logo

logo

logo

logo

logo

القنبلة النووية

قنبله نوويه

Nuclear bomb - Bombe nucléaire

القنبلة النووية

 

تعد القنبلة النووية أو الهدروجينية nuclear bomb أو ما يعرف بقنبلة H الطراز الأكثر تدميراً مقارنة بالقنبلة الذرية atomic bomb، أو ما يعرف بالقنبلة A التي صارت سلاحاً قديماً مقارنة بالقنبلة النووية. ويمكن تعريفاً تضمين القنبلة الهدروجينية تحت اسم القنبلة النووية كونها تستخدم أيضاً الطاقة الذرية في عملية الانفجار. لكن الاستخدام الشائع للقنبلة الذرية مرتبط بالجيل القديم لهذا النوع من القنابل التي تعتمد على مبدأ انشطار الوقود النووي. أما القنبلة الهدروجينية فتمتاز من القنبلة الذرية في أنها تعتمد أساساً على مبدأ اندماج الذرات لتحرير الطاقة بدلاً من انشطارها، كما هي الحال في القنابل الذرية. وهناك اختلاف آخر بين طريقة تفجير كلا النوعين. ففي حين يجري تفجير القنبلة الذرية في مرحلة واحدة، تنفجر القنبلة الهدروجينية في ثلاث مراحل هي: مرحلة الانشطار ثم الاندماج ثم الانشطار اللاحق (انظر النموذج التوضيحي اللاحق).

تسمى المرحلة الأولى مرحلة القدح، وهي في جوهرها قنبلة ذرية صغيرة مصنوعة من مادة البلوتونيوم الانشطارية، وبذلك تشبه إلى حد كبير القنبلة التي ألقيت على مدينة ناغازاكي عام 1945.

إن الطاقة المتحررة في هذه المرحلة هي نتيجة لانشطار نوى ذرات البلوتونيوم. وغالباً ما يضاف التريتيوم إلى القسم المركزي لقلب البلوتونيوم؛ بهدف تعزيز الانفجار النووي من خلال الطاقة الاندماجية الإضافية. وفي كلتا الحالتين، سواء المعززة أم غير المعززة، تتجلى أهمية المرحلة الأولى في تسخين المواد الموجودة في العمود المركزي للقنبلة وتمييعها إلى نحو 100مليون درجة مئوية؛ بحيث يمكن عندها بدء حدوث تفاعل اندماجي شديد القوة.

إن سبب حدوث الانفجار في المرحلة الثانية، هو الاندماج النووي في العمود المركزي. حيث يتضمن التفاعل الاندماجي أساساً عنصري الديوتريوم deuterium والتريتيوم tritium اللذين يتوجب توافرهما بتراكيز كبيرة. إن هذين العنصرين هما نظائر ثقيلة للهدروجين، ومن هنا أتت تسمية القنبلة بالقنبلة الهدروجينية، وكذلك الرمز H في اسمها. وينتج هذان العنصران عن التفاعل اللحظي للنترونات الناجمة عن المرحلة الأولى مع المادة الصلبة المتوضعة في العمود المركزي، والتي تسمى «ديوتريد الليثيوم» lithium deuteride. ولدى تسخين هذا المزيج الغني بالهدروجين إلى نحو 100مليون درجة مئوية أو أكثر، فإن ذرات الديوتريوم والتريتيوم تندمجان معاً، فتتحرر كميات هائلة من الطاقة إضافة إلى نترونات ذات طاقات كبيرة جداً جداً. وهذا هو الجزء الهدروجيني أو النووي الحراري thermonuclear من القنبلة. يتبع ذلك المرحلة الثالثة والأخيرة التي تتفاعل فيها تلك النترونات السريعة الناجمة عن الاندماج النووي مع اليورانيوم 238 (أو ما يسمى باليورانيوم المنضب). ولطاقتها الكبيرة، تتسبب هذه النترونات في انشطار ذرات اليورانيوم 238. فيتضاعف مقدار الانفجار مرات ومرات وينتج ما يعرف بالسقط الإشعاعي من الأسلحة.

