logo

logo

logo

logo

logo

الكبل ، القلس

كبل ، قلس

Cable - Câble

الكبل، القلس

 

الكبل cable لغةً الحبلُ الغليظ والقيد، أو العظيم منه، وكبّله قيده بالحبل في يديه. والقلس حبل السفينة الضخم من ليف أو خوص أو غيرهما، من اليونانية كيلُس Kilus، والجمع قُلوس. أما الحبل فهو ما فُتل من ليف ونحوه ليُربط به أو يُقاد به، والرسّن والمَرَسَة كذلك، والعامة تستعملها لما يستدق من الحبال، والجمع مرس وأمراس. والشطن الحبل الطويل الشديد الفتل وجمعه أشطان وكذلك الطُّنُب وجمعها أطناب. أما الخيط فهو فتيل رقيق من قطن أو صوف أو ألياف ونحوها [ر. الخيوط].

والكبل في المفهوم الحديث تركيب وتجميع غليظ من ألياف أو فتائل من شعيرات وخيوط، أو من أسلاك معدنية، تفتل وتجدل في خط طويل مرن. وغالباً ما يتألف من حبال عدة أو أسلاك مجدولة، أو كلاهما، وهو القلس.

لمحة تاريخية:

لم يحظ منتج أولي نباتي، من القطن وغزله، واستثماره في نسج الألبسة والخيام بأهمية مثلما حظي الخيط والحبل في العصور القديمة، ولا يمكن تصور استمرار الحضارة الحديثة من دون خيوط وحبال وكبول.

إن اكتشاف الألياف وغزل الخيوط تقليداً لما في الطبيعة من حبال ليفية متدلية وخيوط العنكبوت وشرانق الدود مكّن الإنسان من حياكة القماش وصنع النسيج والألبسة والملاءات والخيام. وقد احتل الحبل ـ المكون من فتائل الخيوط  النباتية وجدائلها، كالقطن والكتان والجوت والقنب وغيرها، أو الحبل المصنوع من خيوط ذات منشأ حيواني كالصوف وشعر الماعز ووبر الجمال، أو المجدول من رقائق جلود الحيوانات وغيره ـ مكانة مهمة في حياة الإنسان القديم، فاستخدمه في ربط الحيوانات واقتيادها واصطياد الطرائد وجرها، وشد الخيام وربط الحجارة والعُمُد بعضها إلى بعض. ومع تقدمه في استخدام المعادن تطورت صناعة القلوس والكبول لتشمل أسلاك المعدن.

تشير الدراسات التاريخية إلى أن صناعة الحبال والكبول بدأت في الشرق الأدنى القديم، في بلاد الرافدين والشام وفارس والهند والصين، وفي وادي النيل. وكانت نشأة الغزل والنسيج والحياكة والصباغ وصناعة أشرعة السفن وحبالها وأطناب البيوت التي تشدها في بلاد الشام عامة، وعلى الساحل السوري خاصة، منذ ما لا يقل عن خمسة آلاف سنة قبل الميلاد. وقد عرف سكان وادي الفرات غزل القطن وحياكة القماش، وخاصة في ماري (مسكنة اليوم) وفي دمشق، وصنعت القوارب والأفلاك والسفن الشراعية في أرواد وأغاريت وصيدا وصور وغيرها من مدن الساحل السوري. وكان القماش الأرجواني الفاخر من أشهر منتجاتها، وتبين بعض الرسوم المكتشفة في قبور المصريين القدماء- والتي تعود إلى ألف وخمسمئة سنة قبل الميلاد- رجالاً يعملون في ممشى طويل ويفتلون الحبال.

وكان لصناعة الحبال في العصور العربية الإسلامية في بلاد الشام مشيخة مهنة (شيخ كار)، وكان للحبالين سوق خاص بهم، وكذلك للفتالة المتخصصين بفتل الحبال والأمراس من ألياف القنب الذي كان يزرع في ريف دمشق. وقد تقلصت هذه المهنة بانتشار صناعة الحبال البلاستيكية.

تطورت في العصر الحديث صناعة الحبال والكبول المعدنية من الحديد ثم من الفولاذ. وتصنع عادة من جدائل أسلاك فولاذية متينة، واستعيض بها عن الكبول ذات المنشأ النباتي. ومع انتشار النايلون واللدائن بدأ إنتاج الحبال والكبول من الخيوط التركيبية الصنعية.

وكان سحب أسلاك الحديد وبرمها في طيقان وجدائل وحبال على يد الألماني ڤيلهلم ألبرت Wilhelm Albert بين عامي 1831-1834 في المنجم التابع للدولة في مقاطعة سكسونيا بألمانيا، أما صناعة الأسلاك الفولاذية ذات القدرة العالية على الشد فقد بدأت عام 1880 وبدأت معها صناعة الكبول (القلوس) المعدنية الفولاذية اللازمة للأعمال الصناعية المختلفة بما فيها التعدين.

صناعة الحبال والكبول في العصر الحديث:

تتحدد طبيعة الحبال والكبول ونسيجها وبنيتها بلون الألياف والشعيرات والخيوط المستعملة ودقتها وثخانتها وصلابتها ومتانتها وقابليتها تحمل الشد والمط.

