى حدوث صوت عال مرتفع الطبقة يسمع بوضع السماعة على الرغامى خارج الصدر ويدعى الصوت المسموع في هذه الحالة التنفس المزماري. أمّا في الحالات المرضية فقد يغيب التنفس الحويصلي كما يحدث عندما يمتلىء جوف الجنب بأحد السوائل أو بالهواء (الريح الصدرية). كما أن تكثف النسيج الرئوي التالي لإصابته بالالتهاب يسهل وصول التنفس المزماري إلى جدار الصدر بوضوح حيث يسمع مكان التنفس الحويصلي، ويطلق عليه في هذه الحالة اسم النفخة التي تأخذ لحناً مميزاً في بعض الحالات المرضية مما دعا لوصف عدة أنواع من النفخات منها النفخة الأنبوبية والنفخة الكهفية وغيرها. تترافق بعض الحالات المرضية بتضيق في الطرق التنفسية أو توضع مفرزات مخاطية قيحية فيها، فإذا كان التضيق شديداً أدى إلى صدور أصوات جافة ذات لحن موسيقي تدعى الوزيز كما هي الحال عند الإصابة بالربو. أما إذا وقع التضيق على مستوى الرغامى والقصبات الكبيرة كانت الأصوات المسموعة أكثر خشونة وأرطب لحناً ودعيت حينئذ بالغطيط. إذا توضعت التبدلات المرضية على مستوى الأسناخ الرئوية أو القصبات الانتهائية أدت إلى صدور أصوات شاذة يكشفها التسمع تدعى الخراخر، وهي على نوعين خراخر فرقعية ذات لحن جاف ينجم عن انفتاح الأسناخ المصابة بالتوذم أو التليف، وخراخر فقاعية ذات لحن رطب تسمع عند وجود مفرزات سائلة في الطرق الهوائية القاصية. ويكشف التسمّع في أمراض الجنب وجود أصوات سطحية مختلفة الشدة تدعى الاحتكاكات تنجم عن تماس وريقتي الجنب المريضتين في أثناء الحركات التنفسية. تسمّع الأوعية المحيطية تصاب الشرايين في الأعمار المتقدمة بتبدلات في جدرها يطلق عليها اسم العصيدة الشريانية وتزداد هذه التبدلات بفعل بعض العوامل البيئية والوراثة، مما يؤدي إلى تضيق لمعة الشرايين المصابة. يؤدي مرور الدم في هذه المناطق المتضيقة من الشريان إلى صدور نفخات تسمعها الأذن عند تطبيق صيوان السماعة على المنطقة المتضيقة، وتتميز هذه النفخات بكونها مستمرة خلافاً للنفخات الناجمة عن آفات الصمامات القلبية. وأكثر الشرايين تعرضاً للتضيق وإصدار النفخات هي الشرايين السباتية في العنق وفروع الشريان الأبهر البطني كالشرايين الكلوية والجذع الشرياني الزلاقي وتفرعاته. كما أن الاتصال الشاذ بين الشرايين والأوردة المحيطية (النواسير) قد يكون السبب في حدوث نفخات تسمع في مكان توضع الناسور وتتميز هي أيضاً بكونها نفخات مستمرة.   زياد درويش   مراجع للاستزادة:   - MORGAN, Occupational Lung Disease, Saunders (1984).
المزيد »