logo

logo

logo

logo

logo

المخلفات الزراعية

مخلفات زراعيه

Crop residues - Résidus agricoles

المخلفات الزراعية

 

تمثل المخلفات الزراعية résidus agricoles مجموعة كبيرة من المواد العضوية الناتجة من الصناعات الزراعية والغذائية والتي كانت تعد سابقاً فضلات لا قيمة لها وترمى في كثير من الحالات قمامة في الطبيعة والمياه الجارية وفي شبكات الصرف الصحي، حيث تخضع لعمليات تخمر بفعل الأحياء الدقيقة فتتحول إلى مصادر خطيرة للتلوث البيئي. لكن الحاجة الملحة إلى زيادة إنتاج المواد الغذائية - ولاسيما في الدول النامية التي تعاني نقصاً حاداً في الغذاء كماً ونوعاً- تتطلب دوماً البحث الدؤوب عن مصادر جديدة للغذاء؛ من هذا المنطلق فإن تحسين القيمة الغذائية للمخلفات الزراعية يعدّ إحدى الوسائل الممكنة والمهمة لمواجهة الاحتياجات الغذائية المتزايدة لسكان المعمورة.

تتصف هذه المخلفات أو ما يسمى بالنواتج الثانوية sous- produits بتركيب معقد جداً ومتنوع، ويتطلب معاملات خاصة متطورة ومعقدة ومكلفة، ومن ثم لابد قبل البدء في البحث عن طريقة تحسين قيمتها من دراسة جدواها الاقتصادية.

إن مجالات استخدام المخلفات الزراعية عديدة ومتنوعة؛ إذ يمكن استعمالها في تغذية الإنسان، وعلى نطاق أوسع في مجال تغذية الحيوان، كما أن لكثير منها استعمالات صيدلانية عديدة.

مصادر المخلفات الزراعية والغذائية

يمكن تصنيف هذه المخلفات حسب مصدرها في مجموعتين رئيستين:

الأولى وتنتج من تصنيع المنتجات الحيوانية، مثل صناعات الألبان واللحوم والأسماك.

والثانية وهي أكثر عدداً وتمثل طيفاً واسعاً ومهماً من المخلفات والفضلات الناتجة من تصنيع المنتجات النباتية، وعلى سبيل المثال لا الحصر مخلفات صناعة السكر وصناعة الخمور وصناعة التمور وصناعة الخضر والفواكه المعلبة، إضافة إلى عدد كبير من الكُسْب الناتج من صناعة الزيوت النباتية، مثل أكساب بذور القطن وعباد الشمس، والكتان، وغيرها.

الأهمية الاقتصادية والبيئية للمخلفات الزراعية

1ـ المخلفات ذات المصدر الحيواني:

أ ـ مصل الحليب lactosérum: هو من أهم النواتج الثانوية لصناعة الألبان؛ وينتج إما من تجبن الحليب بفعل أنزيم المنفحة في صناعة الأجبان الحلوة ويسمى أيضاً بالمصل الحلو، وإما بفعل الحموضة في صناعة الأجبان الحامضية، والكازئين بدءاً من الحليب الفرز ويسمى بالمصل الحامض الذي تزيد نسبة حمض اللبن فيه على 0.18%.

إن الإنتاج العالمي لمصل الحليب كبير جداً، ويتزايد من عام لآخر مع تزايد إنتاج الأجبان، ومن المفيد الإشارة على سبيل المثال إلى أن فرنسا تنتج نحو 6-7 ملايين طن من مصول الحليب سنوياً أي نحو 400 إلى 500 كغ من المواد الجافة منها، وهي تمثل قيمة غذائية عالية سواء للإنسان، أم الحيوان.

يرتبط تركيب مصل الحليب إلى حد كبير بطريقة التجبن المتبعة في تحضيره ولاسيما برقم الحموضة (pH) في أثناء التجبن، الذي يراوح بين 4 - 6.6. يحتوي ليتر واحد من مصل الحليب وسطياً على 60- 70غ من المادة الجافة وتدخل في تركيبها المكونات الآتية (في 100غ): 11-13% بروتين، 69- 75% سكر حليب، 0.5- 1.2% دسم، 8 -10% أملاح معدنية، ويعد المصل أيضاً غنياً بمجموعة فيتامين ب (B).

