logo

logo

logo

logo

logo

لامارك (جان بابتيست دي مونيه-)

لامارك (جان بابتيست دي مونيه)

Lamarck (Jean Baptiste de Monet-) - Lamarck (Jean Baptiste de Monet-)

لامارك (جان بايتست دي مونه ـ)

(1744 ـ 1829)

 

لامارك Lamarck رائد فرنسي من رواد العلوم الطبيعية. وُلد في مدينة بازنتان Bazentin في مقاطعة بيكاردي Picardie في فرنسا، وتوفي في باريس، وكان اسمه الحقيقي جان - بايتست دي مونه Jean-Baptiste de Monet، وورث لقب «فارس» شوفالييه دي لامارك عن أبيه.

حياته مليئة بالغموض والصعاب. وبفكره العبقري المبدع، نقل دراسة الكائنات الحية من الوصف إلى التوجه نحو استنباط القوانين وتكوين علم جديد سمّاه البيولوجيا Biologie، كما مهّد الفكر الإنساني لقبول التطور évolution الذي خلاصته: التداول وسيلة النماء، والإهمال وسيلة الفناء. وهو الذي وضع اللبنات الأولى لدارون[ر] (1809-1882) وأفكاره التطورية.

لم يكن في الحسبان بعث الأفكار التطورية المعروفة باللاماركية بعد ستين سنة من وفاة مبدعها. والأمر الأكثر غرابة إحاطة حياة هذه العبقرية العلمية بالغموض سواءً في إخفاقها في مجال دراسات علم الأرصاد الجوية Météorologie، والكيمياء وعلم الجيولوجيا المائية التي لم تتجاوز القيمة التاريخية، أم في إبداعها في مجال العلوم الطبيعية النباتية والحيوانية. فقد كان لامارك أول علماء الأرصاد الجوية والتنبؤ بالطقس في تقارير نشرت بين عامي 1799 و1810. لقد كلفته عثراته في نشرات الأحوال الجوية تحت اسم المناخ almanach ثمناً باهظاً ووضعته في صفوف المشعوذين والمنجمين، كما أن توجهاته الجمهورية لم ترض عنها سلطات نابليون، وأوغرت فلسفتُه التطورية صدورَ رجال الدين ضده، وزاد في سوء حظه فقره المادي، وإخفاقه في إدارة موارده المالية.

وفي نهاية القرن التاسع عشر تصدت أفكار لامارك لتزمت رجال الدين، ولفكرة ثبات الخلق التي سيطرت على الفكر العلمي حينذاك، وتحولـت هزيمتـه إلـى فتوحـات، ورُد إليه الاعتبـار، عند إصداره كتابـه المعنون «نباتـات فرنسـا» Flore française (8771) الذي لفت الأنظار بطرحه طريقة تصنيف جديدة مغايرة لطريقة التصنيف التي اعتمدها لينيوس[ر] Linnaeus  (1707-1778) عالم الطبيعة السويدي، والتي لاقت قبولاً من قبل بوفون Buffon (1707- 1788) عالم الطبيعة الفرنسي والأديب مؤلف «التاريخ الطبيعي»، الذي ساعد على طبع مؤلف لامارك ونشره على نفقة الدولة. وبنشره هذا الكتاب «نباتات فرنسا» دخل لامارك المؤسسة العلمية من أوسع أبوابها، بعد تركه العمل العسكري. كما انفتحت أمامه آفاق علمية أخرى في علم الحيوان عام 1793، عندما أَسَّست الجمعية الوطنية الفرنسية المتحف الوطني للتاريخ الطبيعي le Museum national d’histoire naturelle وعهدت إليه في الخمسين من عمره كرسي «حيوانات الدم الأبيض» (اللافقاريات) الذي لم يرغب أحد من العلماء في شغله.

عانى لامارك كثيراً من سوء الطالع وقسوة الدهر وكثرة المتاعب: ترمل ثلاث مرات، وتزوج أربع مرات وفقد بصرة تماماً في شيخوخته ولكنه استمر يعمل بمساعدة الآخرين، وتعرض لأسوأ المزعجات الوظيفية، كما أُجبر على بيع تحف معشبه النباتي التي أعدها بصبر وأناة.

