logo

logo

logo

logo

logo

الكيمياء الفراغية

كيمياء فراغيه

Stereochemistry - Stéréochimie

الكيمياء الفراغية

 

 
 

الشكل (1)

الكيمياء الفراغية:

الكيمياء الفراغية stereochemistry فرع من فروع علم الكيمياء يعنى بدراسة الترتيب الثلاثي الأبعاد للذرات والزمر ضمن الجزيئات، والأثر الذي ينتج من هذا التأثير على الخواص. فالجزيئات التي لها البنية الجزيئية نفسها (أي فيها نوع الذرات نفسه وكذلك عددها وتتابع الترتيب نفسه) ولكنها تختلف بعضها عن بعضها الآخر بالمواقع النسبية للذرات في الفراغ، أي التوزع الفراغي، هي الإيزوميرات (أو المتماكبات) الفراغية stereoisomers. وكلمة التماكب منحوتة من التماثل في التركيب، ويصادف مثل هذا التماكب في المركبات العضوية أو اللاعضوية. مثال ذلك البنى (1) إلى (8) في الشكل (1).

لمحة تاريخية

كان للكيمياء الفراغية دور رئيسي في التطور التاريخي لنظريات البنية الجزيئية. ويعود الفضل إلى آرغو Argo عام 1811 بدراسته بلورات الكوارتز[ر] في اكتشاف الإيزوميرية الضوئية، وهي أحد أشكال الإيزوميرية الفراغية. وأكّد بيو Biot عام 1813 بدراسته بعض المواد العضوية المحلولة مثل الكافور والسكر[ر: السكريات] وجود الإيزوميرية الضوئية. وتبيَّن لفرينل Frensel عام 1823 أن الضوء الذي يخترق مثل هذه المواد - التي تدعى فعّالة ضوئياً - وينحرف عن مساره، إنما هو ضوء مستقطَب[ر: استقطاب الضوء]، واستطاع لوي باستور[ر] عام 1848 فصل الإيزوميرات بعضها عن بعضها الآخر. فحمض اللبن الذي يُفصَل من النسيج العضلي يحرف الضوء المستقطَب نحو اليمين في حين يحرف حمض اللبن المفصول من الحليب المحمّض الضوءَ المستقطَب نحو اليسار. وبيّن باستور أن هذه الإيزوميرات الضوئية لابد أن تختلف في تناظرها، وقد عُرِف حتى عام 1874 (السنة التي نشر فيها ڤانت هوف[ر] مشتركاً مع لوبيل نظريته) نحو اثني عشر زوجاً من الإيزوميرات الضوئية. واستناداً إلى هذه النظرية تمكَّنا من إيجاد علاقة بين التناظر والبنية والخواص، واقترحا (مستقلين أحدهما عن الآخر) البنية رباعية الوجوه لمركبات ذرة الكربون. وكان اقتراحهما مبنياً على مفهوم عدد الإيزوميرات، وبذلك وضعا حجر الأساس في الكيمياء الفراغية (المجسَّمة) الحديثة. ويعود الفضل في أساس الكيمياء الفراغية اللاعضوية إلى نظرية التساند التي وضعها فرنر عام 1893.

ومنذ أواخر القرن التاسع عشر، كانت للدراسات الكيمياوية الفراغية أهمية كبيرة في تطوير كل من فرعي الكيمياء العضوية واللاعضوية. فقد عملت هذه الدراسات على تحديد بنى المركبات، وتحول نوع من الإيزوميرات إلى نوع آخر وتقدير الاختلافات الطاقية فيما بين هذه المتماكبات وإجراء التحاليل المؤكِّدة لهذه التحولات.

وضعت طرق جديدة لفصل الإيزوميرات وتحليلها، كما أن فهم هذا الفرع من الكيمياء يساعد على فهم آليات التفاعلات العضوية وكذلك العمليات الحيوية التي تتم على المستوي الجزيئي، لما لذلك من صلة وثيقة بكثير من المركبات العضوية الموجودة في النباتات والحيوانات وبتفاعلاتها هناك.

