logo

logo

logo

logo

logo

لبن البناء

لبن بناء

- - -

لَبِنُ البناء

 

الشكل (1)

مكعبات اللبن في مرحلة التحضير النهائية

يعدّ لبن البناء sun- dried crude bricks المصنوع من الطين المادة الأساسية في تشييد الأبنية في المناطق الخالية من موادّ أخرى كالحجر والخشب أو غيرها، وقد تطور أسلوب البناء بهذه المادة على أيدي سكّان بلاد الرافدين، ويلاحظ ذلك في أبنيتهم التي استخدم فيها على نطاق واسع، فتنوعت قياسات وحدات البناء (اللبنات)، وصارت مكعبات من قياس 38×38سم وسماكة 10-18سم (الشكل 1) كما استخدمت وحدات خاصة لتشييد العقود والقبوات؛ وذلك بجعل سماكة وحدة البناء من إحدى الجوانب 8 سم والجانب الآخر 10سم.

خواص مادة الطين:

هي مادة طبيعية تتألف من مزيج التربة والماء. والتربة بدورها غضار [ر] وجزيئات ترابية أكبر نسبياً من الرمل والحصى. ويعد التركيب الحبيبي لكمية الجزيئات الصلبة المختلفة الأبعاد في التربة (مقدّراً نسبة مئوية) من أهم العوامل المحددة لخواص التربة.

يسمى الطين لازباً (دسماً) إذا احتوى نسبة كبيرة من الغضار، ويسمى طيناً خفيفاً إذا كانت نسبة الغضار قليلة فيه. يؤثر الغضار في الطين مادة لاصقة للجزيئات الأخرى الرملية والترابية، ويلاحظ أن الطين الذي يحوي نسبة كبيرة من الغضار له قوة لصق كبيرة تمكنه من أن يمتص الماء بنسبة أكبر من الطين الخفيف، ومن ثم فإن له تمدداً وتقلّصاً أكبر.

تاريخ استعمال مادة الطين في البناء وتأثيرها البيئي

حتى بداية القرن العشرين كان الطين أكثر المواد شيوعاً في تقانات البناء، ويسكن ما يزيد على 2 مليار من البشر أبنية استخدم الطين في بنائها.

الشكل (2)

مكتشفات أثرية من لبن البناء (تل سكا - شرقي دمشق)

ومنذ أن نشأت الحضارات الإنسانية الأولى كانت المواد المستخدمة في البناء هي المواد المتوافرة في منطقة البناء، وكانت من الطين والخشب والحجر على الأغلب. ولم يكن هذا الأسلوب المتوارث في البناء من سمات العمارة في المناطق الحارة والجافة فقط؛ وإنما تعداه ليشمل عمارة المناطق الرطبة والباردة بما فيها شمالي أوربا أيضاً.

وقد تطورت الطرائق التقليدية للبناء بالطين مع الاستفادة من العلوم التقنية والكفاءات المهنية الخاصة في تصنيع هذه المادة الطينية وتشكيلها منذ قرون، وبلغت أوجها في القرن العشرين. كذلك أثبتت التنقيبات الأثرية وجود حياة ثابتة ومتحضرة في أغلب المناطق العربية منذ أكثر من 8000 عام قبل الميلاد، حيث توافرت الشروط لنشوء مجتمعات سكنية: ريفية ومدنيّة اكتسبت عادات مميزة في البناء. وهذا ما يلمس في إقليم دمشق حيث توافرت شروط مناسبة للاستقرار منذ قديم الزمان (الشكل 2). وقد عثر في كثير من المواقع التاريخية المجاورة، مثل تلّ الرماد على نماذج سكنية من الطين تعود إلى 6000-5800 ق.م، استخدم الطين فيها على شكل وحدات مصبوبة في قوالب خشبية ومجففة بأشعة الشمس، مع طبقات إكساء ذات أساس كلسي.