وفيما يتعلق باستعمالاته المختلفة، فقد اقتصرت في الماضي على إضافته مادةً مرطبة في علائق الحيوان، أو سماداً إلى التربة، وما يتبقى منه يرمى في مياه مجارير الصرف الصحي. وفي العقود الثلاثة الأخيرة من القرن العشرين حدث تطور كبير في هذا المجال، فقد بوشر بتحويل المصل صناعياً إلى نواتج أخرى ذات قيمة غذائية عالية، وللحد من تلوث البيئة، وأهمها: مساحيق مختلفة وبروتينات ولاسيما بروتينات الكائنات الحية الدقيقة الوحيدة الخلية protéines d’organismes unicellulaires وسكر الحليب وحمض اللبن وفيتامين B12، وغيرها.

ب ـ النواتج الثانوية للمسالخ sous- produits des abattoirs: تشمل كل أجزاء الحيوان عدا القصابة (الحيوان المسلوخ والمعد للبيع)، وهي الجلود والعظام والدم والأظلاف والقرون، ومن الدم يحضر مسحوق الدم، وليفين fibrine وخِضاب الدم hémoglobine، والألبيومين وغيرها. وتحضر من العظام الشحوم ودقيق العظام لتغذية الحيوان، إضافة إلى العظمين الذي يحضر منه بعض المواد الصمغية والجيلاتينية وغيرها.

وقد مكنت برامج تعليب اللحوم في معامل الدول الصناعية ـ التي تستهلك كميات كبيرة من اللحوم ـ من الاستفادة الكاملة من الحيوانات المذبوحة والميتة والمستبعدة من القطيع اقتصادياً وصحياً، ومعالجة النواتج الثانوية الواردة من مسالخ عدة. أما في الدول النامية فتصعب إقامة مثل هذه المعامل، إذ مازالت متبعة في غالبيتها طرائق الذبح التقليدية على نطاق واسع حيث تفقد مجموعة مهمة من النواتج الثانوية ولاسيما دم الذبائح في المجارير، وتقوم في الوقت نفسه باستيراد مسحوق الدم المجفف لتغذية حيواناتها.

ويسهم إنشاء مُجمع أو معمل صغير لمعاملة النواتج الثانوية للمسالخ في تحسين شروطها الصحية، إذ يُمكن التخلص فيه وبأقصى سرعة من هذه الفضلات القابلة للفساد والتعفن، إضافة إلى تنظيف أرصفة المسلخ والآلات والمعدات ولباس العمال وغيرها، بوساطة الماء الساخن والبخار المنتج في المعمل.

- تحسين صحة الحيوانات وإنتاجيتها: بتغذيتها بمخلفات المسالخ المصنعة، مثل مسحوق العظام واللحم والدم وغيرها.

- تشجيع قيام صناعة ريفية تحويلية للمخلفات، مثل صناعة الصابون والجلود وغيرها، ومن ثم إيجاد فرص عمل جديدة والحد من البطالة المقنعة في الريف.

- زيادة المردود الزراعي باستخدام بعض الفضلات الزراعية في تسميد الترب (الشكل 1).

الشكل (1)

2ـ المخلفات ذات المصدر النباتي:

أ ـ مخلفات صناعة التمور: يبلغ عدد أشجار النخيل المثمرة في العالم نحو 90 مليون شجرة، وإن أكثر من ثلثي هذه الثروة الزراعية المهمة هو موزع في العديد من أقطار الوطن العربي ويصل الإنتاج العالمي من التمور إلى نحو 2.2 مليون طن سنوياً ويمثل إنتاج الوطن العربي منه نحو 77% أي مايعادل 1.7 مليون طن من التمور سنوياً.

