logo

logo

logo

logo

logo

فوروم رومانوم

فوروم رومانوم

Forum Romanum - Forum Romanum

فوروم رومانوم

 

   
 
 

فوروم رومانوم

فوروم رومانوم Forum Romanum هي الساحة العامة الرئيسة والمركز التاريخي السياسي والديني والاقتصادي لمدينة روما في العصور القديمة، وخير شاهد على أمجادها وعظمتها السالفة، فقد كانت تضم أعظم صروحها الحضاريّة وأروع منشآتها المدنية والدينية وشهدت كثيراً من أحداثها المصيرية وكوارثها ونائباتها.

يقع الفوروم على ضفة نهر التيبر Tiberis في وهدة من الأرض، تمتد بين تلال روما الشهيرة الكابيتول Capitol والبلاتين Palatine والكويرينال Quirinal، التي شكّلت مسرحاً لأسطورة تأسيس المدينة الخالدة وبؤر استيطانها الأولى. كانت تصب في هذا الوادي مياه الأمطار التي حوّلته إلى منطقة مستنقعيّة استخدمت أطرافها قبوراً لسكان التلال المجاورة، وبقي حاله كذلك حتى القرن السادس قبل الميلاد، عندما قام آخر ملوك روما بشقّ قناة لتصريف المياه الآسنة إلى نهر التيبر، عرفت باسم «المجرى الكبير» Cloaca Maxima. وهكذا نشأ مركز لسكان القرى الجاثمة على التلال وسوق يتبادلون فيه المنافع المشتركة، وكان ذلك نواة مدينة روما القديمة. وبدأت تقام على أرض هذه السوق المعابد والمنشآت العمرانية المختلفة. وهكذا صارت الساحة الواقعة في الشمال الغربي أسفل الكابيتول مركزاً لاجتماع المواطنين الرومان عرف باسم كوميتيوم Comitium، وإلى جانبها أقيمت دار للندوة حملت اسم كوريا هوستيلياCuria Hostilia ، صارت مقرّاً لمجلس الشيوخ الروماني Senatus قروناً طوالاً حتى دمرها حريق شبَّ عام 52ق.م، فأعاد يوليوس قيصر Iulius Caesar بناءها ودشّنها عام 45ق.م، باسمه: Curia Iulia، ولا تزال قائمة حتى اليوم بعد أكثر من ألفي سنة. وأقيمت بقربها منصة الخطابة الشهيرة المعروفة باسم روسترا Rostra، والتي كانت منبراً لزعماء روما وخطبائها طوال العصر الجمهوري.

وليس بعيداً عنها، انتصبت أولى منشآت روما الاقتصادية والقضائية وهي بازيليكا بوركيا Basilica Porcia عام 185ق.م، ثم تلتها بازيليكا إيميليا B.Aemilia، وتلتها ثالثة باسم سمبرونيا B.Sempronia، التي التهمها حريق كبير، فأعاد الامبراطور أغسطس تشييدها وسماها بازيليكا يوليا B.Iulia. وقد صارت هذه البازيليكات مراكز للأعمال التجاريّة المصرفيّة، مثلما أيضاً دوراً للمحاكم الرومانية.

كما أقيم على الفورم عدد كبير من المعابد، من أشهرها وأقدمها: معبد ساتورن Saturnus، إله الزراعة (عام 497ق.م)، وكان يضم خزينة الدولة الرومانية، ولا تزال تشاهد حتى اليوم ثمانية من أعمدته الغرانيتية الشاهقة التي تدل على عظمته، ثم تلاه معبد كاستور Castor الذي أقيم تخليداً لطرد الملكية من روما، وقد بقي منه ثلاثة أعمدة كورنثية عملاقة. وشيّد معبد للوفاق Concordia عام 367ق.م، ثمَّ جدد مرات عديدة. أما في الطرف الشرقي من الفوروم فكان ينتصب معبد آلهة النار المقدسة فستا Vesta التي كان يسهر على رعايتها كاهنات عذراوات من أشراف الرومان، وكان يحفظ في هذا المعبد أقدس مقدّسات الرومان، التي جلبها جدهم الأسطوري إينياس من طروادة، ولا يسمح لأي رجل بدخوله ماعدا الكاهن الأعظم Pontifex Maximus، الذي اتخذ مقره الرسمي في بناء مجاور يدعى Regia (أي الملكي). وبالقرب منه أحرق جثمان يوليوس قيصر فأقام أغسطس في ذلك المكان معبداً ليوليوس المؤلّه، ثمَّ أقيم له بدوره معبد باسمه بعد وفاته. وأقيمت بين هذه المعابد وأمامها أنصاب ومذابح مختلفة.