الشكل (3)

نماذج بناء باللبن والطين في ريف حلب

استمر البناء بمادة الطين أساساً لما لها من خصائص مناخية وبيئية جيدة في جميع أرجاء بلاد الشام حتى نهاية العهد العثماني. واستمر ذلك في بعض الأرياف ومحيط المدن حتى نهاية الستينيات من القرن العشرين حين غزت مادة الإسمنت[ر] أغلبية المناطق، وحلّت مكان الطين (الشكل 3).

تقنيات تحضير الأبنية الطينية وطرائقها وتنفيذها (الشكل4)

ينتشر البناء الطيني على رقعة واسعة من بلاد الشام، وقد تنوعت أساليبه، واختلفت النماذج السكنية في تخطيطها. ويمكن تمييز سكن طيني بسقف مستو عند توافر مادة الخشب، وسقف معقود أو على شكل قبة في المناطق الوسطى والشمالية الشرقية والشمالية منها لعدم توافر الخشب. أما في إقليم دمشق فقد تميز البناء الطيني بتفاصيل إنشائية ومعمارية خاصة نتيجة لتراكم الخبرة عبر آلاف السنين. ويمكن عموماً تمييز ثلاثة أنواع من الإنشاء في إقليم دمشق:

 

الشكل (4)

تقنيات تحضير وحدات البناء الطينية

جدران من وحدات اللبن: يتم تحضير اللبن بخلط التربة والتبن بعد تخميره مدة كافية، ثم يجبل المزيج، ويُضرب (يُصب) في قوالب خشبية لصنع قطع تتباين أبعادها بحسب حجم القالب، ثم يسوى سطح القالب، ويزال الطين الزائد بقطعة خشبية. يرفع القالب وتترك القطع؛ لتجف في مكانها نحو أسبوع أو أكثر، ثم تقلب على حافتها لتجف جفافاً تاماً. وكان يقوم بهذه العملية حرفي يدعى «الطوَّاب»، ولهم مصطلحات كثيرة تتصل بأدواتهم ومواد بنائهم.

إن البناء بوحدات الطين لا يتطلب يداً فنية كثيرة (عمالاً متدربين)؛ ولكنها تتميز بإمكانية تصنيع هذه الوحدات في معظم أيام السنة، وتركيب السقف مباشرة بعد الانتهاء من بناء الجدران، في حين لا يمكن إنشاء السقف عند بناء الجدران الطينية دكاً إلا بعد جفاف هذه الجدران. كما أن الوقت الضروري لبناء الوحدات الطينية أقل من الوقت الضروري لبناء الجدران الدك.

- جدران الهيكل المكتف الخشبي: يغلب استعمال هذه الطريقة في السكن ذي الطابقين حيث تستخدم في الطوابق العليا الأخشاب المتوافرة (الشكل 5). ويتم إنجاز الجدار على مرحلتين، تشمل الأولى إقامة هيكل من جذوع خشب الحور بعد قشرها ومعالجتها، والثانية ملء الفراغات بقطع اللبن الصغيرة، ثم تكسى الجدران بطبقة من الطين المجبول بالتبن، وتنهى بطبقة من الكلس. ويمكن مشاهدة أبنية من هذا الطراز في العديد من الحضارات، ويعود ذلك لسهولة تنفيذه وخفة وزنه.

 

الشكل (5)

إنشاء الهيكل الخشبي المكتف - مع وحدات من لبن البناء

الشكل (6)

إعداد كتلة من جدار من الطين المدكوك

- جدران الطين المدكوكة (الدكوك) (الشكل 6): وهي أقل أنواع البناء باللبن شيوعاً، وقد انتشر في ريف دمشق خاصة، تصاوين للحقول أو الأبنية الريفية. تبنى هذه الجدران من التراب والحصى المجبول بالماء في فراغ بين لوحين من الخشب على شكل قالب بطول 150سم وارتفاع 80-90سم وسماكة 40-50سم، يثبت هذا القالب على أساس حجري مستمر، ويربط جانباً القالب بحبال لتثبيتهما. يوضع فيه التراب المجبول، ويدقّ بمدقّة خشبيّة لدكّه وزيادة تماسكه. وقد انتشر هذا الأسلوب من البناء الطيني في العديد من الحضارات خاصة المشرقية والأوربية وأمريكا اللاتينية. ويعد من أبسط طرائق الإنشاء خاصة أنه لايحتاج إلى معدات وتجهيزات، وبعد أن يجفّ «الدك» ينزع القالب، ويتمّ تمشيط الطبقة الخارجية، وتخرّق بأوتاد خشبية قاسية؛ ليتكون جدار حامل للطينة الخارجية.