يلاحظ مما تقدم، وبالمقارنة مع القنابل الذرية، أن القنبلة الهدروجينية ذات قدرة تدميرية غير محدودة، تتجاوز ما هو تقليدي ومعروف عن القنابل الذرية التي تكافئ شدة انفجارها آلاف الأطنان (الكيلو طن) من مادة الـ TNT. إذ يمكن صنع قنابل هدروجينية باستطاعات تدميرية ترقى إلى مرتبة الميغا طن. كما يمكن صنع قنابل من هذا النمط باستطاعات تدميرية قد تزيد على ذلك الحد بكثير. وكلما زادت كمية الديوتريوم/تريتيوم في المرحلة الثانية كان الانفجار أشد. ولهذا، فإن غالبية القنابل الهدروجينية تقدر بالميغا طن (أي إن قدرتها التدميرية تعادل ملايين الأطنان من TNT) وتفوق القدرة التدميرية للقنابل الذرية بمئات أو حتى آلاف المرات.

تطوير القنبلة الهدروجينية

الشكل (1) صورة القنبلة اتي ألقيت على مدينة ناغازاكي

قبيل تطوير السلاح النووي (تقريباً قبل 3 سنوات من اختبار أول سلاح نووي)، لوحظ في أثناء الحرب العالمية الثانية، وبالتحديد في صيف عام 1942، أن هناك إمكانية حدوث اشتعال نووي حراري مدعم ذاتياً بالديوتريوم النقي. تركزت الفكرة الأولية على أنه لإحداث انفجار نووي حراري لابد من إحداث موجة اشتعال نووي حراري في كتلة من الديوتريوم السائل. وكما هو معلوم، فإن الديوتريوم النقي، ويرمز له بـ D، هو مادة متوافرة في الطبيعة ورخيصة نسبياً. فإذا أمكن بدء التفاعل D-D عندها يمكن إحداث انفجارات بطاقات غير محدودة عملياً وغير مكلفة نوعاً ما. كما لوحظ احتمال أن يكون هذا النوع من الأسلحة أقل وزناً مقارنة بالأسلحة الذرية الأخرى. إذ بينت التقصيات الأولية أن هذه الفكرة تبدو واعدة. لكن الدراسات اللاحقة أظهرت أن إمكانية حدوث تفاعل D-D مدعماً ذاتياً بالديوتريوم عند الكثافات التي يمكن تحقيقها هو أمر ليس بالسهل. ولهذا، فقد استغل الجزء الأهم أربعينات القرن العشرين وحتى منتصف عام 1950 في إعادة الحسابات، بهدف تحديد جدوى هذه الفكرة بطريقة أو بأخرى. وفي نهاية المطاف، توصل العلماء إلى استحالة حدوث هذا التفاعل في الشروط التي ظُنّ أنه يمكن تحقيقها. وفي بداية عام 1951، استطاع العالمان الأمريكيان ستانيسلاڤ أولام Stanislaw Ulam وإدوارد تِللر Edward Teller ومن خلال اقتراحهما بعض التصميمات الأولية، اكتشاف طريقة لنشوء الشروط الضرورية لحل مشكلة بدء الاشتعال لتفاعل D-D. وقد أدت هذه الاكتشافات إلى تفجير أول قنبلة هدروجينية في كانون الأول/ديسمبر لعام 1952، أي بعد نحو 20شهراً من اكتشافهما.

التفاعلات الاندماجية

الشكل (2)

تسمى الطاقة التي تنتج من التفاعلات الاندماجية الحرارية-النووية thermonuclear reactions بالطاقة الحرارية-النووية أو اختصاراً الطاقة الحر نووية. ويحدث هذا النوع من التفاعلات الحر نووية التي تندمج فيها أربع نوى من الهدروجين لتشكل نواة واحدة من الهليوم في باطن الشمس والنجوم، حيث تصل درجة الحرارة إلى أعلى من 15مليون درجة مئوية. من هنا جاءت التسمية «الحر نووية» حيث أن هذا النوع من تفاعلات الاندماج يحتاج إلى ضغط ودرجات حرارة عالية جداً كي يبدأ.