تمثل نوى التمور نحو 10-14% من الوزن الكلي للثمار وتحتوي على المكونات الآتية: 12.4% رطوبة، 86.6% مادة جافة تتكون من 9.5% دهون، 8.5% ألياف، 4.7% بروتين و53.9% مواد ذوابة غير آزوتية، إضافة إلى 1% أملاح معدنية. ويستفاد من مخلفات صناعة التمور في تحضير علائق مختلفة للحيوانات على شكل مساحيق بنسبة قد تصل إلى 85% من عليقة الأغنام، و65% من عليقة العجول المعدة للتسمين، كما يستخلص من هذه المخلفات زيت التمور، وتشير بعض الدراسات إلى إمكان الحصول على مركبات ستيروئيدية من النوى تؤدي دوراً مهماً في التكاثر وبعض الخصائص النباتية، إذ يمكن أن تتحول إلى مواد مشابهة للكورتيكوستيرويد corticostéroïde التي تستعمل على نطاق واسع في صناعة الأدوية المضادة للالتهاب، كما أن الإستروجينات الستيروئيدية تساعد على تحفيز إنبات البذور والنمو والإزهار والإخصاب.

ب ـ مخلفات معاصر زيت الزيتون: تشغل زراعة الزيتون موقعاً متقدماً في دول حوض البحر المتوسط وقد شهدت هذه الزراعة تطوراً ملحوظاً في العقود الثلاثة الماضية من القرن العشرين، فتجاوز الإنتاج السنوي في سورية من ثمار الزيتون في سني الحمل نحو 800 ألف طن، يُنتج منها نحو 170 ألف طن من الزيت ونحو200 ألف طن من التفل الرطب أو الكسبة (العرجوم) marc التي تجفف في معامل خاصة ويستخلص منها زيت الكسبة بالمذيبات العضوية، ويستخدم هذا الزيت في صناعة الصابون، أو زيت مائدة تجاري بعد تكريره وتنقيته من الشوائب، إذ تراوح نسبة الزيت في الكسبة بين 2- 9%. وينتج من الكسبة بعد معالجتها ناتج ثانوي جديد يسمى العرجوم الرجعي أو البيرين؛ ويتركب من 90% مادة عضوية و7.8% أملاح معدنية، ويمكن إضافته إلى التربة حيث يتحول إلى مواد دبالية humus تمد التربة الزراعية بالعناصر الآزوت والفسفور والبوتاس والحديد والبورون والمنغنيز والزنك، وغيرها. في القطر العربي السوري يستخدم البيرين وقوداً للتدفئة في الدفيئات اللدائنية والزجاجية وحظائر الدواجن وغيرها.

ج ـ مخلفات زراعة الشوندر السكري: يمكن الاستفادة منها في مجالات عدة بعد تعريضها لبعض المعاملات الخاصة لتحسين قيمتها ومن أهمها:

- الأوراق وأعناق التصريم: يمكن أن تكون علفاً مهماً للحيوانات، إذ تحتوي وسطياً على 12.2% مادة جافة، تتكون من 2.3% مواد آزوتية كلية، و0.4% دسم، و1.6% سليلوز خام، و3.4% مواد عضوية غير آزوتية، و4.5% عناصر معدنية.

- لب الشوندر السكري: وهو من المخلفات المهمة لصناعة السكر؛ إذ ينتج من طن من الجذور نحو 625كغ من اللب الطري، تحتوي على 8% مادة جافة. وهو غني بالماء والسكريات، ويعد وسطاً ملائماً جداً للتخمر وتكوين بعض المواد السامة. ولابد من التدخل للحفاظ على سلامة هذه المخلفات وذلك بتقنية السَّلْوجة ensilage (الشكل2) أو بالتجفيف.

- ثفل الشوندر mélasse وقصب السكر: وهو أهم المخلفات الثانوية للصناعات الغذائية والزراعية؛ إذ ينتج كل 100كغ شوندر سكري نحو 4كغ ثفل (أو دبس الشوندر) لونه بني غامق مائل إلى السواد، كثافته 1.4، ويحتوي على مواد سكرية بنحو 60- 65% من المادة الجافة الكلية. يستخدم ثفل الشوندر في صناعة الخميرة والكحول وبعض الحموض العضوية وغيرها، كما يستخدم على نطاق واسع في تغذية الحيوانات.

- أثفال عصير ثمار العنب والتمر والتفاح وغيرها من الثمار: وهي مخلفات عديدة ناتجة من عصير ثمار الفواكه المتلفة وصناعة الخمور والمشروبات الروحية، تتباين خواصها وكميتها حسب الصنف المستخدم وشروط التخزين وطريقة التقطير المتبعة، وغيرها.