الكيمياء العضوية الفراغية

أ - مركبات الكربون رباعية الوجوه

أظهرت الدراسات التي استخدم فيها الانعراج الإلكتروني وأشعة X والمطياف أن ذرة الكربون ترتبط بأربع ذرات تتجه روابطها نحو رؤوس رباعي وجوه، وهذا يعني أن الجزيئات تُمثَّل في الفراغ بثلاثة أبعاد. إلا أن هذه البنية كان قد اقترحها ڤانت هوف ولوبل، كلٌّ على حدة، وذلك اعتماداً على دراسة عدد الإيزوميرات للمركبات المختلفة.

ففي حالة المركب CX4 المشتق من الميتان CH4، من المعروف أنه من أجل أي ذرة Y أو Z أحادية التكافؤ لا يوجد سوى مادة واحدة فقط صيغتها CH3Y. وكذلك لا يوجد سوى مادة واحدة صيغتها CX2Y2 ولا يوجد سوى مادة واحدة صيغتها CX2YZ.

فهذا يعني أن كل ذرة X في المركب مكافئة لأي ذرة X أخرى فيه. ويحتمل ثلاثة أشكال يمكن وفقها ترتيب ذرات X في المركب CX4 بحيث تكون ذرات X الأربع متكافئة وهي:

أ - ترتيب مستوي يشغل فيه الكربون مركز مربع،

ب - ترتيب هرمي يشغل فيه الكربون قمة الهرم في حين ذرات X تشغل رؤوس القاعدة المربعة،

جـ - ترتيب رباعي وجوه وفيه يشغل الكربون مركز رباعي وجوه في حين تتوضع ذرة X عند كل رأس من رؤوسه.

وتتوافق البنية رباعية الوجوه (الشكل-2) فقط، من هذه البنى الممكنة للمركب CX4، مع عدد مركبات التبادل: CX3Y، CX2Y2، CX2Y3.

الشكل (2) الشكل الفراغي للجزيء العضوي CX4

   

ولا يكون ترتيب الذرات حول الكربون رباعي الوجوه عندما تشكل ذرة الكربون روابط مزدوجة[ر. الألكنات] أو ثلاثية[ر. الألكينات] مع ذرة غيرها. كما يعد البنزن C6H6[ر. الفحوم الهدروجينية العطرية] مثالاً آخر من أمثلة الجزيئات المستوية.

وبينت القياسات الفيزيائية (انعراج أشعة X) أن رباعي الوجوه هذا لن يكون منتظماً إلا إذا كان في حالة الصيغة CX4 إذ إن المسافة C-X لاتساوي المسافة C-Y، وكذلك لا تساوي الزاوية XCX الزاويةَ XCY، ومع ذلك فإن فرضية احتلال الكربون مركز رباعي الوجوه لا تتضمن أي تعارض إذ إن اتجاهات التجاذب الأربعة لذرة الكربون متعادلة.وبالتالي لا يمكن وجود إيزوميرات وحيدة أو ثنائية التبادل مثل CX3Y وCX2Y2 وCX2YZ، لأنه مهما كانت الطريقة التي تتوزع بها المتبادلات على رؤوس الرباعي، يمكن بفضل الدورانات المناسبة للأشكال أن ينطبق بعضها على بعض.

ب - الكربون اليدواني (الكيرالي)

الكربون اليدواني chiral في المركب هو الذي يرتبط بأربع متبادلات أو جذور مختلفة وحيدة التكافؤ، والصيغة العامة لهذه المركبات هي CXYZT؛ مثال ذلك الألانين CH3(NH2)COOH.