وتحدث التفاعلات الاندماجية fusion باتحاد نواتين خفيفتين؛ فتتحرر طاقة تفوق تلك التي تتحرر في تفاعلات الانشطار. ويعد الديوتريوم، نظير الهدروجين الذي يستخلص من الماء، الوقود الأمثل للاندماج، كما في (الشكل 2).

اكتشفت تفاعلات الاندماج في بدايات العشرينات من القرن الماضي، وذلك قبل اكتشاف تفاعلات الانشطار التي وضعت حيز التطبيق في كل من مجالي إنتاج الأسلحة النووية وتوليد الطاقة. وقد أمكن تحقيق تفاعل الاندماج على سطح الأرض في بدايات 1930، عبر قذف دريئة تحتوي الديوتريوم، نظير الهدروجين ذا الكتلة 2، بديوتريوم آخر ذي طاقة عالية في مسرع جسيمات particle accelerator. ولما كان تسريع حزمة من الديوتريوم يتطلب كمية هائلة من الطاقة التي تتوضع في الدريئة على شكل حرارة، وبسبب الحاجة إلى مثل هذه الطاقة الهائلة، فإن تحقيق عملية الاندماج الصنعي تأخرت ولم يبرهن عليها إلا في منتصف القرن العشرين في أول اختبار في مضمار الأسلحة النووية من قبل كل من الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد السوفييتي السابق وبريطانيا وفرنسا. وكانت تلك التجارب الأولى من نوعها التي أثبتت ولفترة قصيرة إمكانية تحرير طاقة حر نووية غير متحكم بها، أي لا يمكن الاستفادة منها في توليد الطاقة الكهربائية.

تشكل التفاعلات النووية الأربعة الآتية لكل من الديوتريوم D=1H2  والتريتيوم  T=1H2 والهليوم x2H4 أهم تفاعلات الاندماج:

ويلاحظ أن «حرق» الديوتريوم ومركباته الثانوية (التريتيوم) يعد مصدراً هائلاً للطاقة. حيث تتحرر الطاقة بكميات مختلفة في واحدة الوزن من المادة المتفاعلة. فعلى سبيل المثال، تتحرر طاقة مقدارهاs17.6/5=s3.5 Mev/amu في التفاعل الثالث أعلاه. وبالمقارنة مع الطاقة المتحررة في أثناء انشطار اليورانيوم، يبلغ مقدار الطاقة في واحدة العدد الذري مقدار s200/236=s0.85 Mev/amu. وكما ورد آنفاً، فإن سبب حاجة تفاعل الاندماج إلى طاقة عالية تكمن في ضرورة دمج نواتين؛ تمتلك كلٍ منهما شحنة كهربائية موجبة مما يتسبب في تدافع بينهما. يدعى هذا التدافع بتدافع قانون كولومب، إذ يتوجب على الشحنتين التغلب عليه كي تندمجا معاً. لكن هذا يتطلب أن تكون درجة حرارة الوسط الغازي المتفاعل في المجال بين 50 إلى 100مليون درجة مئوية. وفي حال كانت كثافة الغاز كافية، (لأن الغاز في مثل هذه الدرجات العالية جداً من الحرارة يتخلخل ويمكن القول إن الغاز أقرب إلى الخلاء)، يمكن لنوى الهليوم أن تمنح بعضاً من طاقتها لغاز الهدروجين المحيط، ومن ثم الحفاظ على درجة الحرارة العالية للوسط، مما يسمح بحدوث تفاعل الاندماج. وتسمى لحظة حدوث التفاعل بالانصعاق النوويnuclear ignition. ولكي يحدث الاندماج بينها لا بد من تسريع النوى الخفيفة المشحونة بشحنات موجبة إلى سرعة عالية كي تتصادم على الرغم من قوى التدافع الكهربائية الناشئة بين هذه النوى. ويتم ذلك عن طريق تطبيق تيار كهربائي كبير على الغاز الحاوي هذه النوى. مما يتسبب في اكتساب النوى طاقة حركية كبيرة ينجم عنها ارتفاع درجات حرارة النوى إلى سويات عالية جداً تبلغ بضع مئات ملايين من الدرجات المئوية. وتساعد هذه الطاقة الحركية العالية منع حدوث التحام بين النوى والجدار.

