logo

logo

logo

logo

logo

الكَلَب

كلب

Rabies - Rage

الكَلَب

 

الكلب مرض فيروسي معدٍ (مرض خامج infectious disease) شديد الفتك يصيب الإنسان وكل الحيوانات ذات الدم الحار، ولكنه أكثر انتشاراً في الحيوانات اللاحمة carnivorous. تنتقل فيروسات المرض غالباً عن طريق عض الحيوانات المصابة للحيوانات السليمة والإنسان. كل الثدييات مؤهلة للإصابة به، ومستودعات الخمج هي اللواحم والقوارض.

العامل المسبب ووبائية المرض

يعد العامل المسبب من الفيروسات ذات الصفة الانتحائية الموجَّه إلى العصب neurotropic virus، وينتمي إلى مجموعة الفيروسات الربدية (العصوية) rhabdovirus، وهو من الفيروسات الكبيرة إذ يبلغ قطره نحو 50 نانومتراً وطوله 150-180 نانومتراً، وحسب اختبارات التصالب المناعي واختبارات البيولوجية الجزيئية يمكن تمييز سبعة أنماط مصلية لفيروسات الكَلَب وهي: فيروس الكلب المدرسي classical rabies virus (النمط الجيني1)، وفيروس خفاش لاغوس Lagos bat virus (النمـط الجيني2)، وفيروس موكولا Mokola virus  (النمط الجيني3)، وفيروس دوفنهاج Duvenhage virus (النمط الجيني4)، وفيروس الخفاش الأوربي European bat virus (النمط الجيني5)، وفيروس الخفاش الأوربي European bat virus (النمط الجيني 6)، وفيروس الخفاش الأسترالي Australian bat virus (النمط الجيني 7).

وقد سهلت الاختبارات المناعية تمييز العديد من تحت النماذج المصلية لفيروسات الكَلَب. تسبب جميع هذه الضروب المصلية المتباينة الأعراض نفسها التي يسببها فيروس الكلب المدرسي، وهناك تفاعلات متصالبة فيما بينها تتصل بالتشخيص المصلي والاستجابة المناعية.

يتكاثر فيروس الكَلَب في هيولى الخلايا العصبية لمخ المصاب والغدد اللعابية والكليتين، ويتكاثر كذلك في بعض أنواع الحيوانات في العضلات والرئتين إلا أنه يوجد بصورة رئيسة في الأعصاب، ويعد من الفيروسات التي تقاوم كثيراً المطهرات، ويمكن زرعه في جنين البيض أو مح البيض، كما ينمو في المستنبتات النسيجية. وهو فيروس عطوب يتخرب بسرعة في الظروف البيئية العادية من ضوء وحرارة وهواء؛ ولذلك ليس للمواد الناقلة للخمج شأن في نقل الفيروس. يعد لعاب الحيوانات المصابة مصدر الخمج الرئيس عند الإنسان، وأما مستودع الخمج فيتضمن مجموعة كبيرة من الحيوانات اللاحمة الأهلية والبرية كالثعالب والكلاب والذئاب والقطط والخفافيش وغيرها من الحيوانات العاضة biting animals.

ويمكن تقسيم الكَلَب إلى نوعين:

ـ مدني (حضري urban): ويؤلف مشكلة في الدول النامية والمدارية وينتقل على نحو خاص من كلب إلى آخر، أو حيوانات أهلية أخرى أو إلى الإنسان، ويعد الإنسان في هذه الحلقة نهاية مغلقة (ثوي مغلق).

ـ الغابي sylvatic: وينتشر في الغابات. وتؤلف حيوانات الغابة المستودع الرئيس للمرض، ويشاهد بكثرة في كندا وأمريكا ومعظم الدول الأوربية.

ينتشر الكَلَب في معظم دول العالم ما عدا أستراليا ونيوزيلندا والجزر البريطانية، وبعض الدول الاسكندنافية وبعض جزر الباسفيك (اليابان وتايوان)، وبعض جزر المحيط الأطلسي (جامايكا والجزء الأكبر من جزر الكناري). ويعدّ المرض في القارة الأوربية مشكلة كبيرة تتفاقم في حيوانات الغابات ولاسيما الثعالب.