كما يستخدم ثفل العنب على نطاق واسع في بلدان البحر المتوسط في تغذية الحيوان ولاسيما في المواسم التي تقل فيها الأعلاف الخضراء الطبيعية التقليدية، ولابد من دعمه بمصدر من البروتين والمعادن، وتعد بذور العنب الجافة ذات قيمة غذائية عالية؛ إذ تحتوي على 8% من الزيت الغني جداً بحمض دهني أساسي غير مشبع (C18:2) حمض لينولئيك linoleic acid ويمثل نحو 50 إلى 70% من إجمالي الحموض الدسمة الكلية فيه، وينتج منه تجارياً في العديد من الدول المشهورة بزراعة عنب التصنيع نحو عشرة آلاف طن في السنة.

د- الأعلاف الخشنة الجافة والمالئة وفي مقدمتها الأتبان وهي فقيرة جداً بالبروتين ولكنها غنية بالألياف، ومن أفضلها أتبان البقوليات والنجيليات، وبقايا نباتي البازلاء واللوبياء وقش الأرز وغيرها بعد معاملتها (الشكل2).

الشكل (2)

هـ- المخلفات الزراعية بعد قطاف القطن وبقايا بعض المحاصيل، كفول الصويا والفول السوداني، وأكساب بذور القطن وفول الصويا وبذور السمسم، وبقية البذور الزيتية العديدة وغيرها. وتعد كسبة فول الصويا أفضلها وتستخدم بكميات محدودة لارتفاع سعرها.

و- مخلفات تقليم الحور والكرمة والعرجوم وغيرها تحول إلى أسمدة عضوية.

ز- كما تستعمل مخلفات تقليم أشجار الزيتون علفاً للحيوانات ولاسيما للأغنام بعد معاملتها لتصير مستساغة من قبلها.

أحمد منصور

 

 الموضوعات ذات الصلة:

 

تغذية الحيوان ـ العلف ـ الغابات.

 

 مراجع للاسـتزادة:

 

ـ أحمد منصور، الاستفادة من المخلفات الثانوية للصناعات الغذائية والزراعية، المهندس الزراعي العربي، (دمشق 1986).

ـ محمد نداف، «المنتجات الثانوية لمعاصر الزيتون»، مجلة بحوث جامعة حلب، سلسلة العلوم الزراعية، 1990.

ـ عبد الله درويش، تغذية المجترات (مديرية الكتب والمطبوعات، جامعة تشرين، 2004).

ـ علي عياش وآخرون، تصنيع الخضار والفواكه (مطبوعات جامعة تشرين، 2005).

ـ نزَّال الديري وأحمد معروف، دراسة أولية للقيمة السمادية لبعض المخلفات العضوية الناتجة من تصنيع ثمار الزيتون والعنب لاستعمالها كأسمدة عضوية بديلة في مزارع الفاكهة. المهندس الزراعي العربي، العدد 54، (دمشق 2002).

- J.F.BOUDIER, et F.M. LUQUET, Utilisation du lactosérum en alimentation humaine et animale (Apria, No 21, Paris 1980).

- Y.H.HAI, Dairy Science and Technology (VCH Publishers, INC. New York 1993).


التصنيف : الزراعة و البيطرة
المجلد: المجلد الثامن عشر
رقم الصفحة ضمن المجلد : 189
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 772
الكل : 32658194
اليوم : 84643

بريمو دي ريفيرا

بريمو دي ريفيرا (1870-1930)   ميغل بريمو دي ريفيرا miguel Primo de Rivera حاكم وقائد عسكري إسباني، ولد عام 1870 ونشأ في أسرة إسبانية معظم أفرادها من العسكريين المحترفين. انتسب إلى أكاديمية طليطلة Toledo العسكرية وتخرج فيها عام 1888. خدم ضابطاً في المغرب (مراكش) وكوبة والفيليبين. وفي عام 1915 عيّن حاكماً عسكرياً لمدينة قادس Cadiz، ثم قائداً عاماً لمنطقة مدينة بلنسية Valencia ثم في برشلونة Barcelona عام 1922.
المزيد »