يلاحظ أن الاندماج النووي يشبه إلى حدٍ ما عملية الاحتراق الكيميائية؛ حيث يجري في الأخيرة، رفع درجة حرارة المواد المتفاعلة إلى حد حدوث الشرارة بإضافة طاقة تنشيط، ومن ثم يستمر التفاعل مطلقاً كمية أكبر من الطاقة.  

مبدأ القنبلة الهدروجينية

ظُن في بداية الأمر، أنه لإحداث انفجار حرنووي يتوجب نشوء موجة احتراق حرنووية في كتلة من الديوتريوم السائل. وكانت فكرة تطوير السلاح التقليدي النووي الأعظم تتمحور حول تسخين جزء من هذه الكتلة للوصول بها إلى درجة الاشتعال، وذلك باستخدام قنبلة ذرية. عندها، تكون الطاقة المتحررة من المنطقة المشتعلة كافية لتسخين منطقة ملاصقة لها لتصل إلى درجة الاشتعال أيضاً، وهذا بدوره يسمح بانتشار الحريق في كامل الكتلة، وعليه توصف هذه العملية «بالتفجير الحرنووي» أو الاشتعال الحرنووي. وخلافاً للتفجيرات الشديدة، فإن التفاعل الاندماجي لن يصل مرحلة الاكتمال في منطقة ضيقة تقع خلف جبهة الاشتعال، بل يستمر الوقود في الاحتراق حتى يخمد نتيجة تمدد كتلته. ولما كانت الكتلة الكبيرة تحتاج إلى وقت أطول لتتمدد مقارنة بالكتلة الصغيرة، فقد تبين أن مثل هذه القنبلة يجب أن تكون كبيرة نسبياً كي يكون الاشتعال فيها فعالاً بشكل معقول (تبين أن المتر المكعب من الديوتريوم ينتج نحو 10 ميغا طن). ويلاحظ أن هذا المبدأ (الذي سمي في بادئ الأمر بالأعظم، ومن ثم أعيدت تسميته إلى الأعظم التقليدي) يتطلب حقيقة حل مسألتين مختلفتين تتعلقان بعملية الاشتعال هما: نشوء شروط الاشتعال البدئية، وتحديد فيما إذا كانت موجة الاحتراق ستكون قابلة للاستمرار حال نشوئها.

وقد تبين أن درجات الحرارة والكثافات الطاقية الضخمة التي تنجم عن القنبلة الذرية، غير كافية لتوفير الشروط المطلوبة في المسألة الأولى. ذلك أن نحو 80% من الطاقة المتولدة في قلب القنبلة المنفجرة تكون على شكل أشعة إكس اللينة (وهي تهرب خارج القلب ولا يمكنها تسخين منطقة محددة من الديوتريوم إلى درجة الاشتعال)، والباقي يضيع على شكل طاقة حركية للأيونات والإلكترونات (تنتقل هذه الطاقة على شكل موجة صدمة). وأما المصدر الأساس في تسخين الوقود فهو التدفق النتروني الناجم عن القلب، والذي يحمل نحو1% تقريباً من طاقة الانفجار. ويتم ذلك بسبب أن النترونات التي تنتقل بسرعة كبيرة يمكنها أيضاً أن تتخلى وبسرعة عن طاقتها هذه في أثناء تهدئتها بالهدروجين. ومن ثم يمكن وبشكل معقول تركيز طاقتها في حيز صغير (سمكه في حدود 8 سم). وهكذا، يتوجب إجراء انفجارات ضخمة جداً لإحداث تسخين كاف (بمقدار مئات الكيلو طن).

