logo

logo

logo

logo

logo

ابن الهيثم (محمد بن الحسن-)

هيثم (محمد حسن)

Ibn al-Haytham (Mohammad ibn al-Hasan) - Ibn al-Haïtham (Mohammad ibn al-Hassan)

ابن الهيثم (محمد بن الحسن ـ)

(354 ـ 430هـ/965 ـ 1038م)

 

أبو علي محمد بن الحسن بن الحسين البصري نسبة إلى مدينة البصرة في جنوبي العراق، حيث ولد فيها، وأخذ علومه الأولى في مجالس شيوخها، ذكرته معظم المصادر باسم الحسن بن الهيثم شيخ البصرة ومهندسها، كما عُرف في أوربا بلفظ (Al Hazen).

عالم موسوعي برز في علوم البصريات والفيزياء والهندسة وعلم العدد والحساب والفلك والفلسفة والمنطق والموسيقى والطب، وله مصنفات في كل هذه العلوم.

أحب الرحلات والأسفار طلباً للاستزادة في العلم والتزود بأخبار العلماء وعلمهم. زار بلاد فارس والأهواز والشام ومصر، واستقر في القاهرة وتُوفِّيَ فيها، ذكر القفطي صاحب «إخبار العلماء في أخبار الحكماء» وهو يترجم لابن الهيثم أنه: «نُقل للحاكم بأمر الله قول ابن الهيثم: لو كنت بمصر لعملت لنيلها عملاً يحصل به النفع في كل حالاته من زيادة أو نقصان، فقد بلغني أنه ينحدر على موضع عال هو في طرف الإقليم المصري، فازداد الحاكم شوقاً إليه، وسيَّر إليه سراً جملة من مال، وأرغبه بالحضور. فسار ابن الهيثم نحو مصر…».

وتقول معظم المصادر: إن الحاكم بأمر الله (375ـ411هـ/985ـ1021م) استقبل ابن الهيثم خارج القاهرة في ضاحية لها تدعى الخندق تقديراً له، وصحبه إلى منزل خصصه لسكنه من أملاكه، وزوده بكل ما يلزمه من رعاية وحراسة ومعاش، كما طالبه بعد استراحة قصيرة أن يشخص إلى الموضع الذي عيّنه لإقامة حيلته على النيل، وهيأ له ما يلزمه من أدوات، وسير معه جماعة من الصناع المتولين للعمارة ليكونوا عوناً له على هندسة سد على النيل وإقامته، كما قال في موضع الجنادل في أعالي النيل، وسافر ابن الهيثم ومعه كوكبة من جيش الحاكم لحراسته ومساعدته، وعند وصوله وتفحصه للموقع هاله عظمة الجنادل وهدير مياه النيل، عندها أيقن وتحقق أنه لن يستطيع عمل شيء بما بين يديه من أدوات ورجال وتجهيزات، فرجع خائباً مكسور الخاطر خجلاً كيف سيكون موقفه أمام الحاكم بأمر الله الذي انتظر أن يعم الخير على مصر وأهلها.

وضع أسس البحث العلمي وقواعده، وطبقها وسار على خطاها في كل أبحاثه وتجاربه ونظرياته، وقال: «ابتدأت في البحث واستقراء الموجودات وتصفح أحوال المبصرات وتمييز خواص الجزئيات والتقطت باستقراء ما يخص البصر في حال الإبصار، وما هو مطرد ولا يتغير وظاهر لا يشتبه في كيفية الإحساس، ثم ارتقيت في البحث والمقاييس على التدرج والترتيب مع انتقاد المقدمات والتحفظ بالنتائج» ثم يتابع قوله: «ثم أخذت بالتمثيل أي التطبيق» وهو يحاول الابتعاد عن الهوى كيلا يقع في الخطأ إلى أن يقول: «حتى ننتهي إلى الحق الذي يُثلج الصدر ونصل بالتدريج والتلطف إلى الغاية التي عندها يقع اليقين ونظفر مع التحفظ بالحقيقة التي يزول معها الخلاف وتنحسم معها مواد الشبهات» وبذلك يكون ابن الهيثم قد سبق بيكون Bacon بقرون بوضع قواعد لمنهج البحث العلمي.