يرجع مفهوم اليدوانية (الكيرالية) chirality إلى كلفن[ر] الذي ذكره في محاضرة ألقاها عام 1884 ونشرها عام 1904، ثم ما لبث أن طواه النسيان. إلا أن استعماله أُعيد في الفيزياء النووية في منتصف القرن العشرين ومن ثم أُدخل في الكيمياء الفراغية عام 1958 فحل محل مصطلح اللاتناظر dissymmetry. وcheir كلمة يونانية الأصل وتعني «يد». وقد سميت المركبات التي لا ينطبق فيها الأصل على الصورة «الخيال في المرآة» مركبات يدوانية (كيرالية)، والذرة التي تحمل أربع زمر أو ذرات مختلفة تدعى مركزاً كيرالياً.

والمركب «اليدواني» لايمكن أن يكون فيه مستوي تناظر، وهو المستوي الوهمي الذي ينصف الشيء إلى نصفين متشابهين متطابقين، كما لا يمكن أن يتضمن مركز تناظر.

وينطبق هذا التحليل على المركبات المفتوحة والحلقية على حد سواء. وفيما يأتي مثلان من المركبات الحلقية:

 
   

 

ولجلب الانتباه إلى ذرة الكربون اليدوانية ضمن الشكل الأكثر تعقيداً سيشار إليه بنجمة. وعليه يمكن تمثيل الجزيء C*XYZT ببنيتين مختلفتين غير متطابقتين إحداهما مع الأخرى ويوافقان مركبين مختلفين (الشكل-3).

الشكل (3)

   

إن هذين الشكلين متماثلان إلا أن أحدهما متناظر مع الآخر بالنسبة لمستوي تناظر وهو المستوي الأفقي في حالة الشكل المفترض؛ أي لهما الصيغة العامة CXYZT وتركيبهما الكيمياوي متماثل ويختلفان بتوزع غير متناظر للمتبادلات.أي إن أحدهما خيال الآخر في مرآة مستوية، فهما كيراليان.

أما إذا وجدت كميتان من الجزيئات المتماثلة، إحداها تمثل النمط (d) والأخرى النمط (l)، فمن البدهي أن تكون الخصائص التي لا علاقة لها بالتوزع الفراغي، مثل درجات الانصهار والغليان والكثافة والذوبانية في مذيب متناظر أي غير كيرالي وسرعة التفاعل مع مركب متناظر، متماثلة. إلا أن هذين المماكبين سيختلفان في حالة الخصائص الموجهة مثل الفعّالية الضوئية في الحالة السائلة أو ضمن مذيب متناظر. وتعني الفعالية الضوئية قدرة بعض المركبات على تغيير منحنى اهتزاز الضوء المستقطَب في مستوٍ يمر من هذه المركبات[ر. استقطاب الضوء].

تمتلك هذه المركبات القدرة على تدوير مستوى استقطاب الضوء، فإن جرى الدوران باتجاه عقارب الساعة تدعى المادة يمينية dextrorotatory (d) وتدعى يسارية أو «مياسرة» إذا تم الدوران بالاتجاه المعاكس levorotatory (l). ويمكن التمييز بينهما بإشارتين مختلفتين (+) و(-)، ويحتفظ بـ d وl للتعبير عن التشكيل الفراغي للمركبات الفعالة ضوئياً. والقدرة الدورانية متساوية بالقيمة المطلقة في الحالة النقية أو بتراكيز متساوية في المذيب المتناظر ذاته. ويقال: إن المركبين (d) و(l) متعاكسان ضوئياً (متخايلان) enantiomers (من الكلمة اليونانية enantio وتعني معاكس)، أي إن الأجسام التي تحقق هذه الشروط بالصفات الفيزيائية والكيمياوية المتماثلة تختلف فيما بينها بأن أحدهما يحرف مستوي استقطاب الضوء نحو اليمين، والثاني يحرفه نحو اليسار بزاوية دوران واحدة. تتعلق الفعالية الضوئية بطبيعة المادة وتشكيل جزيئاتها أي بتشكيلها الفراغي وبطبيعة المذيب وبطول موجة الضوء المستقطب وبدرجة حرارة القياس.

