logo

logo

logo

logo

logo

لغش (تلول الهبا)

لغش (تلول هبا)

Lagash (Telloh) - Lagash

لغش (تلول الهبا)

 

أطلق اسم لغش Lagash، في العصور القديمة من تاريخ بلاد الرافدين، على مدينة ازدهرت في جنوبي العراق، في النصف الأول من الألف الثالث قبل الميلاد، ويعرف موقعها اليوم باسم تلول الهبا على بعد 45كم تقريباً إلى الشمال  الشرقي من مدينة الناصرية الحالية. وأطلق الاسم نفسه أيضاً على دويلة قامت من اتحاد تألّف من ثلاث مدن هي لغش نفسها، وغرسو (تللو حالياً) على بعد 25كم تقريباً إلى الشمال  الغربي منها، ونينا، أو سيرارا (سرغل حالياً) على بعد 10كم تقريباً إلى الجنوب  الشرقي من لغش. ويعدّ موقع مدينة لغش واحداً من المواضع الواسعة في المشرق العربي إذ يغطي مساحة تصل إلى 600 هكتار. ويلاحظ أن مواقع تلك المدن الثلاث تمتد على خط واحد من الشمال  الغربي إلى الجنوب الشرقي، في منتصف المسافة ما بين المجريين القديمين لنهري دجلة والفرات. وعلى الامتداد نفسه، إلى الشمال  الغربي، تقع مدينة «أومّا» القديمة على بعد 50كم تقريباً عن لغش. وهذه المدينة كانت عاصمة لدويلة أخرى منافسة لدويلة لغش، خاضت معها حروباً عديدة بسبب التنازع على المياه.

قام روبرت كولدفاي Robert Koldewey بتنقيبات سريعة في موقع مدينة لغش في أواخر القرن التاسع عشر، ثم انصرف اهتمام المنقبين الأثريين عن تلول الهبا، إذ كان الاعتقاد يسود آنذاك بأن تللو هو موقع مدينة لغش. وفي خمسينيات القرن العشرين وجه ثوركيلد ياكوبسن Thorkild Jacobsen الأنظار إلى تلول الهبا ثانية، فقامت بعثة مشتركة من جامعة شيكاغو ومتحف الميتروبوليتان في نيويورك بالتنقيب فيه في عامي 1968 و1969م، لكن تنقيبات تللو أمدت الباحثين بكثير من المعلومات عن تأريخ دويلة لغش. وكان التنقيب في تللو قد ابتدأ على يد القنصل الفرنسي في البصرة إميل دي سارزِك Émile de Sarzec في عام 1877م، وتبعه هنري دي جنويّاكHenri de Genouillac . وانتظمت التنقيبات الفرنسية في هذا الموقع حين تولى أندريه بارو André Parrot رئاسة بعثة متحف اللوفر الأثرية في عامي 1929- 1930م. أما تل سرغل فقد نُقب من قبل كولدفاي مع تلول الهبا.

تشير التحريات الأثرية إلى أن مدينة لغش قامت أصلاً على بقايا قرية من دور العبيد. وبلغت هذه المدينة، التي كانت تسمى أيضاً أوروكوغا (وتعني باللغة السومرية المدينة المقدسة)، أوج ازدهارها في عصر فجر السلالات بأدواره الثلاثة (نحو 2800- 2350 ق.م). وفي ذلك العصر كانت المجمعات الدينية في المدينة قد توسعت بشكل كبير وضمت معابد للإلهين ننغرسو Nin-Girsu وإنانّا Enana. ووجد في المدينة أيضاً بناء إداري كبير، ضم نصوصاً مسمارية تذكر اسمي اثنين من حكام لغش، وهما إي - أنّاتُم (E- annatum) وإن - أناتُم الأول (En-anatum I). ويقدر عدد سكان المدينة في ذلك الوقت بين 19000 و36000 شخص، في حين أن مجموع سكان الدويلة يقدر بنحو 100 ألف شخص. وفي منتصف الألف الثالث قبل الميلاد، بدأت المدينة تفقد أهميتها، ولكنها اجتذبت بعض السكان في أوائل الألف الثاني قبل الميلاد، ثم هجرت نهائياً واختفى ذكرها من النصوص المسمارية بعد ذلك.