أما المسألة الثانية التي تتعلق بتحديد فيما إذا كان الاحتراق الحرنووي سوف يمتد ويؤدي إلى احتراق فعال، فهي مسألة يصعب حلها. ذلك أن هناك عدداً كبيراً من العمليات الفيزيائية المتداخلة مثل معدلات إنتاج الطاقة، ونقل الطاقة عن طريق مختلف نواتج التفاعل (هناك أنماط مختلفة من الأيونات والنترونات والطاقات)، ونقل الطاقة من قبل الإلكترونات، وضياعها بسبب الفوتونات الناجمة عن مفعول برِمْزشترالونغ Bremsstrahlung، وكذلك تبعثر كومبتون العكسي وغير ذلك.

وهكذا، فقد تبين من بداية الطريق أن التسخين المباشر للديوتريوم لا يمكن أن يؤدي إلى نشوء شروط الاشتعال اللازمة ولو استعملت القنابل الذرية، و أنه يتوجب إضافة التريتيوم الباهظ الثمن إلى منطقة الاشتعال كي يكون «وقود إقلاع»، على نحو يمكن من حيث المبدأ الوصول بالوقود إلى درجات حرارة اندماج الديوتريوم-ديوتريوم. وقد تبين أنه من غير المناسب عملياً استخدام التريتيوم وقود اندماج أولي، إذ لا بد لموجة التفجير من أن تمتد ذاتياً في ديوتريوم نقي. وقد استمر العمل طويلاً ومن دون جدوى بغرض إيجاد الحلول لهذه المسائل.

القنبلة الهدروجينية وفقاً لتصميم أولام وتِللر

الشكل (3) رسم تخطيطي لمبدأ القنبلة الهيدروجينية

بقيت الدراسات حول إيجاد الوسيلة التقانة الممكنة لتفجير الديوتريوم من دون أجوبة، حتى كانون الثاني/يناير عام 1951. وكان العالم ستانيسلاڤ أولام يبحث آنذاك عن طرائق لتحسين فعالية القنابل الذرية الانشطارية. ذلك أن هذا النمط من القنابل يعتمد على نحو كبير على انضغاط الوقود، وكان هذا العالم يفكر في استخدام طاقة قنبلة ذرية صغيرة لضغط كميات كبيرة من المواد القابلة للانشطار. وقد تبين له أن طاقة المادة الانشطارية ستكون أكبر بست مراتب مقارنة بالمواد الانفجارية التقليدية، فيما لو جرت الاستفادة من الطاقة الذرية في إحداث انضغاط سريع، والوصول إلى كثافات أعلى مما هو مألوف. وقد اكتشف هذا العالم سريعاً أن بإمكانه تطبيق هذه الفكرة لضغط الديوتريوم بهدف جعل الانفجار الاندماجي ممكناً. وهذه هو أصل فكرة فصل الوقود إلى وحدات منفصلة فيزيائياً، واستخدام الانفجار الناجم عن المرحلة الأولى للتحكم بالمرحلة الثانية. وبعد عمل مضنِ في هذا المجال، استطاع ستانيسلاڤ أولام إقناع العالم إدوارد تِللر المتخصص في الحسابات المعقدة وفي حل مسائل نقل الإشعاع المتعلقة بفيزياء التفجيرات الانشطارية بمشاركته إياه في العمل.