نبغ في علم البصريات وطوره تطويراً جذرياً إذ قال: «وليس شعاعاً يغادر العين هو الذي يسبب الرؤية» وورد في الموسوعة البريطانية: «أن ابن الهيثم كتب في تشريح العين وفي وظيفة كل قسم كما بيَّن كيف ننظر إلى الأشياء بالعينين في آن واحد، وأن الأشعة من النور تسير من الجسم المرئي إلى العينين، ومن ذلك تقع صورتان على الشبكية في محلين متماثلين».

كما بحث في قوة التكبير في العدسات مما جعله أول مبدع لفكرة أول نظارة في العالم، والممهد الأول الذي ساعدت بحوثه البصرية إصلاح عيوب الإبصار في العين وتعديلها.

أول من درس عدسة العين وأقسامها وتشريحها، ورَسَمَها وأطلق عليها أسماء أخذها الغرب، أو ترجمها إلى مختلف لغاته، منها (القرنية Cornea والخلط الزجاجي Vitreous Humour والشبكية Retina والخلط المائي Aqueous Humour).

أول من وضع مبدأ آلـة التصوير، تقول هونكه Hunke في كتابها «شمس العرب تسطع على الغرب»: «إن ابن الهيثم أول من أجرى تجارب بواسطة نوع من آلـة الثقب» أو البيت المظلم الذي يقول عنه الأستاذ مصطفى نظيف بك في كتابه «ابن الهيثم… بحوثه وكشوفه وتحقيق كتاب المناظر»: «أغلب الظـن أن اسم Camera obscura مأخـوذ من العبارة العربيـة «الخـزانة المظلمة» التي ترد كثيـراً في أقـوال ابن الهيثـم» وعلى هذا يكون ابن الهيثم قد سبق ليوناردو دافنشي (1452ـ1518م) بما يقرب من خمسة قرون بالتجارب التي أجراها ومهد بها لابتكار آلة التصوير التي عزاها بعضهم إلى الإيطالي (دلابورتا) الذي أورد بكتابه «السحر الطبيعي أو التأثير الكبير الطبيعي» عدة تجارب على الخزانة أو البيت المظلم، يقول بعض المؤرخين: إنه أخذها من ابن الهيثم وادعاها لنفسه كما تقول هونكه.

وضع قوانين الانعكاس والانعطاف وغيرها، وأوجد تعليلاً لانكسار الضوء الذي يحدث عن طريق وسائط كالهواء أو الماء أو الزجاج.

ووضع قانون الارتداد الذي كان له أثر ميكانيكي رائع في تقدم هذا العلم في أوربا، وبذلك يكون قد سبق (نيوتن Newtonء) في تعليل انعكاس الضوء من وجهة نظر ميكانيكية.

أبدع مسألة لا تزال تسمى مسألة (الهازن Al Hazen) أي مسألة ابن الهيثم وهي: «إذا فُرِضت نقطتان حيثما اتفق أمام سطح عاكس؛ فكيف تُعين على هذا السطح نقطة بحيث يكون الواصل منها إلى إحدى النقطتين المفترضتين بمثابة شعاع ساقط، والواصل إلى الأخرى بمثابة شعاع منعكس». كان لها أثرها في تطور علم الضوء والهندسة وعلاقتهما مع بعضهما والجمع بين الرياضيات والفيزياء وأثر ذلك في التقدم العلمي.

الشكل (1) ذات الحلق

أبدع طريقة لاستخراج ارتفاع نجم القطب، ولا تزال إلى اليوم تُستعمل محدّثَةً، ووصل ابن الهيثم بوساطتها إلى حسابات وأرصاد تكاد تخلو من الأخطاء، وتتطابق مع الحسابات الحديثة.

أبدع بعض آلات الرصد، وأصلح بعضها مثل ذات الحلق (الشكل 1).

توصل إلى حساب ارتفاع الغلاف الجوي، وقَدَّرَه بدقة بالغة بـ (15كم).