عضة كلب مخموج

طرق الانتقال والعدوى

ـ تحصل العدوى عموماً في معظم الحالات عند دخول اللعاب الملوث بفيروس الكلب إلى الجرح المفتوح أو السحجات الموجودة في الجلد أو في الغشاء المخاطي، ويكون عادة عن طريق عض الحيوان المصاب بالكلب. وقد تبين أن إفراز الفيروس في لعاب الكلب المصاب قد يتم قبل ثلاثة أيام من ظهور الأعراض، وقد يتأخر يومين بعد ظهورها.

ـ يمكن أن تتم العدوى عندما تتعرض الجروح المفتوحة حديثاً للعاب الحيوان المصاب أو الأنسجة المصابة.

ـ الخمج بوساطة الهواء air- borne infection لوحظت حالتان مرضيتان من دون حدوث العض، كان الطريق فيهما استنشاق الهواء في كهف فيريو في تكساس الذي يحوي ملايين الخفافيش (ذات الذيل الحر) الماصة للدماء. كذلك ثبت انتقاله من الحيوانات المخبرية عن طريق التنفس.

ـ لم تسجل حالات مميتة أو وفيات نتيجة الإصابة عن طريق جهاز الهضم، ولكن استطاع بعض الباحثين إحداث الخمج في الحيوانات عن طريق إطعام الأنسجة المصابة إصابة شديدة بفيروس الكَلَب أو إعطائهم معلقاً من فيروس الكَلَب؛ ولذا يمكن القول إن المصابين بجروح أو تقرحات في الأغشية المخاطية لجهازهم الهضمي معرضون للإصابة عندما يتناولون كمية كبيرة من اللعاب المخموج. وإذا حوى حليب البقرة المصابة بالكلب فيروس الكَلَب فإنه يعد مصدراً حقيقياً للخمج لذا لا يمكن إهمال انتقال المرض عن طريق الطعام والابتلاع. وقد سجل عام 1985 انتشار الكَلَب في الأبقار الوحشية في ناميبيا وحدثت 50000 حالة نفوق، وقد وضعت احتمالات كثيرة لانتقال الخمج عن غير طريق العض ويعتقد أنه تمَّ بوساطة الماء.

ـ إن الحالات التي سُجلت عن انتقال الإصابة من إنسان إلى آخر قليلة جداً على الرغم من استفراد الفيروس من لعاب الإنسان المصاب في كثير من الحالات، لكن كمية الفيروسات في لعابه أقل بكثير من الكمية الموجودة في لعاب اللواحم المصابة.

وأما حدوث الخمج عن طريق التقبيل والمقاربات الجنسية فهو معروف منذ عام 1926. وأظهرت البحوث التي جرت عام 1979 خطورة زرع (غرس) القرنية المصابة بفيروس الكَلَب في أربع حالات منفصلة. وقد حصلت فاشية في باكستان عام 1985 بالكلب في الأطفال بعد عملية الختان، تبين فيها أن الشخص الذي قام بعملية الختان لم يكن على علم بأنه في المرحلة الأخيرة من زمن الحضانة وكان يدهن بلعابه الملوث بفيروسات الكَلَب، جرح الختان في نهاية كل عملية.

الشلل الرخو في الكَلَب وغالباً ما يترافق باضطرابات في الجهاز العصبي المستقل تشمل فرط الإلعاب

فترة الحضانة وأعراض المرض عند الإنسان

الكَلَب خمج مميت يسبب للإنسان التهاب السحايا والدماغ. يبقى الفيروس في مكان الدخول أياماً عدة يتنسخ فيها موضعياً قبل أن ينتقل بوساطة المحاور العصبية إلى العقد الخلفية ثم الحبل الشوكي لينتقل بعدها إلى الدماغ فيصيب مناطق عديدة في جذع الدماغ والعقد الجسرية والمخيخ. ينتشر الفيروس بعد ذلك في البدن كجلد الرأس والرقبة والغدد اللعابية والعين والأغشية المخاطية الأنفية.

تؤدي إصابة الدماغ بالفيروس إلى حدوث تبدلات التهابية وتنكسية في العصبونات المصابة مما يسبب تراجعاً شديداً ومترقياً في الوظائف العصبية للمناطق المصابة.

يتعلق زمن الحضانة بكمية الفيروسات الداخلة للبدن ومكان العضة ومقاومة الجسم، وتمتد عادة بين 2-8 أسابيع وقد تشاهد فترات أقصر أو أطول بكثير وذلك تبعاً لمكان العضة، وكلما كانت بعيدة عن الرأس طالت مدة الحضانة.