استطاع العالم تِللر تخيل فكرة أفضل مما كان يطرحه عليه أولام. ذلك أنه كان يعلم أن غالبية الطاقة الناجمة تكون على شكل إشعاع حراري وليس طاقة حركية من جهة، وأن جبهة الصدمة تنشر بسرعة هذه الطاقة في غلاف القنبلة. وقد علم أيضاً أنه يمكن استثمار هذه الطاقة الحرارية للقيام بعمل في المرحلة الثانية يكون أكثر سهولة وفاعلية من الصدمة الحركية. وتعرف الفكرة التي طورها العالم تِللر بالانفجار الإشعاعي، تتمحور هذه الفكرة، كما في الرسم التوضيحي اللاحق، حول الإفادة من الإشعاع الحراري الذي ينطلق من المرحلة الأولى (والذي يدعى «الأولي» أو القادح) كي ينساب عبر ثغرة (تسمى قناة الإشعاع) تقع بين الوقود الاندماجي وغلاف القنبلة المظلم (الذي لا يسمح بمرور الإشعاع عبره)، ويستمر تدفق الإشعاع هذا حتى يسخن داخل الغلاف ويصبح له درجة حرارة منتظمة، من ثم يؤدي انبعاث الإشعاع من الجسم الأسود للغلاف إلى تبخر المادة التي تغلف الوقود الاندماجي. إن تمدد مادة الغلاف يعمل عمل محرك صاروخي يدفع كبسولة الوقود نحو الداخل متسبباً في تفجيرها نحو الداخل. لقد فكر تِللر في إضافة عنصر آخر لهذا التصميم بهدف تحقيق الاشتعال؛ إذ اقترح وضع كتلة تحت حرجة من مادة انشطارية (تسمى سدادة الشرارة) في مركز الوقود الاندماجي، حيث تقوم عملية التفجير نحو الداخل بضغط هذه الكتلة لتصل بها إلى الدرجة الحرجة، مما يتسبب في تفاعل انشطاري سريع جداً جداً. وبهذا يمكن مباشرة تسخين الوقود المضغوط إلى درجة كبيرة، وبالتالي بدء الاحتراق الحرنووي. وقد شكلت أفكار كلا العالمين ستانيسلاڤ أولام و إدوارد تِللر أساس تصميم القنبلة الهدروجينية المعروفة حتى اليوم، وكذلك معظم الأسلحة النووية الحالية التي تزيد قدرتها التفجيرية على50كيلو طن.

إبراهيم عثمان

الموضوعات ذات الصلة:

 

الاندماج النووي ـ التدمير الشامل (أسلحة ـ) ـ مسرع الجسيمات.

 

مراجع للاستزادة:

 

- HANS G. GRAETZER, The Atomic Bomb (Scarecrow Press; An Annotated Bibliography edition 1992).

- RICHARD RHODES, The Making of the Atomic Bomb (Simon & Schuster 1995).

- KYOKO SELDON, The Atomic Bomb: Voices from Hiroshima and Nagasaki (Japan in the Modern World) (M.E. Sharpe 1997).

- NEXTEXT, The Atomic Bomb (A historical reader) (Houghton Mifflin School 2000).

- MARK MCKAIN, Making and Using the Atomic Bomb (History Firsthand) (Green Haven Press 2002).


التصنيف : الصناعة
المجلد: المجلد الخامس عشر
رقم الصفحة ضمن المجلد : 607
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 1087
الكل : 40523132
اليوم : 52947

الدفاع الاجتماعي (حركة-)

الدفاع الاجتماعي (حركة ـ)   الدفاع الاجتماعي La défense sociale اتجاه فكري جديد يرسم سياسة جنائية على أسس حديثة، ويدخل في سبيل ذلك تغييرات جوهرية على مبادئ ونظم جنائية مستقرة، فتوجه النظم ومعايير القانون الجزائي نحو تكييف الجانح أدبياً واجتماعياً وبغير ضرورة لازمة تدفع لطرح السمات التقليدية للقانون الجزائي، ويستتبع ذلك عدم طرح مفهوم العقوبة. فالدفاع الاجتماعي وفقاً لذلك هو حركة إصلاحية تتجه إلى إرساء سياسة جنائية تتصف بنزعة إنسانية واضحة، وتولي الاهتمام الأول في فلسفته للإنسان، فتصون كرامته الإنسانية، وتعمل على تأهيله، وتكيفه مع المجتمع، وإعادته إلى الطريق السوي.
المزيد »