تحدث على نحو علمي لم يسبقه إليه أحد عن ظاهرتي خسوف القمر وكسوف الشمس، وتوصل إلى أن القمر من دون الأجرام السماوية الأخرى يستمد نوره من ضوء الشمس، ولا يضيء بذاته، وبذلك توصل إلى ظاهرة التظليل، وكتب عن طبيعتها. ونفى الخرافة التي كانت سائدة في الشرق والغرب أن الغول هو الذي يبتلع القمر كما ذكر ذلك مصطفى نظيف.

هناك من يقول إن نظرية ابن الهيثم عن الضوء أوحت إلى الفنانين في أوربا فكرة البعد الثالث في فن الرسم.

مؤلفات ابن الهيثم وآثاره:

بلغت ما يزيد على 160 كتاباً ومقالة ورسالة كما أوردها ابن أبي أصيبعة في كتابه «عيون الأنباء في طبقات الأطباء»، منها في علوم المناظر والرياضيات والفلك نحو 80 مؤلفاً وفي العلوم الطبيعية والإلهية 44 كتاباً و31 كتاباً في الطب، وكتب أخرى في الفلسفة والمنطق والسياسة وغيرها، ومن أهم مؤلفاته:

ـ كتاب «المناظر»: ويُعدّ من أروع ما صنف ابن الهيثم، ورتبه في سبع مقالات:

¬ الأولى: في كيفية الإبصار بالجملة.

¬ الثانية: في المعاني التي يدركها البصر ويُحللها وكيفية إدراكها.

¬ الثالثة: في أغلاط البصر فيما يدركه على استقامة وعللها.

¬ الرابعة: في كيفية الإبصار بالانعكاس عن الأجسام الصقيلة.

¬ الخامسة: في موضوعات الخيالات، وهي الصورة التي تُرى في الأجسام الصقيلة (القول في الخيال).

¬ السادسة: في أغلاط البصر وما يُدركه «البصر» بالانعكاس وعللها.

¬ السابعة: في كيفية إدراك البصر بالانعطاف من وراء الأجسام المشفة المخالفة الشفيف لشفيف الهواء.

وفي مـكتبة آيا صوفـيا في اصطنبول نسخة برقم (2448) كاملة للمقالات السبع تتألف من 678 ورقة إلا بضع صفحات سها الناسخ عنها تقع بين صفحتي (628ـ629) مكتوبة بخط فارسي بعهد السلطان محمد الفاتح عام 899هـ.

نُقل كتاب «المناظر» هذا إلى اللغة الإيطالية في القرن الرابع عشر الميلادي، ثم نقله جيرارد الكريموني إلى اللغة اللاتينية من العربية مباشرة، ولكن لم يطبع منه سوى مقالة واحدة، كما نقله إلى اللاتينية أيضاً البولوني فيتليو Vitelo وكان النقل اللاتيني معتمداً في أوربا حتى أيام كبلر Kepler، وقد نهل منه كبار علماء أوربا في عصر النهضة.

حقق مصطفى نظيف بك كتاب «المناظر»، وعلق عليه في جزأين ضخمين عام 1361هـ/ 1942م تحت عنوان «الحسن بن الهيثم بحوثه وكشوفه» وقدم بعمله هذا بعضاً من أروع صفحات التراث العلمي.

كما حقق «المناظر» عبد الحميد صبرة، ونشره بالكويت عام 1983م.

مؤلفات ابن الهيثم في الرياضيات والفلك التي تبلغ 80 مؤلفاً منها:

ـ «المختصر في علم هندسة إقليدس».

ـ «شرح الكتاب الثاني عشر» من كتاب «الأصول» لإقليدس في الهندسة، وعلق عليه.

ـ كتابه في «حل شكوك كتاب إقليدس في الأصول وشرح معانيه»، نسخها الخطية في مكتبة بورصه بتركيا وفي مكتبة الفاتح وآيا صوفيا باصطنبول، وفي جامعة اصطنبول وفي مكتبة ليدن بهولندا وفي مكتبة برلين وفي المكتبة البلدية بالإسكندرية وفي طهران صور هذا الكتاب، ونشره فؤاد سزكين.

ـ «رسالة في بركار الدوائر العظام»، نسخها الخطية في المكتب الهندي بلندن وفي مكتبة ليدن بهولندا ومكتبة لينينغراد (بطرسبرغ) في روسيا.