أول سوء طالع عرفه لامارك كونه الولد الحادي عشر لأبيه، الأمر الذي دعا والده إلى إرساله إلى ملجأ جماعة الإكليروس للتخلص من نفقات تربيته. وفي عام 1760 أي في السادسة عشرة من عمره بعد موت والده، غادر دار الكهنوتية وتطوع في الجيش. لقد تردد الجيش في قبوله، لولا مواقفه الجريئة والشجاعة في أثناء هزيمة نابليون في حزيران 1761 حين سمي ضابطاً. وبعد توقيع الصلح عام 1763، نقل فوج لامارك إلى حامية تولوز، ثم إلى موناكو، وبحركة حمقاء من قرين له في الجيش أعاقته لأكثر من سنة اضطر بعدها إلى ترك الجيش عام 1764، وأصبح بلا وظيفة، وبصحة عليلة، وموارد محدودة، هذه العوامل جميعها دعت  لامارك إلى العمل في أحد المصارف مدة أربع سنوات مستخدماً صغيراً، توجه في أثنائهـا نحو دراسـة الطـب في بـاريس لوقـت محدود. كمـا فكر في حرفـة موسيقيـة. ولكن لقـاءه العرضي بروسو[ر] Rousseau (1712-1778) وجولاته النباتية وجهته في الرابعة والعشرين إلى دراسة النبات مدة خمس عشرة سنة، فتحت له أبواب رعاية بوفون، ودَعْم لابيّارديير La Billardière عالم النبات الذي عينه قيماً على معشب الملك لويس الخامس عشر ومعاوناً لبرنار دي جوسيو B.de Jussieu (1699-1777)، ومحرراً لشعبة النبات في الموسوعة.

وفي الخامسة والثلاثين من عمره عام 1779 دخل الأكاديمية العلمية. وفي عام 1781 صار عالم النبات في القصر الملكي، وكُلِّف رعاية المعشب herbarium (مجموعة الأعشاب المجففة والمصنفة علمياً)، وأسهم في وضع أنظمة عمل المتحف الوطني للتاريخ الطبيعي.

وقد أدى التغير الإداري الذي حدث في المتحف الوطني للعلوم الطبيعية في عام 1793، إلى تحوّل لامارك من دراسة النبات إلى دراسة القواقع وعلب الحشرات، والديدان التي فقدت ألوانها، مسلحاً بالعبقرية الفردية التي تجاوزت فقدان الخبرة وانعدام المراجع.

كانت النتيجة غير متوقعة: ففي عالم حيواني لا فقاري غير واضح المعالم التصنيفية، أدخل لامارك ترتيباً وتعريفاً تبنته المراجع العلمية العالمية. ففي عام 1799 فصل القشريات [ر] Crustacés عن الحشرات [ر] Insectes. وفي عام 1800 عرّف العنكبوتيات [ر] Arachnides. وفي عام 1802 ميّز الديدان الحلقية من مجاميع الديدان «vers»، وأقام من شائكات الجلد شعبة مميزة من البوليب. والعنوان الحقيقي لفخر لامارك: كونه لينيوس الحيوانات اللافقارية، بإقرار خصمه كوفييه Cuvier [ر] بعد وفاته.

وانتظر لامارك عام 1809 لإصدار كتابه: «فلسفة علم الحيوان» Philosophie zoologique الذي أتبعه بكتاب «التاريخ الطبيعي للحيوانات اللافقارية» Histoire naturelle des animaux invertébrés بين عامي 1815و1822 الذي أوضح فيه العلاقة بين التصنيف البحت والتحول من شكل إلى آخر، شارحاً النظرية التي عرفت فيما بعد باللاماركية Lamarckisme التي عبر عنها ببيانين: التداول وسيلة النماء، والإهمال وسيلة الفناء. إنه أول من تحدث عن التطور، وأول من أسس العلوم البيولوجية وعلم المستحاثات paleontology.

 وهن جسمه بتقدم العمر، وفقد بصره من كثرة العمل المجهري، ومات في باريس.

أنور الخطيب

الموضوعات ذات الصلة:

التصنيف والتسمية ـ التطور الحيوي.

مراجع للاستزادة:

- H.G.CANNON, Lamarck and Modern Genetics (Springfield, Illinois 1959).


التصنيف : علم الحياة( الحيوان و النبات)
النوع : أعلام ومشاهير
المجلد: المجلد السادس عشر
رقم الصفحة ضمن المجلد : 819
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 1094
الكل : 40504554
اليوم : 34369

اتقاء الأمراض

اتقاء الأمراض   اتقاء الأمراض prophylaxis هو اللجوء إلى مجموعة الوسائل التي تمنع حدوث الأمراض أو انتشارها أو اشتدادها. وللاتقاء شأن كبير في تدبير الأمراض لدرجة عدّه معها بعضهم شكلاً من أشكال المداواة. وسيتناول البحث أشكال الاتقاء واتقاء الأمراض الخمجية واتقاء الأمراض العضوية واتقاء الأمراض الوراثية واتقاء السرطان.
المزيد »