استخدامات الإنشاءات من لبن البناء

استخدم الإنشاء الطيني في نواح عديدة في الحضارات الإنسانية، واستطاع تلبية معظم احتياجات السكن والبناء، فشيدت منه القصور والقلاع ودور السكن والمساجد ودور العبادة:

أ - المباني السكنية: خضع المسكن الطيني لجملة من المؤثرات الطبيعية والاجتماعية السائدة في البيئة العمرانية، وغالباً ما تتجمع الأبنية الطينية متراصة ومتجانسة، ولا يفصل بينها سوى جدران عازلة. وقد احتوت هذه المساكن على مجموعة من المنشآت الطينية الصغيرة، كصوامع الحبوب وزرائب الحيوانات وغيرها.

ب - المباني العامّة: وقد انتشرت في مراكز المدن التاريخية، وتشتمل على مبان عامة، كالمساجد والحمامات والخانات والإسطبلات وغيرها.

ت - الأبنية الزراعية: تميزت المناطق الريفية بوفرة المحاصيل الزراعية، وتطلّب حفظها وتصنيعها إنشاء أبنية خاصة، كمعاصر الزيتون والدبس ومستودعات الحبوب وغيرها.

 وبعد أن كانت مادة الطين من أهم المواد الطبيعية التي أسهمت عبر العصور في العمارة فقد توقّف استخدامها في العصر الحاضر بسبب المؤثرات الغربية، وظهور مواد البناء الحديثة المتطورة والسهلة الاستعمال.

موفق دغمان

الموضوعات ذات الصلة:

الآجر ـ الإسمنت ـ البناء (تغطية ـ) ـ الجدران ـ الروابط ـ الفخاريات ـ المالطات.

مراجع للاستزادة:

ـ اتحاد مجالس البحث العلمي العربي، أنماط البناء في الوطن العربي وصناعة الطابوق الطيني؛ وقائع الندوة التي عقدت في بغداد للفترة 29 - 31 أيار 1983 (بغداد 1984).

ـ موفق دغمان، عمارة الأبنية الطينية في إقليم دمشق: دراسة توثيقية تحليلية (كلية الهندسة المعمارية، دمشق 1999).

ـ أحمد وصفي زكريا، الريف السوري - الجزء الأول والثاني (دمشق 1957).

ـ حسن فتحي، العمارة الإسلامية والتعبير الحضاري الأصيل في المدينة العربية المعاصرة؛ أبحاث ندوة دمشق - المدينة العربية خصائصها وتراثها الحضاري (المدينة المنورة 1981).

ـ حسن فتحي، العمارة الحضرية بالشرق الأوسط (جامعة بيروت العربية، بيروت 1971).


التصنيف : الهندسة
المجلد: المجلد السادس عشر
رقم الصفحة ضمن المجلد : 882
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 1074
الكل : 40501686
اليوم : 31501

بيتوفي (شاندور-)

بيتوفي (شاندور ـ) (1823 ـ 1849)   شاندور بيتوفي sándor petöfi شاعر وبطل قومي مجري، ولد لأسرة سلوفاكية استوطنت المجر، في مدينة كيشكوروش kiskörös إحدى المدن التجارية الصغيرة، وكان أبوه قصّاباً وأمه خادمة. ترك بيتوفي المدرسة في الخامسة عشرة من عمره والتحق بفرقةٍ مسرحية جوّالة سرعان ما هجرها بعد تجارب قليلة لم يُصب فيها نجاحاً، لينخرط في الجيش الامبراطوري النمسوي، لكنه سُرّح منه بعد عامٍ ونصف بسبب مرضه، وعاد بعدها إلى المدرسة وبقي فيها عاماً واحداً.
المزيد »