التنقيبات الأثرية في لغش

أما غرسو فقد صارت عاصمة للدويلة بعد لغش، وذلك في الدور الثالث من عصر فجر السلالات. وعلى الرغم من أن التنقيبات لم تسفر عن استكشاف أكثر من بضعة أبنية محدودة في موقع هذه المدينة، فإنها كشفت عن أعداد كبيرة من النصوص المسمارية التي وفرت معلومات مهمة عن تأريخ لغش. فضلاً عن ذلك اكتشفت في هذا الموقع بعض القطع الفنية المشهورة، مثل مسلة النسور وتماثيل الأمير غوديا Gudea الذي كان عصره آخر عصور مدينة غرسو. ولم تجر تنقيبات واسعة في تل سرغل الذي ضم بقايا مدينة نينا، أو سيرارا.

تمثال غوديا أمير لغش

إن الأهمية الكبيرة التي تمتعت بها لغش في عصر فجر السلالات، جعلت بعض الباحثين يطلقون عليه تسمية «عصر لغش». وقد وردت أسماء بعض حكام لغش حتى قبل أن تؤسس أور - نانشه سلالتها الحاكمة في عصر فجر السلالات الثالث. حكم من هذه السلالة عشرة حكام حمل بعضهم لقب «إنزي» الذي يعني باللغة السومرية «أمير». وكان آخر هؤلاء أورو - إينمغينا Uru-Inemgina (نحو 2378- 2370 ق.م) الذي اشتهر بلائحة إصلاحاته الاجتماعية المدونة باللغة السومرية. وفي السنة الأخيرة من عهد هذا الحاكم استطاع لوغال - زاغيزي Lugal- Zageze، ملك دويلة أومّا المنافسة للغش، الاستيلاء عليها وضمها إلى أومّا، قبل أن يهزم بدوره على يد صرغون الأكادي عام 2370ق.م تقريباً.

في أواخر عهد الملك الأكدي نَرام - سين (2290-2224 ق.م)  Naram- Sinقامت في لغش سلالة حاكمة استطاعت أن تحافظ على استقلالها بوجه الاحتلال الغوتي، الذي أسقط الدولة الأكدية. وقد استمر هذا الاستقلال في عهد غوديا، أمير لغش الذي عاصر أور - نمو، مؤسس سلالة أور الثالثة، أو سبقه بزمن قصير. وتكشف النصوص السومرية التي تركها غوديا عن نشاطه الواسع في مجال البناء والتجارة الخارجية وبإرساله حملة عسكرية إلى إقليم أنشان في بلاد عيلام [ر]. وتعدّ النصوص الأدبية التي دونت في عهد غوديا أطول النصوص الأدبية المدونة باللغة السومرية.

نائل حنون

مراجع للاستزادة:

ـ صموئيل نوح كريمر، السومريون: تأريخهم وحضارتهم وخصائصهم، ترجمة فيصل الوائلي (الكويت 1973).

- R.J. MATTHEWS, “Girsu and Lagash”, in The Oxford Encyclopedia of Archaeology in the Near East (Meyers, New York, 1997).


التصنيف : التاريخ و الجغرافية و الآثار
النوع : سياحة
المجلد: المجلد السابع عشر
رقم الصفحة ضمن المجلد : 68
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 1050
الكل : 40491416
اليوم : 21231

شلغرين (يوهان هنريك-)

شِلغرين (يوهان هنريك ـ) (1751 ـ 1795)   يوهان هنريك شِلغرين Johan Henrik Kellgren شاعر وناقد ومن أبرز كتاب عصر التنوير في السويد. ولد في بلدة فلوبي Floby جنوب غربي البلاد، وكان والده راعياً لأبرشية في مدينة أوبو Åbo (Turku) الفنلندية. درس الابن في الجامعة هناك ودرّس فيها بعد تخرجه لفترة من الزمن انتقل بعدها إلى ستوكهولم حيث عمل في تعليم أطفال عائلة نبيلة، ثم صار في عام 1780 أميناً للمكتبة الملكية في بلاط الملك غُستاف الثالث. وعند تأسيس الأكاديمية السويدية عام 1786 عُين أول رئيس لها إضافة إلى كونه عضواً دائماً فيها وأميناً لسرها.
المزيد »