بالنتيجة تدعى ذرة الكربون التي تكون تكافؤاتها الأربعة مشبعة بأربعة متبادلات أو جذور مختلفة، بذرة كربون غير متناظرة. وينتج من ذلك أن أي مركب عضوي يتضمن هذا النوع من ذرات الكربون اللامتناظرة يؤدي إلى تشكل مركبين إيزوميرين وفعالين ضوئياً؛ أحدهما يميني والآخر يساري، ولهما قدرة دورانية متماثلة بالقيمة المطلقة ومختلفة بالإشارة. وأحدهما هو خيال الآخر في مرآة مستوية، وينتج من مزج المركبين متماثلي التركيب بنسب متساوية، مركب جديد غير فعال ضوئياً بسبب التكافؤ الخارجي للفعالية الضوئية، ويدعى المركب الراسيمي racemicٍ، وليس لهذا المركب وجود إلا في الحالة الصلبة، إذ تختلف بلوراته عن بلورات المركبين متماثلي التركيب بالشكل والكثافة وقابلية الذوبان ودرجة الانصهار.

أما في المزيج الراسيمي في الحالة السائلة أو البخارية فيحتوي على النوعين من (d) و(l) المتماثلي التركيب والفعالين ضوئياً، وتتصف الجزيئات (d) و(l) لمزيج راسيمي بالخواص الفيزيائية نفسها ولكن لا يمكن فصل أحدهما عن الآخر بالوسائل الفيزيائية المعروفة كالبلْوَرة والتقطير وغير ذلك؛ لكن يمكن فصلهما بالطرائق الكيمياوية (فيفصل المزيج الراسيمي لحمض عضوي بتفاعله مع أساس فعّال ضوئياً ليعطي ملحين إيزوميرين دياستيريين diastereomers)، والإيزومير الدياستيري هو الواحد من شفعين من المتماكبات الضوئية (المتخايلات) التي لا يكون فيها الزوج صورة للزوج الآخر. ويمكن استخدام طرائق محددة تسمح بفصل هذا المزيج الراسيمي إلى قسمين متعاكسين ضوئياً. إذا اتصفت المركبات المتعاكسة ضوئياً بقدرة دورانية عظمى بقيمتها المطلقة، تشكلت بالفعل كميات من (d) و(l) غير متساوية وكانت القدرة الدورانية لأحدها أقل بالقيمة المطلقة لتلك المعاكسة ضوئياً، وتدعى حينها بالمزائج الراسيمية جزئياً أو غير راسيمية جزئياً ويمكن لها أن تتجزأ أو تتضاعف على غرار المزائج الراسيمية. يحتوي مثلاً الغول CH3 C2H5 C*H CH2 OH على ذرة كربون غير متناظرة هي الذرة الموسومة بالنجمة، فله مركبان إيزوميران متماثلا التركيب فعالان ضوئياً أحدهما يميني (+) والآخر يساري (-). أما الغول الراسيمي فليس له صيغة خاصة لأنه ليس إلا مزيجاً من المركبين السابقين ويشار إليه بالرمز (±).

ج - مرتسمات اصطلاحية

تستوحى المرتسمات من الكتابة التالية للشكلين (d) و(l) ولتكن:

يتفق على أن المتبادلات المرسومة عمودياً هي أمام مستوي الورقة وأن المتبادلات الأخرى المكتوبة أفقياً (الشكل-4) هي من الخلف أي:

الشكل (4)

 

يبدو فعلاً أن الشكلين غير متماثلين ومتعاكسان ضوئياً.

د - مبدأ الدوران الحر أو الرابطة المتحركة

إذا ارتبطت ذرتا كربون مباشرة، فإن التكافؤات التي تعود إليهما تختلط فيما بينها فتتشكل ثلاث روابط أو ثلاثة تكافؤات بين المكوّنات وذرتي الكربون. ويمكن لأحد المكونات الثلاثة التابعة لإحدى ذرتي الكربون أن تدور حول الرابطة C-C وتتميز حالات الدوران النسبية باحتمالات مختلفة.