 فالحبال القطنية مثلاً أنعم وأضعف وألين من حبال «مانيلا»، أي حبال السيسال (الصبّير القنّبي). وحبال مانيلا أكثر قوة ومتانة من حبال القنب العادي أو الجوت.

أما الحبال المصنوعة من الأسلاك المعدنية المسحوبة، أو من ألياف المواد التركيبية (البوليمرات وغيرها) فهي تختلف عن تلك المصنوعة من الألياف الطبيعية، ذلك أن السلك المعدني أشد صلابة ومتانة وتحملاً للشد من غيره.

أما الكبل والقلس فلا يعدو كونه حبلاً غليظاً ذا بنية مجدولة بتوازن التوائي، ويتألف من برم حبال عدة أو جدل بعضها مع بعض، وبالمقارنة بين الكبول السلكية المعدنية والكبول المصنوعة من الألياف العضوية، نجد أن الكبول المعدنية أقوى وأصلب وأشد متانة وتحملاً للشد، وأقل قابلية للامتداد والمط. كذلك تعد الكبول المصنوعة من المواد التركيبية الصنعية أشد متانة من الكبول المصنوعة من الألياف الطبيعية.

طرائق إنتاج الحبال والكبول والقلوس

تصنع الحبال والكبول على أربع مراحل:

المرحلة الأولى: تحضير الألياف النباتية أو التركيبية، أو الأسلاك على شكل خيوط.

المرحلة الثانية: فتل الألياف الرفيعة في خيوط رفيعة، أو جدلها في حزم عدة على شكل خيط مبروم، أو جدل هذه الخيوط الرفيعة في أوتار لصنع حبال الخيوط الصنعية.

المرحلة الثالثة: فتل الخيوط الرفيعة المبرومة في جدائل (أو طيقان) تسمى عملية التكوين.

المرحلة الرابعة: ضفر ثلاثة طيقان أو أكثر وجدلها، حيث يبرم بعضها مع بعض لولبياً لتشكيل الحبل أو الكبل نهائياً [عملية المد والإنتاج].

صناعة كبول (قلوس) البكرة

كبول البكرة هي الكبول التي تلف على بكرة الملفاف في حفارات آبار النفط، وهي كبول ذات مواصفات خاصة؛ لكونها تعاني في أثناء عمليات الرفع والتنزيل إجهادات شد عالية من وزن الحمل المرفوع، وإجهادات إنحناء كبيرة نتيجة لف الكبول حول البكرات في المجموعتين التاجية والمتحركة، ولهذا تُولى عناية كبيرة لتصميم كبول البكرة وشروط تشغيلها.

تستخدم كبول بكرة سداسية الجدائل عند حفر الآبار العميقة، وتتألف من جدل مجموعة أسلاك في جديلة واحدة، ثم جدل جدائل عدة حول قلب مشبع بالشحم، وتستعمل في نواة قلب الكبل مادة عضوية (ألياف نباتية ومعدنية) أو حبل من الصلب.

ولما كانت مقاومة الانقطاع في كبول البكرة ذات القلب الفولاذي الصلب أقوى ومرونتها أقل استخدمت عند حفر الآبار العميقة، وفي هذه الحالة يكون لوحدات الحفر بكرات كبول كبيرة القطر، مما يسهل أداء الكبل الفولاذي القلب ويزيد في قطر انحنائه.

عند جدل الأسلاك في جدائل، يمكن ترتيب الطيقان من غير تصالب (الجدل المستقيم أو الجدل الوحيد) أو متصالبة (الجدل المتصالب). كما يمكن أن يتم جدل الجدائل حول القلب على استقامة واحدة (وحيد الاتجاه) عندما يكون اتجاه الجدائل في الكبل هو اتجاه أسلاك الطيقان في الجديلة، أو يكون متصالباً إذا خالف الاتجاه.

وعادة ما تستعمل في حفر آبار النفط (البترول) والغاز كبول بكرة من ضفائر منتظمة يمينية الفتل لا تسبب التفاف نظام البكرة، وتلبي الشروط الضرورية لتثبيت الخط السريع للكبل ولفه حول برميل آلة الرفع (الملفاف أو الونش)، وعادة ما تعمّر هذه الكبول أكثر من الكبول المصنوعة من ألياف القنب وغيرها من المواد، ولمقاومة الصدأ والعوامل الجوية المختلفة تجري تغطيتها بطبقة من التوتياء (الزنك) بطريقة التحليل الكهربائي (الغلفنة)، أو التلبيس الحار الكيميائي كما هو شائع.