تبدأ الأعراض في مرحلة الإنذار بأعراض غير نوعية (بوادر) مثل الحمى والدعث والصداع وخلل في الوظائف الهضمية (غثيان وإقياء) والتنفسية. ثم تظهر الأعراض المميزة للمرض وهي فرط حس جلدي حول مكان الإصابة، كما تصبح تعابير الوجه مفرطة في التصنع، وتشتد حتى إنها تطابق الأعراض التي تنتج من تنبيه الجهاز العصبي الودي مثل توسع حدقة العين وظهور دماع وتعرق وزيادة في الخوف والقلق والأرق واضطراب التوجه وهلوسات. وتقسم الأعراض غالباً إلى طورين: طور الهيجان (الإثارة) excitation وطور الشلل paralysis.

إن طور الهيجان هو السائد حتى الوفاة وتلاحظ فيه زيادة إفراز اللعاب الذي يكون غالباً رغوياً ويظهر بسبب عدم قدرة المصاب على الابتلاع؛ نتيجة تشنج عضلات البلعوم وسرعان ما يتطور ذلك نحو الخوف من الماء (رهاب الماء hydrophobia). وفي بعض الأحيان يكون الطور الثاني (طور الشلل) هو السائد في حين أن طور الهيجان قصير جداً. وتظهر عند المريض عادة فترات متقطعة من الاسترخاء بين نوبات الاختلاج. وقد تحصل الوفاة في فترة الهيجان ولكنها تكون عادة بعد تقدم المرض حينما يدخل العليل بسبات.

التشخيص

هناك ثلاث طرق مخبرية رئيسة متاحة لتشخيص المرض سواء عند الإنسان أم الحيوان وهي:

ـ الاختبار النسيجي الكيميائي أو الفحص المجهري المباشر.

ـ الاختبار الكيميائي المناعي أو اختبار المستضد المتألق للكلب، ويمكن إجراؤه والحصول على النتيجة في أقل من 24 ساعة، وهو نوعي جداً ومفضل في معظم مراكز تشخيص الكلب في العالم.

ـ استفراد الفيروس عن طريق زرقه في الفئران الرضيعة، وهذا الاختبار حساس ويحتاج مدة شهر لاستكماله.

الوقاية والتحكم بالكلب عند الإنسان

يعتمد في الوقاية والتحكم على تنفيذ ثلاثة أمور رئيسة وهي:

1ـ وقاية الإنسان من التعرض للإصابة بالمرض.

2ـ معالجة الإنسان بمضادات الكَلَب بعد تعرضه للإصابة مباشرة.

3ـ إعطاء اللقاح الواقي للأشخاص الذين قد يتعرضون للإصابة بصورة دائمة أو يعملون في مكان يعرضهم للإصابة بالكلب.

أما ما يتعلق بالأمر الأول فينبغي تسجيل الكلاب التي تربى في المزارع والمنازل وترخيصها وتحصينها والإشراف عليها، وينبغي توعية الناس بأخطار مرض الكلب، والتخلص من الكلاب الشاردة، ووضع الحيوانات التي تعض الأشخاص قيد المراقبة مدة 14 يوماً، وضرورة إرسال رؤوس هذه الحيوانات حين اللزوم إلى المخابر المختصة للتأكد من إصابتها بالكَلَب. ويجب تطبيق قواعد الحجر الصحي على الكلاب والقطط والحيوانات اللاحمة الداخلة إلى القطر والإشراف عليها ومتابعة وضعها الصحي.

أما فيما يتصل بالأمر الثاني فإن معالجة الإنسان بعد تعرضه لعض كلب مصاب أو مشتبه بإصابته بالكَلَب، أو التعرض إلى سحجات وخدوش وجروح من الحيوانات المصابة، فالمعالجة تضم ما يأتي:

ـ العلاج الموضعي للجرح بعد الإصابة مباشرة: يغسل الجرح جيداً بالماء والصابون مما يبطل مفعول الفيروس ويزيله من الجرح آلياً، ثم ينظف الجرح باستعمال الكحول الطبي بتركيز 40-70٪ أو ببعض المطهرات مثل مركبات الأمونيوم الرباعية أو اليود.