ففي حالة جزيء الإيتان على سبيل المثال يمكن تصور إحدى مجموعتي الميتيل تدور حول الرابطة C-C كمحور وتبقى المجموعة الثانية ساكنة.

 

وقد تنبأ بلتزر K.S.Piltzer بوجود متهايئَي الإيتان (1) و(2) عام 1936، وتختلف المتهايئات بعضها عن بعضها الآخر طاقياً. إلا أنه لم يمكن فصلهما تجريبياً لأن الفرق الطاقي بينهما صغير جداً (3 كيلو حريرة/مول أي 12.6 كيلو جول/مول) مما يجعل تحول أحدهما إلى الآخر سهلاً.

هـ - الإيزوميرية الدياستيرية diastereo- isomerism

إذا احتوى الجزيء (ن) ذرة كربون غير متناظرة أي (ن) مركزاً كيرالياً وإذا لم تتضمن الصيغة المستوية أي تناظر فيوجد عموماً (2ن) إيزومير كلها فعال ضوئياً بشرط ألا يحتوي الإيزومير ذرتَي كربون متشابهتي التبادل، إذ باحتوائه ذلك يمكن تجميعها في (2ن-1) راسيمي. يوجد اثنان بين الأشكال الإيزوميرية يقال عنهما إنهما إيزوميران دياستريان إذا لم يكونا متعاكسين ضوئياً. ويقال عن مزيجين راسيميين مختلفين الراسيميات الدياستيرية الإيزوميرية، مثال ذلك المركب CH2 OH C*H OH C*H OH COOH الذي يحتوي على ذرتي كربون غير متناظرتين وغير متشابهتي التبادل أي إنه يحتوي (22 = 4) متخايلات فعالة ضوئياً:

 

إذا قورن الشكلان (ب) و(د) يتبين أنهما متطابقان بالنصف العلوي في كل منهما ومختلفان أو متخايلان بالنصف السفلي؛ وعليه فإن (ب) و(د) إيزوميران فراغيان لكنهما ليسا متخايلين. وكذلك الحال في (ب) و(جـ) أو (أ) و(جـ). وتميز المتشكلات الفراغية التي لا توجد بينها علاقة متخايل بآخر باسم دياستيريومر diastereomer. فالدياستيريومرات هي إيزوميرات فراغية ولكنها ليست متخايلات.

وقد تبين أن الدياستيرات تختلف فيما بينها بالصفات الفيزيائية، على العكس من المتخايلات. أما في حالة حمض الطرطر HOOC C*H OH C*H OH COOH الذي يحتوي على ذرتي كربون يدوانيتين، هما الذرتان الموسومتان بالنجمة، إلا أن ذرتي الكربون متشابهتا التبادل؛ فإن المركبات الإيزوميرية ستكون (2ن-1) أي يوجد ثلاثة إيزوميرات فراغية لا أربعة وهي d (+) وl (-) والثالث يدعى ميزو أوm وهو غير فعال ضوئياً بسبب التكافؤ الداخلي للفعالية الضوئية. وليس لحمض الطرطر إيزومير رابع لأن هذا الإيزومير متطابق وخياله في المرآة.

 

فالمركبان (هـ) و(و) أحدهما خيال الآخر في المرآة غير قابلين للانطباق أو التحول ولذلك فهما متخايلان، ويجب أن يكون كل من المركبين فعالاً ضوئياً. أما الشكلان (ز) و(ح) فهما طبوقان

 

تكون جزيئات المركب ميزو قابلة للانطباق على خيالاتها في المرآة على الرغم من احتوائها على مراكز كيرالية؛ فالمركب ميزو عديم الفعالية الضوئية وذلك للسبب نفسه الذي يجعل مركباً، جزيئاته غير كيرالية، غير فعال ضوئياً، أي يفني التدويرُ الذي يحدثه جزء ما التدويرَ المساوي له والمعاكس في الاتجاه الذي يحدثه جزء آخر هو خيال الآخر في المرآة.