 

كبل مبروم فولاذي على ملفاف

نموذج ربط الكبل

أنواع الحبال والكبول ووظائفها في الصناعة والحياة:

تتنوع وظائف الحبال والكبول بتنوع وجوه استعمالها. ففي مجال التعدين، هناك كبل التعدين؛ وهو حبل التوازن الذي يربط من طرفيه تحت الأرض بقفصين يشكلان نصف بكلة (نصف إبزيمة) في قاع البئر. وهناك كبل الاستخراج، الذي تحركه آلة الاستخراج لتحريك القفص داخل البئر. وهناك أيضا كبل الرأس، وهو يؤمن سحب القفص والمادة المستخرجة ورفعها. وكذلك الكبل المعلق، وهو كبل معدني غلافه الخارجي مكون من حبال مسحوبة تتداخل بعضها مع بعض مكونة سطحاً أملس، وتستعمل مثل هذه الكبول المعلقة غالباً لحمل العربات المعلقة [ر: المركبة المعلقة] بين مرتفعين المعروفة باسم «تلفريك» téléphérique.

ويفضل في المجالات البحرية استخدام حبال مانيلا المبرومة، وكذلك حبال النايلون والبولي بروبلين لمتانتها وقوة تحملها وخفة وزنها. كذلك تستعمل حبال البوليستر للسفن الشراعية، أما حبال التزلج على الماء فهي مجدولة من خيوط البولي بروبلين التي تطفو على الماء وهي أكثر مقاومة للالتواء.

وفي مجال الكهرباء، تستخدم الكبول الكهربائية الناقلة للقدرة [ر] وهي خارج نطاق هذا البحث.

جسر معلق بكبول فولاذية

تشغل الحبال والكبول والقلوس مكاناً مهماً في الحياة اليومية. ففي عالم التجارة والنقل البري والبحري هناك استعمال واسع للحبال والكبول لحزم البضائع والحاويات ورفعها وترتيبها، وقطر الزوارق والسفن النهرية والبحرية، ورفع الأشرعة وربطها والتحكم بها، وربط السفن عند الرسو. وفي الطيران تستخدم الكبول لتحريك دفات التوجيه والقيادة في الطائرات وكبح الطائرات عند الهبوط والإقلاع من على الحاملات، وفي مجال الطيران الشراعي لسحب الشراعية بكبل خاص وفي القفز بالمظلات. كذلك تعد الكبول  من التجهيزات الأساسية في ربط الجسور المعلقة، وفي تسلق الجبال الشاهقة وسبر المغاور العميقة، وفي الحافلات والقطارات، وفي المصاعد الكهربائية، حتى في سفن الفضاء، حيث لا يمكن لرائد الفضاء أن يغادر قمرته إلا بعد ربطه بكبل خاص يشده إلى السفينة وينقل المعلومات، وغير ذلك من وجوه الحياة المختلفة التي لا يتسع المجال لذكرها.

الآفاق المستقبلية للحبال والكبول:

تبقى صناعة الحبال والكبول والقلوس في تطور مستمر، وتسعى مراكز البحث الصناعية إلى ابتكار طرائق جديدة لإنتاج المواد الأولية اللازمة لصناعة الأنسجة والألبسة والخيوط بأنواعها. وثمة أبحاث تنصب على صناعة المعادن الخفيفة والمتينة التي تتحمل الشروط المناخية القاسية، وتقاوم التقصف والتآكل والصدأ والاهتراء. وتسعى تكنولوجيا الفضاء إلى إيجاد خلائط معدنية تلائم شروط انعدام الجاذبية، ولدائن وألياف ضوئية ذات ناقلية عالية، حيث تكون غاية في المرونة والمتانة. وسيدعم ذلك تطوير الكبول المعدنية للشد والربط وجعلها أكثر وثوقية ومتانة واقتصادية.

محمد سعيد اليعقوبي جزائرلي

الموضوعات ذات الصلة:

الخيوط ـ الغزل ـ الصناعات النسيجية ـ القنب ـ المركبة المعلقة.

مراجع الاستزادة:

- NIELS J. GIMSING, Cable Supported Bridges : Concept and Design (John Wiley & Sons; 2nd edition 1997).

- MARK ROBICHAU, Cable Cowboy: John Malone and the Rise of the Modern Cable Business (Wiley; 1 edition 2002).

- BARBARA G.WALKER, The craft of cable-stitch knitting (The Scribner library, SL294 Emblem editions) (Scribner 1971).

- H. A. BUCHHOLDT, Introduction to Cable Structures (Cambridge University Press 1998).


التصنيف : الصناعة
المجلد: المجلد السادس عشر
رقم الصفحة ضمن المجلد : 59
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 567
الكل : 31979242
اليوم : 15594

بولغاكوف (ميخائيل أفناسييفيتش-)

بولغاكوف (ميخائيل أفَناسييفيتش ـ) (1891 ـ 1940)   ميخائيل أفَناسييفيتش بولغاكوف Michail Afanasjevich Bulgakov كاتب وروائي ومسرحي سوفييتي، ولد في كييف وتوفي في موسكو. هو سليل عائلة برجوازية مثقفة، كان والده مدرساً لعلم اللاهوت في أكاديمية كييف، درس بولغاكوف الطب في جامعة كييف وتخرج عام1916، ثم عمل طبيباً في مقاطعة سوموينسك Somojensk النائية حتى عام 1921 حين انتقل إلى موسكو وعمل في الصحافة حتى عام 1926، متخلياً عن الطب وملتفتاً كلياً إلى العمل الأدبي.
المزيد »