كان يخترق الفوروم من شرقها إلى غربها طريق يصل طوله إلى 2000م عرف باسم «الطريق المقدّس» Via Sacra كانت تسير عليه المواكب الدينية ومواكب النصر صعوداً إلى هضبة الكابيتول، حيث يوجد معبد كبير الآلهة الرومانية جوبيتر Jupiter. وقد زيّن بأقواس نصر عديدة أشهرها: قوس تيتـوس الذي يخلّد انتصاره على اليهود عـام 70م، وقوس النصر لسبتيميوس سفيروس تخليداً لانتصـاراته (203م)، وهناك قوس كبير ثالث لا يزال أيضاً قائماً حتى اليوم، ومن معالم روما قوس الامبراطور قسطنطين الكبير تخليداً لانتصاره على منافسيه (313م).

ترك كبار الأباطرة الرومان آثارهم وبصماتهم الواضحة على الفوروم رومانوم، وعندما لم يعد هناك متسع للمزيد من الأبنية والصروح الفخمة بدأ الأباطرة يقيمون إلى جانبها ساحات عامة جديدة حملت أسماءهم، بدأها يوليوس قيصر بإنشاء فوروم يوليوم Forum Iulium ثمَّ تلاه أغسطس الذي يقول في سجل أعماله الخالدة أنه تسلَّم مدينة من الطوب وتركها مدينة من الرخام. ثم جاء بعده فسباسيان، الذي دعا ساحته ميدان السلام F.Pacis ولكن أفخم هذه الأسواق والساحات كانت فوروم ترايانومF.Trajanum  عام (113م) من تصميم المهندس الشهير أبولودور الدمشقي Apollodoros، والذي ضمَّ بازيليكا ضخمة ومكتبات إغريقية ولاتينية وعمود ترايان الشهير الذي يصوّر انتصاراته في داكيا (رومانيا الحديثة).

كانت الفوروم رومانوم محور الحياة السياسية والدينية والاقتصادية لروما ورمز بهائها وروعتها طوال العصرين الجمهوري والامبراطوري، ولكن مع تأسيس القسطنطينية عام 330م عاصمة جديدة للامبراطورية، فقدت روما مكانتها المتميزة وبدأت تعاني الإهمال والمصائب والنكبات. وفي عام 442م دمر زلزال رهيب كثيراً من معالمها وصروحها العمرانيّة. ثمَّ جاءت غزوات القبائل الجرمانية، وعلى رأسها الفاندال (455م)، فعاثت فيها خراباً، وتتابع العبث والتدمير والسلب والنهب حتى لم يبق من روعة الفوروم وفخامته سوى بعض الأطلال المنسية حتى إنها صارت في العصور الوسطى مرتعاً للأبقار والمواشي، وصارت تعرف باسم Campo Vaccino أي حقل الأبقار. وبعد هذا الإهمال الطويل عاد منذ بداية القرن التاسع عشر الاهتمام بالآثار الرومانية الكلاسيكية، فبدأ الكشف عنها وإزالة الأتربة والأنقاض ومختلف أنواع التعديات وإعادة بناء بعض ما تهدم، وأجريت التنقيبات والأبحاث والترميمات التي أعادت للفوروم رومانوم بعضاً من روعتها السابقة، بحيث صارت اليوم من أهمّ معالم روما السياحية والأثرية.

محمد الزين

الموضوعات ذات الصلة:

 أغسطس ـ ترايانوس ـ روما ـ الرومان ـ يوليوس قيصر.

مراجع للاستزادة:

ـ محمد الزين، دراسات في الآثار الكلاسيكية، الآثار الرومانية (جامعة دمشق، دمشق 1982).

- PIERRE GRIMAL, La Civilisation Romaine (Paris 1960).


التصنيف : التاريخ و الجغرافية و الآثار
النوع : سياحة
المجلد: المجلد الرابع عشر
رقم الصفحة ضمن المجلد : 762
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 1090
الكل : 40494360
اليوم : 24175

المضاعف الإقتصادي

المزيد »