يمكن غالباً تمييز بنية الميزو بالنظر إلى أحد تشكيليها فيرى أن أحد نصفي الجزيء يكون خيالاً للنصف الآخر في المرآة، فللجزيء مستوي تناظر، ولا يمكن أن يكون كيرالياً. ويرى في هذه الحالة أن عدد الإيزوميرات الفراغية هو 3 أي يقل بمقدار 1 عن العدد الأقصى 2ن (ن = 2).

و - الإيزوميرية الحلقية

إن الزاوية بين رابطتين متصلتين بذرة الكربون في المركب CX4 تساوي 28 َ 109 ْ فهي لا تختلف إلا قليلاً عما هي عليه في المركبات غير الحلقية acyclic، في حين يلاحظ أن هذه الزاوية تساوي 60 درجة في حالة الحلقة الثلاثية المؤلفة من ثلاث ذرات كربون على شكل مثلث متساوي الأضلاع وهي 90درجة في الحلقة الرباعية المؤلفة من أربع ذرات كربون مما يخلق توتراً وعدم استقرار فيما يدعى بالخاتم أو الحلقة.

   
 
   

وبما أن أكثر الحلقات استقراراً تتفق والزاوية 28 َ 109 ْ بين رابطتين في الكربون؛ فتكون زاوية الانحراف هي المعيار الذي يعبر عن التوتر الذي تعانيه الحلقة. وهذا يعني أن الحلقة السداسية الأضلاع أقل استقراراً من الحلقة ذات الأضلاع الخمسة، وبالتالي فإن الحلقات الأكثر أضلاعاً ستكون أقل استقراراً وتماثل إلى حد كبير الحلقة الثلاثية.ولكن هذا لا يتفق مع الواقع لأن كثيراً من المركبات الحلقية متعددة الذرات ومتعددة الأضلاع معروفة باستقرارها. وقد تبين أن الحلقة السداسية التي درست دراسة مستفيضة لا تعاني أيَّ توتر عندما لا تكون على شكل مستو وإنما على هيئة مجعدة بحيث تبقى الزوايا بين الروابط من دون انحراف وتأخذ حينها الحلقة السداسية وضعين؛ يقال عن الأول «شكل الكرسي» وهو الشكل غير المشوه، ويقال عن الثاني «شكل القارب» وهو الشكل المشوه الذي يعاني التواءات طفيفة من دون توتر (أشكال متصالبة).

وتعد حلقة الكرسي الأكثر ثباتاً. وتبدل الأشكال من كرسي إلى قارب هو أمر ممكن بصورة لا يمكن معها افتراض سوى الحلقة المستوية فقط عند رسم مساقط المركبات الإيزوميرية.

ز - الإيزوميرات من النوع المقرون والمفروق (النوع الإثيليني الهندسي)

   
 
   

إن الروابط أو التكافؤات الناتجة من ذرتي كربون هي روابط مضاعفة، وتقع ذرتا الكربون في مستو واحد، وهذا يقود بدوره إلى مركبين متماثلي التركيب (إيزوميرين) إذا كانت كل ذرة من ذرات الكربون غير قابلة للاستبدال تناظرياً:

هذه الإيزوميرات غير فعالة ضوئياً لأن فيها مستوي تناظر، وعلى العكس من المتخايلات فإن هذه الإيزوميرات تتصف بخصائص فيزيائية مختلفة ويمكن فصل الإيزوميرين بالتحليل المباشر.

البنية الفراغية

 تعد دراسة الكيمياء الفراغية لبنى المركبات غير العضوية أكثر صعوبة من نظيرتها في المركبات العضوية والتي تعتمد أصلاً على كيمياء الكربون العنصر الصغير المحاط بجذرين أو ثلاثة أو أربعة، بحيث يتوافق المحيط الرباعي مع الإشباع الإلكتروني ومع البنية رباعية الوجوه. تعتمد دراسة بنى المركبات غير العضوية على أشعة X وعلى نظرية الحقل البلوري وحقل المرتبطات وعلى الخصائص المغنطيسية.