ـ التمنيع المنفعل passive immunization: وهو ضروري للأشخاص الذين يتعرضون للإصابة بصورة حادة، أو يكون مكان إصابتهم قريباً من الدماغ كالرأس والرقبة، وكذلك الأشخاص الذين تعضهم الحيوانات اللاحمة أو الخفافيش. ويستخدم في هذا المجال المصل المضاد للكلب ذو المنشأ الخيلي أو الغلوبولين المناعي ذو المنشأ البشري، ويحوي كلا المصلين مقداراً كبيراً من أضداد الكلب. وتعطى نصف الجرعة ضمن الجرح أو حوله أو مكان العض زرقاً في العضل وفي أماكن مختلفة من البدن. والجرعة هي 40 وحدة دولية لكل 1كغ من وزن البدن من المصل ذي المنشأ الخيلي، و20 وحدة دولية لكل 1كغ من وزن البدن من المصل المضاد ذي المنشأ البشري.

يزوِّد التمنيع المنفعل جسم المصاب بالأضداد النوعية للكلب ويستمر فعلها حتى بدء ظهور المناعة الفاعلة. وإن المصل ذا المنشأ الخيلي غير مرغوب فيه لأنه يسبب حساسية. أما المصل ذو المنشأ البشري فغير متوافر على نحو كاف وباهظ التكاليف.

ـ التمنيع الفاعل active immunization: يستعمل لهذا الغرض لقاح معطل محضَّر في النسيج العصبي للثدييات، أو في أجنة بيض البط. ويحتوي هذا اللقاح على كمية من الأنسجة الحيوانية تؤدي إلى تفاعلات جسدية عند الإنسان، وكذلك تفاعلات موضعية غير مرغوبة لذا قلَّ استعمال هذا النوع من اللقاح. ويحقن 14-23 جرعة تحت الجلد في منطقة البطن بمعدل زرقة واحدة في اليوم الواحد.

يستعمل حالياً في كثير من الدول اللقاحات الحية المحضرة في المزارع الخلوية، وهي لقاحات آمنة. ويستعمل هذا اللقاح في سورية منذ عام 1990 ويسمى لقاح باستور للكلب Pasteur rabies vaccine، ويعطى زرقاً في العضل في الأيام الآتية (0 ـ 3 ـ 7 ـ 14 ـ 30) وتضاف إلى ذلك جرعة داعمة بعد 90 يوماً من بداية المعالجة (وهي اختيارية). وتحتوي الجرعة الواحدة 5.2 وحدة دولية وتعطى للأطفال والكهول. وينصح حسب توصيات منظمة الصحة العالمية بإعطاء الغلوبولين المناعي المضاد للكَلَب anti- rabies immunoglobulin أيضاً.

أما الأمر الثالث، أي إعطاء اللقاح الواقي قبل التعرض للإصابة فإنه يطبق في الأشخاص الذين يعملون في العيادات والمخابر التي تتعامل مع مرض الكَلَب، وكذلك للأطباء البيطريين، والمتخصصين والعاملين في مجال الحياة البرية والغابات. وحسب توصيات منظمة الصحة العالمية يعطى اللقاح بثلاث جرعات في الأيام (0، 7، 28). ثم جرعة داعمة بعد سنة، وبعد ذلك تعطى جرعة كل ثلاث سنوات.

صفوح حيدر

الموضوعات ذات الصلة:

الفيروسات (علم ـ) ـ اللقاحات والمصول.

مراجع للاستزادة:

 - M.MAMMETTE, Virologie Médicale, 14e édition (Editions C. et R., 1992).


التصنيف : طب بشري
المجلد: المجلد السادس عشر
رقم الصفحة ضمن المجلد : 317
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 1089
الكل : 40526547
اليوم : 56362

الإنتان الدموي

الإنتان الدموي   الإنتان الدموي septicemia حالة مرضية تغزو فيها كميات كبيرة ومتكررة من الجراثيم الممرضة الدوران الدموي بدءاً من بؤرة خمجية معلومة أو مجهولة. وقد يولد هذا الغزو بؤراً ثانوية تالية. وتنتج عن هجرة الجراثيم من بؤرتها إلى الدوران أعراض سريرية خطرة يسببها انسداد أحد الأوعية الدموية أو اللمفاوية، أو تأثير الذيفانات الجرثومية. ولا يشمل هذا التعريف «تجرثم» الدم العابر، كما أنه لا يشمل الأخماج المتعممة التي يسببها بعض الطفيليات والفيروسات وغيرها.
المزيد »