ـ «مقالة في تربيع الدائرة»، ولها نسخ خطية في مكتبات الفاتيكان وبرلين ومجلسي في طهران والمكتبة التيمورية بالقاهرة وكلكتا ورامبور بالهند.

ـ «فصل في أصول المساحة وذكرها بالبراهين»: النسخة الخطية في مكتبة الفاتح في اصطنبول وفي الديوان الهندي بلندن.

ـ «كتاب في صورة الكسوف»: نسخه الخطية في الديوان الهندي بلندن ومكتبة الفاتح باصطنبول وفي بودلبان أوكسفورد ولينينغراد بروسيا، ترجمه المستشرق (فيدمان) إلى الألمانية.

مؤلفاته في العلوم الطبيعية والإلهية 44 كتاباً، وفي الطب 31 كتاباً منها:

ـ «كتاب في تقويم الصناعة الطبية».

ـ «كتاب في منافع الأعضاء».

ـ «كتاب في أصناف الحميات».

ـ «كتاب في النبض الكبير».

ـ «كتاب في أمراض العين».

وقد صنف ابن الهيثم في الأخلاق والسياسة والموسيقى والإلهيات، منها:

ـ «مقالة في الأخلاق».

ـ «مقالة في آداب الكتاب».

ـ «كتاب في السياسة».

ـ «مقالة يَرد فيها على المعتزلة رأيهم في حدوث صفات الله تبارك وتعالى».

ـ «قول من الرد على المعتزلة في رأيهم في الوعيد».

ـ «مقالة في أن الدليل الذي يستدل به المتكلمون على حدوث العالم دليل فاسد».

ـ «مقالة في الاستدلال على حدوث العالم بالبرهان الاضطراري والقياس الحقيقي».

ـ «كتاب في بطلان ما يراه المتكلمون من أن الله لم يزل غير فاعل ثم فعل».

ـ «رسالة في تأثير اللحون الموسيقية في النفوس الحيوانية».

ـ «كتاب في إثبات النبوءات وإيضاح فساد رأي الذين يعتقدون بطلانها».

ـ «كتاب في الفَرق بين النبي والمتنبي».

زهير حميدان

 مراجع للاستزادة:

 

ـ ابن أبي أصيبعة، عيون الأنباء في طبقات الأطباء، تحقيق نزار رضا (منشورات مكتبة الحياة، بيروت، د.ت)

ـ مصطفى نظيف بك، ابن الهيثم بحوثه وكشوفه، وتحقيق كتاب المناظر (القاهرة 1942م).

ـ ظهير الدين البيهقي، تاريخ حكماء الإسلام، تحقيق محمد كرد علي ( منشورات المجمع العلمي العربي، دمشق 1365هـ/1946م).

ـ القفطي، إخبار العلماء بأخبار الحكماء (مصر 1326هـ، ونسخة نشرها ليبار تليبزغ، 1903م).

ـ زهير حميدان، أعلام الحضارة العربية في العلوم الأساسية والتطبيقية، ج2( منشورات وزارة الثقافة، دمشق 1995).

ـ كارل بروكلمن، تاريخ الأدب العربي (منشورات المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم، د.ت).

ـ فؤاد سزكين، تاريخ التراث العربي، ترجمة عبد الله حجازي (جامعة الملك سعود، 1406هـ/1986م).

ـ جورج سارتون، مقدمة تاريخ العلوم (بالتيمور 1927م).

- SUTER.H: Die Mathematiker und Astronomen der Araber (Leipzig.1900).


التصنيف :
النوع : أعلام ومشاهير
المجلد: المجلد الثاني والعشرون
رقم الصفحة ضمن المجلد : 30
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 1080
الكل : 40508936
اليوم : 38751

غول (إيفان-)

غول (إيڤان -) (1891-1950 )   إيڤان غول Ivan Goll شاعر فرنسي، ولد في مدينة سان دي Saint-Die بالقرب من الحدود الألمانية وتوفي في باريس. ترعرع في مدينة ميتس Metz التي يتكلم سكانها الفرنسية وتعرضت للغزو الألماني عام 1871، وهكذا نشأ بين ثقافتين، ونشر معظم أعماله الشعرية بكلتا اللغتين.
المزيد »