مبادئ التساند

سمحت النظرية الأيونية المبسطة بشرح تشكل المركبات التساندية متعددة الوجوه، بافتراض أن الذرات تشكل كرات غير مشوهة وأن الأيونات المحيطة بها من إشارة معاكسة[ر. المعقَّد]. ويمكن الاعتقاد أولاً أن التساند قد حُدد بافتراضات هندسية بسيطة على الرغم من شحنة الأيونات الموجودة وطبيعتها. وهكذا فإن أيونات الصوديوم Na+ في بلورة كلوريد الصوديوم تكون محاطة بستة أيونات كلوريد Cl-. وانطلاقاً من ρ (نسبة نصف قطر الذرة المركزية A إلى نصف قطر الذرة المتساندة) يمكن التنبؤ بأشكال بسيطة إذ تكون البنية خطية عندما تكون النسبة ρ محصورة بين الصفر و0.55. وفي حالة الذرات التي تحتل رؤوس مثلث متساوي الأضلاع، فإن النسبة ρ ستكون محصورة بين 0.155 و0.225 في حين تكون هذه النسبة محصورة بين 0.225 و0.414 في حالة التساند رباعي الوجوه حيث العدد التساندي 4، كما يمكن في هذه الحالة (العدد التساندي 4) أن يكون الشكل مربعاً مستوياً، عندما تكون النسبة ρ محصورة بين 0.414 و0.732. أما في حالة قيم ρ الأعلى من 0.732 والأدنى من الواحد، فتحتل الذرة المركزية A مركز مكعب.

اعتمدت النظريات المستخدمة في تفسير تشكل بنى المركبات غير العضوية على أسس رياضية متطورة حديثة وطبقت على البنى المفضلة لأيونات العناصر الانتقالية [ر. المعدن] التي يكون فيها المدار d غير مشبع.

1) الإيزوميرية الهندسية أو الفراغية

يتميز مركبان لهما خاصية الإيزوميرية الهندسية بتوزع مختلف للذرات في الفراغ حول أيون العنصر المركزي. فإذا كانت المرتبطات المتماثلة بجهة واحدة قيل إنها في الموقع المقرون cis، وإذا كانت بجهتين مختلفتين قيل إنها في الموقع المفروق trans. لا تُصادف هذه الإيزوميرية في البنى رباعية الوجوه لأسباب هندسية ولكن يمكن أن تُصادف في مركبات ذات التساندات الأخرى.

أ - دراسة البنية المربعة المستوية

يُصادف هذا النوع من البنى عادة في حالة التشكيل الإلكتروني الموافق لـ d8. والأمثلة الأكثر شيوعاً تصادف في حالة مركبات العناصر الانتقالية ثنائية التكافؤ مثل النيكل والبلاتين والبلاديوم، وأحادية التكافؤ مثل الروديوم والإيريديوم، وفي حالة الذهب الثلاثي. والمثال الذي تطرق إليه الباحثون أكثر من غيره هو مركبات البلاتين الثنائي. ففي حالة البنية المربعة المستوية يرمز للأيون المعدني بـ M ويرمز للمرتبطات (المتسانِدات) ligands الأربعة المحيطة بالأحرف a¨ b¨ c¨ d.

تنشأ في هذه الحالة ثلاثة إيزوميرات هندسية:

   
الأشكال الإيزوميرية الهندسية في المركبات المربعة المستوية من النوع Mabcd
   

أما في حالة المركبات المربعة المستوية من الشكل Ma2b2 فينشأ نوعان من المركبات الإيزوميرية المفروقة والمقرونة:

   
الشكلان الإيزوميران المقرون - والمفروق في المركبات Ma2b2
   

 

ب - دراسة البنية مثمنة الوجوه

يُعرف كثير من الإيزوميرات متماثلة التركيب هندسياً في المركبات مثمنة الوجوه. وقد أصبح أيون معقد الكوبالت الثلاثي [COCl2(NH3)4]معروفاً كما يبين الشكل الآتي:

 
 

2) الإيزوميرية الضوئية في المركبات غير العضوية

لا يختلف تعريف الإيزوميرية هنا عما سبق في المركبات العضوية من تماثل بنيتين متناظرتين إحداهما خيال الأخرى في المرآة، مع تماثل الأبعاد والزوايا فيها. وتحرف كل منهما مستوي استقطاب الضوء باتجاه معاكس للآخر، ويقال: إن البنيتين فعالتان ضوئياً. ولا تتميز هذه المركبات لا بمركز ولا بمستوي تناظر ولا بمحور تناظر.

أ - دراسة البنية رباعية الوجوه

تصادف هذه البنى ذات الإيزوميرية الضوئية غالباً في مركبات الكربون العضوية وتأخذ الاسم نفسه في الكيمياء غير العضوية حيث طبقت على مركبات عناصر كثيرة مثل الفسفور والقصدير والألمنيوم والكوبلت والزرنيخ والكروم والمنغنيز والحديد والزنك، وغير ذلك من العناصر الانتقالية. وفي حالة المعقدات رباعية الوجوه يتوجب - مثل حالة مركبات الكربون الرباعية الوجوه - أن تكون المرتبطات أحادية السن المحيطة بالذرة المركزية مختلفة فيما بينها للحصول على اثنين من المتخايلات.

 
   

ب - دراسة البنية ثمانية الوجوه

يمكن للمرتبطات هنا أن تكون ثنائية التساند أي لها موقعا تساند، ويقال: إنها ثنائية السن إشارة إلى قدرتها على منح شفعين (ثنائيتين) من الإلكترونات كما في حالة المعقد المتعاكس ضوئياً مثال ذلك معقد الكوبلت CO3+ مع الأكسالات C2O4- والكلور.

 

 

 

 

عبد المجيد البلخي

مراجع للاستزادة:

ـ صلاح يحياوي، الكيمياء العضوية (جامعة دمشق 1963).

ـ عبد المجيد البلخي، كيمياء المعادن الانتقالية (جامعة دمشق 1993).

- SHRIVER et ATKINS, Chimie Inorganique (DeBoeck Université 2001).


التصنيف : الكيمياء و الفيزياء
النوع : علوم
المجلد: المجلد السادس عشر
رقم الصفحة ضمن المجلد : 710
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 1087
الكل : 40506985
اليوم : 36800

ديري (تيبور-)

ديري (تيبور -) (1894-1977)   تيبور ديري Tibor Déry روائي ومسرحي ومترجم مجري، ولد وتوفي في العاصمة بودابست. سليل عائلة برجوازية ثرية، درس الاقتصاد وعمل سكرتيراً في غرفة التجارة، ثم التحق بمؤسسة عمه التجارية ليخلفه في إدارتها. ونتيجة لدخوله أجواء التجارة والصناعة احتك عن كثب بالحركة العمالية وانتسب في عام 1919 إلى الحزب الشيوعي المجري، فلاحقته السلطات مما اضطره إلى الهجرة حتى منتصف الثلاثينيات، متنقلاً بين فيينا وبرلين وبيروجيا (إيطاليا) وباريس. ولدى عودته إلى وطنه اعتقل مدة قصيرة ثم أفرج عنه، لكن السلطات منعته من نشر كتاباته، فلم يجد وسيلة للعيش سوى في ترجمة الروايات البوليسية، حتى نهاية الحرب العالمية الثانية، حين بدأت أعماله تشهد انتشاراً واسعاً وتثير جدلاً في الوسط الثقافي والسياسي. وبسبب مشاركته فيما سمي بالثورة المضادة عام 1956 حوكم عام 1957 وأودع السجن إلى أن أعيد له اعتباره وأفرج عنه في عام 1960 فعاود نشاطه المؤثر في الحياة الثقافية المجرية.
المزيد »